الدولة تحتاج لسياسات لامتلاك احتياطي نقدي مناسب وغلق شركات الصرافة تترك تأثيراً نفسياً فقط ايهاب سعيد: مساعدات الإمارات تغطي ديون مصر لقطر ونادي باريس اسلام عبدالعاطي: عطاءات البنك المركزي علاج ليومين فقط ابراهيم النمر: غلق شركات الصرافة ليس الحل اتفق متخصصون في الشؤون المالية والنقدية على أن دعم الودائع الخليجية لقيمة الجنيه، هو دعم مؤقت ولن يطول، ومواجهة انخفاض الجنيه يتطل حزمة سياسات مالية واقتصادية، تعالج الندرة في النقد الأجنبي بالأسواق، من خلال تنمية التصدير، وتنشيط السياحة بشكل عملي. وشدد خبراء في تصريحات ل "المشهد" على وجوب وضع سياسات واقعية وعملية لامتلاك احتياطي نقدي مناسب يغطي احتياجات مصر الواردات، مع تنمية الانتاج المحلي يسهم في زيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي، يتم من خلاله مواجهة مافيا السوق السوداء. ودعا الخبراء إلى صياغة جديدة للواردات، بحيث يتم الترشيد في اسيتراد السلع غير الضرورية، ومواجهة الهجمة على تحويلات العاملين في الخارج، والتي تستقطبها السوق السوداء. ويرى محللون ماليون أن غلق شركات صرافة لها تأثير نفسي سريع علي الشركات الأخري بفترة مؤقتة، فيما يتوقف تأثيرها على سعر الدولار وفقا لنوع المخالفة التي قامت بها الشركة. ايهاب سعيد، مدير قسم البحوث بشركة أصول لتداول الأوراق المالية، يقول "إن هناك ديون مصر المستحقة خلال شهر يوليو القادم لكل من قطر ونادي باريس مليار و800 مليون دولار، ووديعة الامارات 2 مليار جنيه، وهذا يعني أنها تكفي لتغطيتها مع ديون نادي باريس. ونوه إلى أن بمصر تستورد سنوياً ب 84 مليار دولار، ويوجد عجز كبير سواء في الميزان التجاري أو ميزان المدفوعات وبالتالي 2 مليار دولار لاتشكل نجدة كبيرة لدعم الاحتياطي النقدي والأمر يحتم علي البنك المركزي يتخذ خطوة جديدة في تخفيض قيمة الجنيه. وأشار ايهاب سعيد إلى مجموعة مؤشرات، تم في ضوئها تحديد سياسات البنك المركزي، فقد كانت هناك فجوة كبيرة بين السعر الرسمي والسعر الموازي وبالتالي قام المحافظ البنك المركزي باتخاذ قرار خفض قيمة لجذب الاستثمارات الخليجية، كما أن البنك المركزي يتفهم المنافسة الشرسة بين الدول في تخفيض قيمة عملتها لدعم التنافسية. وقال: الأسعار ترتفع مع السوق الموازي لأن المستوردين يضعوا أرباحهم علي هامش ربحهم فوق سعر السوق الموازي يعني أن الأسعار ارتفعت قبل ما يتخذ البنك المركزي قراره ومعني هذا أن كل السياسات والاتجاهات أن هناك خطوة جديدة في اتجاه الخفض. وأضاف سعيد، لكي يتم رفع قيمة الجنيه يجب رجوع الموارد لمصر والمضاربين علي الدولار، ومن المهم معالجة شاملة لموارد النقد الأجنبي، خصوصاً التراجع في الصادرات والسياحة وزيادة في الواردات، إلى جانب المشكلة في تحويلات العاملين بالخارج، مع تراجع في قناة السويس في ظل تباطؤ النمو العالمي. وأوضح يجب أن حل مختلف هذه المشاكل، وتعود الأمور إلي طبيعتها لكي يرتفع الجنيه ويستعيد توازنه أمام العملات الأجنبية، لافتاً إلى وجود أمور في يد الدولة ويمكن حلها، مثل تراجع السياحة، ويتطلب ذلك خطط واضحة، وأفكار ابتكارية غير تقليدية، وكذلك اتخاذ اجراءات داخلية لتعزيز تحويلات العاملين، وإلغاء الاجراءات الاحترازية، وتسهيل عمليات التحويلات، وصرف الأموال للمصريين داخل مصر وزيادة دعم الصادرات في الموازنة، بالاضافة تخفيض قيمة الجنيه وهو ما يدعم تنمية الصادرات. أما المشاكل التي ليست في أيدي الدولة، فهو ما يتعلق بتراجع قناة السويس وتباطؤ النمو العالمي وهذا مرتبط بالاقتصاد العالمي ليستعيد توازنه، ومن الصعب أن نُحمل الدولة شئ في ذلك. ونوه سعيد إلى أن غلق شركات الصرافة لا يعتبر عامل مهم في مواجهة السوق السوداء، ولكن ممكن أن يترك تأثيراً نفسياً سريعاً علي شركات الأخري، والتي ستلتزم لفترة مؤقتة، ولكن الباب الخلفي للتعاملات لم يغلق والمرض الحقيقي هو معالجة الموارد والمسؤول عن مناخ المضاربة وأيضاً عدم قدرة الدولة علي توفير العملات الأجنبية للمستوردين. ومن جهته يرى شريف نوفل الاستشاري المالي في شركة مصر الدولية للتمويل والاستثماري، أن الوديعة الإماراتية قد تكون وسيلة دعم على الأجل القصير للسيطرة على السوق السوداء، وأداة لمواجهة انخفاض الجنيه، ومثلها مثل الاقتراض من المؤسسات النقدية والمالية الدولية والإقليمية. وأفاد أن الأزمة في سعر الجنيه تتطلب إعادة هيكلة لمصادر إنفاق وتوليد النقد الأجنبي، وصياغة جديدة لمنظومة الواردات، بحيث يتم التخلي عن السلع غير الضرورية، ولو مؤقتاً، مع البحث عن حلول جذرية لمواجهة النقص في تحويلات العاملين بالخارج، والمتوقع أن تتراجع بشكل كبير هذا العام، بعدما بلغت 20 مليار دولار في 2015، خصوصاً أنها تتأثر نفسياً وبسرعة من أي شائعات. ومن جهته يقول إسلام عبدالعاطي، المحلل المالي في شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، إن الودائع الخليجية غير كافية لتخفيض قيمة الدولار ورفع قيمة الجنيه تعتبر "مسكنات"، وغالباً يتم صرفها علي عجز الموازنة وتعتبر ودائع بفوائد والحل لعدم وجود ودائع هو الانتاج والتصدير. وأضاف: لاتوجد آليات لرفع قيمة الجنيه، فالقائم أن البنك المركزي يعطي عطاءات دولارية لتخفيض قيمة الدولار ليومين ويرجع سعر الدولار إلي الارتفاع والحل الوحيد هو الانتاج وتكون الدولة مكتفية ذاتياً من السلع، وتقلل من استيراد السلع وتقليل الطلب على الدولار. وأوضح عبدالعاطي، أن غلق شركات الصرافة يعتبر عامل مهم في مواجهة السوق السوداء لأن أي شركة تقوم بمخالفات يكون لديها عقوبات ومن ضمنها الغلق وهناك غلق مؤقت لمدة معينة وغلق نهائي وسحب ترخيص وبالتالي أزمة الدولار المساهم فيها بشكل كبير الأفراد وشركات الصرافة. ونوه إلى أن السوق السوداء تكون مضرة عندما تهاجم الدولة وفي البعض الأحيان تكون مفيد ويجب ايجاد بدائل أخرى للاستثمار. ويقول ابراهيم النمر، رئيس إدارة التحليل الفنى بشركة النعيم للأوارق المالية، إن الوادائع الخليجية مهمة مرحلياً ولكنها ليست العلاج لمشكلة توافر الدولار ولكنها بمثابة المسكنات للآلام الإقتصادية الناتجة عن نقص قطع الصرف الأجنبي وهي التي تؤثر بشدة على صحة الإقتصاد وفاعلية دورته. وأضاف النمر، أن سعر الصرف في حد ذاته ليس هو الهدف ولكن الهدف يفترض به أن يكون توافر قطع النقد الأجنبي، ولكننا في معرض تلك الآليات يمكننا أن نقول أن العمل على ضبط الميزان التجاري وعلاج آثار العجز به والعمل على تحويله من خانة العجز إلى خانة الفائض "تحقيق فائض في الميزان التجاري" هو البوابة الذهبية لعلاج مشكلة نقص قطع الصرف الأجنبي، وهذا يأتى من خلال زيادة الصادرات وترشيد الإستيراد، والعمل على زيادة تدفق السياح، وتسهيل سبل زيادة الإستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة. ونوه النمر، إلى أن غلق شركات الصرافة لا يمكن أن يكون هو الحل، بل إن غلقها يعيدنا لحقبة الثمانينات من القرن الماضي عندما كان تجار الذهب وتجار البلاستيك وأكشاك الجاير منافذ لتجارة العملة مما كان يصعب من مهمة الرقابة على سوق الصرف خارج إطار البنوك. وقال النمر، إنه ليس أمام البنك المركزي من حلول إلا الحلول الناتجة عن مرونة السياسات النقدية ومن ضمنها إعادة تسعير الدولار أمام الجنيه في انتظار الفرصة المواتية والتوقيت المناسب لتعويم الجنيه المصري وتركه لآلية العرض والطلب لتحديد السعر العادل له أمام الدولار، ولكن الحكومة المصرية منوط به العمل على حل العديد من المشكلات الهيكلية والتشريعية في الإقتصاد المصري من أجل الوصول إلى تحقيق فائض في الميزان التجاري وذلك عن طريق تشجيع التصدير وتنشيط السياحة وجذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة مما يخلق تنشيط للإقتصاد الكلي وينعكس بدوره على معدلات نمو جيدة.