ربما كان الوقوف أمام الكاميرا فرصة سانحة لها لإشباع رغبة الأمومة بداخلها، ورغم تعدد الأدوار، لكن للراحلة "أمينة رزق" أدوارا ربما ستظل باقية مادام على الأرض على بشر، فكيف للذاكرة أن تنسى تلك الأم المغلوبة على أمرها وهى ترى فلذة كبدها تساق للموت كالشاه رغم عظم ذنبها فى "دعاء الكروان"، وكيف تستطيع أن تنساها تلك الأم التى إستطاعت أن تسبح بأبنائها وتتخطى بهم أمواج الحياة المتلاطمة فى "بداية ونهاية"، وهل يستطيع الموت أن يطفىء "شموعها السوداء" بعدما أفنت صحتها فى خدمة ولدها الكفيف، وستطفىء نيران قلبك أخيرا عندما تراها تهدى الزعيم "ناصر" رداء إبنها الذى سالت دمائه قبل أن تجرى المياه بقناة السويس. الأم العذراء رغم أنها لم تتزوج، الإ أنها قبلت الدور الأصعب، وتمكنت ببراعة تجسيد مشاعر الأمومة، وتفوقت، وهى مازالت شابه لم يصل بها قطار العمر للسن 35، فى فيلم "الأم" عام 1945، وظلت على عطاءها الفنى، غامرة المحيطين بها بمشاعرها الفياضة الى أن وافتها المنية فى مثل هذا اليوم من العام 2003، عن عمر 93 عاما، إختارت أن تقضيهم فى محراب الفن والإبداع. مولد فى رحاب السيد البدوى ولدت الراحلة في مدينة طنطا عام 1910 وبدأت دراستها في مدرسة ضياء الشرق عام 1916 ثم انتقلت ووالدتها للعيش في القاهرة مع خالتها الفنانة أمينة محمد إثر وفاة والدها وكان عمرها ثماني سنوات. على مسرح الكسار مطربة ظهرت الفنانة لأول مرة على خشبة المسرح عام 1922 حيث قامت بالغناء الى جوار خالتها في إحدى مسرحيات فرقة علي الكسار في مسارح روض الفرج وانتقلت للعمل مع فرقة رمسيس المسرحية التي اسسها عميد المسرح العربي يوسف وهبي عام 1924 حيث ظهرت في مسرحية "راسبوتين". وشاركت بالتمثيل في أغلب مسرحيات وهبي، الذي ارتبطت به أستاذا وفناناً، وأصبحت إحدى الشخصيات الأساسية في المسرحيات التي قدمتها الفرقة وكذلك في الأفلام التي أنتجها يوسف بك وهبي. ومن أبرز مسرحياتها التي قدمتها في السبعينات "السنيورة" والمسرحية الكوميدية "إنها حقا لعائلة محترمة جداً" بالاشتراك مع فؤاد المهندس وشويكار وكان آخر ما قدمته على خشبة المسرح مسرحية توفيق الحكيم "يا طالع الشجرة" الى جانب الفنان احمد فؤاد سليم. للفن والإبداع أحيى وعما إذا كانت نادمة على عدم زواجها قالت الراحلة في آخر حوار لها: "لم أندم على الاطلاق لأن هناك العديد من الأسباب التي جعلتني لا أفكر في الزواج بداية من عشقي لفني وكانت متعتي الوقوف على خشبة المسرح او اسعاد الجماهير فوهبت نفسي للفن وخشيت على الفن من ان ينافسه احد او يمنعني عنه حتى لو كان زوجاً رغم طابور المعجبين والخطاب الذين ارادوا طلب يدي وكنت على يقين من ان اياً منهم لو وافقت على طلبه كان سيخيرني بين الفن أو الزواج لذلك اصابتني عقدة نفسية من الرجال". وإلى جانب عملها في المسرح فإن حياتها تعتبر تاريخاً للسينما المصرية حيث قامت بأحد الأدوار في ثاني الأفلام المصرية "قبلة في الصحراء" الذي عرض عام 1924 وتلاحقت بعدها أدوارها في السينما حتى وصلت مشاركتها في أكثر من مائة فيلم اختير بعضها مثل "دعاء الكروان" من بين أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية. وإلى جانب عملها في المسرح فإن حياتها تعتبر تاريخاً للسينما المصرية حيث قامت بأحد الأدوار في ثاني الأفلام المصرية "قبلة في الصحراء" الذي عرض عام 1924 وتلاحقت بعدها أدوارها في السينما حتى وصلت مشاركتها في أكثر من مائة فيلم اختير بعضها مثل "دعاء الكروان" من بين أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية. والحصيلة أن الفنانة شاركت في بطولة نحو 500 مسرحية ونحو 200 عمل سينمائي أبرزها "بائعة الخبز" و"أريد حلا" و"دعاء الكروان" و"بداية ونهاية" و"التلميذة". عينت أمينة رزق عضواً بمجلس الشورى المصري في مايو 1991، كما حصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ورفضت في سنواتها الآخيرة فكرة الاعتزال، رغم حادث السيارة الذي تعرضت له وأصابها بكسور في ساقها.