جاء قرار الرئيس محمد مرسي والذي اتخذه مساء أمس الأول، بإصدار إعلان دستوري جديد، كالصاعقة على القضاة، حيث أعلن من خلاله إقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، وتعيين نائبًاعامًا جديدًا وهو المستشار طلعت إبراهيم عبدالله أحد أبرز رموز تيار الاستقلال الذي يعد من التيارات المعادية لنادي القضاة برئاسة المستشار أحمد الزند. وعقب إذاعة القرارات التي اتخذها مرسي، اشتعلت نيرانُ الغضب بين القضاة، وبالأخص نادي قضاة مصر برئاسة المستشار أحمد الزند وأعضاء المجلس وجموع قضاة الأقاليم، مقررين عقد اجتماع طارئ بناديهم النهري بالعجوزة، واحتشد الآلاف من القضاة، ليعلنوا رفضهم لقرارات الرئيس، معتبرين أن كل تصرف يصدر من السلطات العامة مخالفًا للقانون، ويعد باطلاً، ويستوجب المساءلة. وقال الزند، موجهًا حديثه إلى مرسي، "ونحن يا سيادة الرئيس نقول لك: إن ما فعلته اليوم باطل يستوجب المساءلة" وذكر الزند، مقولة الرئيس محمد مرسي الذى قال فيها: "إذا أصبت فأعينوني وإذا أخطأت فقوموني"، قائلًا: "نحن جئنا اليوم لنقومك". وقال الزند: إن ما يحدث تجريف لدولة القانون، وكأننا في دولة الغابة فليقتل من يقتل ولا أحد يستطيع أن يعاقب أحدًا، مضيفًا أن هذا الحادث الأليم الذي ألمَّ بالأمة في الوقت الذي كنا نظن فيه أن القيادة الرشيدة في طريق الاتحاد، فإذا بها تأخذنا في طريق كنا لا نريده. وأضاف أنه في باب الدولة العصرية البند 3 يا سيادة الرئيس تذكَّر معنا لعلك نسيت أو تناسيت البند الثالث ما نص على حفظ سيادة القانون من خلال ضمان استقلاله مع اعتبار أنها تعاقب بالعزل واحتكامها إليه واعتبار كل تصرف باطلًا يستوجب المساءلة.. ونقول إننا صدقناك سيادة الرئيس، وأنت قد حكمت، وما فعلته باطل يستوجب المساءلة. كما حذر رئيس نادي القضاة، الرئيس مرسي، من المساس به شخصيًّا أو أحد أفراد أسرته؛ لأن الشعب سيثأر له. وأعلن الزند في نفس الاجتماع عن عقد جمعية عمومية طارئة لنادي القضاة عصر أمس السبت بدار القضاء العالي لرفض الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس محمد مرسي والذي احتشد فيها آلاف القضاة لرفض قرارات مرسي وإعلان تصعيداتهم، مؤكدًا أن الجمعية العمومية ليست للقضاة فقط وإنما للمصريين جميعًا، قائلاً: " شعب وقضاة مصر لن يستسلموا ولن يوطئوا رءوسهم، وبالفعل تضامن معهم شخصيات عامة من بينها عمرو موسى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية وأحمد البرعي وزير القوى العاملة السابق والدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة والمستشار مرتضى منصور وعدد من المحامين والمهندس ممدوح حمزة والدكتور كمال الإسلامبولي والدكتور عصام النظامى عضو المجلس الاستشاري السابق، والمستشار حسن أبو شوشة ممثل حزب النصر الصوفى وطارق زيدان رئيس حزب مصر الثورة وموسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد والمستشار أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي، ومحمد فتحي ممثل لاتحاد الثورة المصرية والدكتور أحمد خيري ممثلًا للعمال وشريف إدريس ممثل شباب التحرير والمهندس حمدي الفخراني نائب رئيس حزب الجبهة والقيادى العمالى كمال أبو عيطة". وصرح المستشار محمود حلمي الشريف، المتحدث الرسمى باسم نادى القضاة، ل"المشهد"، حتى مثول الجريدة للطبع أن من بين التوصيات التي ستتخذها الجمعية العمومية،هى تعليق العمل بالمحاكم والاعتصام، ومطالبة رئيس الجمهورية بسحب وإلغاء الإعلان الدستوري الجديد، نظرًا لعدم دستوريته، وتقديم دعاوى قضائية للمحكمة الدستورية العليا لإلغاء الإعلان الدستوري، وسيلتزم الجميع بما ستنتهي إليه من قرارات وإجراءات، قائلًا: إن الخيارات كافة مطروحة، مشيرًا إلى أنهم لم يعرفوا موقف مجلس القضاء الأعلى حتى الآن من الإعلان الدستورى الجديد. ومن جانبه قال المستشار حسين قنديل رئيس نادى قضاة المنصورة: إن عددًا كبيرًا من القضاة دخلوا في اعتصام مفتوح بمقر النادي منذ صدور الإعلان الخميس، موضحًا أنهم لن يتراجعوا عن الاعتصام حتى يتم إلغاء الإعلان الدستوري الجديد، ومنع التدخل والاعتداء على السلطة القضائية. واعتبر قنديل أن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي، خاصة فيما يتعلق بالسلطة القضائية، يعد مذبحة للقضاء والقضاة، لافتًا إلى أن الرئيس له حق إصدار إعلان دستوري، ولكن ذلك ليس معناه أن يصدره على حساب مصلحة الشعب ليهدر به دولة القانون. وأوضح قنديل أن القضاة يطالبون بإقالة وزير العدل الحالي، المستشار أحمد مكي، قائلا: "إن القضاة يوجهون رسالة للمستشار أحمد مكي، والمستشار محمود مكي، نائب رئيس الجمهورية، والمستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، والقضاة كافة الذين دافعوا عن استقلال القضاء، وتولوا مناصب تنفيذية في الدولة، منذ تولي الدكتور محمد مرسي منصبه وحتى الآن، ويطالبونهم بأن يستقيلوا من مناصبهم؛ لأنهم ضربوا في مقتل، مضيفًا أن وزير العدل أول شخص يجب أن يستقيل من منصبه، اعتراضًا على هذه القرارات والإعلان الدستوري الجديد. وكشف رئيس نادي قضاة المنصورة، عن أن الخيارات التصعيدية كافة مطروحة أمام القضاة، حتى لو اضطرهم الأمر إلى اللجوء للمحاكم الدولية والاتحاد العالمي للقضاء. ولم يقف الاعتصام عند قضاة المنصورة فقط، فقد أعلن قضاة الإسكندرية اعتصامهم وتعليق العمل بالمحاكم من خلال آلية قانونية تتمثل في دعوة الجمعيات العمومية لكل محكمة مستقلة لتعليق العمل بها، وليس بقرار من مجلس إدارة نادي القضاة، حتى يكون القرار قانونيًّا. كما بدأ القضاة منذ أمس السبت، تنفيذ قرار مجلس الإدارة بتعليق العمل بمحاكم ونيابات الإسكندرية والبحيرة كافة، كما قرر النادي اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا لإقامة دعاوى، لإلغاء الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره رئيس الجمهورية. ومن ناحيته اعتبر المستشار عزت عجوة رئيس نادي قضاة الإسكندرية، أن الإعلان الدستوري انهيارٌ لدولة القانون والشرعية الدستورية، قائلًا: "الأمر أكبر من إقالة النائب العام، نحن أمام إعادة صياغة الدولة والقضاء بشكل خاص، وانقلاب عليه. وكشف أن لجوء القضاة إلى مخاطبة المنظمات الدولية، لا يمس سيادة الدولة، وإنما دفاع عن الدولة وسيادة حكم القانون التي أهدرها الرئيس، موضحًا أن كل الخيارات مفتوحة لرد هذا العدوان الذي لم يسبق أن تعرضت له مصر على مدى تاريخها وفي عصورها كافة بما فيها العصر الفرعوني، فنحن بصدد هذا الإعلان الدستوري أمام حاكم إله. ومن جانبهم، أعلن قضاة مجلس الدولة تضامنهم الكامل مع قضاة مصر، مهددين بتعليق العمل في جميع محاكم، معتبرين قرارات مرسي تعديًا منه على هيبة القضاء وعلى دولة القانون وفي مقدمتها تحصين قراراته السابقة واللاحقة من أي طعن أمام أي جهة، ويمثل اعتداءً على قداسة مجلس الدولة في المقام الأول باعتبارها الجهة القضائية الوحيدة التي تحاكم القرارات الإدارية، بما فيها قرارات رئيس الجمهورية، مقررين خلال الاجتماع الذي عقدوه أمس الأول ضرورة عقد جمعية عمومية طارئة لبحث سبل الرد على قرارات الرئيس والإجراءات التي يمكن اتخاذها، بعد التوافق عليها من قِبل جموع قضاة المجلس. وفى سياق مواز، اعتبرت حركة قضاة من أجل مصر، برئاسة المستشار زكريا عبد العزيز أحد أبرز رموز تيار الاستقلال أن قرارات مرسي بإصدار الإعلان الدستوري الجديد قانونيًّا، بنسبة مائة بالمائة وتدعم أهداف الثورة، والذي هاجمهم المستشار أحمد الزند، قائلًا: إن القضاة الذين أعلنوا نتيجة الانتخابات الرئاسية قبل صدورها من لجنة الانتخابات الرئاسية،"عملاء"، موجهًا لهم رسالة، قائلًا: "مصر بريئة منكم وشعبها برئ منكم، فأنتم عملاء ولستم من مصر، والقضاء يتبرأ منكم". كان الرئيس مرسي قد أصدر إعلانًا دستوريًّا جديدًا، الخميس، يتضمن إعادة محاكمة رموز النظام السابق حسب قانون حماية الثورة، بالإضافة إلى قرارات بتعيين نائب عام جديد بدلًا من عبدالمجيد محمود، النائب العام السابق، وتحصين اللجنة التأسيسية للدستور ومجلس الشورى، وتحصين الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية بحيث تكون غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة. من المشهد الأسبوعى..