استقبلت أسواق المال العالمية صباح اليوم الخميس الخطوة التاريخية للمجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي مساء أمس برفع سعر الفائدة 0.25% للمرة الأولى في 10 سنوات بقدر من التفاؤل. وبينما تعد تلك الخطوة مؤشرا على تعافي الاقتصاد الأمريكي من الأزمة المالية، لكن لا تزال هناك شكوك حول تأثيراتها السلبية على تكاليف الديون وعملات الأسواق الناشئة وهي أبرز التداعيات التي قد تتأثر بها مصر.
ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن رئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، جانيت يلين، بعد الإعلان عن خطوته التاريخية قولها إن "هذه الخطوة مؤشر على نهاية سبع سنوات غير اعتيادية".
وأضافت جانيت أن الخطوة تعتبر أيضاً "إقرارا بالإنجازات التي تم تنفيذها بصدد استعادة الوظائف، وزيادة الدخول وتيسير الضائقة الاقتصادية لملايين الأمريكيين".
كانت سياسة الإبقاء على الفائدة الأمريكية منخفضة، لتقترب من الصفر، إحدى الأدوات الرئيسية التي اعتمدت عليها الولاياتالمتحدة بعد أزمة 2008 لمواجهة الركود الاقتصادي، حيث يساعد التمويل الرخيص على تنشيط حركة الاستثمار.
ولكن السنوات السبع غير الاعتيادية التي تحدثت عنها جانيت كان لها آثارا واسعة خارج حدود الولاياتالمتحدة، فالفائدة المنخفضة في أمريكا كان يقابلها معدلات مرتفعة للفائدة في الأسواق الناشئة مما دفع العديد من رؤوس الأموال الباحثة عن الربح للتوجه لتلك الأسواق.
ومنذ أن بدأت التوقعات بعودة الفدرالي الأمريكي لزيادة الفائدة مجددا سادت حالة من القلق في الأسواق الناشئة.
وظهر أثر القرار الأمريكي بوضوح على أسواق الخليج حيث أعلنت أمس الأربعاء كل من السعودية والكويت والبحرين رفع أسعار الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية.
كما رفع مصرف الإمارات المركزي اليوم الخميس سعر الفائدة على شهادات الإيداع بواقع 25 نقطة أساس.
ويقول يوسف بشاي، مدير الأعمال المصرفية ببنك بي إن بي باريبا في مصر لأصوات مصرية، إن "الخطوة السعودية كانت متوقعة ولكن ليس بهذه السرعة" موضحا أن هدف هذه الخطوة هو "الحفاظ على ارتباط تقييم عملة الريال بالدولار".
وليست العملة المصرية بعيدة عما يدور في أمريكا أيضا إذ يقول بشاي إن "الخطوة الأمريكية ستدعم من قوة الدولار مما سيفرض ضغوطا على الجنيه المصري قد تدفع البنك المركزي في وقت لاحق لتخفيض العملة المحلية".
ويضيف بشاي أن رفع الفائدة الأمريكية قد يجعل سرعة تدفق السيولة الدولارية لمصر أبطأ من ذي قبل، مشيرا إلى أن زيادة الفائدة المصرية قد تعادل الخطوة الأمريكية وتحافظ على جذب رؤوس الأموال.
ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري اليوم الخميس، في اجتماع دوري تعقده لأخذ قرار بشأن سعر الفائدة.
وبينما توقع بعض المحللين والاقتصاديين أن يقوم المركزي المصري برفع سعر الفائدة في اجتماع اليوم، فإن البعض الأخر رجح الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير.
وفي اجتماعه السابق في 27 أكتوبر أبقى البنك المركزي سعر الإيداع لأجل ليلة واحدة عند 8.75 بالمئة وسعر الإقراض عند 9.75 بالمئة للمرة السادسة على التوالي.
وفي بداية نوفمبر الماضي فاجأ بنكا الأهلي ومصر الحكوميين السوق بطرح أوعية ادخارية جديدة بفائدة 12.5 بالمئة بأجل زمني 3 سنوات، وتبعهما بنوك حكومية وخاصة، وهو ما فسره خبراء وقتها برغبة البنك المركزي في تعزيز قيمة الجنيه وتقليل معدلات الدولرة وتشجيع حائزي الدولار على بيعه والاستفادة من العائد المرتفع على الجنيه.
ويشير بشاي إلى أن زيادة الفائدة الأمريكية سترفع من تكاليف الديون الدولارية للأسواق الناشئة ومن ضمنها مصر، إلا إذا انخفضت هوامش المخاطر على سندات الأسواق الناشئة في الفترة المقبلة مما يعادل أثر ارتفاع الفائدة الأمريكية.
ولن تكون الخطوة الأمريكية بزيادة سعر الفائدة 0.25% هي الأخيرة، إذ يتوقع المتعاملون في أسواق المال زيادة ثانية في إبريل المقبل.