إسقاط الطائرة الروسية المشهد الأمامى لتجارة النفط والسلاح موسكو تتهم باريس بتركيز الضربات على حقول نفط سوريا دون العراق كشفت الأسابيع الماضية عن رماد تجارة النفط من الحقول التى يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابى، فى أجزاء واسعة من شمال العراقوسوريا، مع أطراف دولية، ووسطاء عدة، بعد أن ظل قابعًا تحت نيران المعارك الدائرة لأكثر من عام، بين المعسكر الشرقى بقيادة روسيا وإيران وحزب الله من ناحية، والمعسكر الغربى المتمثل فى التحالف الدولى الذى تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية من ناحية أخرى.
والمعروف أن المعسكرين لا يتقاتلان بشكل مباشر على الأراضى السورية، وإنما يسعى كل منهما لحماية مصالحه، فالأول يسعى لحفظ نظام بشار الأسد فى سوريا، وقتال المعارضة، بينما يسعى الثانى للتخلص من النظام السورى، وتشكيل حكومة انتقالية فى البلاد. وظل الصراع بين الطرفين حبيس الغرف المغلقة لمتابعة المعارك وجولات الدبلوماسيين ومبيعات الأسلحة للأطراف المتقاتلة فى سوريا، إلا أنه خرج على السطح بعد حادث سقوط الطائرة الروسية فى سيناء، وتفجيرات باريس، واللذين أعلن تنظيم "داعش" مسئوليته عنهما، لتطلق كلا من موسكووباريس غارات عنيفة على معاقل التنظيم، إلا أن طرف النفط كان حاضرا وبقوة فى المعادلة الدولية. واتهمت وسائل الإعلام الروسية، التحالف الدولى بقيادة الولاياتالمتحدة، بغض الطرف عن تجارة النفط، من خلال الحقول التى يسيطر عليها "داعش"، والذى تتراوح أسعاره بين 10 و35 دولارا للبرميل، طوال أكثر من عام من بدء التحالف لغاراته، حفاظا على قدرات التنظيم التمويلية وقدرته على التمدد. وأعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى منتصف نوفمبر الماضى، على الملأ فى ختام قمة العشرين فى أنطاليا، أنه قدم لنظرائه معلومات عن قنوات تمويل الإرهاب وعرض عليهم صورا فضائية، تظهر أبعاد اتجار داعش بالنفط، حتى باشر التحالف بقيادة واشنطن بتكثيف البيانات والتصريحات عن ضرورة قطع شريان الحياة ل"داعش". بعدها أظهرت لقطات بثتها وزارة الدفاع الروسية، استهداف المقاتلات الروسية فى سوريا ل500 صهريج محملة بالنفط تابعة ل"داعش"، كانت متجهة من سوريا إلى العراق، لتتحدى دول التحالف كافة بقطع أحد أهم مصادر تمويل التنظيم، لتحاول دول التحالف إبراء ذمتها، وتستغل فرنسا (إحدى دول التحالف) تعرضها لهجمات باريس، وتبدأ بقصف مركز للإمدادات النفطية تابع لتنظيم داعش قرب منطقة دير الزُّور فى شرق سوريا، بناء على تنسيق استخباراتى مع واشنطن، وفقا لما أعلنه وزير الدفاع الفرنسى جون إيف لودريان. وأعلن وزير المالية الروسى "أنطون سيلوانوف" بأن الحجم العام للخسائر التى سببتها العقوبات الجيوسياسية على روسيا بلغ 40 مليار دولار عقب الأزمة الأوكرانية، كما تخسر روسيا ما بين 90 و100 مليار دولار سنويا نتيجة انخفاض أسعار النفط بنسبة 30%، بعد سيطرة "داعش" على حقول كبيرة للنفط شمال العراقوسوريا، وإغراقها السوق بالنفط بأبخس الأثمان. وبالفعل، بدأت موسكو أولى خطوات ضرب تجارة النفط بالحدود السورية التركية، المتمثلة فى قرى التركمان، التى يسكنها أتراك، بقصف تلك المنطقة، لتخرج أنقرة بتحذير شديد اللهجة لموسكو، من عدم تكرار القصف، إلا أن تكرار موسكو للأمر، دفع أنقرة لإسقاط إحدى قاذفاتها من طراز "سو 24"، بعد مهمة لها داخل الأراضى السورية، بمثابة رد الاعتداء لروسيا والأخذ بحق التركمان. ولم يجد الرئيس الروسى ووزير خارجيته سيرجى لافروف، بدٌ من اتهام أنقرة بالسعى لحماية تجارتها النفطية مع "داعش"، وإسقاط القاذفة الروسية، لمنع تحليق الطائرات الروسية مجددا فى تلك المنطقة، إلا أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تحدى موسكو بأن تثبت أن بلاده تشترى النفط من "داعش"، مشددا على أن داعمى بشار الأسد هم ممولو التنظيم بالمال والسلاح، وأن بلاده تبذل احتياطاتها لمنع تهريب النفط السورى. إلى ذلك، كشف خبراء سوريون أن التقديرات تتراوح بين 1.2 و3 ملايين دولار يوميا، يجنيها تنظيم "داعش" من تجارة النفط السورى، مرجحين أن معظمها يمر عن طريق وسطاء عبر الأراضى التركية، بأسعار متدنية، فيما رجح آخرون أن شركات النفط السورية تحصل من التنظيم على النفط الخام اللازم لتشغيل المحطات بالمدن السورية. وهو ما أكدته الإدانة الروسية للقصف الفرنسى لحقول نفط التنظيم ووصف الغارات ب"غير القانونية لأنها لم تحصل على موافقة الحكومة السورية، كما أنها لا تفعل الأمر نفسه خلال غاراتها بالعراق"، وفقا لتصريحات إيليا روغاتشيف، المسئول فى وزارة الخارجية الروسى. ويظل تطبيق نظرية القضاء على "داعش" مرهونا بقدرة أحد المعسكرين على تدمير مصادر تمويله فى شمال العراقوسوريا، مع تجميد مصادر أمواله التى جناها طوال الأشهر الماضية، مع ملاحقة قادته وعناصره البارزين، وقدرته على قطع الطريق أمام الطرف الآخر لمد التنظيم بأسلحة وعتاد، وقطع الطريق على تجارته النفطية.