خاضت مصر فى الأعوام الأربعة الماضية مخاضا عسيرا, سعيا لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير 2011، والتى ثارت على نظام يحكمه عملية تزويج المال السياسى والمصالح الخاصة، وفى مشهد مماثل وكأن عقارب الساعة تعود للوارء، انتهت انتخابات مجلس النواب 2015، الذى جاء نتاج ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ليتصدر المشهد الوجوه البرلمانية القديمة التى جعلت الكلمة العليا للمال السياسى والعصبية القبيلة فى البرلمان القادم. وأكد سياسيون أن المناخ الحالى يشبه المناخ الذى جرت فيه انتخابات 2010، من عزوف الناخبين عن المشاركة فى عملية التصويت، وسيطرة المال السياسى على البرلمان، حيث تم رصد العديد من المخالفات التى تشوب عملية الاقتراع. وفى هذا الصدد قال الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية: إن الانتخابات البرلمانية جرت بنفس الشبه مع انتخابات 2010، من حيث حجم المشاركة وعدم التعامل بشكلٍ جدى معها، بينما لا يوجد وجهٌ للمقارنة، بينها وبين انتخابات 2012 التى شاركت فيها أعدادٌ كبيرة من المواطنين، بصرف النظر عن دوافع المشاركة. وأشار إلى أن من بين العوامل التى تدل على وجود تقارب بين برلمان 2010 والبرلمان الحالى، هو حصول الأحزاب الرأسمالية على نصيب الأسد من المقاعد، مثل المصريين الأحرار التابع لرجل الأعمال نجيب ساويرس، كما كان يسيطر الحزب الوطنى على برلمان 2010. وأوضح أن البرلمان المشكل يشوبه الكثير من العيوب التى يمكن قرأتها حاليا مثل ضعف حجم المعارضة الأمر الذى سيؤثر على سياسات البرلمان من خلال تعديل بعض القوانين والذى من المرجح ألا يكون هناك تغيرات جذرية، فضلا عن أن البرلمان الحالى لا يوجد به تكتل واضح، مما يعطى شعورا بتفتتة، بالإضافة إلى محدودية تمثيل الأحزاب داخل البرلمان بسبب قانون الانتخابات التى قضى على التمثيل الجيد للأحزاب نتيجة القائمة المطلقة. ومن جانبه اعتبر ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل، أن ممارسات القديمة لنظام مبارك عادت لتطل برأسها من جديد فى الانتخابات الحالية والممثلة فى تسويد بطاقات الانتخابات لفصيل معين، شراء الأصوات أمام اللجان الانتخابية، وعمليات الفرز التى تمت بدون مندوبين للمرشحين، وخرق الصمت الانتخابى وعدم الاهتمام بشكاوى الأحزاب. ووصف الشهابى الانتخابات الحالية بأنها نسخة بالكربون من انتخابات برلمان 2010، قائلا "الانتخابات الحالية ليست إلا عملية تزويج المال السياسى والمصالح الخاصة، كسيطرة رجل الأعمال أحمد عز على برلمان 2010 للوصول للمصالح الشخصية فقط. وأشار إلى أنه لا يسمح بالمنافسة، فى ظل عدم تكافؤ الفرص، الأمر الذى أدى إلى عزوف المواطنين عن المشاركة فى المرحلة الأولى للانتخابات، خاصة بعد تصدر الوجوه القديمة التى جعلت الكلمة العليا للمال السياسى والقبيلة، وليس لإمكانيات المرشح السياسية والبرنامج الانتخابى. إلى ذلك رأى الدكتورمختار الغباشى نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتجية، أن شكل الانتخابات الحالية تشبه إلى حد كبير انتخابات برلمان 2010، على اعتبار أن من نجح فى الانتخابات من المؤيدين للحكومة، بالإضافة إلى عودة العصبيات وفلول الوطنى المنحل واختفاء المعارضة. وأضاف: إن النظام الانتخابى الحالى مع اتساع الدوائر لا يسمح إلا لأصحاب رأس المال بالوصول إلى قبة مجلس النواب، مشيرا إلى أن الوضع الحالى لا يسمح بوجود مرشحين أصحاب برنامج، بقدر تصدر نواب الخدمات المشهد السياسى والانتخابى. وأشار الغباشى إلى أن الاختلاف بين برلمان 2010 والبرلمان الحالى يتمثل فى المشهد الدستورى فقط حيث منح الدستور مجلس النواب الحق فى اختيار رئيس الحكومة ومراجعة كل التشريعات التى يصدرها رئيس الدولة والموافقة عليها أو رفضها، كما منح الدستور لمجلس النواب حق عزل الرئيس، وأعطا الرئيس حق حل البرلمان بشرط إجراء استفتاء على ذلك، بالإضافة إلى دمج مجلسى الشعب والشورى فى مجلس النواب.