في شهر أغسطس وتحديداً في الثالث العشرون منه توفى الزعيم سعد زغلول أبن قرية إبيانه التابعة لمركز مطوبس، محافظة كفر الشيخ، وأصبحت ذكراه تمر مرور الكرام بالرغم من دوره في صناعة التاريخ وتحرير الوطن من المحتلين، مثله في ذلك مثل كل العباقرة الذين أنجبهم مركز مطوبس في مقدمتهم الدكتور على إبراهيم أبن قرية وقف بحرى الذي نجح في علاج الملك فيما فشل فيه الأطباء الانجليز، فكان أول عميد مصري لطب القصر العيني بعدما كان هذا المنصب حكراً على الإنجليز، ويرجع إليه الفضل في إختراع وتطبيق نظام التأمين الصحي، وبالرغم من ذلك لازال سكان قريته وكل مركزه لاينعمون بهذا التأمين- إلا من رحم ربي- كذلك عاش في مركز مطوبس أسرة الشيخ محمد المهدي العباسي قبل أن يشد والده الرحال إلى الاسكندرية بحثاً عن لقمه العيش ومنها إلى القاهرة، ويعتبر الشيخ العباسي الشخص الوحيد الذي جمع بين مشيخة الأزهر ودار الافتاء وهو لم يبلغ الثلاثين من عمره، وهو وأول من سن قانون امتحانات التدريس بالأزهر الشريف وغيرها من الإنجازات المحفورة في التاريخ. ومن هؤلاء النجباء ايضا الفقيه الشيخ محمد على السايس وغيرهم الكثير، سلسلة النجباء الذين خرجوا من مطوبس لايسعها مقال ولايستوعبها كتاب إنما تحتاج إلى موسوعات لكثرة عددهم وفضل عطائهم، حيث تضم الكثير من المبدعين في مجالات شتى، ساهموا بفعالية في صناعة التاريخ المصري، وبالرغم من ذلك لازال مركز مطوبس خارج خريطة التنمية الحقيقة، كنا نعتقد أن الحكومات المتعاقبة سوف تستحي من هؤلاء المبدعين الذين أثروا الحياة في مصر فتقوم بزرع التنمية بين أبنائهم واحفادهم، كنوع من رد الجميل للمكان الذي أنجب هؤلاء المبدعين، ولكن للاسف تبين أن الحكومة لاتستحي، ولاتعرف الحقوق، ولاتقرأ التاريخ، فمن خلال حديثي مع أحد الوزراء أثناء التجهيز لأحد الاحتفالات الخاصة بافتتاح قناة السويس تبين أنه لايعرف شىء عن قيمة وقامة هؤلاء وتاريخهم النضالي وماقدموه للوطن، وأيقنت أن عمقه الثقافي لايتجاوز عناوين الصحف اليومية على أقصى تقدير. إذا كانت الحكومة لاتستحي من هؤلاء النجباء فيمكنها أن تفتح الأطلس على خريطة مصر لتكتشف أن مطوبس عبقرية المكان في هذا الوطن، فإذا كانت مصر عبقرية المكان بين الأمم كما أكد العالم الجغرافي الكبير جمال حمدان فإن موقع مطوبس يجعلها عبقرية مصر بفضل إطلالتها المائية على البحر والنهر وما تملكه من مقومات جغرافية وبيئة طبيعية، فهل تدرك الحكومة ذلك وتنتهز الاحتفاء بذكرى الزعيم سعد زغلول وتصدر قرار بتحويل بيته الكائن في قرية إبيانه إلى متحف ليكون مزار سياحي ومركزاً لتعليم الأجيال بتاريخ هؤلاء الابطال، أما أن الحكومة الحالية ستكون مثل أقرانها في النسيان والاهمال. وسط هذا الآلم أعلن محافظ كفر الشيخ عن الأمل بعدما أكد مؤخراً أنه سيدعم الحركة السياحية في مطوبس، ولكن السؤال الذي يبحث عن اجابة هل يمكن أن تكون هناك سياحة دون إقامة مشاريع سياحية على شواطىء مطوبس الفيروزية وفتح الباب للاستثمار في هذا المكان، وهل يمكن أن تكون هناك سياحة وقناطر مطوبس خالية من أي خدمات، والقرى بلا مرافق، والطرق عبارة من مصائد لإبتلاع المواطنين، والاغراب من كل ذلك أن تكون المدينة وقرها متمددة من رأسها حتى أخمص قدميها على البحر والنهر ولايوجد بها كورنيش ليكون متنفس للمواطنين؟.نتمنى أن تشهد الأيام القادمة بداية حقيقية لوضع مطوبس على الخريطة السياحية، لعل موقعها الجغرافي يشفع لها ويجبر المسؤولين على الاهتمام بها، بعدما إبتلاعها الفساد والإهمال على مدار السنوات الماضية. المشهد لاسقف للحرية المشهد لاسقف للحرية