كشفت مصادر رفيعة المستوى عن أن المفاوضات بين مصر والسعودية حول جزيرتَى تيران وصنافير بدأت بشكل متواصل منذ أكثر من 6 أشهر، حيث قدمت المملكة العربية السعودية عدة وثائق تثبت ملكيتها للجزيرتين، أهما خطاب مصرى مقدم من السفير عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية المصرى فى ذلك الوقت إلى الدكتور عاطف صدقى رئيس مجلس الوزراء، حمل صفة «سرى للغاية» بتاريخ 17 فبراير 1990، أكد خلاله ملكية الجزيرتين للسعودية، بالإضافة إلى كتاب الأممالمتحدة الذى يتضمن طلباً سعودياً للأمم المتحدة برد إسرائيل للجزيرتين اللتين احتلتهما عام 1967. مصادر: المفاوضات بين «القاهرةوالرياض» بدأت منذ 5 أشهر.. و«المملكة» قدمت وثائق تثبت الملكية أهمها خطاب ل«عصمت عبدالمجيد» وفى المقابل، قامت الإدارة السياسية المصرية بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى بالبحث والتحرى شديد الدقة من خلال الوثائق والخرائط التاريخية الرسمية، فضلاً عن الحديث مع بعض القيادات المهمة وعدد من أساتذة القانون الدولى الذين عاصروا المفاوضات المصرية - السعودية حول الجزيرتين، ومنهم من كان معاصراً للوقت الذى فرض فيه الجيش المصرى سيادته على الجزيرتين عام 1950، وجميعها أكد -حسب المصادر- ملكية الجزيرتين للملكة العربية السعودية. وتنفرد «الوطن» بنشر نص خطاب «عبدالمجيد» ل«صدقى»، الذى كتب فى عاليه عبارة «سرى للغاية» فى 17 فبراير 1990، كما تواصلت «الوطن» مع عدد من الشخصيات المعنية، إضافة لعدد من كبار المسئولين الذين أكدوا صحته، وجاء نصه كالآتى: الأستاذ الدكتور عاطف صدقى رئيس مجلس الوزراء: 1- تلقيت بتاريخ 14/9/1988 رسالة من الأمير سعود الفيصل، وزير خارجية السعودية، تناولت وجهة نظر المملكة السعودية فى موضوع جزيرتَى صنافير وتيران بمدخل خليج العقبة، وأن السعودية تطلب من مصر الاعتراف بتبعية الجزيرتين للمملكة. «السيسى» أمر بالبحث والتحرى شديد الدقة فى الوثائق التاريخية الرسمية.. وأساتذة قانون دولى أكدوا أنها تابعة ل«المملكة» 2- عاود وزير خارجية السعودية الكتابة إلينا فى هذا الموضوع بتاريخ 6 أغسطس 1989، وأشار إلى حديث جرى بيننا فى سبتمبر من عام 88 بنيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تطرق حينئذ إلى مطلبهم فى اعترافنا بسيادتهم على الجزيرتين، وإلى أنه ينبغى عندئذ أن نتناول مسألة السيادة على الجزيرتين من منظور أهمية عدم تعارض وضع السيادة مع التزامات مصر الإقليمية والدولية، التى تقتضى عدم وجود أى قوات عسكرية بهما من واقع بروتوكولات اتفاقية السلام مع إسرائيل. وأكدت رسالة الأمير سعود الفيصل أن حكومة السعودية «لا تنوى خلق ظروف قد تؤثر على النهج الذى رسمته مصر لسياستها الخارجية، وكل ما فى الأمر هو عودة الجزيرتين بعد أن انتهت أسباب الإعارة». وكررت الرسالة أيضاً الموقف السعودى السابق الإبلاغ به عن أنه «إذا تطلب الأمر بقاء الجزيرتين تحت إدارة مصرو وإلى أن تحتاج السعودية لهما فإن هذا سينال من جانبهم ما هو جدير به من اهتمام». 3- قامت وزارة الخارجية بدراسة الطلب السعودى فى ضوء أحكام القانون الدولى من ناحية، والظروف السياسية والعلاقات المصرية الإسرائيلية من ناحية أخرى. وقد تدارست الموضوع بصفة خاصة مع الدكتور مفيد شهاب الدين، رئيس قسم القانون الدولى بجامعة القاهرة، حيث اتفقنا فى الرأى على عدد من الحقائق نتشرف برفعها إليكم. أ- إن مصر قامت منذ فبراير عام 1950 باحتلال جزيرتَى صنافير وتيران، وأبلغت الحكومة الأمريكية والبريطانية بهذا الموقف، وأنها لجأت إليه فى ضوء المحاولات التى قررت من جانب السلطات الإسرائيلية تجاه الجزيرتين، وأن هذه الخطوة تمت بالاتفاق مع حكومة المملكة السعودية. ب- قام الملك عبدالعزيز آل سعود بإرسال برقية إلى الوزير المفوض السعودى فى القاهرة فى فبراير 1950 تضمنت قوله: «إن نزول القوة المصرية فى جزيرتى صنافير وتيران، لأن وضع هاتين الجزيرتين كان مقلقاً لنا كما هو مقلق لمصر، وما دام أن المهم هو المحافظة عليهما، فوجود القوة المصرية فيها قد أزال ذلك القلق». ج- تقع الجزيرتان طبقاً لاتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية، والبروتوكولات بها فى المنطقة «ج»، حيث توجد بعض القيود على الوجود العسكرى المصرى، وحيث توجد الشرطة المدنية المصرية المجهزة بزوارق خفيفة مسلحة تسليحاً خفيفاً داخل المياه الإقليمية للمنطقة، فضلاً عن تركز القوة متعددة الجنسيات فى هذه المنطقة. ومثل هذه المعاهدات يتعين احترامها والاستمرار فى الالتزام بها. د- إن تبعية هاتين الجزيرتين وفقاً لأحكام القانون الدولى من المملكة العربية السعودية وذلك للأسباب التالية: 1- أن من الأمور الثابتة تاريخياً أن السيادة على الجزيرتين كانت للسعودية إلى حين قيام مصر فى ظروف المواجهة العسكرية مع إسرائيل فى عام 1950 باحتلال الجزيرتين احتلالاً فعلياً وبموافقة ومباركة السعودية. وجدير بالذكر أن عدم ممارسة السعودية لمظاهر السيادة على الجزيرتين قبل عام 1950 نتيجة عدم وجودنا الفعلى فيهما. - وكذا عدم ممارستها لهذه المظاهر بعد عام 1950 -نتيجة احتلال مصر لهما- لا يعنى بأى حال عدم تبعية الجزيرتين للسعودية. ذلك أنه من الأمور المستقرة فى القانون الدولى فقهاً، أن السيادة على الإقليم لا تتأثر بإدارة دولة أخرى له، خاصة إذا كان هناك اتفاق بينهما على الإدارة، كما أنه من المسلم به فى أحكام القانون الدولى أن السيادة على الإقليم لا تتأثر بمباشرة أو عدم مباشرة مظاهر السيادة عليه، طالما لم يقم دليل على تنازل الدولة صاحبة الإقليم عنه للدولة التى تباشر مظاهر السيادة عليه، وفى الحقيقة فإن المملكة السعودية، وإن قبلت بالوجود المصرى عام 1950 خشية سيطرة الإسرائيليين على الجزيرتين، إلا أنها لم تتنازل عنهما فى أى وقت لمصر، الأمر الذى يؤكده مطالبتها الآن باعتراف مصر بالسيادة السعودية عليهما، وعليه فإن الوجود المصرى فى الجزيرتين لا ينفى استمرار تبعيتهما للسعودية، بل إن مصر نفسها، لم تحاول فى أى وقت من الأوقات أن تدعى أن السيادة على هاتين الجزيرتين قد انتقلت إليها، وأن ما أكدته أنها تتولى مسئولية الدفاع عن الجزيرتين «خطاب مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة أمام مجلس الأمن يوم 19 مايو سنة 1967». ومما يؤكد ما سبق ذكره، أن المادة الثانية من اتفاقية السلام مع إسرائيل قد أحالت بشأن تحديد حدود مصر الشرقية، إلى الخريطة المرفقة بالملحق 2، وأنه يتضح من هذه الخريطة أن موقع الجزيرتين يعتبر خارج إطار الإقليم المصرى، وأنهما جزء من الأراضى السعودية، بدليل أن الجزيرتين ملونتان بلون يختلف عن لون الأراضى المصرية، ويتفق مع اللون المستخدم بالنسبة للأراضى السعودية، مما يعتبر قرينة على أن اتفاقية السلام أقرت بأن الجزيرتين سعوديتان، بل إنه لا توجد فى اتفاقية السلام وملاحقها أى إشارة إلى إدارة مصر للجزيرتين. وأضاف الخطاب: «ومع اقتراب موعد انعقاد اجتماعات اللجنة المصرية السعودية المشتركة فى الرياض فى مارس القادم، والحاجة لحمل رد إلى الأمير سعود الفيصل على رسالتيه السابق استعراض محتوياتهما بعد، فإننا نقترح الرد على وزير خارجية السعودية بأن مصر «تقر بتبعية الجزيرتين للمملكة، وأنها فى الحقيقة لم تقم باحتلالهما عام 1950 إلا حماية لهما وللأمن القومى العربى، وأنه كان بمباركة من السعودية نفسها»، لتؤكد الرسالة بعد ذلك فى اجتماعاتنا، أهمية مراعاة عدم الإخلال بالتزامات مصر الإقليمية والدولية طبقاً للاتفاقيات الدولية، التى أبرمتها بشأن إقرار السلام فى المنطقة، على أن يستمر بقاء الجزيرتين تحت إدارة مصر بصفة مؤقتة إلى حين استقرار الأوضاع فى المنطقة». وانتهى الخطاب بتوقيع عصمت عبدالمجيد، وزير الخارجية آنذاك، والدكتور مفيد شهاب، رئيس قسم القانون الدولى بجامعة القاهرة فى ذلك الوقت.