رجّح عدد من رجال القضاء والقانون في مصر أن تقوم محكمة جنايات بورسعيد غدًا - السبت - بتأجيل النطق بالحكم في القضية المعروفة إعلاميًّا ب "مجزرة استاد بورسعيد"، طالما أن المفتي لم يقدم تقريره بشأن قرار المحكمة بإعدام 21 من بين 72 متهمًا. فيما رأى خبير قانوني إن المحكمة قد تصدر حكمها في القضية غدًا؛ لأنها غير ملزمة برأي المفتي. وأعلنت دار الإفتاء، أمس، أن الوقت لم يسعف المفتي الجديد للنظر في أوراق المتهمين بقتل 74 من مشجعي النادي الأهلي لكرة القدم في الأول من فبراير الماضي، أثناء مباراة مع النادي المصري في بورسعيد. ورغم إجماع هؤلاء القضائيين والقانونيين، على أنه من حق المحكمة قانونًا إصدار حكمها طالما مرت 10 أيام على تاريخ إحالة القضية على المفتي، إلا أنهم رجّحوا أن تُفضل المحكمة مد أجل النطق بالحكم؛ رغبة في الاستئناس بالرأي الشرعي في القضية التي تشغل الرأي العام، ولا سيما في ظل ما تشهده مصر من اضطرابات أمنية. أشار مستشار الرئيس للشؤون القانونية محمد فؤاد جاد الله إلى أن "ما أصدرته محكمة جنايات بورسعيد يوم 26 يناير ليس حكماً، وإنما قرار، بمعنى أن المحكمة ارتأت أن المتهمين يستحقون الإعدام". ومضى قائلا: "ومن ثم أحالت المحكمة أوراق هؤلاء المتهمين ال21 إلى المفتي حتى يوافق أو يرفض إعدامهم وفقا للشرع". ورأى جاد الله أنه "إذا لم يصل تقرير المفتي الجديد إلى المحكمة غداً، فإن القاضي مضطر لتأجيل النطق بالحكم، على الأقل بالنسبة لل21 متهمًا". وبشأن بقية المتهمين، ذهب مستشار الرئيس إلى أنه "يمكن للمحكمة إصدار الحكم عليهم، بمن فيهم قيادات بوزارة الداخلية". ووصف جاد الله الموقف ب"الخطير"، محذرًا من أن الحكم أيا كان لن يرضي أحدا؛ فهو سيثير غضب رابطة مشجعي النادي المصري (جرين إيجلز) وأهالي بورسعيد إذا كان في غير صالح المتهمين أو غضب رابطة مشجعي النادي الأهلي (ألتراس أهلاوي) إذا كان في صالح المتهمين. كما ان تأجيل إصدار الحكم سييثير أيضا يثير غضب أعضاء ألتراس أهلاوي. وختم مستشار الرئيس حديثة مشددًا على أنه "لا أحد من مؤسسة الرئاسة يتدخل سلبًا أو إيجابًا في أحكام القضاء". واتفق مصدر قضائي رفيع المستوى مع جاد الله، قائلا: إن "المحكمة سترتأى تأجيل الحكم في حال لم يقدم المفتي الجديد تقريره". وأوضح المصدر - مفضلا عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية منصبه - أنه "رغم أن رأي المفتي استشاري وليس إلزاميًّا، إلا أن الأوضاع السياسية المضطربة تستدعي تأجيل الحكم، استناداً إلى أفضلية إصداره بعد رأي المفتي". ومنذ إحالة أوراق المتهمين ال21 إلى المفتي شهدت بورسعيد، التي ينتمي إليها معظم المتهمين، أعمال عنف دموية، راح ضحيتها أكثر من 40 من أبناء المدينة. وبالمخالفة لرأي مستشار الرئيس، رأى المصدر أن "المحكمة لا يمكنها إصدار أحكام على بقية المتهمين في القضية، حتى وإن كانت لا تتضمن حكمًا بالإعدام، فلا يمكن تجزئة الأحكام، ومن ثم على المحكمة إصدارها دفعة واحدة". ووفقا لمصدر قضائي رفيع المستوي في محكمة الاستئناف - فضل عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية منصبه - فإن "القانون يسمح للقاضي بأن يصدر حكمه دون انتظار رد المفتي". وهو ما استند فيه المصدر، على حد قوله، إلى أن "المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية تفيد بأنه طالما أحيلت القضية إلي المفتي، ومر علي تاريخ الإحالة عشرة أيام دون ورود رد من المفتي، فالمحكمة غير مجبرة على انتظار تقرير الرأي الشرعي من المفتي، ويحق لها إصدار الحكم؛ لأن قرار الإحالة (في هذه القضية) مر عليه نحو 40 يومًا". هذا الرأي أكده الدكتور حسنين عبيد، أستاذ القانون الجنائي في جامعة القاهرة، بقوله إن "جميع الخيارات متاحة أمام المحكمة غدا، والقانون لا يٌلزم القاضي بانتظار رد المفتي.. لكن يلزمه فقط بإرسال أوراق القضية إليه، وهو ما حدث بالفعل". وبحسب عبيد، فإنه "حتى في حال ورود رأي المفتي في موعده فإنه غير ملزم للمحكمة؛ إذ لها أن تأخذ به أو تتركه نهائيا أو تأخذ ببعضه دون البقية". وختم الخبير القانوني بأن "المحكمة غدا إما أن تصدر الحكم، كما هو محدد مسبقا، بحق جميع المتهمين، وإما أن تمد أجل النطق بالحكم إلى تاريخ جديد".