"لقد رحل حسني مبارك ميتًا، ورحل سعد الدين الشاذلى حيًّا".. هكذا وجده مرافقوه يردد يوم توفى "أيوب أكتوبر" وبطل الحرب المُفترى عليه الفريق سعد الدين الشاذلي، والذى وافق يوم تنحى الرئيس الديكتاتور محمد حسني مبارك. وعادت ذاكرته القهقري إلى ما قبل 41 عامًا مضت، حيث كان رابع أربعة مجندين فى مدرسة المدرعات، هم "ممدوح مهران، وعبدالقادر شُهيّب، ود. نصار عبدالله، وهو – الروائى محمود عرفات-"، فوجئوا ذات صباح باستدعاء قائدهم العسكري قائلًا: "لقد تقرر نقلكم إلى مدرسة التوجيه المعنوي"، واستفسر القائد الذي لم يكن يعلم قيمة هؤلاء الجنود الأربعة الإبداعية قائلًا: "ياترى انتو واسطتكم مين؟". وداخل قشلاق الضباط وبالتحديد في شهر إبريل من عام 1970، - بعد تغير صفتهم من مجندين لضباط – انضم إليهم أكثر من مائة آخرين أبرزهم عبدالعزيز مخيون ومدكور ثابت ومحمد سيد سابق. وفى واحدة من أماسيهم داخل القشلاق دار نقاش طويل حول سؤال طرحه أحدهم: "ماذا لو مات جمال عبدالناصر؟". وخلص النقاش إلى أنه بموت جمال عبدالناصر سوف تخسر مصر كثيرًا، لكن الأمر قد يدفع بالبلاد إلى مستقبل آخر. ورحل الرئيس الرمز جمال عبدالناصر.. ودخلت مصر مرحلة جديدة، تحققت خلالها المعجزة التي وصفها الروائي الكبير محمود عرفات بأنها لم تكن في عبور القناة بقدر ما كانت في إعداد المقاتل المصري وتأهيله معنويًّا لدخول الحرب، وشارك عرفات ضمن من شاركوا في آخر مشروع يمثل "بروفة كاملة" للعبور العظيم على شاطىء القناة وبالتحديد في السادس من سبتمبر 1973 أي قبل شهر كامل من التنفيذ الفعلي، وقضى عرفات ورفاقه من ضباط لتوجيه المعنوي الثلاثين يومًا التالية فى إعداد المحربين نفسيَا للانطلاق نحو النصر، وكان من ضمن مهامهم أيضًا حثّ الجنود على الانضباط أثناء التنفيذ، وهو ما أشاد به مراسل BBC من الجبهة حين أكد أن "المرور فوق المعابر كان أشد انضباطًا من المرور في قلب القاهرة". وبقدر ما حقق الروائي محمود أحمد محمود عرفات من نجاح في حياته العسكرية، استطاع أن يحقق نجاحات أخرى في مضمار الأدب كلّلها بالحصول على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 2005 عن المجموعة القصصية "على شاطئ الجبل"، بالإضافة إلى أربعة إصدارات أخرى. ولم يكن الأدب لدى محمود عرفات مجرد هاجس عابر، إنما كان هواية ترسخت فاستقرت في أعماق ذاته، حتي شغلت جلّ كيانه، ساعد في ذلك أنه ولد في مدينة بيلا بمحافظة كفرالشيخ عام 1947 لأبٍ يعد من أهم شعراء البراري في ذلك الحين، هو الشاعر أحمد محمود عرفات. من المشهد الأسبوعى..