بمجرد أن انتهت قوات الجيش والشرطة من مذبحة الحرس الجمهورى فجر اليوم ، انتشرت فى شارع صلاح سالم تعبئ دماء الشهداء فى زجاجات معدة سلفا ، ثم طارت بها على قصر الاتحادية لتصبها فى كئوس وتوزعها على المنتظرين برئاسة المؤقت ، وكانوا كلما ولغوا فى دماء الشهداء أخرجوا مزيدا من المواد ، حتى خرج الاعلان الآتى : - مادة 1- الفترة الانتقالية من ستة أشهر إلى سنة ونصف حسب الأجواء الثورية .. مادة 2- خلال الفترة الانتقالية ينتهى النائب العام عبد المجيد محمود ومحاكم الجنايات من كافة التحقيقات والاحالة والمحاكمة لكل من شارك فى ثورة يناير بدءا بالاخوان ونهاية ب 6 ابريل بنفس طريقة وأسلوب تبرئة قيادات ورموز نظام مبارك ، وكله بالقانون والادلة والشهود وحسبما وقر فى يقين المحكمة ، واستقر فى وجدانها .. مادة 3- جميع اعضاء لجنة التعديلات الدستورية معينون ومختارون من جهاتهم لان انتخابهم ربما يأتى بمن له صلة أو متعاطف مع الثورة .. مادة 4- يستفتى على التعديلات الدستورية بنعم لغيبة الثوريين فى السجون وضمان التغطية الاعلامية على نحو مايتم الآن .. مادة 5- تجرى انتخابات مجلس النواب بعد ذلك ، فإن أسفرت النتائج عن فوز الحزب الوطنى بنسبة أقل من 75٪ من المقاعد ، يطعن فى قانونه بعدم الدستورية ويحكم فى الطعن خلال شهرين ويتم حل المجلس .. مادة 6- تجرى الانتخابات الرئاسية بعد ذلك ، فإن أسفرت النتائج عن سقوط مرشح الحزب الوطنى العسكرى ونجاح غيره ، تبدأ حملة ضده باعتباره من الخلايا الثورية النائمة الخائنة ويتم إسقاطه و يجتمع المجلس العسكرى برئاسة الضابط أحمد محمد على فى مقر وزارة الدفاع بحضور شيخ الازهر وبابا الكنيسة وحزب النور و مصطفى النجار لعزل الرئيس وتعطيل الدستور وتعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا ووضع خارطة طريق تنطلق فيها مصر إلى آفاق المستقبل .. ومع آخر رشفة دم ، انتهى المؤقت من آخر حرف فى الاعلان ، وسلمه لسكرتيره لكتابته على الكمبيوتر ، فشكره السكرتير واعتذر عن الاستلام قائلا : عندى نسخة طبق الأصل طبعة 2011 ، وراح يذكره بفحواها قائلا :- المجلس العسكرى هو الذى اختار لجنة التعديلات الدستورية ، واللجنة وضعت خارطة طريق لفترة انتقالية تنتهى بعد ستة اشهر ، والمجلس لم يلتزم بها وأمدها عاما اضافية ، والمجلس هو الذى وضع قانون انتخابات مجلسى الشعب والشورى وهو الذى دفع فى اتجاه الطعن فيهما و نظرهما بسرعة الصاروخ والحكم فيهما بعدم الدستورية ، وتم حل مجلس الشعب وإغلاقه بالجنازير ، والمجلس هو الذى أجرى الانتخابات الرئاسية على اساس أن مدة الرئيس 4 سنوات ثم عاد اليوم واكتفى بسنة واحدة ، والمجلس هو الذى حدد كيفية تشكيل اللجنة التأسيسية وانتخابها ثم عاد اليوم ليعين لجنة أخرى ، وبالمرة فإن المجلس العسكرى هو الذى سبق وأن أعلن أنه هو الذى حمى الثورة ، ثم تبين غير ذلك .. لم يحتمل المؤقت سماع السكرتير أكثر من هذا ، وغضب وانفعل واحمر وجهه ، وقال له يامجنون لا تتكلم بهذا مرة أخرى ، نحن هنا جميعا موظفون ، لا نملك من أمر أنفسنا شيئا ، حتى الطعام والشراب لا نملك اختيارهما ، ألا تلحظ أننا اليوم شربنا دماء ! وحتى السؤال عن مصدر تلك الدماء محرم علينا ، المفروض أن نشرب وبس ! ذرفت دموع السكرتير كالسيل المنهمر وانطلق قائلا : هذه دماء إخوانى الشهداء الذين سقطوا اليوم أمام الحرس الجمهورى ، هل أعجبك طعمها .. ؟ هذه استقالتى .. إننى ذاهب إلى رابعة العدوية .. لأصلى عليهم .. وأستكمل المشوار .. من هناك .. ----------------------- * المقال يعبر عن رأي كاتبه ، ولا يتوافق مع سياسة تحرير المشهد ، لكنها تنشره باعتبارها منبرا وطنيا لكل الآراء