احتفال الآلاف من الأقباط بأحد الشعانين بمطرانيتي طنطا والمحلة.. صور    جامعة بني سويف تستقبل لجنة المراجعة الخارجية لاعتماد ثلاثة برامج بكلية العلوم    محافظ بني سويف يُشيد بالطلاب ذوي الهمم بعد فوزهم في بطولة شمال الصعيد    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    «التنمية المحلية»: قنا الأولى في استرداد الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    مساعد وزير التموين: أزمة السكر لم تكن مشكلة إنتاج ولكن «سوء التوزيع» السبب    فرق 60 دقيقة عن المواصلات.. توقيت رحلة المترو من عدلي منصور لجامعة القاهرة    «التنمية المحلية»: 40 ورشة عمل للقائمين على قانون التصالح الجديد بالمحافظات    مدير صندوق النقد الدولي: ندعم إجراءات مصر للإصلاح الاقتصادي    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و454 شهيدا    دخول 176 شاحنة مساعدات غذائية عبر معبر كرم أبو سالم|فيديو    «أبو مازن»: اجتياح إسرائيل لرفح الفلسطينية سيمثل أكبر كارثة في تاريخ شعبنا    السفير الروسي بالقاهرة: الدولار تحول إلى وسيلة للضغط على الدول |فيديو    عبد الرازق خلال لقائه رئيس الشيوخ البحريني: حريصون على تنمية العلاقات بين البلدين    تغريم عمرو السولية وحسين الشحات ماليا بسبب مباراة مازيمبي.. اعرف السبب    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة لها    «حميد حامد» رئيسا للإدارة المركزية لامتحانات المعاهد الأزهرية    «الداخلية»: ضبط 15 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    الطقس في الإسكندرية اليوم.. انخفاض درجات الحرارة واعتدال حركة الرياح    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    لماذا غير الفنان الراحل نور الشريف اسمه في وثيقة الزواج؟.. سر بذكرى ميلاده    عالماشي يحقق 127 ألف جنيه إيرادات في يوم واحد ويحتفظ بالمركز الثالث    لن أغفر لمن آذاني.. تعليق مثير ل ميار الببلاوي بعد اتهامها بالزنا    بحضور محافظ مطروح.. قصور الثقافة تختتم ملتقى "أهل مصر" للفتيات بعد فعاليات حافلة    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    «الصحة»: المبادرات الرئاسية كشفت عن 250 ألف مريض بسرطان الكبد في مصر    بنك QNB الأهلي وصناع الخير للتنمية يقدمان منح دراسية للطلاب المتفوقين في الجامعات التكنولوجية    انطلاق فعاليات البرنامج التدريبى للتطعيمات والأمصال للقيادات التمريضية بمستشفيات محافظة بني سويف    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    جدول امتحانات التيرم الثاني 2024 لصفوف النقل والشهادة الإعدادية (القاهرة)    نجم الأهلي: أكرم توفيق انقذ كولر لهذا السبب    تشكيل إنتر ميلان الرسمي ضد تورينو    إدارة الأهلي تتعجل الحصول على تكاليف إصابة محمد الشناوي وإمام عاشور من «فيفا»    البنية الأساسية والاهتمام بالتكنولوجيا.. أبرز رسائل الرئيس السيسي اليوم    أحمد مراد: الخيال يحتاج إلى إمكانيات جبارة لتحويله إلى عمل سينمائي    أول تعليق من مها الصغير على أنباء طلاقها من أحمد السقا    رئيس هيئة الدواء يجتمع مع مسؤولي السياسات التجارية في السفارة البريطانية بالقاهرة    المصري الديمقراطي الاجتماعي يشارك في منتدى العالم العربي بعمان    واشنطن بوست:بلينكن سيتوجه إلى السعودية هذا الأسبوع لعقد اجتماعات مع الشركاء الإقليميين    29 جامعة مصرية تشارك في مهرجان الأنشطة الطلابية في ذكرى عيد تحرير سيناء    مراجعة مادة علم النفس والاجتماع ثانوية عامة 2024.. لطلاب الصف الثالث الثانوي من "هنا"    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن لمن تخطوا سن ال65 عاما    وزير الصحة: «العاصمة الإدارية» أول مستشفى يشهد تطبيق الخدمات الصحية من الجيل الرابع    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    "بتكسبوا بالحكام".. حسام غالي يثير الجدل بما فعله مدرب المنتخب السابق ويوجه رسالة لشيكابالا    المصري والداخلية.. مباراة القمة والقاع    بسبب وراثة غير طبيعية.. سيدة تلد طفلا ب 12 إصبعا    ألفا طالبة.. 4 محافظات تحصد المراكز الأولى ببطولة الجمهورية لألعاب القوى للمدارس -تفاصيل    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 28 أبريل    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشبيحة.. رعب بطعم الموت يحركه الولاء للمال والسلطة والطائفة
نشر في المشهد يوم 31 - 08 - 2012

مع استمرار الحراك الثورى السوري ترتفع وتيرة العنف من النظام وتتعدد آلياته، فيما تزداد معدلات القسوة والوحشية ، ليستمر السوريون فى دفع أثمان باهظة لمعارضتهم نظام بشار الأسد الذى يمثل امتدادا لسيطرة العلويين على الحكم منذ انقلاب نوفمبر 1970 وصعود حافظ الأسد إلى سدة الحكم.
ورغم تعدد الأساليب الوحشية التى يستخدمها النظام السورى لقمع الثورة الشعبية ، ليصل عدد الضحايا منذ بدء الأحداث فى 15 مارس 2011 إلى أكثر من 30 ألف شخص ، إلا أن دور ما يطلق عليهم اسم "الشبيحة" يبقى الأبرز فى واجهة الأحداث، نظرا لما يثيرونه من رعب أثناء تنفيذ أعمالهم الإجرامية، وهو ما جعل منهم ذاكرة مفعمة بالخوف لكل السوريين .
وفى الوقت الذى تكسب الثورة يوميا أرضا جديدة، تكسب تنظيمات الشبيحة أعوانا جدد بانضمام عناصر من المجرمين لا هم لهم إلا المال، مع إثبات الولاء للنظام والطائفة العلوية، وذلك رغم عدم الانتماء لها فى كثير من الأحيان.
وإذا كان الشبيحة فى ظل حكم الأسد الأب ينتمون إلى الطائفة العلوية فقط، إلا أن قاعدتهم توسعت عندما توسعت الثورة، حيث استعان النظام من خلال خلية الأزمة التى يرأسها بشار الأسد بمجموعة من الأشخاص أطلق عليهم صفة "العمال" وهم من كل الفئات ، وقام بتسليحهم لقمع المظاهرات، وكان يعطى كل واحد منهم مبلغ 10آلاف ليرة سورية يوميا (حوالى 200 دولار)، ويزداد المبلغ فى حال تنفيذ أعمال القتل المصحوبة بالعنف المفرط. ومن هنا أطلق الشعب السورى صفة "الشبيحة" على هؤلاء، وهى كلمة تعادل "البلطجية" فى مصر، و"البلاطجة" فى اليمن، و"أصحاب القبعات الصفراء أو اللجان الثورية" فى ليبيا.
والشبيح النمطي شخص متدني التعليم، ينحدر من بيئة اجتماعية مهمشة وفقيرة، وهو ضخم الجثة عموما، مفتول العضلات، متين البنيان، حليق الرأس، طويل اللحية، ويرتدي لباسا أسود في الغالب.
ولكن مع اتساع نطاق ظاهرة الشبيحة وتعمم التشبيح، لم يعد هناك شكل قياسي للشخص الذى يقوم بهذا النوع من الإجرام الذى بات مرتبطا بقمع الثورة بالأساس.. إنه اليوم عضلات مزودة بسلاح ناري أو هراوة كهربائية، كما أصبحت صفة التشبيح تعنى القتل باستخدام أشد الأساليب وحشية وقسوة.
ويقول الأديب ممدوح عدوان - الكاتب السوري الوحيد الذي تكلم عن الشبيحة والتشبيح قبل قيام الثورة ضد نظام الأسد فى كتابه (حيونة الإنسان) - "إن التشبيح كلمة ممتلئة بالمعاني، فهي مزيج من الزعرنة والسلبطة والتبلي، وهي مصطلحات سورية تعنى كل ما يقفز فوق القانون علنا " .
ورغم تباين المصادر بشأن توقيت ظهور ما بات يعرف بالشبيحة ، إلا أن ثمانينيات القرن الماضى شهدت أزهى عصورهم ، حيث كانوا عبارة عن مجموعات من شباب العلويين يعملون تحت قيادة مجموعة من المتنفذين من أل الأسد ، وهم فواز وهارون ومحمد الأسد الملقب بشيخ الجبل، وتركزت أنشطتهم فى التهريب والمخدرات والبلطجة .
و جاءت تسميتهم نسبة إلى سيارات الشبح السوداء التى كانوا يستخدمونها، وغالبا ما تكون بلا أرقام ، كما كانوا فوق القانون لأنهم حظوا بدعم حافظ الأسد ، ويتخذون من القرداحة -مسقط رأس الأسد - مقرا لهم. على أن هناك من يرى فرقا بين المهرب والشبيح، فالمهرب يغامر ويخاطر وقد يصطدم بالدولة ، في حين أن الشبيحة يستخدمون سيارة الدولة ويهربون في عز النهار وفي شارع مزدحم يعرقلون المرور فيه.
ويتوسل الشبيحة القوة للاستيلاء على موارد مادية أو منافذ مجزية للدخل مثل الموانيء الخاصة ، حيث تشير المصادر إلى أن رفعت الأسد كان له ميناء خاص في اللاذقية، لم يغلق إلا بعد تفجر الصراع بينه وبين أخيه الرئيس عام 1984، كما حل سرايا الصراع التى نفذت مجازر تدمر 1980 ومجازر حماه 1982. ويتصف الشبيحة بالخشونة والقسوة والتبعية العمياء لرؤسائهم الذين يطلق عليهم لقب "المعلم" أو "الخال"، وهم بذلك أقرب إلى منظمات المافيا، وهم معروفون من قبل أجهزة الحكم المركزية التي تغض النظر عنهم، والأجهزة المحلية التي تتواطأ معهم وتضمن لهم الحصانة بحكم قرابة رؤسائهم لأقوى رأس بالدولة، ولا تتجاسر حتى على الدفاع عن نفسها حين يحدث أى تتضارب فى المصالح.
وفي ثمانينات القرن الماضى كان الشبيحة المتمتعون بحصانة تامة يتصرفون بحرية مطلقة، حتى أنهم كانوا يقومون مثلا بإجبار زبائن مقهى على الانبطاح تحت الطاولات، أو يقتلون شابا رفض إهانة من أحدهم، أو يتوسلون التهديد للاستيلاء دونما مقابل أو بمقابل زهيد على أملاك اشتهوها لأنفسهم، أو يغتصب زعماؤهم فتيات جميلات، أو يتولوا التحكيم بين شخصين مع نيل عمولة كبيرة ممن يفوز، وهو الأغنى طبعا.
وكانت قوة الشبيحة إبان حكم الأسد الأب مستمدة من أن مهمتهم الرئيسية هى التذكير الدائم بقوة وسطوة عائلة الأسد وأقربائهم من أمثال آل مخلوف (اللاذقية وريفها) وآل نجيب (جبلة وريفها).
إلا أن باسل الأسد اصطدم معهم بعد زيادة نفوذهم لدرجة مخيفة، وبدأ بتنفيذ حملة تطهير واسعة ضدهم وضد مفاهيم تواجدهم التى لم تكن لتناسب المناخ العام لتوجه باسل الذى كان يجرى إعداده لخلافة والده، خاصة أن مفهوم الحاجة لإرضاء المقربين من العائلة قد بدأ بالتحول حيث إن الشخصيات ذات الثقل في كل من العائلة والحزب والسلطة كانت قد بدأت بالتوجه إلى التجارة وإنشاء الشركات والانفتاح على المجتمع.
ورأى باسل أن المناخ بات ملائما للحد من مظاهر التشبيح والبلطجة في مقابل تقديم التسهيلات الحكومية التى بلغت حتى إلغاء كل القيود الحكومية والجمركية عن تجارة وأعمال العائلة والمقربين في مقابل الحصول على تنازلات منهم بالحد من مظاهر العصابات والتشبيح. وكادت أن تنتهى ظاهرة الدراجات التي تجول شوارع (اللاذقية ، وجبلة ، وبانياس، وطرطوس)، والتى كانت سمة وشعار الشبيحة الأساسية لأنه لا يمكن لأي شخص عادي امتلاك دراجة ما لم يكن فردا في عصابة أحد الشخصيات المتنفذة من العائلة.
وبعد وفاة حافظ الأسد عاد الشبيحة لممارسة دورهم السابق وتركهم بشار بعد أن تولى الحكم، مما أدى إلى ازدياد نفوذهم بشكل كبير، حتى لجأ إليهم فى الأحداث الأخيرة حيث كانت مهمتهم القضاء على الثورة فى المناطق السنية (بانياس، واللاذقية، وجبله).ومع دخول مستفيدين جدد من أعمال العنف التى تمارسها الدولة السورية ضد الثورة، اتسعت رقعة الشبيحة كثيرا في شهور الثورة السورية الأخيرة، وصار يطلق على الميليشيات غير النظامية التي يزجها النظام في مواجهة المحتجين في جميع مناطق البلاد ومع تعممه، انفصل عن مهده وروابطه الأصلية، إلا أن خصائصه المرتبطة بالعنف وجمع المال والولاء للنظام والطائفة ظلت كما هى. وتشير بعض المصادر إلى أن عدد الشبيحة ربما يصل الآن إلى نحو 100، ويمولهم رجال أعمال لديهم علاقات واسعة بالنظام من السنة والعلويين على حد سواء، ومنهم رجل أعمال شهير سنى ويمتلك إحدى الفضائيات.
وغالبا ما يرتبط الشبيحة بالعائلات الكبيرة فى مناطقها مثل أسرة آل برى فى حلب، وهى أسرة سنية من قبائل الجيس "القيس" كانت تدين بالولاء للنظام منذ زمن الأسد الأب، وكان لها دور فى إخضاع حلب خلال ثمانينات القرن الماضى، ولذلك كافأها حافظ الأسد بأن أطلق يدها فى حلب، وكانت تمارس سلطات واسعة على الشعب الحلبى ووصل عدد من أبنائها إلى البرلمان.
وكان هؤلاء يعملون فى تجارة المخدرات ولديهم سجون ومعتقلات خاصة، ويفعلون ما يشاءون بالناس ويأخذون من التجار أموالا مقابل ما يسمونه "الحماية"، وقد استمر هذا الحال لسنوات طويلة. وأشارت بعض التقارير إلى أن لدي هؤلاء أكثر من 5 ألاف شبيح، ومؤخرا فى الثورة استطاع آل برى أن يفرضوا مع قوات الأمن الرسمية السيطرة على حلب وإخافة الناس، وكان هذا سببا فى تأخر وصول المظاهرات السلمية إلى هناك أو أن الحلبيين أدركوا أن المظاهرات ستكلفهم الكثير مثل دير الزور وغيرها.
ومنذ بداية العام الحالى بدأت ملامح تحرير الريف الحلبى واضحة للعيان، وهذا الريف هو خزين من القبايل العربية والتركمانية التى لها صلات واسعة بتركيا بسبب القرب الجغرافى. وعقب إتمام السيطرة لهم على الريف ولاسيما (عزاز، وعندان، وحريتان، وبيانون) والسيطرة على معبر السلام ومعبر باب الهوى المؤديان إلى تركيا، اندفعت القوات الثورية بقيادة أحرار حلب وبقية الفصائل وتمكنت فى شهر يوليو الماضى من السيطرة على أكثر من 60\% من حلب، ومنها منطقة "باب النيرب" القديمة.
و"باب النيرب" هى قلعة آل برى، حيث تمكن الثوار من قتل عدد كبير منهم، كما تم إعدام عدد منهم حيث بثت بعض الصور على اليوتيوب، ومنهم زينو البرى أحد كبار مشايخهم وأحد أهم الداعمين للشبيحة.أما فى العاصمة دمشق يتوزع الشبيحة فى منطقة "مزة 86" وهى حى علوى اقامه النظام السورى للعلويين الذين جلبهم من الساحل قرى (اللاذقية، وطرطوس، وجبله)، وجعله بمثابة "كانتون علوى"، وقام بتسليحهم مع بدء الثورة.
وكانت مهمتهم القضاء على المظاهرات السلمية فى دمشق أو الذهاب بهم إلى أبعد من دمشق مقابل المال، وكذلك "حى الورود" وهو حى عشوائى تقطنه غالبية من المتطوعين فى قوى الأمن وبعض البلطجية وأولاد الشوارع، وحى "عش الوروار" و"جب الرز" وهى أحياء نشأت بتخطيط من النظام للسيطرة على العاصمة فى حال اندلاع أى احتجاجات، وسكانها من العلويين وهم إما رجال أمن أو متعاقدين "مخبرين" أو أصحاب الأكشاك أو سائقى السيارات، وكلهم تحولوا إلى شبيحة لقمع المظاهرات سواء فى دمشق أو درعا.
ومع وصول النفس الثورى إلى العاصمة دمشق، قام الشبيحة بأعمال مرعبة ربما يتم الكشف عنها خلال الفترة القادمة، حيث إنه نظرا لطبيعة عملهم والمهن التى يمتهنونها مرتبطون بالشارع ويعرفون كل المداخل والمخارج ويعلمون أين يضربون، وكيف يكون الألم. كما أن إطلاق يد كل من ينتمى إلى فرق الموت والرعب "الشبيحة" بدون حسيب أو رقيب، جعلهم يمارسون عمليات إجرامية بعيدة عن أعمال العنف المرتبطة بقمع الثورة.
وفى حمص، المدينة السنية المسيحية ذات التاريخ، حيث يتواجد العلويون فى القرى وتقع جنوب وغرب حمص، فالنظام السورى بدأ فيها بخطة تغيير ديموجرافى منذ عهد الأسد الأب وأنشا فيها أربعة أحياء ذات غالبية علوية وهى (الزهرة، والنزهة، وعكرم، ووادى الذهب)، وأقام فيها العلويون القادمون من القرى أو الساحل السورى حيث يقع جبل العلويين. وأنشئت تلك الأحياء تحت ذريعة أن حمص وهى المنطقة الوسطى بسوريا توجد بها أغلب الكليات العسكرية، ولذلك فإن سكانها كانوا من الضباط ورجال الأمن أو تابعين للنظام.
يشار إلى أن الأحياء التى ثارت على النظام هى الأحياء الشرقية للمدينة، والتى تم تدميرها بشكل شبه كامل، وكانت تقصف من الأحياء الموالية التى لم تصب بأى أذى. وقد ظهر نوع جديد من الشبيحة ليسوا من العلويين ولكنهم من فئة يطلق عليها "المتاولة"، وهم أحد أتباع الطائفة الشيعية، وكانوا من أصحاب المهن الهامشية ويعيشون على الصدقات، وهو ما سهل تجنيدهم لصالح النظام، حيث يرتكبون المجازر وخاصة عمليات الذبح بالسكاكين.وفى حماه، وهى جزء من المنطقة الوسطى ومشكلتها أنها المحافظة الوحيدة التى ليس لها حدود خارجية مع دول جوار سوريا حيث أنها مغلقة تماما، وسكان المدينة سنة يتوزعون بين ثلاث فئات (العرب، والتركمان، والأكراد)، وكلهم يتحدثون باللغة العربية بلهجة شامية.
والمحافظة محاطة بالمتناقضات، فجهتها مع حلب أو الرقة تقطنها قبائل عربية مثل "الحديديون"، ومنهم وزير الدفاع الحالى فهد جاسم الفريج رغم أن كل القبيلة ناشطون فى الثورة، وأيضا الشيخ أحمد الجرخ الحديدى وهو عضو مجلس القبائل العربية.
و تقيم بها قبائل (عنيزه، وشمر، والعقيدات، والموالى) وغيرها، وهؤلاء بشكل عام يعملون مع الثورة، فى حين أن الريف الذى يفصل بين حماه والساحل يقسم إلى ثلاث فئات هم المسيحيون ويقفون على الحياد، حيث نصب النظام قطع المدفعية وقصف حماه من تلك القرى لخلق فتنة طائفية، والعلويون والمراشده وهم مع النظام، فى حين أن الإسماعيليين وهم يقطنون فى منطقة السلامية التابعة لحماه وتفصلها عن الرقة كانوا من أوائل المنتفضين ضد النظام.
أما القرى العلوية والمرشدية وهم شبيحة النظام ضد أبناء حماه لأسباب تاريخية، حيث كان يطلق على قسم كبير من أهالى مدينة حماه لقب "الأغوات"، وهو لقب عثمانى للأثرياء وملاك الأراضى، وكان العمال والخدم عند الحمويين من أبناء الطائفة العلوية ويحملون حقدا تاريخيا لأبناء هذه المدينة.
وكان الأسد الأب قد ذكر فى إحدى خطاباته قضية استغلال "الأغا" لبنات الطائفة وامتهان كرامة الرجال، وقد توج هذا الحقد فى مذبحة حماة الكبرى فى فبراير 1982، حيث تم تدمير ثلثي المدينة وأشهر أحيائها الحاضر والسوق، فضلا عن مقتل نحو 40 ألفا وفقدان نحو 17 ألفا إلى اليوم.
وفى الحراك الثورى الأخير استطاعت حماه ودير الزور أن تخرجا بأكبر مظاهرة سلمية فى يونيو 2011، حيث بلغ عدد المتظاهرين فى ساحة العاصى 600 ألف فاجتاحها النظام فى أول رمضان قبل الماضى. أما الشبيحة فى المنطقة الشرقية، والتى تشمل (دير الزور، والحسكه، والرقه)، وفى المنطقة الشمالية فى إدلب والجنوبية فى درعا فلهم قصص أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.