إذا ما أكلت السمك، وشربت اللبن، وأتبعته بالتمر الهندي، فلسوف تشعر بالتقزز، وربما تصاب بالتسمم، ويصبح هذا الخليط متنافرا تعافه النفس ، لأن عناصره غير منسجمة ، فما بالك لو كان هذا الخليط هو مفروض عليك يوميا أن تلتهمه ؟!! لقد أضحى السمك واللبن والتمر هندي هو المكون الرئيسي لإعلامنا ، ووقفنا عاجزين أمام جهل تَحكَّم فينا، وفساد تَملَّك منا ،أنسانا مكونات الإعلامي الحقيقي، حيث اعتبر الإعلامي أن ما يردده من تزوير وتضليل ليس عيبا ، بل هو أمر مقبول ومطلب سياسي واجتماعي ، بل وديني أحياناً "فالغاية تبرر الوسيلة. "، وطالما أنّ الغاية السياسية والإعلامية التي ينشدها حسب تقديره- نبيلة ومطلوبة، فإنّ كل شيء مباح ، لذا راح يستخف بعقل المشاهد ، ويتعامل معه على أنّه "قطيع"، يمكن أن يسوقه إلى أي اتجاه، راميا بعرض الحائط بكل القيم والأعراف المهنية والأخلاقية. لقد تحول الإعلام إلى "فهلوة" فافتقد "الاحترافية"، وضاعت معه "المعايير" التي يجب أن يختار على ضوئها من يؤدون رسالته، ويرسمون على أساسها استراتيجيته ، فأطل علينا إعلاميون لا يتقنون أساسيات العربية ، إعلاميون لا يجيدون أساليب الكتابة الصحفية، إعلاميو ن لا يعرفون المواثيق المهنية الإعلامية، إعلاميون يجهلون أبسط حقوق الإنسانية. لقد أصبحت المهنة الإعلامية اليوم في خطر كبير، خصوصاً أنّ معظم البرامج تخلو من الإعداد الصحيح والمتخصّص والهادف إلى استخلاص نتائج تفيد المستمع، وتبتعد عن الاستخفاف بعقله، وهو ما ورد منتجا مشوها يمجه الذوق ، ويمقته الفكر ، فتحولوا إلى مجموعة من "المرتزقة" يوردهم أصحاب المصالح ويعرض منتجاتهم المزجاة في سوق تستهلك أي شيء بلا مراجعة ، بل ويذادون بريقا ولمعانا ، إذا ما وجدوا جمهوراً تنقصه الحقائق والمعلومات الصحيحة! لقد أضاع غير المؤهلين أخلاقيات المهنة ومواثيقها ، وتحولوا إلى أدوات تسعى إلى السبق الإعلامي، حتى لو كان على حساب الناس ومشاعرهم و التشهير بسمعتهم، ناهيك عن التعتيم على بعض الأخبار ،أو فضح بعضها الآخر حسبما تقتضي المصالح المادية. وصدق جوزيف جوبلز، حينما قال: (أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطيك شعباً بلا وعي) أيها المشاهد الكريم ، كن ذا مبدأ ، واحتكم لأخلاقك ، وكف عن اللهث وراء إعلام يتلاعب بك ويضلك ، فأنت بالنسبة له ليس إلا صيد ثمين يسد جوعه منه ،فلا تجعله يهنأ بالتهامك. المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية