160 جنيها تراجعًا في أسعار الذهب عقب الاتفاق التجاري الأمريكي الصيني    الرمادي يصحح الأخطاء بعد تعثره في أول اختبار مع الزمالك    غدًا.. كورال «سلام» يحيي حفل جوائز مسابقتي «الرواية والتأليف المسرحي» بالهناجر    منظمة الصحة العالمية تطلق تقرير حالة التمريض في العالم لعام 2025    وزير الخارجية التركي يطالب برفع العقوبات الغربية عن سوريا    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    ما موقف من تضرر من أزمة البنزين المغشوش ولا يمتلك فاتورة؟.. البترول توضح    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض اللحوم والزيت والذهب وارتفاع الجبن    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    مبعوث ترامب لشئون الرهائن يطالب حماس بالإفراج عن جثامين 4 أمريكيين آخرين    روسيا تسقط 230 مسيرة أوكرانية خلال أسبوع    جدل في واشنطن حول نية ترامب قبول طائرة فاخرة هدية من قطر    العراق يتسلم رئاسة القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية من لبنان    رسميًّا.. 30 فرصة عمل في شركة مقاولات بالسعودية -تفاصيل    ماذا يحتاج اتحاد جدة للتتويج بلقب الدوري السعودي    دياز: أتمنى البقاء في ليفربول لأطول فترة ممكنة    نور خالد النبوي أمام النيابة.. اتهام بالتسبب في اصطدام مروري والفرار من الموقع    المشدد 6 سنوات لعاملين لاتجارهم في الهيروين بالقناطر الخيرية    حبس متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بالجيزة    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة قتل سيدة فى القناطر الخيرية للخميس المقبل    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    عاجل.. الأرصاد تحذر من موجة حارة جديدة في هذا الموعد    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    تكريم غادة جبارة ومنال سلامة في افتتاح مهرجان المسرح العالمي    وزير الأوقاف: شيخ الأزهر الإمام الشيخ حسن العطار شخصية مصرية جديرة بعشرات الدراسات    الجمهور يفاجئ صناع سيكو سيكو بعد 40 ليلة عرض.. تعرف على السبب    إعلام عبرى: قوات من الجيش ودبابات وناقلات جند تمركزت قرب نقطة تسليم عيدان    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    البحث عن السعادة.. «الطائر الأزرق» يختتم عروضه على مسرح 23 يوليو    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    وزير التعليم العالي يعلن سياسات تنفيذ إطلاق الجامعات المتخصصة لدعم رؤية مصر 2030 ومتطلبات الثورة الصناعية الخامسة    مجلس الوزراء يستعرض بالإنفوجراف جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    التعليم: فتح باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية (المرحلة الثانية) لعام 2025- 2026    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    تداول 14 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    فابريزيو: ألونسو يوقع عقود تدريب ريال مدريد    حسام المندوه يكشف تفاصيل الوعكة الصحية لحسين لبيب    "تطوير التعليم" يبحث مع معهد بحوث الإلكترونيات إنشاء حاضنات لدعم ريادة الأعمال    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    سهير رمزي: بوسي شلبي جالها عرسان ورفضت بسبب محمود عبدالعزيز    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    جامعة المنيا: الكشف على 570 مواطنًا بالقافلة المتكاملة فى قرية بني خيار    اتفاقية تعاون بين جامعتي مصر للعلوم والتكنولوجيا والأهلية الفرنسية في مصر (صور)    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    محافظ أسيوط: توفير 706 فرصة عمل لشباب الخريجين بمراكز المحافظة    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    أكبر صندوق سيادي بالعالم يسحب استثماراته من شركة إسرائيلية بسبب المستوطنات    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نزوح مسكوت عنه في سيناء
نشر في المشهد يوم 14 - 07 - 2015

آلاف الأسر تركت قراها فرارا من طاعون "داعش" فلم تجد "الدولة"
ملاحقات أمنية على "الهوية" ومطالبة ب"كفيل" من أهل المنطقة .. والبعض يفضل الموت "بكرامة"
محلب ذهب للعريش ولم يحس به أحد ، أو يعرض عليه ملف النازحين لاتخاذ قرار بشأنهم.
اشتباكات ضارية فى مدن شرق سيناء بين قوات الأمن المصرية والمسلحين الذين يمارسون الإرهاب ، ومواطن بين مطرقة الحملات الامنية ، وسندان العناصر المسلحة من داعش سيناء .
هذا منزل مدمر عن بكرة ابيه وتلك مزرعة تم تجريفها ، فلم تبق منها شجرة تسبح المولى ، والارتباك سيد الموقف ، فهناك حرب ضروس بين مسلحى داعش وقوات الجيش ، ضحيتها مواطن لم يكن فى حسبان حكومة محلب التى تركت الاهالى يواجهون مصيرهم ، ولم تتحرك قيد انملة نحوهم ، فقرروا الرحيل من ديارهم الى غرب العريش حيث الصحراء ، وهناك قاموا ببناء عشش تأويهم بعد ان تخلت الحكومة عن دورها فى رعايتهم.
قرى الشيخ زويد ورفح يقطنها آلاف المواطنين، رحل منها حسب تقديرات غير رسمية 70% ، منهم من وجد مأوى ومنهم من لجأ الى مناطق غرب العريش ومناطق مركز بئر العبد ، بحثا عن الهدوء والأمن بعد أن أصبحت مناطقهم كارثية بكل معنى الكلمة ووجودهم فيها يشكل خطرا .
صورة من الموضوع في العدد الورقي
صورة من الموضوع في العدد الورقي
" المشهد " رصدت المعاناة التى يقاسيها النازحون
أم محمد
من شارع الى شارع ومن حارة لحارة ، تهرول باحثة عن مأوى يحميها من نظرات الناس بعد تدمير منزلها بقرية المقاطعة جنوب الشيخ زويد ، تعول أربعة أطفال يتامى ، لم يبق من المنزل سوى بعض الاغطية وملابس الأطفال بعد ان سقطت دانة على مسكنهما البسيط .رحلت من قريتها الى مدينة العريش تبحث عن مكان يؤويها مع أطفالها الاربعة
تقول ام محمد صاحبة المأساة : " ليس لى مصدر رزق بعد ان تم تجريف الزراعات حيث كنت اعيش منذ مات زوجى قبل 5 سنوات ، على جنى الزيتون ورعى الاغنام وتربية بعض الماعز لإعالة اولادى ، وبعد وقوع الاشتباكات بين المسلحين وقوات الامن عشنا ايام رعب .. انفجارات وقصف من هنا وهناك ، ومن اجل أطفالى الذين اصيبوا بالخوف اضطررت الى النزوح الى مدينة الشيخ زويد وقد كنت فى رعاية احد الرجال الكرماء الذي استضافنى انا واطفالى قبل ان ينزح هو وابناءه الى القاهرة "
صورة تعبر أوضاع سيناء
صورة تعبر أوضاع سيناء
تضيف أم محمد " فى يوم الأربعاء الدامى ، أصبنا بحالة هستيرية أنا وأطفالى بسبب عمليات القصف الشديد وتواجد المسلحين بيننا، فاضطررت الى النزوح الى العريش بحثا عن ماوى .
تضيف باكية : حاولت البحث عن ماوى بالمدينة إلا أن جميع المنازل مؤجرة ، والمتاح فوق طاقتى حيث ارتفعت الإيجارات بشكل فظيع ، همت فى الشوارع كالمجنونه أبحث ، لم اتمكن من لقاء المحافظ او اى مسئول لتوفير رعاية ، لكني كنت محظوظة بالعثور على رجل كريم ، وفر لي منزلا وقدم لى بعض الحاجات اللازمة
( منزل أم محمد دمر ولم يتم تعويضها وتعيش على الكفاف ، من حقها على الدولة أن ترعاها ، وتقول : استحلفكم بالله لاتجعلوا النازحين يمدون أيديهم الى الناس)
صورة تعبر عن الأوضاع في سيناء
صورة تعبر عن الأوضاع في سيناء
مأساة
أم ياسين سيدة أخرى تعول ثلاثة أبناء (ولدان وبنت )، أحدهما معاق لايستطيع الحركة ولايتحكم فى التبول ترعاه والدته مثل طفل رغم ان سنه 18 عاما ، تقول: ابنى الاكبر يلازم الفراش بعد إصابته فى حادث سير ، وابنى الاخر يعمل باليومية ، وابنتى تعمل خادمه فى بيوت الناس .
تروى أم ياسين قصة النزوح قائلة : "نزحنا من قرية التومة بعد سقوط القذائف على مناطقنا وتحركات العناصر الإرهابية وسط القرية وتحكمهم بشكل مباشر فينا ، فاصبحنا بين العناصر الارهابية وقصف الامن للمنطقة ، لا يتوقف سماعنا للتفجيرات هنا وهناك ، فاضطررنا الى النزوح من الشيخ زويد الى عشة فى الصحراء غرب العريش ، ولم نجد مسؤولا يعيرنا اهتماما مع أن حالنا يرثى له " (كانت أم ياسين تعيش على تربية بعض الاغنام بالشيخ زويد واضطرت الى بيعها وقت النزوح ، تطالب بالإسراع في القضاء على الإرهاب ، وبكرسى متحرك لابنها المريض فوعدناها بالعمل على تلبية طلبها)
فظائع غير مسبوقة
يعيش النازحون اجواء حرب غير مسبوقة في فظائعها .. المسنون منهم يقولون : لم نشهد طوال تاريخنا ما يحدث الآن ، عايشنا 4 حروب لم نشهد ما نشهده اليوم من دمار للبيوت وتجريف وقطع للرؤوس بدم بارد من قبل الإرهابيين ، حيث شهدت المنطقة تصفية ما يزيد عن 100 من أبناء القبائل في الشيخ زويد ورفح ، قطعت رؤوسهم وتم التمثيل بجثثهم بحجة التعاون مع الأمن
آلاف النازحين يعيشون معاناة حقيقية فى عشش من سعف النخيل وسط الصحراء ، بعيدا عن ديارهم التى تشهد اشتباكات عنيفة ، والعدد الاخر يعيش فى شقق مؤجرة داخل مدينة العريش ، بعد ان استغل اصحاب العمارت ماساتهم ، ورفعوا سعر ايجار الشقة الى الف جنيه.
" لأول مرة نشهد رمضان بعيدا عن ديارنا وقرانا" هكذا بدأ "سعيد ابو فارس" من اهالى الشيخ زويد النازحين حديثة معنا ، مضيفا : قررنا النزوح بسبب الاشتباكات ، وقد نزح معنا آلاف المواطنين الى غرب العريش ، وبصراحه شهر رمضان هذا العام ليس له طعم بعيدا عن الديار التى نعيش فيها، منذ عشرات السنين، وللأسف لايحس بنا أحد من المسئولين بالمحافظة ولم يصل الينا أحد حتى الآن .. ويختتم بأسى:" شهر رمضان غريب علينا "
ويقول سعيد ابوزكريا: تم تدمير منزلى وحرق سيارتى وتجريف مزرعتي من قبل قوات الامن بسبب انتشار العناصر المسلحة ، فاضطررت للنزوح مجبرا الى غرب مدينة العريش ، أعيش فى عشة أنا وأولادى بعد أن كنت اعيش داخل منزل محترم انا وأسرتى .. كنت مستور الحال إلا أن الارهاب الاسود "أبى ان نعيش حياة كريمة"
يضيف أبو زكريا: "قمت بإنقاذ جندى بعد استهداف كمين أمنى على يد الإرهابيين ونقلته بسيارتى الى مستشفى العريش وهو ينزف ، بعد هذه الواقعة بحوالى اسبوعين وصلت حملة امنية وقامت بتدمير جميع المنازل القريبة من الكمين الامنى الذى تم استهدافه ومنها منزلى وسيارتى التى نقلت بها الجندى المصاب وفقدت كل شيء ولكن من اجل ان يتم تطهير الارهاب فكله يهون"
ويكمل : النازحون من ابناء الشيخ زويد يتحركون بحذر شديد بسبب الملاحقات الامنية ، فكل من يحمل بطاقة من الشيخ زويد ورفح يتم ملاحقته ، وهو فى نظر الأمن إرهابى الى أن تثبت براءته ، خاصة أهالى القرى التى تشهد عمليات إرهابية مثل قري التومة والمهدية والمقاطعة وبعض القرى برفح ، ويؤكد بحسرة : الآن لا أستطيع العمل حتى باليومية لاننى قد اصادف كمينا امنيا ويكون مصيرى الاعتقال.
التهمة بطاقة شخصية
يلتقط الخيط شاب فى العقد الثالث من العمر قائلا: " احنا فى نظر رجل الامن ارهابيين بمجرد مرورنا على أى كمين أمنى ويعلم أفراده أننى من الشيخ زويد يتم حجزى لعدة ساعات داخل المدرعة ونتعرض لإهانة بشكل غير ادمى ، آخرون يتم اعتقالهم ، والتهمة بطاقة من الشيخ زويد ورفح ، منهم من تم الافراج عنه ومنهم مازال رهن الاعتقال " وهو يناشد الأجهزة الأمنية حصر جميع النازحين والكشف عنهم ومن لم يثبت تورطه فى اى اعمال يتم التعامل معه باحترام كمواطن كريم .
ويصرخ الشاب سليمان : " هو مش مكفى اننا نازحين ومش لاقيين مكان يؤوينا والحكومة تتجاهل ماساتنا ونعيش مشردين تائهين، الأمن كمان مش عايز يتركنا ، ملاحقات امنية على الهوية ، ارحمونا ياناس ضعونا فى قفص حديد كبير والمجرم اقبضوا عليه بدل الاهانة كل يوم على الأكمنة الأمنية " .
عشش بئر العبد
وصلنا إلى منطقة بئر العبد ، المئات من الأسر هناك تعيش فى عشش من سعف النخيل ، منهم من تدمر منزله ومنهم من جرفت ارضه ومنهم من هرب من ويلات الحرب على الإرهاب ومنهم من نجا بصعوبة من الموت ، وجدنا أطفالا يلعبون فى حر الشمس قال طفل منهم " مش راجع للشيخ زويد هناك ضرب نار وطائرات وقصف احنا هنا احسن لقد قصفوا مدرستنا ومفيش مدارس بعد اليوم "
-----------------
وجدناه متكئا على جانبه قبل موعد الافطار بدقائق ، موجها نظره صوب دياره بمنطقة الشيخ زويد ، يقول الحاج سلام وهو شيخ فى العقد الثامن من عمره: الإرهاب هو سبب ما نحن فيه ، لولا الإرهاب ما سمعنا قصفا ولا انفجارات ولا سمعنا عن العبوات الناسفة.
يضيف الحاج سلام : ياولدى مصيبتنا كبيرة عشنا اربع حروب لم نشهد مثل هذه الايام ، فى كل الحروب هاجرنا لعدة ايام ثم عدنا ، نحن اليوم لنا أكثر من 7 شهور نازحين فى حالة يرثى لها ، غياب حكومى غريب نعاني منه لم يلتفت إلينا أحد ، مجرد كرتونة للقوات المسلحة تم توزيعها علينا ، ولكن الأمر يحتاج دولة ترعى مواطنيها ، لقد فشلت المحافظة فى أول ازمة
ويكمل حديثه للمشهد قائلا :" نريد العود لديارنا التى هجرناها بسبب الاشتباكات التى تسببت فى خراب ، حياة النزوح صعبة جدا ، نعيش ماساة حقيقية لقد تركنا مزارعنا ومنازلنا وقمنا ببيع أغنامنا ، ونعيش حاليا اشبه بحياة التسول فى ظل غياب الدولة التي لا تهتم بمأساتنا"
-----------
رافقنا احد مواطنى بئر العبد الى منطقة تسمى"المضبعة " جنوب قرية الروضة ، وجدنا اكثر من 50 اسرة تعيش بلا مياه ولا كهرباء ولا إغاثة ، مجرد عشش تحميهم من حرارة الشمس وبجانبها عشة للأغنام يلهو الاطفال حولها .
شخص على عربة كارو يبحث عن مياه فى ظل غياب حكومى مريب ، شيخ عجوز يرقد منتظرا كرتونة من القوات المسلحة ، سيدة ترعى اغنامها فى أرض أصابها الجفاف .
بنبرة يغلب عليها الأسى يحدثنا رجل فى الاربعين من عمره يقول " لاتسألونى عن اسمى ، فلو نشر اسمى فى الصحافة ستاتى حملة أمنية للقبض علي بتهمة الارهاب او تتم تصفيتى من قبل الإرهابيين، فنحن بين نار الإرهاب ونار الاعتقال ، لو تحدثت شاكرا الدولة فمصيرى الذبح لأننى اتعاون مع الدولة الكافرة ، ولو تحدثت عن تدمير منزلى نتيجة قذيفة من الأكمنة الامنية بالخطأ فالاعتقال مصيرى والله اننا فى ماساة حقيقية ولم يشعر بنا احد ، نحن من ندفع الثمن ودائما التهمه ابن الشيخ زويد ورفح إرهابى ، الدولة عايزة منا ايه؟ حرام والله كل مايحدث لنا .
بجانب اغنامه يطعمها وجدنا رجلا فى الستين من عمره ، يقول : "هذه الاغنام كانت تعيش على المزرعة التى أملكها فى الشيخ زويد فجاء الأمن وجرف المزرعة ودمر البئر بسبب الاشتباكات حيث يستغل الارهابيون المزراع لمهاجمة قوات الامن فاضطررنا الى النزوح هنا بمركز بئر العبد بحثا عن الامان بعد أن تعرض اطفالنا للرعب والخوف والهلع ، انفجار هنا وقصف هناك وحملات أمنية تطوف كل مكان والارهابيين يختبئون بجانب المنازل ويتخذون الاهالى درعا لهم ، وهذا أمر في غاية الخطورة .
ويكمل : نعانى من قلة المياه ولاتوجد كهرباء ولا إعانات ، حتى حصة التموين من سكر وزيت ودقيق لم نحصل عليها لأن محلات التموين بالشيخ زويد ولا يمكن الوصول اليها حتى صاحب المحل هرب ونزح من المنطقة كل ما وصل الينا كرتونة من القوات المسلحة لكل اسره كثر خيرهم "بس وين المحافظة التى لم تلتفت الينا"
يتدخل فى الحديث الحاج سليمان سالم مرافقنا فيقول ان المحافظة قامت بتشكيل لجنة لهذا التجمع فى الاسبوع الاول من رمضان وحصر متطلبات النازحين من كهرباء ومياه وحتى الآن لم يتم عمل شيىء ، تم ارسال اغاثة انسانية من جمعية الهلال الاحمر لتلك الاسر كمساعدة فورية ولكنها لا تكفى .
وبمنطقة غرب تجمع مزار بمركز بئر العبد عدد من الاسرالنازحة يعيشون فى عشش بلا اى اغاثة انسانية ، ويقول ابو عامر : توقعنا أن يصدر رئيس الوزراء ابراهيم محلب قرارات بشأن النازحين ، الا انه عاد كما وصل لم يتطرق الى ازمة النازحين ولم يتم عرض المشكلة عليه ، رغم ان أزمة النازحين تتفاقم يوما بعد يوم . ويضيف : نطالب الحكومة بإنقاذ مايمكن انقاذه قبل ان نكفر بالوطن ، اننى اخشى على اطفالى من المستقبل وكيف اربى فيهم الانتماء فى ظل حكومة لاتعتنى بالبلد ولا مستقبلها ، لو عايزة تهجرنا ياريت تقول ونحن نريحهم ونروح فى داهية"

غياب الإحصائيات
يقول مصطفى عزام ناشط سياسى ومتابع لملف النازحين : لايوجد رقم يمكن الاعتماد عليه من جهة بعينها ، انما كل الأرقام غير رسمية يمكننا ان نتحدث عن 6 آلاف نازح من الشيخ زويد ورفح نزحوا الى مدينة العريش وغربها ومنهم من نزح الى مركز بئر العبد غرب سيناء ومنهم من نزح الى الاسماعيلية
ويكمل:" فشلت محافظة شمال سيناء فى ادارة ازمة النازحين وأهم شيء انها لم تتمكن من حصر عدد النازحين ، فالعمل كان عشوائيا وفرديا وشعبيا والمحافظة فشلت فى تقديم خدمات للنازحين أو توفير مراكز ايواء او حتى فتح نزل الشباب او المدينة الشبابية او معسكر العريش الدولى لم تتحرك المحافظة نحو رفع المعاناة عن النازحين وكثير منهم عادوا الى ديارهم لعدم وجود مأوى، ورضوا بالموت والمعاناة تحت وطأة الحرب على ان يفقدوا كرامتهم وعزة نفسهم .
ويقول محمد البلك احد المتطوعين: "مشكلة النازحين تحتاج الى قدرات دولة والمحافظة هنا فشلت فى ادارة الازمة ، لقد وصل محلب الى العريش فى زيارة خاطفة لعدة ساعات فى ظل انقطاع شبكات المحمول، ولم يعلم احد من المواطنين بزيارته ، فالتقى بالمحافظ والجهاز التنفيذى ولم يعرضوا عليه مشكلة النازحين فلم يستفد احد من زيارة رئيس الوزراء "
ويقول شيخ قبيلة من رفح رفض الافصاح عن اسمه : "كان الخيار الأصعب للأهالى هو النزوح لمئات الأسر من أهالى الشيخ زويد ورفح ، باتجاه مناطق غرب العريش، حيث استقرت نحو 50 أسرة بمنطقة الميدان و40 بمنطقة السبيل و70 بحي السمران بالعريش ، و40 اسرة بمنطقة المزار غرب سيناء و48 اسرة بمنطقة المضبعه جنوب قرية الميدان ببئر العبد ، تحت ظروف إنسانية صعبة ومعقدة وفقدان الشعور بالأمان والأمل.
واضاف : كما ان هناك اسر هاجرت الى محافظات الشرقية والاسماعيلية والقاهرة هربا من حجيم الارهاب المسلح وعلى الرغم من أن الحكومة على وعي وإدارك كامل بنزوح هؤلاء، إلا أنهم يتجاهلون وكأنهم ليسوا مواطنين مصريين .
ويضيف بحزن: " حياة هؤلاء أشبه بالموت، فهم الآن محملون بذكريات الأوجاع والظلام والقتل والدمار، إضافة إلى أصوات الرصاص التي لا تفارق آذانهم وآذان أطفالهم"
ملاحقات أمنية
يقول نازحون إن قسم شرطة بئر العبد غرب سيناء يلاحق النازحين من رفح والشيخ زويد ويطالب بكفيل لهم من المنطقة يضمنهم أمام الأجهزة الأمنية ، بالاضافة الى ان حركة النازحين محدودة جدا بسبب تعرضهم للمضايقات على الأكمنة كونهم من مناطق الاشتباكات .

ويرى الدكتور حسام رفاعى نقيب الصيادلة بشمال سيناء وسياسى بارز بالمحافظة
ان الاخلاءالطوعي المؤقت للمدنيين لحين انتهاء الاحداثهو مسؤولية مباشرة للدوله بكل مؤسساتها ويجب ان يتمبنظام وفي أماكن مجهزه بكافة سبل المعيشة الآدمية المحترمة ، اما النزوح العشوائي لأهلنا في الشيخ زويد ، فيمثل خطورة كبيرة علي الأمن القومي لأنه يسبب معاناه شديدة ويؤدي الي الهجرة مما يؤدي الي تفريغ سكاني لهذه المنطقهمستقبلا .
وتابع : الفراغالسكاني والعزلة هما من أهم اسباب ما حدث وما يحدث الآن ، وهما ايضااهم اسباب الأطماع الخارجية في أرض سيناء ونحن الآن في مفترق طرقبين نظريتيالإخلاءاو الإنماء للحفاظ علي سيناءوقد تعالت في المرحله الاخيرة للأسف الشديد الأصوات العميلة التي تطالببإخلاء سيناء بحجة الحفاظ عليها وهم يعلمون تماما ان في اخلائها تحقيقمباشر لأطماع وأهداف اسرائيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.