من ينكر ان الإعلام في محنة مهنية وأخلاقية فهو إما مكابر عنيد أومخادع مغرض. ولعله من باب التكرار الممل أن نذكر أن حرية الفكر والتعبيرإحدي دعائم الأنظمة الديمقراطية والمنوط بها كشف الفساد أوالانحراف ولكن كل ذلك يتم تحت مظلة القانون الغائب. للأسف الشديد مصر أصبحت بعد ثورة يناير المجيدة مرتعا للإعلام الممول من الدول الكارهة للثورة والخائفة من امتداد رياحها العطرة علي بلادها فتهتز عروشها وتذهب مع الريح فضلا علي أنها لاتريد أن تري مصر العظيمة قد إستردت عافيتها من جديد واستعادت مجدها وعزها وعاد لها دورها التاريخي والريادي في قيادة الأمتين العربية والإسلامية. ومع الغزو الإعلامي البلاد دخلت معه قواعد جديدة وأساليب مبتكرة في الإعلام مستعينا بأسلحة محرمة دوليا ومجرمة في القوانين والأعراف الإعلامية واستلهموا من التاريخ مقولة جوزيف جوبلز وزير الدعاية النازي إبان حكم هتلر أعطني إعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي وعلي هذا الدرب صاروا وعلي هذا النهج رفعوا شعارهم وحققوا نجاحات سريعة في بداية الغزو. عملية غسيل السمعة التي تتم لبعض الاعلاميين كانت البداية لغسيل مخ الناس والتمهيد للعملية الأكبر والتي من أجلها حدث هذا الغزو الإعلامي وهي محاولة تغييب وعي الشعب لتشكيل فكر جديد مناهض للثورة كارها لها وتحويلها من ثورة شعبية إلي مؤامرة قام بها الإخوان المسلمون للاستيلاء علي الحكم! وهذا مابدأنا نقرأه في الصحف الممولة التي نحاول إعادة كتابة تاريخ الثورة من جديد بقنابلها الذكية التي تصيب جسم وعقل الثورة لتضربها في مقتل. ففي الطبعة الجديدة أن الذين أسقطوا مبارك لم يكونوا مصريين بل كانوا رجال حماس الذراع العسكرية للإخوان المسلمين وهم الذين فتحوا السجون واعتلوا الأبنية وقتلوا الثوار في موقعة الجمل. هذا الكلام يعد إهانة للثورة وإهدارا لدماء الشهداء واستخفافا بآلاف المصابين الذين قدموا تضحياتهم الغالية فداء لهدف أغلي وهو الحرية والكرامة للشعب المصري كله والذي لايعبأ به ذلك الإعلام الذي يجد ضالته في الأكاذيب والتلفيق ليتلقفه صانعوها مرة أخري من خلال فضائياتهم نقلا عن صحف, أصبحت تستقي المعلومات والأخبار من مصنع الكذب الذي يمتلكه الغزاة الجدد لتخرج منتجا جديدا يوميا تحت اسم( مصدررفض ذكر اسمه). معروف أنه من أبجديات المهنة أن تتأكد من الخبر من مصدرين علي الأقل قبل أن تفكر في كتابته, لكن المهنية ضاعت وسط أوراق البنكنوت التي حولت القلم الذي أقسم به الله سبحانه وتعالي إلي أداة لنشر الأكاذيب والضلال وإشاعة الفتن في البلاد فتحت راية هذا المصدر الذي رفض ذكر اسمه تقام كل يوم علي صفحات بعض الجرائد معارك مصطنعة بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسات الدولة المختلفة فتارة مع الجيش وتارة أخري مع الأزهر وثالثة مع الشرطة.. إلخ, والغرض طبعا تأليب كل أطياف الشعب ومكوناته المختلفة علي الرئيس المنتخب وعلي جماعة الإخوان المسلمين. الإعلام الذي يطمس الحقائق ويشوهها لابد أن يتصدي له الشرفاء من أبناء تلك المهنة السامية, وأعلم أن هنالك محاولات محمودة من بعض الزملاء الغيورين علي المهنة والتي تتمزق قلوبهم حزنا علي هذا التدني ويحاولون أن يعيدوها إلي صوابها ولكن كيف لهذه المحاولات أن تنجح والذين يسيطرون الآن هم تلاميذ جوبلز الذين حولهم الاعلام وأمواله إلي زعماء سياسيين بعد أن سقطت المهنة من الحسابات وانخرطوا في السياسة من باب المكايدة فقط لإسقاط الإخوان المسلمين ولكن المفارقة أن أقنعتهم بدأت تتهاوي ويرآهم الناس بوجوههم الحقيقية ولم يسقط الإخوان المسلمون يمكرون ويمكرالله والله خير الماكرين. لمزيد من مقالات د.اميرة أبوالفتوح