لم تحظ جمعة اليوم، "استرداد الثورة"، التى دعت إليها عدة قوى وطنية اليوم بميدان التحرير بالاهتمام والتغطية الإعلامية الكافيين، على الرغم من انتظار الجميع لها لما تضمنته من تنديد بالمجلس العسكرى الحاكم فى البلاد وسياسته تجاه مطالب الثوار. وقد تغلغل تبرير مداهمة مكتب "قناة الجزيرة مباشر مصر" للمرة الثانية أمس بأنه لمنع القناة من تغطية مظاهرات اليوم، داخل أروقة كافة القنوات الأخرى؛ حيث اكتفت تلك بأخبار عادية عن "استرداد الثورة" وإعداد تقرير لا يتجاوز الثلاث دقائق يذاع طوال اليوم عن مطالب الثوار والمشاركين فيها وكذلك أبرز الغائبين عنها. تعمدت تلك القنوات السير فى خططها الإذاعية العادية، ولم تعر جمعة اليوم اهتماما يذكر، فوجدنا الإعلام الرسمى المصرى يهتم بإذاعة الأفلام والمسلسلات والبرامج فى أوقاتها العادية، ولم يكلف القائمون على إدارته أنفسهم بإطلاع الناس على ما يدور أولاً بأول باعتبارها الوظيفة الأساسية للاعلام الرسمى لدرجة جعلتهم يبخلون بكلمة "عاجل" على شاشات قنوات التليفزيون المصرى او عبر وسائله المسموعة ! وقد انتقلت العدوى للقنوات الأجنبية الناطقة باللغة العربية، حيث اكتفت قنوات bbcالعربية، روسيا اليوم، وFrance 24، بتغطية "استرداد الثورة" منذ الصباح وإعداد تقرير عن الجمعة يتم تكراره بكل الفقرات الإخبارية اللاحقة. واكتفت القنوات الناطقة العربية -التى خشيت من تكرار سيناريو "الجزيرة مباشر مصر" معها - فقط بتغطية الشئون الليبية والسورية واليمنية، وتقرير عن مظاهرات مصر خلال الصباح يتم تكراره طوال اليوم بكافة الفقرات الإخبارية. استمر التجاهل الإعلامى المتعمد حتى المساء، فلم تجد المسيرة التى نظمها المئات من الثوار لمقر وزارة الدفاع بكوبرى القبة التغطية التى تستحقها، حيث تعمدت وسائل الإعلام الرسمى التعتيم على الأمر وكأن شيئاً لا يجرى على الأرض، أو ينذر بتكرار ما حدث فى الرابع والعشرين من يوليو الماضى، وهو ما عرف إعلامياً ب"موقعة العباسية"، والتى راح ضحيتها شخص واحد، فضلاً عن إصابة المئات. الفضائية الأولى المصرية لم تعر المسيرة أية اهتمام، واكتفت بعرض نشراتها الإخبارية بما فيها من تنويهات عن جمعة اليوم، إلا أنها عرضت أحد المسلسلات وقت اشتعال المواقع الإلكترونية وشبكات الأخبار بأحداث المسيرة. أما الفضائية المصرية، فقد سارت فى برنامجها اليومى وعرضت حلقة من برنامج "نقطة فاصلة"، للنقاش عن الأوضاع السياسية فى مصر، ولم تأبه القناة الرسمية حتى بما يدور خارج مبنى ماسبيرو من مسيرة تطالب بإصلاح الإعلام المصرى ووقف قمع الحريات. ولم تستطع شبكة الجزيرة الإخبارية -التى تمت مداهمة قناتها الخاصة بمصر مرتين خلال شهر- أن تقدم الخدمة شبه الكاملة التى اعتدنا عليها طيلة تواجدها بالأحداث، فاكتفت قناتها الإخبارية الأم برسائل إخبارية بين الحين والآخر من ميدان التحرير لمتابعة آخر تطورات الأوضاع، إلا أنها كانت "مربوطة" بميدان التحرير ولم تستطع متابعة المسيرة فى طريقها للمجلس العسكرى.