أوضح الخبراء المشاركون في مؤتمر إرنست ويونج للضرائب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2012 الذي أقيم مؤخراً في لندن، أن بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بادرت منذ عام 2010إلى طرح عدد من المعايير التي استهدفت تعزيز حركة التجارة والاستثمار ومواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية على المنطقة. وأفاد المؤتمر بأن قامت مصر مؤخراً برفع معدل ضرائبها على الشركات بنسبة 5%، لترفع بذلك معدل الضريبي إلى 25%، وإضافة إلى ذلك، أصلحت مصر قانونها الضريبي العقاري، ولكنها تفرض ضريبة قوية على المبيعات. وتأتي هذه المعايير كجزء من عملية متواصلة لدعم النمو الاقتصادي طويل الأمد، وتحقيق الاستقرار المالي ضمن المنطقة. وقال "شريف الكيلاني" رئيسخدمات استشارات الضرائب لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إرنست ويونج "من المتوقع أن تقوم بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام 2013 بإدخال مزيد من التحسينات على إجراءاتها الخاصة بالتقييم الضريبي، وذلك عبر رفع مستويات التدقيق المتعلقة بالتعاملات العابرة للحدود والأطراف المعنية. وستواصل الهيئات الضريبية في المنطقة توجهها نحو مزيد من التشدد في معايير الامتثال، كما أنها باتت تنتهج رؤية أكثر اتساعاً على صعيد تأويل مخصصات القانون الضريبي الحالية، بهدف طرح المعايير الضريبية في أسواقها".
وبين المؤتمر بأن من أبرز تلك المعايير، الزيادة الملحوظة في الاتفاقيات الضريبية الموقعة مع البلدان الأخرى، فقد قامت دولة قطر بمفردها بمناقشة أكثر من 44 اتفاقية، بينما ناقشت دولة الإمارات والسعودية أكثر من 28 و22 اتفاقية على التوالي. وشهد المؤتمر حضور ما يزيد عن 120 من قادة الأعمال والمتخصصين في مجال الضرائب من مختلف أنحاء أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذين استعرضوا التداعيات المالية التي نجمت عن الأزمة المالية العالمية والمشهد الضريبي المتغير في المنطقة. وتعكف الهيئات الضريبية في عدد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تطبيق أو دراسة تغيير متطلبات الامتثال الضريبي وسياسات الضرائب التي قد تعود بأثر ملحوظ على البيئات الضريبية المحلية. وقال شريف الكيلاني "تحتاج بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى تمويل البرامج الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي بات يفرض ضغوطاً مالية واضحة تتطلب تعزيز كفاءة عمليات تحصيل الضرائب في سبيل تنشيط الأموال العامة التي استنزفتها الاضطرابات المالية والحاجة إلى توفير الإعانات الاجتماعية. أضف إلى ذلك أن الأنظمة الضريبية الحالية تشكو من المحدودية الناجمة عن البساطة النسبية للتشريعات، التي لا تتضمن عموماً ضرائب غير مباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة". واستضاف المؤتمر أيضاً ورش عمل حول قطاع الإنشاءات، استهدفت مناقشة الضرائب المتعلقة بالقطاع وتسليط الضوء عليها، إلى جانب المسائل المالية ذات الصلة في قطر والسعودية. وجاءت تلك الجلسات نتيجة لطلب عدد متزايد من الشركات الدولية التي تبحث في فرص الاستثمار في مجالات الإنشاءات والهندسية في قطر والسعودية، والتي تسعى إلى دعم الاستثمارات الرئيسية المخطط لها في مشاريع البنية التحتية على مدار الأعوام القليلة المقبلة. وتتضمن العوامل التي ترسم المشهد المالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، معدلات الضريبة المنخفضة المفروضة على الشركات، والسائدة في العديد من البلدان، حيث يبلغ معدل الضريبة الساري على الشركات في قطر 10%، وفي سلطنة عمان 12% وفي العراق والكويت 15%، وفي السعودية 20%. لكن الحاجة إلى الامتثال والتنفيذ الضريبي الفعال باتت تخلق بيئة ضريبية متزايدة التحديات في العديد من البلدان، حيث يجري طرح معايير امتثال ضريبي أكثر صرامة من قبل الهيئات الضريبية. يشار إلى أن الهيئات الضريبية في الكويت وسلطنة عمان بدأت بالفعل بإصدار تقييمات ضريبية تتطلب هوامش ربحية أعلى تتراوح بين 25% و40%، في سبيل ضمان قيام الشركات بتقديم بيانات ضريبية تقوم على أساس واقعي، فيما تواصل بلدان أخرى مثل البحرين والإمارات بقاءها على الحياد على صعيد خططها الضريبية. وتتبنى دول مجلس التعاون الخليجي استراتيجيات مختلفة، فقد بادرت دولة قطر مؤخراً إلى تبسيط نظامها الضريبي عبر إلغاء معدلات ضريبة الشركات التي تتراوح بين 0% إلى 35% تبعاً للدخل، واستبدالها بمعدل ثابت قدره 10% على الأرباح الخاضعة للضريبة، باستثناء الاتفاقيات الموقعة مع الحكومة أو الهيئات الحكومية الأخرى وكافة العمليات البترولية حيث ما زال المعدل الضريبي البالغ 35% ساري المفعول.