أدان مركز الإعلام الحر في تقرير له مساء اليوم الأحد سياسة التضييق الممهنجة علي وسائل الإعلام وأصحاب الرأي في مصر التي بلغت ذروتها بقرار إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر صباح اليوم. واستعرض التقرير الصادر بعنوان " تكميم الأفواه .. تقرير حول حرية الإعلام وانتهاكات ما بعد ثورة يناير" ما اعتبره انتهاكات لحرية الإعلام عقب نجاح ثورة 25 يناير في الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وانتهاء ما كان يعد أعتي عصور القهر الأمني والتضييق علي الحريات الأساسية للمواطنين، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير. وأشار التقرير في بدايته إلي أن: "الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان وبالأخص التضييق الأمني الذي استمر يُمارس لسنوات عديدة على حرية الرأي وعلى الصحفيين والمدونين يعد أحد أهم أسباب اندلاع ثورة الغضب الشعبي في يناير الماضي والتي نجحت في الإطاحة بمبارك ومن معه من رموز القمع والفساد ". وأضاف:"وفى ظل تلك الأجواء الثورية ساد لدى الجميع، خاصة النخبة السياسية اعتقاد بأن تلك الممارسات قد ولت إلى غير رجعة بعد أن خرجت في الشوارع ثورة شعبية تصدرت الحرية مطالبها، ولكن الواقع كشف فيما بعد مدى إفراط تلك الآراء في التفاؤل حيث تشهد المرحلة الانتقالية العديد من الانتهاكات والممارسات الواقعة ضد عدد كبير من الصحفيين والناشطين الإلكترونيين، كما شملت أيضاً المدونين الذين ينتقدون من خلال كتابتهم الأداء السياسي للمؤسسات السيادية والتي تتولى إدارة شئون البلاد في الفترة الانتقالية". وتابع : "ليس ذلك فحسب بل إن الأكثر خطورة أن تدخل السلطات الحاكمة في تحديد الخطاب الإعلامي للعديد من البرامج الحوارية بعودة منصب وزير الإعلام في حكومة جاءت لتسيير الأمور، بالإضافة إلى استمرار استدعاء العديد من الصحفيين والمذيعين للتحقيق معهم لتناولهم موضوعات تتعلق بأداء المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية". ولفت التقرير إلي بداية تلك الانتهاكات بصدور: "حكم عسكري ضد المدون "مايكل نبيل" لانتقاده المؤسسة العسكرية في مقال نشر على مدونته الخاصة، أحيل على إثره إلى المحاكمة العسكرية والتي قضت عليه بالسجن ثلاث سنوات، وهو الحكم الذي حمل رسالة شديدة الوضوح لجميع الناشطين والمدونين، ولم تتوقف تلك الانتهاكات المتكررة لحرية التعبير والإعلام بعد الثورة والتي بدأت بمحاكمة المدون مايكل نبيل بل أخذت في التزايد المستمر شهراً تلو الأخر، حيث تبعه العديد من المدونين والناشطين ممن خضعوا للمساءلة القضائية وصدرت ضدهم أحكام ألزمتهم بدفع غرامات مادية في مقابل نشر أرائهم ومواقفهم السياسية عبر شبكات التواصل الالكترونية، كما لم يقف الأمر عند حد الناشطين والمدونين فحسب بل طال العديد من الإعلاميين الذين تم استدعاؤهم للنيابة العسكرية لتحقيق معهم فيما نشروه أو حتى تم بثه في برامجهم الحوارية من تصريحات يتحمل مسئوليتها ضيوف الحلقة وليس مقدم البرنامج، وقد وصلت تلك الانتهاكات ذروتها مع قرار عودة منصب وزير الإعلام مرة أخرى وقرار حظر النشر في جلسات محاكمة "مبارك" بدعوى الحفاظ على الأمن القومي المصري" وفقا للتقرير. وقال التقرير: " ولما كان حرية واستقلال الإعلام عن قبضة الدولة من أهم مطالب الثورة المصرية، فلنا الحق أن نفزع الآن من تلك الممارسات التى تقيد حرية الإعلام والإعلاميين وحرية التعبير بصفة عامة، والتي وصلت إلى حد تعقب المدونين والناشطين على الشبكات الاجتماعية ومحاكمتهم استثنائياً على ما دونوه أو ما فاضت به قريحتهم ". وصرح عمرو العراقي مدير مركز الإعلام الحر ل" المشهد " قائلا : " يعد التقرير محاولة للفت الانتباه تجاه العملية الممنهجة لتقييد حرية الإعلام وأيضا محاولة لتوثيق أولية ورصد المشكلات والانتهاكات التي عانى منها الصحفيون أثناء المرحلة الانتقالية من خلال رصد ما ينشره الإعلام عن المشكلات والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون خلال عملهم، حيث تولى فريق البحث متابعة تلك المشكلات والتدقيق في معلوماتها ومجرياتها ". وأضاف: " تتوالى الانتهاكات تباعاً وإن اختلفت أشكالها فجميعها يعكس خرقا واضحًا لحرية الرأي والتعبير، والتي تتطلب أن يٌتخذ بشأنها إجراءات حاسمة لوقف جميع المضايقات للحريات والحقوق العامة ومنها حرية الرأي والتعبير وحرية تدفق المعلومات والمنصوص عليهما في المادتين 12 و13 من الإعلان الدستوري والمؤكدتين على كفالة حرية الرأي لكل إنسان وحرية نشره، وبذلك يضمنان حرية الصحافة". وتابع : "من الصعب أن تكون هنالك ديمقراطية حقيقية من دون أن ينال الإعلام حريته، إلا أننا نرى أن هنالك الكثير من العراقيل التي توضع أمام حرية الإعلام والتي تترك آثاراً سلبية أمام مسيرة الديمقراطية الحقيقية، ولكي نخرج من عنق الزجاجة ونمضي في طريقنا الصحيح نحو حرية الإعلام والتي تعد مؤشرًا لحرية المجتمع، علينا أن نتحرك بدعم من إرادة سياسية حاسمة لا تقبل بتكميم الأفواه، لأن حرية الصحافة حق لصيق بالإنسان، لا يمكن أن نفرط به أو نتغاضى عنه". كما لفت العراقي الي امكانية تواصل الإعلاميين والنشطاء مباشرة مع المركز لتوثيق جميع حالات القمع الإعلامي التى قد يتعرضون لها لتصدر ضمن التقرير السنوي للمركز.