"وحوى يا وحوى إيوحة وكمان وحوى إيوحة" لفت كلمات الأغنية الشهيرة جنبات المحل الفاخرالذى إمتلأ بكافة الفوانيس الرمضانية. تذكرت السيدة من حيث تجلس فى نفس المكان أشكال الفوانيس الرمضانية فى الأعوام القليلة الماضية .كان هناك الفانوس الزجاجى التقليدى المقسم الى ألواح زجاجية ملونة زاهية بينها فواصل معدنية بكافة الأحجام الممكنة ومكان الشمعة بداخله ظاهراً. تذكرت وقد شبعت إنتظاراً لقرار صغيرتها فى مسألة إختيار الفانوس أنها أمسكت مثل ذلك الفانوس المصنع يدوياً منذ أكثر من ثلاثين عاماً وغاص قلبها وهى تستعيد أنه رغم فرحتها السنوية بالفانوس إلا أنه كان هناك دائماً أمرين لابد من القلق بشأنهما: مشكلة إحتراق الأصابع من سخونة الحلقة الصفيح التى تمسك منها الفانوس والتى عادةً ما كانت تشتعل بعد فترة وجيزة من لهب الشمعة والأخرى أنه فى كل مرة كانت تغير الشمعة كان من الضرورى أن يصيبها جرح صغير من الزوايا الغير متساوية للزجاج الحاد. حين بدأت سنوات الإنفتاح فى النصف الثانى من السبعينيات، إشترى لها أبوها فانوساً لم تعرف وقتها انه صيني لأنها لم تكن تعرف ما هى الصين بعد ولأن كل شئ كان مصرياً فى عينيها، كان الفانوس الساحر يعمل بالبطارية الجافة ويصدر أصواتاً وألواناً مختلفة، إذا ما أتيت بالزر إلى أقصى اليمين يضيء وينطفيء بإستمرار، وإذا ما أتيت به إلى أقصى اليسار يضيء الكتكوت الأصفر بداخله ويصدر أصواتاً، وإذا ما جعلت الزر فى المنتصف تماماً ثبٌتت إضاءته على المصباح الأصلى للفانوس. كانت تقنيات الفانوس الجديد ساحرة وخاصة انه لا يلسع الأصابع أولا يخدشها. لكنه كان جافاً، تماماً مثل ما يبعث فيه الطاقة! فى السنوات القليلة الماضية كان بالمتجر الفوانيس الصينية على كافة الأشكال الفنية والرياضية والإجتماعية المشهورة وكل شخصيات الألعاب وحتى فوانيس الثورة المصرية.اليوم، فى عام 2015 تملأ فوانيس السيسى المتاجر، فوانيس له وهو يؤدى التحية العسكرية وفوانيس له وهو على رأس الدبابة وفوانيس أخرى على شكل عرائس تقليدية بمروحة تحضر لك نسمة لطيفة وانت تستمع إلى أغنية رمضان جانا، وفوانيس ميكى وغيرها. وكل بضعة سنوات تختفى شخصيات فانوسية، تندثر تماماً فلا يسمع عنها أحد وتظهر أخرى جديدة وبراقة لتندثر بدورها بعد وقت وهكذا. فى كل عام كانت تستعجب من قدرة الصينين على العكوف على دراسة سيكولوجيتنا وإهتماماتنا ثم صناعة فوانيس يجبروننا على شرائها والتمتع بها. حتى أثلج صدرها قرار وزير التموين بمنع إستيراد الفوانيس الصينية وأن يكون الفانوس الرمضانى من صنع أيادى مصرية. ورغم انها لم تفهم ما سر التواجد المكثف للفوانيس الصينية رغم القرار، إلا أن روح رمضان الطيبة جعلتها تصدق هذا الخبر، وربما هى نفس الروح التى جعلت صغيرتها تختار فانوساً مصرياً اصيلاً ذو زجاج ملون ومكان للشمعة، ولم تقف كثيراً أمام تفسير هذا أو ذاك فقد كانت فى عجلة من أمرها للعودة وإحضار الشمعة وغلق الأنوار والدوران حول فانوس رمضان المصرى..الجميل.