تعمل الصين على غزو الساحة الخلفية للولايات المتحدة امريكية اقتصاديا، فلقد اختتم رئيس الوزراء الصيني "لي كه تشيانغ" زيارته للبرازيل بتوقيع 33 اتفاقية ثنائية، معظمها مشاريع استثمارية تتعلق بقطاعات الطاقة والتعدين والطيران وتطوير البنية التحتية البرازيلية. وتأتي زيارة تشيانغ للبرازيل بداية لجولة ستشمل كولومبياوبيرو وشيلي، ومن المتوقع أن تنتهي جولته في دول أميركا الجنوبية بتوقيع العشرات من الاتفاقيات الاقتصادية. وقالت رئيسة البرازيل "ديلما روسيف" إن إجمالي قيمة الاتفاقيات التي تم إبرامها مع الصين تصل إلى نحو 53 مليار دولار، وأعلنت أن "البنك الصناعي والتجاري الصيني" يعد أكبر مصرف في العالم من حيث حجم الأصول، حيث انه سينشئ صندوقا بقيمة 50 مليار دولار مع أكبر بنك للإقراض العقاري في البرازيل للاستثمار في مشاريع للبنية التحتية في أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية. ووقعت شركة النفط البرازيلية بتروبراس الحكومية، اتفاقيتين للتمويل بقيمة 7 مليارات دولار مع بنوك صينية حكومية، واتفاقا ائتمانيا بقيمة 5 مليارات دولار مع بنك التنمية الصيني وخط ائتمان بقيمة ملياري دولار مع بنك التصدير والاستيراد الصيني. كما وقع البلدان اتفاقات للتجارة والتمويل والاستثمار وشراء طائرات ركاب بقيمة مليار دولار من شركة امبراير البرازيلية لصناعة الطائرات. واتفقا على التعاون لتوسيع الموانئ والمطارات والطرق وشبكة السكك الحديد في البرازيل والزراعة، وكذلك اتفقا على مشروع لربط البرازيل بالمحيط الهادي بالقطار عبر أراضي بيرو، لكن جدوى المشروع لا تزال غير مؤكدة، بينما وصفت رئيسة البرازيل المشروع بأنه "طريق جديد إلى آسيا، من شأنه أن يوفر فرصا للبرازيل ويحد من المسافات والتكاليف"، وأثنت على دعم الصين لهذا المشروع. ويأتي ضخ الصين استثمارات ضخمة في السوق البرازيلية، وتحركها نحو معظم أسواق أميركا اللاتينية، بعد نجاحها في الدخول بقوة للأسواق الأفريقية والآسيوية، لتنافس بذلك القوى الغربية الكبرى وخاصة الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية. وكان الرئيس الصيني "شي جين بينغ" قد تعهد خلال الشهر الجاري، بأن بلاده ستستثمر 250 مليار دولار في أميركا اللاتينية على مدى الأعوام العشرة القادمة في إطار سعيها لتعزيز نفوذ بكين في منطقة هيمنت عليها واشنطن لفترة طويلة، وأضاف خلال منتدى مجموعة أميركا اللاتينية والكاريبي، وهو تجمع يضم 33 دولة في المنطقة لا تشمل الولاياتالمتحدة وكندا "إن حجم المبادلات التجارية بين الصين وأميركا اللاتينية سيرتفع إلى 500 مليار دولار في غضون السنوات العشر القادمة". ويرى مراقبون، أن الصين بدأت تتحرك بالفعل، لانتزاع حصص أكبر في الأسواق الخارجية التي تعدّ تاريخيا أسواقا تقليدية لأوروبا وأميركا، إما بفعل روابط الاستعمار السابقة لتلك الدول، أو بفعل القرب الجغرافي، واعتبروا أن التمدد الصيني في أميركا الجنوبية، التي تعد الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، وقبلها التمدد في أفريقيا وآسيا، أشبه بتشكيل أحزمة مالية لتطويق المنافسين، مشيرين إلى أن الصين انتهجت دبلوماسية اقتصادية، مكنتها من تعزيز تواجدها في معظم الأسواق العالمية، موضحين أن مشروع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، لا يخرج عن سياق الاندفاع الصيني نحو كسر طوق الهيمنة الأميركية والأوروبية المالية والاقتصادية.