بحبر الروح إحساس للإيجار ..!! هل تُستعَار المشاعر؟ هل يمكن التَجمُل بمشاعر الأخرين؟ أنتجرأ على إلتباس حالات ليست لنا بناء على طلب أعماقنا؟ وفى أغرب إيجار من نوعه يمكن رصد بعض حالات التأجير أو بالأحرى التهجير لانفعالات تغترب بعيداً عن موطنها وتسكن بالإيجار بناء على طلب الواقع وإلحاح الذات . كثيراً ما يجتذب الإبداع الكثيرين لتصبح العلاقة بين المتلقين والمبدعين داخل العملية الابداعية علاقة مقدسة تتسم بقدر وفير من التسامى.. فإذا بهم يتوهون داخل أحاسيسهم ويتعمقون فى قوافيهم.. يسكنون قصور أفكارهم ويغرقون فى بحور أوجاعهم.. يتلمسون نفس الأحلام وتطادرهم نفس المخاوف.. تُرى ما هذه الحالة ؟؟ أيمكن تسميتها ب عملية " استئجار مشروع للأحاسيس " عندما يصعب على البعض إفراغ أحاسيسهم فسيولوجياً وسيكولوجياً ، وكأنهم يحملون تلك الكتلة الصماء من الانفعالات والمشاعر دون جدوى فى إطلاقها أو ترويضها أو حتى تهذيبها ؟ أنه إحساس مُستأجَر بتعاقد مشروع بين المُبدِع والمُتلقى، إذ يتلمس كليهما سلوى من نوع خاص، فهى عملية تبادلية من الشحن والتفريغ.. الإحلال والإبدال ، حيث يجد المتلقى صوتاً ينطق بحسه السجين وانفعالاته المكبلة، ولا تظنون أنه المتلقى وحده المستفيد، بل لا يقل المُبدع استفادة فى هذه العملية، فما يخلقه المبدع من إشباع لجمهوره يجعله فى نشوة يتربع على عرشها الرضا مما يدفعه دائماً أن يحافظ عليها فلا يقبل عنها بديلاً .. فهى قمة النجاح للكاتب أو الشاعر أو العازف أو المغنى أو النحات أو الرسام أن يجد صدىً لإحساسه وانفعالاته ، فتتقطر ذاته إبداعاً من أجل عشاق فنه وكأنها ( صوفية الإبداع ) ! والأغرب أن المبدع نفسه قد يكون يوماً أحد هذه الشخصيات التى بحثت عن مفر أو ملاذ من المعاناة، فخلف كل مبدع معاناة ترقد بتابوت أيامه ، ولكن الفارق هنا أنه قد استطاع صهر معاناته وليست هى التى صهرته ، لذا أمكنه إيجاد سبيل لم ينجح غيره فى إيجاده، وإذا ما أمتطى جواده وانطلق فى طريقه الذى مهد وعورته بيده حرر معه ضَعف من خانتهم قواهم وتمنوا لو وجدوا السبيل مثله . وهنا تتجلى فلسفية ارتباط المتلقى بالمبدع ، فكثيراً ما يبحث الأخرون عن أنفسهم عبر مرآة المبدعين.. خاصة تلك الشخصيات الحبيسة التى لا تُطل على أنهار الحياة وبحيرات البهجة وبحار التجربة ولا يحظون حتى بسحب ممطرة تروى شقوق أراضيهم ببعض مظاهر الحياه، فكيف لهؤلاء أن يحييوا ؟ وكيف لهم أن يهشموا جمود تضاريسهم المقفرة ؟ فالابداع بشتى مناحيه يعد مفتاحاً سحرياً لسراديب النفوس المغلقة على ذواتها ، فقد خلق الله البشر بملكات متفاوتة.. أنعم على البعض بحس غزير وشعور طليق كى يتغذى من شرايينهم هؤلاء المحرومون من ذات النعمة . وما الغضاضة فى استئجار الاحساس بدلاً من التضور جوعاً إليه .... وما بعيب أن نستعير متنفساً يقينا لفحات نيران الواقع ... وما بالنا نغَار من مُبدعينا فنُطلِق سراح ما بخلف القضبان ... فدائماً ما يكون هناك سبيلاً بصحراء النفس يُهدينا ضالتنا ، فإذا ما عجزت عن إفراغ مكنوناتك.. إبحث عن ذا الذى يُجيد إفراغها وأجعل روحك مسافرة دائماً بعربات قطاره . المشهد لا سقف للحرية المشهد لا سقف للحرية