ضغوط سعودية وإقليمية مؤثرة ومبادرات يفشلها حماس شباب الجماعة وتقديرات الجهات السيادية تصريحات مقربين من السلطة تطالب بالمصالحة وقانون ل "المصالحة المجتمعية" ينتظر اللحظة المواتية الأحداث المتتالية التى تتعرض لها البلاد، من إرهاب يستهدفها واحتجاجات عنيفة بين الحين والآخر، كانت سببا فى تأخر المصالحة التي يراها الكثيرون حتمية ، بين النظام من جهة وجماعة الإخوان المسلمين ومناصريها من جهة أخرى ، هذا الملف الشائك تم طرحه عدة مرات، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013 وحتى الآن، لكنه في كل مرة كانت تتم عرقلته ، تارة بسبب حماس شباب الجماعة، وتارة أخرى لتعنت من السلطة، إضافة إلى ظروف آخرى داخلية وخارجية قادت إلى الفشل في تحويل الأفكار النظرية إلى واقع على الأرض. مبادرات وعوائق موجة مبادرات متتالية شاركت في بعضها أطراف عربية ودولية أعقبت 3 يوليو وباءت جميعها بالفشل، ومع ذلك تؤكد عدة مصادر، رفضت الكشف عن اسمها، أن المفاوضات لا تزال مستمرة حتى الآن، ويكشف عضو قيادي بالجماعة في إحدى المحافظات، أن تصريحات الدكتور محمد غنيم، عضو الفريق الاستشاري العلمي للرئيس عبدالفتاح السيسي، بشأن فتح باب المصالحة مع إصدار عفو رئاسي عن أحكام الإعدام الصادرة ضد قيادات الجماعة، بأنها بند من البنود التى تم الاتفاق عليها، عبر وسطاء، لتقريب وجهات النظر بين الجانبين. يضيف المصدر ل"المشهد"، أن أبرز العوائق التى تواجه المصالحة، تكمن في تصدر الرئيس السيسى، المشهد السياسى في مصر، بالإضافة إلى تعنت شباب الجماعة، ورفضهم إجراء مصالحة مع من يعتبرونه قتل اشقاءهم واصدقائهم، مطالبين بالقصاص، ويعترف أن أحد العوائق التى عطلت المصالحة في الوقت الحالي هو خروج اطراف من الجماعة تنادى باستخدام العنف ضد السلطة الحالية، وهو ما آثار سخط أجهزة الدولة ، حيث تضعها تلك التصريحات في حرج أمام الشعب، ويصعب عليها تمرير المصالحة في الوقت الراهن. ويرى أحمد بان ، الخبير في الشأن الإسلامى، أنه ليس من قبيل الصدفة، أن تخرج تصريحات على ألسنة أعنف الناس رفضًا للإخوان، تنادى وتمهد للتصالح مع الجماعة، أمثال الدكتور محمد غنيم، وأسامة الغزالي حرب، خاصة وأنهما معروفان بقربهما من السلطة، موضحا أن جميع المؤشرات تؤكد، أن هناك مفاوضات تجرى، وتلك التصريحات ما هى إلا خطوات تعد من قبيل "جس نبض" وتهيئة الأجواء لما ستشهده الفترة المقبلة. مصدر قريب من السلطة، رفض ذكر اسمه ل"المشهد"، أكد أن الأوضاع في البلاد، لن تنصلح دون تهدئة الصراع الدائر، مشيرًا إلى أن أحدث التطورات نحو المصالحة، تكمن فيما صرح به الدكتور غنيم، من إعداد قانون يسمح بالمصالحة مع الجماعة، تحت اسم "المصالحة المجتمعية"، وهو ما ينتظر الإعلان عنه، عقب تهيئة الأجواء المناسبة . ويؤكد المصدر، أن ما تريده السلطة من التصالح مع الجماعة، هو تهدئة الأجواء الداخلية، خاصة مع توتر الأوضاع خارجيًا، والضغوط المتزايدة من الجانب الخليجى، وتحديدًا السعودية، بالإضافة إلى تخفيف حدة التوتر التى تواجهها الحكومة، مع كل تحرك للأمام خاصة في الجانب الاقتصادى. انقلاب الكارهين! وفى تصريحات سابقة خرج أسامة الغزالى حرب، على فضائية "القاهرة والناس"، المملوكة لرجل الأعمال المحسوب على النظام الحالي، طارق نور، مؤكدًا أن الإخوان فصيل سياسي وطني، ويجب المصالحة معهم، وتناغما مع تلك التصريحات، قال الدكتور محمد غنيم خلال حوار صحفى، أن "المصالحة ستأتي في وقتٍ ما، لكنها تنتظر وقف العنف، والتقدم باعتذار مباشر للشعب عن الجرائم السابقة" مع الاختيار بين العمل بالسياسة أو الدعوة، وكلاهما تحت شروط الدولة، مع إصدار الرئيس السيسي عفواً رئاسياً عن قيادات الجماعة بما فيهم الرئيس السابق محمد مرسى في حال تم تأييد تلك الأحكام. الرئيس السابق لحزب التجمع، رفعت السعيد، قال في تصريحات صحفية: "الإخوان فصيل وطني، وليس جماعة إرهابية "، ويبدو هذا تناقضا مع أرائه السابقة في الجماعة ، كما رجح الدكتور مصطفى الفقي أن يستخدم السيسي العفو الرئاسي لتجنيب مرسي وقيادات الإخوان تنفيذ الإعدام، وحول إمكانية المصالحة مع الجماعة أجاب الفقي: "إذا كان يمكن أن تدخل الجماعة في صفقة للعودة إلى رشدها وتعتذر عن تاريخها وتقبل بالديمقراطية، وأن تعمل كفصيل سياسي لا يستخدم الدين فهذه بداية جديدة، ليس كل إخواني إرهابي". مسألة وقت يرى مصدر قريب من السلطة أن المصالحة قادمة، معتبرًا آياها مسألة وقت لحين تهيئة الأجواء، ويوضح المصدر أن المصالحة كادت أن تحدث في العديد من المحاولات لولا تدخل جهات سيادية، تؤكد تقاريرها أن الجماعة تقترب من السقوط وهو ما يخالف الواقع، حيث تكشف جميع المؤاشرات أن قوة الجماعة الاقتصادية، لا زالت على حالها، بالإضافة إلى عودة التعاطف الشعبى وهو ما تستثمره الجماعة في صراعها مع السلطة. وقال مصدر إخوانى، إن وسطاء من النخبة السياسة قدموا لنا روشتة للتصالح، مقدمة من جانب السلطة، بعد استطلاع رأيهم في التصالح من عدمه، كاشفًا عن أن بعضهم خرجوا بمبادرات علنية، تنص على الابتعاد عن الحياة السياسية، لمدة لا تقل عن عشر سنوات، مع السماح بالعودة إلى العمل الدعوي، وهو ما قابله شباب الجماعة بالرفض. ويضيف المصدر أن تلك الدعوات جاءت بضغوط خارجية، مؤكدًا أن أغلبية اللقاءت التى تمت بين السلطة وممثلين لدول خارجية، وأن هذه اللقاءات تكاد لا تخرج عن فكرة التوصل لصيغة تتيح عودة الإخوان للحياة السياسية مرة أخرى، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي نتاج الضغط الإخوانى الدؤوب على الدول الخارجية. ضغوط إقليمية من أجل "المصالحة" الوضع الإقليمي يدفع في اتجاه المصالحة، خاصة من الجانب السعودى، والذى أصبح يرى أنه بحاجة إلى قوة الإخوان في الدول العربية وخاصة اليمن ، بعد فقد السعودية الكثير من أوراق اللعبة هناك، ولم يتبق لها سوى التيار الإخوانى الذي تراهن عليه لصد المد الإيراني، وربما ما تناثر خلال الفترة الماضية من تقارير عن توتر العلاقات بين مصر والسعودية، سببه مطالبات عديدة للقاهرة من جانب الرياض ، بإنهاء الصراع مع الإخوان والنظر إلى التحديات الخارجية، وهو ما يصب في اتجاهه لقاء الملك السعودى بقادة حركة حماس، الفرع الإخوانى بغزة، والذي كان على أجندته التصدى للمد الإيرانى في المنطقة. أستاذ العلوم السياسية السعودي الدكتور خالد الدخيل، من رأيه أن الإستراتيجية الأمنية التي يطبقها النظام المصرى مع الإخوان لن تؤدي إلى حل المشكلة، موضحًا أن الحل الأمني والإقصائي مرفوض في السياسة، وأشار إلى أن أن السعودية تدفع باتجاه تغيير طريقة التعامل المصرية مع الإخوان. وتابع: "لا يعني ذلك أن السعودية ستتحالف مع الإخوان، ضد النظام المصري، لكنها لا تحتمل أن تسقط مصر، بسبب تلك الخلافات، بعد سقوط كل من العراق وسوريا، حيث ترى أن الإفراط فى استعمال الأمن، لن يحقق الاستقرار لمصر"، ويؤكد الدخيل أن هدف السعودية، هو المصالحة، ووقف جميع أنواع العنف الموجودة في مصر، ولا يعني هذا أن الرياض بدلت مواقفها وأصبحت ضد نظام السيسي . من أبرز الدلائل على وجود عوائق تواجه المصالحة، تذبذب العلاقة بين مصر وقطر، تقارب في حين وابتعاد في حين آخر، سباب عبر وسائل الإعلام، ثم تراجع وتذكير بالأخوة، ومن الأحضان بين تميم والسيسي في شرم الشيخ إلى التجاهل في افتتاح قناة السويس الجديدة، كما أن هناك تعنت تركى في مناهضة سياسة النظام الحالى في مصر ورفض للاعتراف بالسلطة الحالية، رغم حدوث تقارب "قطرى تركى" مع الجانب السعودى، وتحالف من أجل أهداف إقليمية، مما يجلب ضغوطا سعودية بتأثير أهم دولتين أعلنتا الدعم لجماعة الإخوان. ومن ثم فإن حالة الشد والجذب بين السعودية ومصر، تعد مؤشرا على وجود ضغوط لإتمام مصالحة مع الإخوان، وربما كان قرار العفو الرئاسي عن 165 من أنصار الجماعة، بالرغم من صدور أحكام قضائية ضدهم بالسجن على خلفية إدانتهم بخرق قانون التظاهر، مؤشرا على أن السلطة المصرية تبدي تجاوبا. ناجح إبراهيم، القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، يرى أن المصالحة ستكون ضربة قاصمة للجماعات التكفيرية المسلحة في سيناء، كونها تبرر هجومها بالانتقام من الدولة، بسبب ممارسات الأمن ضد الإسلاميين، مضيفًا أنه يجب استغلال دعوات المصالحة مع الإخوان، في إطار معركة الدولة ضد الإرهاب.