تكتب : هروب متعمد قبل زحمة الصيف استعارة لغوية اعتذرعنها من عنوان الفيلم الوليد على الشاشة الفضية ولكنها تعبير صادق عن حالة هروب مفاجىء الى الساحل وجدته ملاذا هادئا وليس آمنا من هجوم فكري كما توقعت!! هي حالة هروب من حالة نفسية حادة تمازج فيها العام والخاص ذكرني بأيام الشباب فى السبعينات عندما بدأ النظام فى محاولة شيطانية من إخراج العام من اهتمامنا الخاص بقضايا البلد عندما كنا نصرخ فى الجامعة مطالبين بالحرب ثأرا لهزيمة زلزلت إيماننا بسلطة صاحبناها فى الدنيا معروفا سنينا طويلة حتى جاءت الهزيمة لتفيق الجميع وتدفعنا لمحاسبة الجميع بمن فيهم أنفسنا ! متى بدأ الانحراف ومتى افقنا من الغيبوبة ! ها هو العام والخاص يمتزجان فى روحى وعقلى مرة اخرى ، هاربة من زحمة حياتية إلى عزلة مختارة التوقيت والرغبة، فارواحنا تحتاج من حين لآخر إلى اجازة اجبارية يلعب فيها المكان المختار الدور الرئيسى لاستشفاء..!! تنسلخ من الروتين اليومى ، تنسحب قليلا الى الوراء لترى الصورة اوضح وتتضح معها مشكلات وصلت بنا الى حائط صد يحتاج الى حلول خارج الصندوق، ابتسمت فى نفسى فالمصطلح الذى اصبح شهيرا فجأة فى الاوساط السياسية والنخبوية ، أصبح فى الخاص بطعم الكوميديا السوداء !! كنت اريد على عكس طبعي الناري والاحتياج المؤلم لضجيج الونس ، إلى الوحدة والصمت بدلا من الصراخ والمواجهات العلنية التى عادة ما تحرم منها الانثى فى الشرق الظالم للأنوثة ومتطلباتها والصورة النمطية عنها !! يطلبون منها الطاعة والصمت كما طالبتنا الرئاسة مؤخرا بطريقة افزعت المحبين قبل المعارضين وكما يطلب الزوج الطاعة من زوجته استنادا الى تفسيرات فقهية لمعنى القوامة المفترى عليها بأهواء شخصية تعرف كيف تطوع الدينى لأغراض الدنيا و مفاتنها .. كلاهما لهما غرض فى نفس يعقوب ، لا يخيل على أحد ، إنما رد الفعل هو الذى يحدد إن كنت عدوا لهم أم حبيبا ! من كل هذا هربت ، من أنانية سلطة تصورت أن الحب يظل أعمى، مهما اسأنا اليه وخننا عهوده المتفق عليها فى لحظة عشق منفلتة العقال، ولكن للحب حدود كما للصبر أحيانا !! البحر أمامى ، شاهق الاتساع والحرية، ينادينى أن ألقى نفسى فى أحضانه وأن أنسى كل ما يؤلمنى او يقيدنى، فهل يستجيب النسيان للأمر الإنسانى ؟؟ لوكان هذا حقيقيا لما تعذب أحد بذكرياته عامة كانت أو خاصة! اتنفس بعمق هواء نقيا بحري الصفات والطعم، أملأ رئتي وأمتص النقاء حتى منتهاه ، ثم أتوقف ملتاعة من أنانية غريبة علي!!! كيف لى أن أتنفس الهواء بمتعة الارتواء ومن دافعوا عن مثل هذا الهواء فى الجزيرتين المصريتين .. مختنقي الانفاس والأجساد فى زنازين الظلم بعدما تصورنا ان السياسة ستصمد فى امتحان المروءة والذكاء ولو لمرة واحدة بعيدا عن الطرف التالت ، الذى دائما من يراجع القرارات السيادية ويوقعها فى اخطاء، بدأت اتصور انها مقصودة لشيىء ما فى نفس ألف يعقوب!! كل شيء أخذ أبعادا لم تكن تخطر على بال أحد متشائما كان أو متفائلا ، أن يصيب اليأس البعض منا ، ولست استثناء ، بان أيا من تلك المشكلات العامة والخاصة قابلة للحل!! روحى ظمأنة لحلول تناسب مرحلة العمر الأخيرة وقلبى متمرد بمشاعر شبابية ترفض أن تغادرها على المستويين العام والخاص، لذلك أفهم عناد الشباب وثباتهم على المبدأ والنضال المنزوع الياس !! هم فى حماسة البدايات وزهوها ونقائها وقوتها وطهرها ، لذلك يستمرون بينما ينسحب الآخرون ، ربما يفسر ذلك سجنهم وتعذيبهم !!.. بينما كان لابد أن يترك الكهول ساحة القتال للذين يبدأون مرحلة الفعل والقدرة على التغيير، من أجل غد يتواجدون فيه وحدهم دون المتشبسين بكراسى سلطة شاخوا عليها عمرا وقدرة وخيالا !! أسير على رمال الشاطىء الفارغة إلا من عاشقين تتلامس أيديهما فى مودة إنسانية معلنة للسماء شكرهما على روعة اللقاء بعد ألم الانتظار والترقب ، فتشبسا بلحظة استثنائية الفرح بقوة المحب وخوفه! يربت على شعرها بحنان وأتصوره معترفا لها بحب لم يعرفه غيرهما حتى الآن ، ولكن للزواج كلفة لايقدر عليها إلا اللصوص والأثرياء ولست واحد منهم للأسف ! وبكيت حبهما المغدور من سياسيين لا يرون فى أولاد الفقراء إلا خدما مهما تفوقوا أو بذلوا من الجهد الكثير !!! ابتلعتني اللحظة تماما ، وتذكرت رحلة شاطئية مماثلة وقصة حب كتب لها النجاح لأن العصر كان غير تلك الايام القاسية ، وكان المجتمع متسامحا مع المحبين والدولة لم تكن بهذا الانحياز القاسى ضد من لايملك الا الحب وإرادة النجاح. كانت الحياة أسهل والتطلعات أحكم والفروقات غير حاسدة ، والحب كان ملكا متوجا على معظم العلاقات والاستثناء كان مذموما ، فلم نكن قد وصلنا بعد إلى هيمنة زيجات البيزنس ولا بيع اجساد فقيراتنا علنا لمن يدفع أكثر فى سوق نخاسة ، تصورنا انها ذهبت بلا عودة ! متى بدأ المسخ يغزو حياتنا ويحول ليالى السمر والتفاف الأسرة حول أبنائها والضحكة ترن من القلب الى الفضاء مستئنسا برضا الجميع عن علاقاتهم الانسانية! ود دافىء وصلات وروابط حقيقية وجدعنة وإيثار ومودة ورحمة!! ثم اسودت الدنيا تماما ، في العام والخاص وأزاحت فى طريقها قيم وأخلاق وقصص حب وصلات رحم وجاء الدولار ليحكم علاقات عاطفية و علاقات دولية بنفس الترصد ، وفقد كل شيىء طعمه المصرى الأصيل !! من أنتم؟؟ سؤال أوجهه لمن حكمونا بعد ثورتين وكان الخذلان ، بحكم الأمل والحب ! ومن نحن؟؟ لزمالة ثورية طعنت ظهور بعضها البعض ، وعلاقات إنسانية سقطت فى امتحان الجدعنة وعلاقات عاطفية تمسكت بكل المحسوس وفقدت أعز ماتملك، بهجة العشق وتفاصيله الممتعة الرائعة !! كل تلك التفاصيل صاحبتنى فى رحلتى الساحلية ، هروبا من الناس و الأحداث ، قبل زحمة الصيف !!.