أكد المشاركون بندوة التعددية الثقافية والتغيير،التي عقدت مساء اليوم الثلاثاء بالهيئة المصرية العامة للكتاب، أنه على النظام السياسي القادم في مصر الأخذ في الاعتبار وجود أقليات تطالب بديمقراطية الثقافةوتعددها، مشيرين إلى أن هذه الأقليات ستفرض وجودها بعد حصول الأغلبية على حقوقها. وقال الدكتور أحمد زايد، إنه لو ادعت أي جماعة احتكار الحقيقة فستتحول الحياة السياسية إلى فوضى ، مشددا على أن إدراك التعددية هو السبيل الوحيد للتعايش. ودعا زايد إلى إدراك فكرة "المصلحة العامة"، معتبرا أن إغلاق مجمع التحرير من جانب المعتصمين في ميدان التحرير ليس في صالح الوطن، وأن كل مجتمع لا يبنى إلا من خلال إدراكه لأهمية المصلحة العامة . من جانبه، اتفق الدكتور إمام عبد الفتاح إمام أستاذ الفلسفة السياسية مع الدكتور زايد في ضرورة الاهتمام بالمصلحة العامة، ووصف ما حققته الثورة المصرية حتى الآن بالعمل العظيم ، داعيا إلى عدم القضاء على مصالح الناس أو الصدام مع السلطة . ورأى الدكتور إمام أن ما يحدث الآن ناتج عن إرث نظم الحكم الديكتاتورية السابقة وغياب العقل، لافتا إلى ارتباط العقل والحرية فلسفيا، ومؤكدا أن فكرة التعددية الثقافية هي نتاج لانتشار الديمقراطية وثمرة من ثمراتها . وأضاف أن الفلسفات القديمة كالفلسفة اليونانية والوسيطة لم تعرف مصطلح التعددية الثقافية، مشيرا إلى أن اليونانيين كانوا يعتقدون أن ثقافتهم وحضارتهم هي السائدة ولا ثقافة أخرى غيرها .وقال إنه يعنى بالثقافة مفهومها الإنثروبولوجي، أي كل ما يورثه الإنسان من عادات وتقاليد ولغة وأخلاق، مشيرا إلى أن الأقليات هي من ستطالب بهذه التعددية، وضرب مثلا على ذلك بأن أهل النوبة وبدو سيناء ومطروح هم من يطالبون بشدة بتطبيق الديمقراطية . واعتبر أنه لدى البعض فهما غير سليم للديمقراطية، وقال إن الحرية لا تعني أن تفعل ما تريد وإنما تتوقف حريتك عندما تصطدم بالآخرين، كما رأى أن مساواة الناس يجب أن تكون أمام القانون وفرص العمل والتعليم، حيث إنهم ليسوا متساوين في القدرات والإمكانيات. من جانبه، رأى أشرف راضي الأمين العام لمؤسسة المصريين للتنمية الثقافية، أننا في لحظة حرجة حاليا لن يعصمنا من التخبط فيها إلا إذا كان لدينا بوصلة ثقافية واضحة، موضحا أن الهيمنة الثقافية هي من أسست النظام الشمولي الذي طالما عانينا منه وبالتالي علينا أن نعود إلى ثقافة مصر التعددية . وقال إن مصر دولة تحوي جماعات نوبية وبدوية وفلاحين وحضر، حيث إنه بحكم موقعها التاريخي وجدت حالة من التجاور البشري لجماعات مختلفة، معتبرا أن جزءا كبيرا من مشكلات التحول السياسي لدينا ارتبطت بمشكلات الفئات المهمشة التي لم يستوعبها أي نظام سياسي. ورأى أن الثقافة لم تعد مسألة لغة ومعرفة وإنما باتت مسألة حقوق، حيث إن التعددية الثقافية شرط من شروط الديمقراطية، لافتا إلى أن التجربة الأمريكية مهمة بالنسبة لهذه الفكرة، خاصة في صياغة الدستور ووضعية الفرد حيث لا ينظر إلى لونه أو دينه لكن المهم ما يعطيه لبلده . كما رأى أن التعددية تؤسس لفكرة الحرية وهي نتائج للحداثة، مشيرا إلى الصدام بين الثقافة التقليدية والحداثة الأوروبية في هذا الإطار، وأنه في مصر هناك صراع بين قوى لها طموحات ديمقراطية وأخرى تعتبر أن المجتمع غير قادر على استيعاب الحرية .وأضاف أنه خلال 18 يوما هي عمر الثورة المصرية في ميدان التحرير غابت التعددية بين المصريين، وما أن انقضت تلك الأيام حتى برزت مشكلات طائفية، حيث تحول الصالح العام إلى خاص وهو أكبر خطر على التماسك الوطني . وتابع أن الأقليات لن تحتاج اعتراف الدولة بمشاكلها وسط وسائط المعلومات الحديثة واستخدام الأقليات لها، ولذا فعلى الدولة التكيف مع فكرة التعددية واحترام الاختلافات . وردا على سؤال لوكالة أنباء الشرق الأوسط حول وجود فارق بين الثقافة الشعبية الغنية بالتعددية وثقافة السلطة الرسمية، قال راضي إن الثقافة الشعبية أكثر تعبيرا عن التجاور والتعايش الحضاري من الثقافة الرسمية، مشيرا إلى أن النظام التعليمي يكشف بطبيعته عن الهيمنة أو التعددية، واحترام ثقافات الآخر ، لأنه يبني الشخصية . واعتبر أن ما يحمينا من التشظي هو الحرية، ولا يجب أن نعلق مشاكلنا على الخارج ومؤامراته، بل يجب أن نطرح مشاكلنا ونناقشها بوضوح. من جانبه ، اختلف الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب مع أطروحة راضي حول أن التجربة الأمريكية ثرية في مسألة التعددية، لافتا إلى أن تطبيق مبادىء الدستور الأمريكي وظهور أول رئيس للولايات المتحدة ذي بشرة سمراء لم يأت إلا بعد فترة طويلة من وجود دستور ينادي بذلك. وأضاف أن هناك خلطا بين فكرة الأقليات بمعناها الثقافي الإنثروبولوجي والأقليات الدينية، مشيرا إلى أن الحديث عن الأقليات بهذا المعنى لا يجب طرحه لأنه غير موجود بالمرة.