نائب محافظ الجيزة يتفقد مشروعات "حياة كريمة" بالصف    ممثل أمريكا في مجلس الأمن يطالب إيران بالتوقف عن تزويد الحوثي بالأسلحة    حسام حسن يكشف موقف سام مرسي والشناوي من الانضمام لمعسكر المنتخب    على أنغام السمسية، الإسماعيلية تحتفل بأعياد الربيع (فيديو)    شبورة مائية على هذه الطرق غدا    الإذاعة المصرية تعتمد 8 قراء جدد للتلاوات القرآنية الطويلة والخارجية    نقيب المهن التمثيلية يكشف تطورات الحالة الصحية للزعيم عادل إمام    فرقة الزقازيق تعرض «كيبوتس» في موسم مسرح قصور الثقافة    القومي للبحوث يُنظم ندوة حول استخدام نقل التكنولوجيا لتحقيق النمو    الكشف وتوفير العلاج ل2000 حالة مرضية فى قافلة علاجية ببنى سويف ضمن المبادرة الرئاسية حياة كريمة    وزير التعليم يحضر مناقشة رسالة دكتوراه لمدير مدرسة في جنوب سيناء لتعميم المدارس التكنولوجية    محافظ بورسعيد يبحث مع رئيس «تعمير سيناء» آخر مستجدات مشروعات التعاون المشتركة    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    خطتان.. مصراوي يكشف أسماء الثلاثي فوق السن المنضمين للمنتخب الأولمبي في أولمبياد باريس    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    حجز إعادة محاكمة المتهم بتزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب للخارج للحكم    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    بعد قليل.. انطلاق المؤتمر الجماهيري لاتحاد القبائل العربية بالمنصورية    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه الروماني    السيسي يوجه رسالة عاجلة للمصريين بشأن المياه    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    «عباس»: الهيئة تتخذ استراتيجية مستدامة لميكنة دورة العمل بالنيابة الإدارية    تعليم النواب توصي بدعم مستشفيات جامعة المنصورة ب 363 مليون جنيه    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    حكم كيني لمباراة مصر وبوركينا فاسو وسوداني لمواجهة غينيا بيساو    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    هل ويست هام قادر على إيقاف مانشستر سيتي؟ رد ساخر من ديفيد مويس    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    موجة احتجاجات تعصف بوزراء الاحتلال في ذكرى «اليوم الوطني لضحايا معارك إسرائيل» (تفاصيل)    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي 15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة    ختام ناجح لبطولة كأس مصر فرق للشطرنج بعدد قياسي من المشاركين    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    إنشاء مراكز تميز لأمراض القلب والأورام ومكتبة قومية للأمراض    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير معصوم مرزوق يكتب : تيران وصنافير .. عملية إصطناع الدليل!
نشر في المشهد يوم 22 - 04 - 2016


يكتب : تيران وصنافير .. عملية إصطناع الدليل!
"ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين"
يقولون أنهم بحثوا في كل مكان في الكرة الأرضية ، لم يجدوا أي شيئ يثبت ملكية مصر وسيادتها علي جزيرتي تيران وصنافير ، بينما قد لا أجد الوقت الكافي للحديث عن بعض ما يثبت بشكل قاطع مصرية الجزيرتين..
ومن العجيب أن حكومتنا السنية نقلت عبء الإثبات إلينا ، وتخرج أبواقها الإعلامية مطالبة شعب مصر أن يتقدم بأي وثيقة تثبت عكس ما توصلوا إليه ، ومن المحزن أنه بدلاً من أن نترك للأشقاء السعوديين عبء الإثبات إذا شاءوا ، فأن نفراً من المصريين تطوع بحماس كي يفتش وينقب إلي درجة إصطناع الدليل كي يثبت أن جزء من أرض بلاده تملكه دولة أخري!!
هناك أسئلة كثيرة مطروحة ، حول توقيت توقيع إتفاق تعيين الحدود البحرية مع السعودية والظروف المصاحبة له ، وكذلك عن المضمون القانوني لعملية ترسيم الحدود البحرية ، وكذلك حول ما يقولون عنه أنه وثائق حاسمة في إثبات ملكية دولة أخري لجزرنا المصرية..
هل كان من المناسب أن يتم الإعلان أثناء زيارة ملك أحاطت زيارته تهويلات حول مساعدات غير مسبوقة؟ ، بحيث يبدو الإعلان مقترنا بهذه المساعدات ؟ .. أم أنه كان هناك خطر داهم إستثنائي يقتضي سرعة الإعلان عن تنازلنا عن تلك الجزر ؟..
أن الإعلان ومنذ البداية حمل شبهة خداع الرأي العام ، فقد تم الإعلان عن توقيع عدد كبير من الإتفاقات ومذكرات التفاهم ومن بينها إتفاق تعيين الحدود البحرية ، وكأنه إتفاق عادي ضمن زحام الإتفاقات ، مع إشارة عابرة أنه أثناء ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية تبين أن جزر صنافير وتيران تقع علي الجانب السعودي من خط المنتصف !!! .. وكأنها وقعت فجأة..
أي أن المسألة في البداية لم تكن وثائق تثبت ملكية السعودية لهذه الجزر ، وإنما مصادفة ترسيم الحدود البحرية .. ولكن أمام رد الفعل انفجرت ماسورة من أوراق يطلقون عليها وثائق مرة أخري ، واجتمع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير برؤساء تحرير الصحف المصرية كي يعرض عليهم الموضوع في مقر السفارة السعودية في القاهرة ويبدو أن أغلبهم علي الأقل خرجوا مقتنعين .. بدليل النشر المكثف لتلك الأوراق المزعومة التي اعتبروها سند ملكية السعودية ، وهي في الحقيقة أوراق يخجل أي دبلوماسي يحترم نفسه أن يبرزها علي مائدة تفاوض .. ومنها مثلاً مقال في صحيفة ، وخطاب من وزير خارجية يبدي رغبته في مسألة .. إلخ ، إلا أن الورقة التي لفتت نظري هي تلك التي حملت درجة " سري للغاية " لخطاب يفترض أنه موجه من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق عصمت عبد المجيد إلي رئيس مجلس الوزراء المصري د عاطف صدقي .. لأن تلك الورقة تمثل مكاتبة داخلية وتحمل معلومات خطيرة يمكن أن تضر بالمصالح المصرية العليا ، وعلينا أن نتخيل إذا تم إلغاء إتفاق تعيين الحدود البحرية ، وإصرار السعودية علي موقفها الأخير من الجزر ، فأنها سوف تستخدم تلك الوثيقة التي تم تسريبها إلي الجانب السعودي..
وقد سمعنا خلال الأيام الماضية ما لا يزيد عن " حواديت " لا يمكن أن ترقي إلي مستوي نقاش جاد وموضوعي ، ورغم أنني لا أريد إستنزاف الوقت في مناقشة تلك الحواديت التي حاول البعض أن يكسوها ببعض روايات من التاريخ أو يلبسها زي وثيقة يعتد بها ، إلا أنني سوف أستعرض بعضها ، علماً بأنني لن أستخدم كل الدفوع والإثباتات القانونية في الوقت الحالي ، حتي لا أستنفذ ذخيرة قد تجتاجها مصر إذا اضطررنا لمجابهة في التحكيم الدولي..
*********
التاريخ في العصر الحديث بدون وثائق قانونية يعتد بها القانون الدولي ، لا يزيد عن روايات قد تكون مسلية ، ولكنها لا تنشئ التزاماً أو تلغي حقاً .. ومن أهم قواعد القانون الدولي التي سخر منها بعض المعلقين قاعدة تعتد بمظاهر ممارسة السيادة علي الإقليم كدليل قاطع علي سيادة الدولة ، بل ووجدنا من يقلل من قيمة الخرائط باعتبارها بلا قيمة ( كما ذكر صراحة د مفيد شهاب ) ، دون أن يشرح أو يفسر لنا كيف تحدد الدول إقليمها ، فهل لا يعتد مثلاً بخرائط الهدنة الخاصة باتفاقية رودس عام 1949 ، أو تلك التي رسمت بعد انسحاب القوات الإسرائيلية عام 1957 من سيناء ، وخرائط توزيع قوات الطوارئ الدولية ، ومحادثات د محمود فوزي مع داج همرشلد ، ثم تأكيدات مصر من أعلي منابرها في مايو 1967 عن ملكيتها وسيادتها علي تلك الجزر ، ثم ما تلي ذلك من توقيع لإتفاقات الفصل الأولي والثانية بعد حرب 1973 ، وخرائط معاهدة كامب ديفيد وإتفاقية السلام .. كل هذه الوثائق الرسمية والدولية بخرائطها ، لم يجدها د مفيد شهاب كافية .. ولكنه هو أو غيره ، لم يفسر لنا لماذا لا توجد أي إشارة لإحتجاج أو منازعة سعودية لأي من هذه الوثائق والخرائط طول هذا الزمن الممتد إلي 84 عاماً ؟ .. بل أنه لم يفسر لنا بشكل مقنع صفته في التوقيع علي مذكرة داخلية للحكومة المصرية بينما كان سيادته يعمل في الجامعة ولا صفة له في الحكومة المصرية ؟..
ومن بين الأوراق التي قذفت خلال الأيام السابقة ، لم نجد ذلك الطلب المزعوم من المغفور له عبد العزيز آل سعود ملك السعودية الذي يقال أنه طلب فيه من مصر عام 1950 أن تحرس له جزره في خليج العقبة خشية أن تحتلها إسرائيل .. ذلك الطلب غير موجود علي الإطلاق ، لأنه مجرد إدعاء .. ومع ذلك دعوني أستعرض بعض الأحداث السياسية الهامة ذات العلاقة بالموضوع:
1- أن المغفور له عبد العزيز آل سعود ، التقي الرئيس روزفلت إبان عودة الأخير من القمة التي عقدها في يالتا مع ستالين وتشرشل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، وقد تلقي من التعهدات بحماية عرشه وملكه سواء من أمريكا أو بريطانيا بما يجعل إدعاء أنه طلب حماية مصر للجزر في عام 1950 أمراً غير منطقي ، خاصة وأن مصر نفسها كانت لا تزال تحت الإحتلال ، وكانت قواتها تطلب الإذن من القوات البريطانية عند تحركها عبر خط قناة السويس
2- عندما احتلت إسرائيل تلك الجزر في العدوان الثلاثي عام 1956 ، لا يوجد مستند واحد يشير إلي أن السعودية طالبت باسترداد تلك الجزر (علي الأقل بعد أن ثبت عجز مصر عن حمايتها)
3- خلال الفترة من 1962 وحتي 1967 كانت مصر في حالة حرب مع السعودية في اليمن ، وكان من المنطقي أن تطالب خلال تلك الفترة بالجزر ، علي الأقل لمكايدة مصر ، علماً بأن الوثائق الأمريكية السرية التي تم الكشف عنها أوضحت الكثير من المحاولات السعودية لإسقاط النظام المصري وإغتيال جمال عبد الناصر.
4- ومن الطريف أن السعودية (ومعها الأردن ) كانت تعاير مصر بأنها تختفي خلف قوات الطوارئ الدولية وتترك سفن إسرائيل تعبر من أمام جزرها في خليج العقبة ، حتي أغلق عبد الناصر مضيق تيران ، وأعلن علي رؤوس الأشهاد ملكية مصر لتلك الجزر..
5- ومرة أخري عندما أحتلت إسرائيل الجزر عام 1967 ، لا يوجد مستند واحد في أي منظمة دولية يشير إلي مطالبة السعودية بانسحاب إسرائيل مما تدعي اليوم أنها تمتلكه.
6- لو أن إسرائيل في 1957 أو 1979 لديها أي شكوك حول ملكية وسيادة مصر علي الجزر لما أقدمت علي إعادتها إلي مصر ، ولدينا مثال مزارع شبعا في لبنان ، لأنها كانت بذلك علي الأقل ستوقع الشقاق بين مصر والسعودية ، فضلاً عن أنها ستحرم عدوها الأكبر مصر من واحد من أهم أسلحته الإستراتيجية ، ولكن ذلك لم يحدث بينما رواغت إسرائيل في مناطق أقل أهمية مثل طابا وبعض النقاط الأخري المتناثرة في الصحراء.
7- أن وثائق طابا وماتضمنته مشارطة التحكيم وعملياته من خرائط ، تتضمن تلك الجزر داخل السيادة المصرية علي اعتبار أنها ضمن الجزء ج في البروتوكول المرفق بإتفاق السلام ، ومرة أخري لا يوجد مستند واحد يشير إلي منازعة أي دولة لهذه الخرائط.
تفنيد ما يسمي وثائق:
أ- يجب أن أؤكد أنني أستبعد من حيث المبدأ إعتبارها وثائق بالمعني العلمي الدقيق ، وخاصة أن بعضها لم يكن إلا مقالاً (مثل مقال البرادعي أو مقال قديم في صحيفة أمريكية) ، وبرقية من سفارة أمريكا لا يمكن الجزم بصحتها أو دقتها.
ب - يشار إلي أن هناك برقية أرسلها الملك عبد العزيز إلي وزيره المفوض في سفارة السعودية بالقاهرة ، يبارك فيها نزول قوات مصرية علي الجزيرتين (وذلك لا يعني طلباً ، أو ينبغي أن يعني الجانب المصري في شيئ فهي مراسلة بين حكومة وسفارتها ، ولا يوجد ما يدل علي إبلاغها للجانب المصري ، أو وجود أي رد مصري عليها) .
ج- الإشارة إلي ما يقال أنه إخطار لسفارتي أمريكا وبريطانيا عام 1950 بأنها أحتلت الجزيرتين بمباركة سعودية (الإخطار إذا صح فهو إجراء طبيعي ، حيث أن قوات بريطانيا العظمي كانت تحتل قاعدتها في قناة السويس ، وأمريكا هي الحليف الطبيعي لإسرائيل ، أما المباركة السعودية فهي قانوناً لا تعني سوي ما كان يعلن في الدول العربية كلها من مباركة وتقدير لدور مصر في الصراع العربي الإسرائيلي ، ولا يمكن تحميله بأنه إذن سعودي لممارسة مصر لمظاهر سيادتها في الجزر) أما التوقف أمام كلمة " إحتلال" ( Occupation ) ومحاولة إثبات أنها تعني الإحتلال بمفهومه العدائي ، فذلك تنفيه حقيقة أن القوات المسلحة المصرية تستخدم المصطلح في تحركات القوات وتغيير مواقعها مثل أن يقال تحركت القوات واحتلت مواقعها الجديدة في منطقة القطامية ، فضلاً عن أنه لو صحت الرواية السعودية عن " مباركة " الملك ، فمن المؤكد أنه لم يكن يبارك إحتلالاً لأراضي بلاده.
د - ذكر أيضاً أن السفير محمد عوض القوني أرسل إلي رئيس مجلس الأمن في 17مايو 1967 بما يفيد أن إعتداءات إسرائيل طالت أراضي غير مصرية منها الجزيرتين ، والواقع أنه لو صح ذلك ، فأن تصريحات رئيس الجمهورية نفسه تنسخ ذلك ، في مؤتمر صحفي عالمي أكد فيه علي سيادة مصر علي تلك الجزر .. ولم نجد منازعة لذلك من السعودية أو غيرها (كان يمكن لإسرائيل إثارة عدم ملكية مصر للجزر لإحراجنا دولياً والإيقاع بيننا وبين السعودية).
ه- قيل أن حواراً دار بين وزير الخارجية السعودي مع نظيره المصري في 14 سبتمبر 1988 أشار فيها للعلاقات الطيبة بين فهد ومبارك ، وأن ذلك سوف يهيئ فرصة طيبة لمصر لإعادة الجزيرتين إلي السعودية (ولا أدري كيف رد وزير الخارجية المصري ، وإن كان مضمون الخطاب متناقض ، وغير مفهوم ، وكأن مصر كانت تنتظر فرصة لإعادة الجزيرتين ، ومرة أخري لا توجد وثيقة واحدة تشير إلي ذلك ولو من بعيد).
و- قيل أن خطاباً أرسل من سعود الفيصل إلي وزير الخارجية المصري في 6 أغسطس 1989 ، تضمن أن عودة الجزيرتين إلي السعودية لن يؤثر علي إلتزامات مصر الإقليمية والدولية ومنها معاهدة السلام التي تضعها في المنطقة ج ( وأيضاً نلاحظ التناقض ، حيث أنه إذا أصبحت تلك الجزر مع السعودية ، فمن المنطقي أن مصر تصبح متحللة من أي التزامات ترتبط بها ، ويصبح علي الطرف المالك أن يتحمل بتلك الإلتزامات أو يتفاوض علي غيرها).
ز- أن القراءة المعمقة للخطابين المزعوم أن سعود الفيصل أرسلهما إلي الدكتور عصمت عبد المجيد تشير مثلاً إلي فقرة في الخطاب الأول تتضمن " رغبة في إيجاد الحلول المناسبة لأي أمور معلقة بين بلدينا ( والسؤال هنا ، إذا كان موضوع الجزر قد تم إتفاقاً ، فكيف يمكن وصفه بأنه معلق ) ثم ما ورد بعد ذلك من إشارات إلي إتصالات مجهلة بشأن رغبة البلدين في تعزيز الموقف العسكري العربي (لاحظ أن ذلك في عام 1988 بعد توقيع إتفاق السلام بما يقرب من عشرة أعوام ) .. ثم يروي الخطاب المزعوم ما يمكن أن نعتبره محاولة لإصطناع دليل ، حيث يروي أن حكومة السعودية "وافقت " علي أن تكون الجزر تحت إدارة مصرية ، ولا سيما بعد أن احتلت العصابات الصهيونية ميناء أم الرشرش في 9 مارس 1949 أي أن السعودية أنتظرت عاماً قبل أن توافق ) .. ثم يقفز الخطاب بشكل مفاجئ إلي " وفي الوقت الذي بدأت فيه جمهورية مصر العربية تستعيد الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 ..تلقي الملك خالد يرحمه الله رسالة من الرئيس السوداني السابق جعفر محمد نميري ( يلاحظ رعاية السعودية للنميري بعد الإنقلاب الذي حدث ضده ) ، تتضمن رجاء الرئيس مبارك بعدم إثارة موضوع الجزيرتين حتي يتم الإنسحاب الإسرائيلي ..( لماذا يوسط مبارك النميري إذا كانت العلاقات بين البلدين كما جاء في الخطاب نفسه ممتازة ، لماذا لم يقم شخصياً بذلك ؟ ، أو يرسل مبعوثاً شخصياً مصرياً)..
ح- قيل أن د عصمت عبد المجيد عرض الأمر علي مجلس الوزراء تحت رئاسة د عاطف صدقي (أين محضر جلسة مجلس الوزراء ، والقرار الذي اتخذه المجلس في هذا الشأن) ، وأن ذلك العرض كان بمذكرة شاركه فيها ووقع عليها د مفيد شهاب رئيس قسم القانون الدولي بجامعة القاهرة يوم 17 فبراير 1990:
ط- تضمنت هذه المذكرة في فقرتها الأولي أن وزير الخارجية المصري تلقي في 14/9/1988 رسالة من وزير الخارجية السعودية تناولت وجهة نظر المملكة العربية السعودية من موضوع جزيرتي صنافير وتيران بمدخل خليج العقبة وأن السعودية تطالب من مصر الإعتراف بتبعية الجزيرتين للمملكة (أي أن مذكرة العرض تقر بأن المعروض هو وجهة نظر وليس مطلب أو منازعة ، وان المطلوب هو " إعتراف " مصر ، أي أن مصر لا تعترف بذلك)
ك- استعرضت المذكرة أيضاً رسالة أخري من وزير الخارجية السعودي ، والإشارة إلي حديث جري بين الوزيرين في نيويورك عام 1988 تطرق إلي مطلبهم في إعترافنا بسيادتهم علي الجزيرتين (ولا أدري إذا كان هناك ما يدل علي أن الوزير المصري قد أرسل بفحوي هذا الحديث وما دار فيه إلي القاهرة خاصة أنه يضيف أنه تناول مسألة السيادة معه) .
ل- انتهت المذكرة إلي أن وزارة الخارجية قامت بدراسة الطلب السعودي في ضوء أحكام القانون الدولي من ناحية والظروف السياسية والعلاقات المصرية / الإسرائيلية من ناحية أخرى (ونود حقيقة إطلاعنا علي هذه الدراسة وما تضمنته من مناقشات).
م- يقول الوزير عبد المجيد في مذكرته أنه " تدارس " الموضوع بصفة خاصة مع الدكتور مفيد شهاب (في شهادة الدكتور مفيد شهاب الأخيرة أمام بعض ممثلي البرلمان المصري والإعلام قال أنه حضر ضمن لجنة عقدت في الخارجية إجتماعات كثيرة ، ولعله سيكون من المفيد أن يعرض علي الرأي العام قرار تشكيل هذه اللجنة ومحاضر إجتماعاتها).
ن- يضيف الوزير أنه والدكتور مفيد شهاب إتفقا في الرأي علي عدد من الحقائق:
1- أن مصر قامت في فبراير 1950 باحتلال الجزيرتين صنافير وتيران ، وأبلغت الحكومتين الأمريكية والبريطانية بهذا الموقف ( وقد سبق تفنيد ذلك ) وأن هذه الخطوة تمت بالإتفاق مع حكومة المملكة السعودية (وكما أسلفنا لا يوجد إتفاق بالمعني القانوني الذي يمكن أن يعتد به كطلب من السعودية لأن تقوم مصر بالحماية مع الإحتفاظ بالسيادة للأولي أو أي شيئ من هذا القبيل) .
2- أن الملك عبد العزيز آل سعود أرسل برقية إلي الوزير المفوض السعودي في القاهرة في فبراير 1950 تضمنت أنه يسمح بنزول القوات المصرية في جزيرتي تيران وصنافير .. (ومن المهم ملاحظة أن هذا الخطاب عبارة عن مخاطبة داخلية للسعودية لا تنهض حجة علي الجانب المصري ، كما أن البرقية المزعومة لا تتحدث عن سيادة سعودية ، ولا يوجد في الواقع ما يشير إلي أنه "سمح " لأنه وفقاً لنفس الرواية التي تحاول صنع الدليل ، القوات المصرية كانت قد احتلت الجزيرتين مع إبلاغ أمريكا وبريطانيا ولا تظهر السعودية في ذلك علي الإطلاق).
3- يواصل د عصمت ومعه د مفيد عرض " الحقائق " فيقول أن الجزيرتين تقعان طبقاً لإتقاقية السلام المصرية / الإسرائيلية والبروتوكولات الملحقة بها في المنطقة (ج) حيث بعض القيود علي التواجد العسكري المصري .. ألخ وأن مثل هذه المعاهدات يتعين احترامها والإستمرار في الإلتزام بها
4 - ثم تقفز المذكرة بعد ذلك مباشرة إلي استنتاج " أن تبعية الجزيرتين وفقاً لأحكام القانون الدولي هي للمملكة العربية السعودية وذلك للأسباب الآتية:
(أ) أنه من الأمور الثابتة تاريخيا أن السيادة علي الجزيرتين كانت للسعودية إلي حين قيام مصر في ظروف المواجهة .. في عام 1950 بإحتلال الجزيرتين .. وبموافقة ومباركة السعودية (وذلك يبدو غريباً سواء في التناقض البادي باستخدام التاريخ وكأنه يبدأ من 1950 ، رغم أنه كما قدمنا دليل متهافت وفاسد ، وإلا فأين في التاريخ قبل أو بعد 1932 نجد ذكراً لقبيلة أو جنودا سعوديين تواجدوا في هذه الجزر .. بالطبع الجانب التاريخي هنا مع مصر علي طول الخط ومؤيد بوثائق عديدة)
(ب) ويضيف الوزير وأستاذ الجامعة أنه " جدير بالذكر أن عدم ممارسة السعودية لمظاهر السيادة علي الجزيرتين قبل عام 1950 نتيجة لعدم تواجدها الفعلي فيها وكذا عدم ممارستها لهذه المظاهر بعد عام 1950 نتيجة لإحتلال مصر لهما لا يغني بأي حال من تبعية الجزيرتين للسعودية (والسؤال هنا كيف ؟ .. ما هو أساس السيادة في المقام الأول ، ومن ثم كيف يمكن تصور إستمرارها وفقاً للمذكرة ، إذ يستحيل إستمرار العدم)
ولتأكيد تلك الحقيقة تقول المذكرة أنه من الأمور المستقرة في القانون الدولي فقهاً وقضاء أن السيادة علي الإقليم لا تتأثر بإدارة دولة أخري له .. خاصة إذا كان هناك إتفاق بينهما علي الإدارة (مرة أخري لم تحدد المذكرة أين يمكن أن نجد هذا الإتفاق ) .. ولكنه يضيف وكأنه غير متأكد من الجزء الأول ، أن من المسلم به في أحكام القانون الدولي أن السيادة علي الإقليم لا تتأثر بماشرة أو عدم مباشرة مظاهر السيادة عليه .. طالما لم يقدم دليل علي تنازل الدولة صاحبة الإقليم عليه (ألا يعد التنازل ضمنياً ، حيث لا يوجد أي مظهر لمنازعة مصر في سيادتها علي تلك الجزر) ..
(ج) وتقول المذكرة " وفي الحقيقة فأن المملكة السعودية وإن قبلت بالتواجد المصري عام 1950 خشية سيطرة الإسرائيليين علي الجزيرتين ، إلا أنها لم تتنازل عنهما في أي وقت لمصر .. الأمر الذي يؤكده مطالبتها الآن باعتراف مصر بالسيادة السعودية (بمفهوم المخالفة فأنه قبل هذا التاريخ لم تكن مصر تعترف) .. وعليه فأن التواجد المصري في الجزيرتين لا يؤثر علي استمرار تبعيتهما للسعودية بإعتباره مجرد تواجد مادي لا يؤثر علي المركز القانوني ( من المدهش أن تلك المذكرة تطرح بذلك كل الخرائط التي صدرت ، بل وأصدرتها جهات حكومية مصرية ، فضلاً عن وثائق في الأمم المتحدة ، وتعتبر كل ذلك مجرد تواجد مادي)
ولكي يزيد الحقائق تأكيداً ، فأن الوزير ومعه أستاذ الجامعة يذكران أن مصر نفسها لم تحاول في أي وقت من الأوقات أن تدعي أن السيادة علي هاتين الجزيرتين قد انتقلت إليها .. وأن أقصي ما أكدته هو أنها تتولي مسئولية الدفاع عن الجزيرتين (ولكن لم تفسر لماذا تقوم مصر بالدفاع عن ما لا تملكه ، وعلي ضوء التأكيدات التي تشير إلي أن مصر لم تدعي فقط وإنما قالها الرئيس جمال مدوية أمام العالم كله بسيادة مصر علي الجزر ، دون أن يعترض أحد لا شفاهة ولا كتابة ولا إيماء سواء في السعودية أو غيرها ، فكيف أن مصر لم تدع أن السيادة قد " انتقلت " لها ، وهنا أيضاً فأن استخدام الألفاظ يرقي إلي مرتبة صناعة الدليل ، لأن الإنتقال يعني ثبوت الحق إبتداء للغير وذلك ليس صحيحاً ، وقد أشرت آنفاً إلي أن السعودية كانت تعاير مصر لإختفائها خلف قوات الطوارئ وتترك السفن الإسرائيلية تعبر من مضيق تيران ، فهل كانت تعاير مصر علي أنها لا تحتل جزرهم بالشكل الكافي ؟ ) .. ونجد للأسف ، تلك الإشارة إلي خطاب مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن يوم 19 مايو 1967 ، وهو ما سبق تفنيده ، ولا يمكن أن ينهض كدليل علي أن مصر لم تكن لها السيادة علي الجزيرتين) .
ويواصل الوزير والأستاذ .. " مايؤكد ما سبق ذكره أن المادة الثانية من إتفاقية السلام مع إسرائيل قد أحالت بشأن حدود مصر الشرقية إلي الخريطة المرفقة ، التي يتضح منها أن موقع الجزيرتين يعتبر خارج إطار الإقليم المصري ،وأنها جزء من الأراضي السعودية بدليل أن الجزيرتين ملونتان بلون مختلف عن لون الأراضي المصرية ويتفق مع اللون المستخدم للأراضي السعودية .. مما يعتبر قرينة في إتفاقية السلام أقرت بأن الجزيرتين سعوديتان .. بل أنه لا توجد في إتفاقية السلام وملاحقها أي إشارة حول إدارة مصر للجزيرتين (وهل هناك مثلاً إشارة إلي إدارة مصر لجزيرة فرعون وغير ذلك من الجزر)..
تقول المذكرة في الختام أنه في ضوء ماسبق ولما كانت متطلبات تنمية ودفع العلاقات .. في هذه المرحلة ... من أجل إقامة روابط إستراتيجية يمكن أن تتوج بإقامة جسر يربط بين مصر والسعودية غبر خليج العقبة (أي جزرة مثل الجسر الذي يربط بين السعودية والبحرين) والحاجة لحمل رد الأمير سعود الفيصل في إجتماعات اللجنة المصرية / السعودية المشتركة .. فأننا نقترح الرد علي وزير الخارجية السعودية بأن مصر تقر تبعية الجزيرتين للمملكة ، وأنها في الحقيقة لم تقم باحتلالهما عام 1950 (عملية صنع الدليل مرة أخري) إلا حماية لهما وللأمن القومي العربي وأن ذلك كان بمباركة السعودية نفسها (لتأكيد رواية الأمير فيصل التي لا يوجد أي مستند رسمي عليها) ..
وفي الواقع هناك تعليق أكثر تفصيلاً يتضمن العديد من الحجج القانونية التي تؤكد تهافت تلك الأدلة التي سيقت وفسادها ، ولكنني كما ذكرت لا أريد أن أستنفذ كل الذخيرة في الوقت الحالي..
******
وللعلم ، فأن هناك قراءة تحليلية أخري تتعلق بتطبيقات قانون البحار ، وخاصة علي ضوء ما أثير حول القرار الجمهوري رقم 27 الصادر عام 1990 ، ولكنني أمسك عنه الآن ، خاصة أن هناك وثيقة حديثة تضمنت موقف مصر الرافض لتقسيم الحدود البحرية وفقاً لمرسوم ملكي سعودي صادر في 2010..
يبقي بعد كل ذلك أن أؤكد أن الإتفاقية التي قام رئيس الوزراء المصري بالتوقيع عليها مع ولي ولي العهد السعودي مؤخراً ، هي وفقاً للدستور المصري إتفاقية باطلة.
--------------------
* مساعد وزير الخارجية الأسبق
المشهد .. درة الحرية
المشهد .. درة الحرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.