هذه لحظة استثنائية في تاريخ مصر، على أساس ما ننجزه فيها، سنعرف أين نذهب وإلى أي طريق نسير، ونقابة الصحفيين لا يمكن أن تتخلف عن مشهد التغيير في هذا الوطن، فلابد أن يكون لها صوت في رسم خريطة الطريق للمستقبل، ولا يمكن أن نعبر إلى التغيير الذي ننشده وأن نؤدي دورنا، دون أن تتحرر مهنتنا من قوانين نظام القهر والاستبداد والفساد، ودون أن تتغير أوضاعنا الاقتصادية وأن نعيد الأمل إلى نفوس الشباب، لأن النقابة مظلة الحماية الحقيقية لهم. إذن نحن أمام مهمة عاجلة، وفرصة لا تتكرر كثيرًا في تاريخ الأوطان، فسيكون لدينا برلمان جديد نتوقع أن يأتي بطريقة حرة وديمقراطية، وأيضًا حكومة جديدة، وهذا يتطلب أن نستعد بمجموعة من التشريعات التي تعطي انطلاقة للنقابة وللمهنة، ولابد من تشكيل فريق عمل نقابي وقانوني كبير، لوضع تصورات جديدة لمشروعات قوانين تتم مناقشتها داخل لجان استماع في النقابة والمؤسسات الصحفية. وفي اعتقادي أن هذه المشروعات ينبغي أن تتضمن مشروعًا جديدًا للنقابة، يستجيب لكل المتغيرات التي جرت في سوق العمل الصحفي، إضافة إلى مشروع آخر ينظم شؤون الصحافة، ويعكس فلسفة جديدة ونظرة ديمقراطية، ويشمل القانون تنظيم المهنة دون تمييز بين أنواع الملكية، وأن يحافظ على ملكية الصحف القومية مع إدارتها بطريقة تسمح بانطلاقها والاستمرار في تأدية رسالتها، وكذلك علاقات العمل ومشاركة الصحفيين في اتخاذ القرارات التي تخص عملهم وطرق اختيار رؤساء التحرير بديمقراطية، وإطلاق دور الصحافة الإقليمية. أمامنا الكثير من المشروعات، ومنها ضرورة إعداد مشروع جديد لقانون المطبوعات الموروث من أيام الاحتلال الإنجليزي، ومراجعة نص ما يسمى جرائم النشر في قانون العقوبات، الذي يعكس فلسفة القيد والمصادرة والترويع للصحافة والصحفيين، وكذلك يجب أن نضع مشروع قانون لتداول المعلومات، وتنقية القوانين الأخرى من المواد التي تقيد الصحافة والصحفيين، وتحاصر حرية الإعلام. هذا ما يخص التشريعات التي تحكم عملنا ونقابتنا، ولن نحقق فيها خطوة للأمام، ما لم تتضافر الجهود، من أجل تحقيق الأمان الاقتصادي للصحفي، وفي هذا الصدد فإن أحوال النقابة والصحفيين لا تخفى على أحد، سواء كان الحديث يدور حول الأجور أو توفير الموارد لتقديم خدمات متميزة لأعضاء النقابة. وفي هذه المرحلة من تاريخ مصر، لن ندعو الدولة لأن تكون ممولاً للائحة أجور جديدة، فيمكن تمويل هذه اللائحة من مصادر متعلقة بالإيرادات المالية للصحف، وذلك من خلال إجراء تعديل على قانون ضريبة الدمغة المفروضة على الإعلانات، لتخفيضها من 15% إلى 3%، على أن تحتجز نسبة ال 12% ويتم تخصيص 10% منها لتمويل مشروع لائحة الأجور، و2% لتمويل صندوق دعم موارد النقابة وإعانات ومعاشات الصحفيين. علينا أن ندرك ما لدى النقابة من إمكانيات، تجعلها تحافظ على استقلالها الحقيقي، وعلى كرامة الصحفيين، فقط علينا أن نملك روح التحدي والإصرار على أن نكون رقمًا صحيحًا في معادلة التغيير في مصر، فعلى سبيل المثال تمتلك النقابة ما يقرب من 12 فدانًا في أهم موقع بين الطريق الدائري والطريق التسعيني، الذي يؤدي إلى التجمع الخامس والقاهرة الجديدة، وهذه المساحة مخصصة لناد اجتماعي رياضي، وللأسف الشديد ليس لدى النقابة ما يكفي لبناء هذا النادي، لكن هناك عدة اقتراحات للخروج من هذا المأزق، منها تأجير ثلاثة أدوار بالنقابة، ومن المتوقع أن يحقق هذا للنقابة دخلاً قيمته ربع مليون جنيه شهريًا. هناك تصورات عديدة لعلاج المشروعات المتعثرة بالنقابة، وأبرزها مشروع الوحدات السكنية بمدينة 6 أكتوبر، والمجدي في هذه الحالة أن نسعى لفصل التمويل عن التنفيذ، وهذا ممكن وفق أكثر من تصور، بحيث نخفف عن كاهل الصحفيين أعباءً كثيرة. الأفكار كثيرة، وكما يقولون فإنها ملقاة على قارعة الطريق، لكنها تنتظر من يناضل لأجل أن تدخل حيز الفعل، وهذا لن يتحقق إلا إذا اصطفت الجماعة الصحفية وراء هذه الأفكار، حتى تكون الحرية واقعًا، وكرامة الصحفي حقًا أصيلاً.