الخارجية اعتبرتها خطوة جادة لمكافحة الإرهاب والجماعة تشير لضغوط خليجية بعد مماطلة دامت قرابة عام، على إصدار التقرير النهائي بشأن نشاط جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، انتهى تقرير جون جنكينز، سفير بريطانيا سابقا لدى السعودية، إلى أن هناك علاقة غامضة بين بعض أقسام جماعة الإخوان المسلمين والتطرف العنيف، لتدخل الإخوان مرحلة جديدة في التعامل مع الغرب.
ويشير التقرير إلي أن بريطانيا تجيد لعبة التوازنات في السياسة الخارجية، حيث جاءت تصريحات رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، قائلا: "هناك قطاعات من الإخوان المسلمين لها علاقة مشبوهة بقوة مع التطرف المشوب بالعنف، أصبحت الجماعة كفكر وكشبكة، نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات ممن انخرطوا في العنف والإرهاب"، ولكن لم يقل إن الجماعة تنظيم إرهابي وتشكل خطرا بل هي عامل مؤثر فقط.
ويبعث التقرير رسالة طمأنة لحلفاء بريطانيا، الإمارات ومصر والسعودية، ومن يسير على نهجهم، في إنها تقف موقفا حازما من الإخوان، وبالأخص عقب تهديدات الإماراتللندن، بوقف صفقة أسلحة من بريطانيا، والحد من استثماراتها ووقف التعاون الاستخباراتي إذا لم تقم الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات تستهدف جماعة الإخوان، التي صنفتها تلك الدولة على أساس أنها تنظيم إرهابي، في نفس الوقت أرسلت رسائل طمأنة إلى الإخوان وحلفائها من الجماعات والدول كقطر وتركيا، ولم تصنفها كجماعة إرهابية لتبقي على شرعيتها وبقائها في المنطقة.
ويري محللون أن التقرير البريطاني، جاء لإرضاء دول الخليج، كما أنه يفتح الباب أمام نهاية جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي، ويحفز العديد من الدول الأوروبية على القيام بإجراءات مماثلة لتلك التي أقدمت عليها بريطانيا، من تجفيف لمنابع تمويل الجماعة وأنشطتها المختلفة"، موضحين أن رؤية لندن للجماعة ستنتقل إلي أمريكا.
وفي آراء متباينة ما بين الترحيب والانتقاد، وصفت وزارة الخارجية المصرية، التقرير بأنه خطوة جادة علي مسار مكافحة ومحاصرة الفكر المتطرف والإرهاب، ورغم تأخر صدور التقرير، فإنه خطوة البداية لنهاية الجماعة الإرهابية.
وقال السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن التقرير البريطاني بمثابة محطة رئيسية لتحويل الموقف البريطاني ضد الإخوان وتأكيد صحة الموقف المصري الذي تبنته ضد هذه الجماعة بعد 30 يونيو.
أضاف هريدي، أن وصول بريطانيا لهذه النتيجة رسم صورة جديدة للجماعة في أذهان البريطانيين، موضحًا أن التقرير مؤشر غير مسبوق في علاقة بريطانيا بالإخوان المسلمين.
السفير عادل الصفتى، وكيل أول وزارة الخارجية الأسبق، قال إن بريطانيا أمسكت العصا من المنتصف ومع ذلك فإن التقرير يعتبر خطوة جيدة.
وأوضح الصفتي ل"المشهد"، أن التقرير سيكون صورة لفهم حقيقة جماعة الإخوان، خاصة أنه صادر من بريطانيا التي تعتبر السبب الرئيسي وراء إنشاء هذه الجماعة وتمويلها والملجأ الوحيد لأعضاء التنظيم عند ارتكابهم جرائم بأي بلد أخرى. وأضاف الصفتي أن التقرير البريطاني، سيحفز أمريكا هي الأخرى على القيام بدراسة هذه الموضوعات والعودة إلى رشدها في إنهاء التحالف مع الإخوان.
وأشار الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إلى أن قرار رئيس الوزراء البريطاني ببدء التحقيق حول جماعة الإخوان كان نتيجة لضغوطات مستمرة عليه من بعض الدول الخليجية بهدف إغلاق لندن في وجه المعارضين لنظام الحكم في مصر بعد يوليو 2013.
موازاة لذلك استنكرت جماعة الإخوان نتائج التقرير وقالت إن الاتهام البريطاني "غير مقبول ويمثل رغبة سياسية مبيتة ضد الجماعة".
وقالت مصادر بالجماعة إنها سترفع دعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية بسبب ما وصفته بالانتقادات المفرطة التي وجهها للجماعة، فيما أكد مصدر قيادي بمكتب الجماعة في لندن أن الحكومة البريطانية كانت وعدت بإطلاعهم على التقرير ومنحهم حق التعليق عليه قبل إعلانه.
ورفضت جماعة الإخوان هذا التقرير على لسان، محاميها طيب على، حيث قال إن أي انتقاد غير مبرر تم توجيهه للجماعة في هذا التقرير، سيتم الطعن عليه، متهماً قوى معادية للصعود الديمقراطي في الشرق الأوسط، بالتأثير على عمل اللجنة التي أجرت التحقيق.
وأضاف: أن رئيس لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان البريطاني نظر شكوى قدمتها عن مدى تأثر الحكومة بتلك القوى، حيث قال إنه ينوى عمل استجواب للحكومة عن مواقفها تجاه الإسلام السياسي، وهو الاستجواب الذي سيغطى العديد من القضايا التي أثيرت في التقرير.
ومن جانبه، قال مكتب آى.تى.إن المكلف من قبل الجماعة، والذي يعمل طيب علي في إطاره، في بيان له، إن نشر التقرير أمام البرلمان يهدف لإحباط أي تقدم للمحكمة العليا لإصدار قرار بحظر النشر إلى أن تتمكن الجماعة من ممارسة حقها في الرد، لأن المحاكم لا تملك صلاحية إصدار قرار يمنع أعضاء البرلمان من الحديث تحت القبة أو البوح بمعلومات معينة.
وأشار المكتب إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تعاملت بكل أريحية وشفافية مع المراجعة التي أمرت بها الحكومة البريطانية، وإن من الإجحاف بحقها ألا يتم التعامل معها بنفس الأسلوب.
ويري مراقبون أن التقرير البريطاني لم يغلق ملف الإخوان في المنطقة بل ترك الباب مواربا بما يخدم مصالح المملكة الإنجليزية، ويحقق مصالحها كورقة تجيد "MI6" اللعبة بها واستخدامها بما يحقق مصالحها وأهدافها الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية.