أين ذهب طعم الحياة الجميل الذي كان يغلف وجودنا وحياتنا ومشاعرنا؟ كيف ذاب واختفي.. وأعلن علينا حالة من العصيان والتمرد.. وكأنه يقول لنا أنتم لا تستحقون مذاقي.. ولا حلو طعمي! أتطلع إلي حالنا وإلي أين وصلنا.. حالنا جميعا.. وحال الأبناء.. وحال الآباء والأجداد.. فأجد حالة من التوهان والانكفاء علي الذات.. أنانية تغلف سلوكنا.. واستعلاء علي من يحنو علينا ويخفض لنا جناح الذل من الرحمة.. واستنفار للعنف بداخلنا.. وكأننا نتلذذ واهمين بأننا السادة.. وكل من حولنا العبيد! أراقب.. ألاحظ.. أحلل.. فأجد الناس كثيرين.. والحب قليلا.. وأجد المبهورين بالحياة يتصورون أن المال أغناهم وهم في أشد حالات الفقر الإنساني.. وأن السلطة رفعتهم وهم في أشد حالات التدني.. وأجد المحبين يخفون عن العيون حبهم كي لا يتخطفه الآخرون من حولهم بعد أن اختفي المدافعون عن روعة الحب.. وبهجة الحياة! تفسخت العلاقات والمشاعر.. صرنا نزن بعضنا البعض بالمال والجاه والسلطة.. ولا نُقيم وزنا للإخلاص والحب العطاء! سكبنا عسل الدنيا علي أرض الجفاء.... ودفنا نكهات العواطف في قبور العزاء! أدمنّا الكذب والوقيعة.. وتصيد أخطاء الآخرين.. ونسينا عذوبة الحنان.. وعظمة الحب في الله ومن أجل الله! علمنا أبناءنا أن البقاء للأقوي.. لا البقاء للجمال والأخلاق والقيم! تناحرنا علي كل شئ واللاشيء.. فتُهنا في فراغات الظُلمة الإنسانية.. وأثقلنا الإحساس الدائم بأننا تعرينا من كل بهاء الحياة أمام أنفسنا وأمام الغير.. وألقينا علي الآخرين بكل ذنوبنا وعيوبنا وقصورنا.. فكسرنا بالحجارة نفوسهم ثم هدمنا زجاج بيوتنا! أشمتنا بنا الأعداء.. وأغضبنا الله.. ونسينا تعاليم رسولنا.. ولم نكتسب صدقة ابتسامتنا.. وأسأنا إلي ديننا ولم نحصل علي حلاوة إيماننا! لم نُعلّم أنفسنا حب الآخر.. فيُحبنا.. ولم نُعد أنفسنا علي عدم الإساءة.. فرُدت لنا أضعافها.. ولم نبحث عن مزايانا.. فغطتنا بالسواد عيوبنا.. وهكذا ضاع الطعم الجميل العذب لحياتنا.. فإلي أين المصير؟ المصير لازال بيدي ويدك.. وعقلي وعقلك.. وحبي وحبك.. وفي إرادة البحث عن معني الذات الجميلة الحنونة الدافئة التي منحها لنا الله.. وفي جمال تأمل نعمة أن تحاط بالأحباب.. وأن تزدان بالمشاعر.. وأن تفتح أبواب الحنان في قلبك لمن حولك.. وأن تلتمس من ربك الدعاء أن يرزق نفسك تقواها.. وأن يزكيها فهو خير من زكاها.. طعم الحياة الحلو.. مازال من حقنا.. ويستحق أن نتشبث به حتي آخر يوم في حياتنا.. طعم الحياة المفعم بالأمل مازال بداخلنا.. يبحث عن الخلاص من قيودنا.. يشتاق إلينا ويتوق لتحققه في حياتنا. مسك الكلام.. لن تري ضوء الشمس.. إلا إذا فتحت ستائر عينيك وقلبك.