تكتب : ثورة النساء الجبارة ضد منهج الوزارة لا شك ان الثورة هذه المرة كانت لها إرهاصات كثيرة ، وان كان اهم عيوبها انها لم يكن لها قائد هى الاخرى ، الا أن هدفها كان واضحا جليا واسبابها كانت وجيهة ، بعد ان اصبح العيش فى هذا البلد امرا مستحيلا. لم يعد فى كل بيت مهمة غير الجهاد ، سواء كان صاحب البيت سلفيا او مسيحيا او ليبراليا او علمانيا ولاول مرة منذ ثورة يناير يتحد كل هؤلاء نحو هدف واحد. مجرد نظرة خاطفة الى السيدة سعاد تؤكد ان التعذيب كان ممنهجا واستمر لسنوات مما تسبب فى اصابتها بحول واضح فى العين اليسرى و اعوجاج لا تخطؤه عين فى عمودها الفقرى ، اما السيدة فاطمة فقد بدأت اصابتها بحالة فصام ذهنى وهوس مصحوبا بعطس لا ارادى ومن ثم تطور الامر حتى اودعها زوجها _غير مأسوف عليها_ الى السرايا الصفرا. و كان لابد ان تصاب مديحة بذبجة صدرية وجلطة فى المخ لم تستطع السنوات محو اثارها حتى الان ، فقد نسيت المسكينة عدد اولادها المحدود ولكن لم تنس ابدا تعداد جمهورية تنزانيا. انفجرت الثورة فى البداية عندما اصيبت اسماء باكتئاب سداسى الاقطاب فزارتها على اثر ذلك صديقتها المقربة نجوان ، حكت لها ما عانته وما زالت تعانيه ، سواء من الناحية المادية او الصحية ، ربتت نجوان على كتفها بحنان بالغ و دعتها للانضمام اليهم ، تساءلت اسماء بدهشة : ومن تكونون؟ رفعت نجوان رأسها عاليا وقالت لها بشموخ : انا من الاحرار يا اسماء ... طأطأت اسماء رأسها بخجل وقالت: لتانى مرة اطلع مغفلة ، ثم اردفت قائلة : نعم اريد ان اكون معكم ، اجابت نجوان بحزم: انت من الاحرار يا اسماء. تجمعت الامهات فى ميدان عام امام وزارة التربية والتعليم و رفعت بعضهن لافتات كتب عليها (عيش حرية مناهج سهلة سوية) ولافتات اخرى تحمل شعار (نحن نريد اسقاط النظام بليز) والبعض الاخر رفعن صورا للضحايا. لم تخل المظاهرات من وجود عدد من كبار الشاعرات ابرزهن رباب رجل الكرسى (كان هذا هو لقبها فما كانت لتتخلى عن حمل رجل الكرسى فى يمينها لتتخذها كعصا لزوم التعامل مع صغارها الا لتمسك فردة شبشب بدلا منه) ، وكانت تدندن كل مساء رائعتها القوية (مش حاسمحلك تشلنى) التى تقول فى بعض كلماتها: اعمل ايه وياك ياحمادة ... المنهج كدة باخ بزيادة احفظ عربى احفظ هندى... مش لازم تفهم يا عبيط اما الشاعرة الرقيقة ميرهان الشهيرة ب (وات أباوت يور هوم ورك) فقد تجمع حولها حشد من النساء هى الاخرى بينما تنشد قصيدة تقول فى مطلعها: عدى النهار والوزارة بتعاملنا كأننا خلفنا بقر... وعشان نخلص من المنهج لا بقينا نشوف شمس ولا قمر. اجتمع تشكيل رفيع المستوى من قيادات الداخلية لحل المشكلة، استبعد الجميع تفريق السيدات بالغاز المسيل للدموع او حتى بخراطيم المياه ، فقد استوعبوا جيدا درس يناير وايقنوا ان القوة ستزيد من تصميم السيدات على الانصياع لمطالبهن. بدأت الخطة بعرض شاشة تليفزيونية عملاقة ثم اذاعوا فى النشرة الإخبارية خبرا عن وجود عصابة قوية تدعى (جزرة وقطمها جحش) متخصصة فى خطف الاطفال الذين تغيب امهاتهم عنهم لاى سبب، ولكن للأسف لم تنطل هذه الخطة على النساء الواعيات فقد شددن على ازواجهن بالاعتصام فى المنازل ورعاية الاولاد لحين عودتهن منتصرات. فقاموا بدس مجموعة من السيدات بين المتظاهرات كى يشعن ان فيروس "متلازمة القفا الوارم" قد انتشر بغباوة فى مناطق التجمعات الكبيرة فى مصر ....... ولكن قبل ان تتكلم احداهن ، كانت السيدة بهيرة وشهرتها (كدة مش حنلحق نخلص) قد اعتلت المنصة واخذت تفند مناهج الوزارة وتتساءل عن جدوى معرفة اطفالنا بمتوسط انتاج حزم الجعضيض والسريس فى دولة الصومال؟ او عن مدى اهمية معرفتهم بدورة حياة حشرة اليسروع فى الفلبين؟ او عدد براميل اللوبيا التى تصدرها اليونان واخذت تسهب وتفند بالارقام عدد الساعات وكم الاموال التى تصرف يوميا على العملية التعليمية، هنا بدأت النساء تنتحبن و لم تتحمل السيدات المندسات فرحن يبكين ايضا و تضامنت كل منهن مع المتظاهرات ورفضن الانصياع للأوامر وتشبثن بالبقاء فى الميدان. السيدة بهيرة كانت هى الدينامو المحرك لفعاليات الثورة ، رغم ان هيئتها لا تدل على انتمائها لمعشر النساء ، فكانت حادة الملامح، ذات صوت غليظ و نظارة طبية سميكة و شعر قصير للغاية يبدو كأنه لم يمشط منذ ليلة صباحيتها بالاضافة الى سمنتها المفرطة وميلها الدائم لارتداء البدل، كل ذلك جعلها قريبة الشبه من الاخ الفاضل سيد ابو حفيظة. وبينما كان السادة الضباط يفكرون بحيرة فى حل المشكلة ، اكتشف فجأة كبيرهم ان زوجته تشارك فى فعاليات الثورة، فأمر بفض الاجتماع وطالب بحضور مجموعة من ارقى مصممى الازياء و منتجى المكياج و الحقائب والاحذية النسائية وسط ذهول الجميع. وماهى الا ساعات قليلة حتى احاطت بالميدان سرادقات لبيع هذه المنتجات بتخفيض يصل الى 70% و شيد احدهم سرادقا خاصا يعمل "كوافيرا" للسيدات بخصم مهول هو الاخر ، تركت النساء الميدان وانطلقن كوابور سكة حديد يريد سائقه ان يلحق بموعد إفطار رمضان. فلم يبق احد فى الميدان الا السيدة بهيرة "كدة مش حنلحق نخلص"، التى اخذ الغضب منها كل مأخذ وراحت تشحذ همم النساء المنصرفات وتحثهن على الرجوع. وفجأة ظهر امامها بائع متجول يجر عربة لحمة راس و فشة و كوارع ، فألقت بالميكروفون و تركت المنصة سريعا حتى انها كادت ان تقع على ام رأسها اثناء النزول ، وبينما هى مع البائع تتناول طعامها بلهفة ، كان جنود الامن المركزى يفككون المنصة ويجمعون الصور واللافتات معلنين نهاية الثورة -------- زاوية " تعا اشرب شاي" بالمشهد الأسبوعي المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية