وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً سلبيا في تأجيج مشاعر التعصب والبغض والكراهية والاحتقان بين جماهير الأندية يجب على وسائل الإعلام التخلي عن النعرة الوطنية .. والإعلامي يجب ألا يكون مشجعا بل معلقاً وناقدا وضع التشريعات والضوابط الإعلامية ضرورة ملحة لنبذ التعصب رؤساء الأندية يجب أن يلعبوا دورا مهما في توجيه الجمهور نحو التشجيع بروح رياضية الحرية الإعلامية مهمة ولكن سقف الحرية هو المهنية، وسقف المهنية هو الأخلاق دعا المشاركون في جلسة "الإعلام والتعصب الرياضي" التي عقدت اليوم ضمن فعاليات منتدى الإعلام العربي، وسائل الإعلام المختلفة إلى ضرورة التصدي لظاهرة التعصب الرياضي، وتوضيح خطورته، والتأكيد على إيجابيات التنافس الرياضي الشريف والتشجيع الراقي. وأشار المشاركون في الجلسة إلى الدور السلبي الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج مشاعر التعصب والبغض والكراهية بين جماهير الأندية، وقالوا إن هذه الوسائل الإعلامية تقوم بتغذية مشاعر الاحتقان بين الأندية. ودعا المشاركون وسائل الإعلام إلى التخلي عن النعرة الوطنية، مؤكدين على أن الإعلام يجب ألا يكون مشجعا بل معلقا وناقدا، كما دعوا الدول العربية إلى وضع تشريعات وضوابط إعلامية تنبذ التعصب، مشيرين إلى الدور المهم الذي يجب أن يلعبه رؤساء الأندية في توجيه الجماهير نحو التشجيع بروح رياضية. تحدث في الجلسة مجموعة من الإعلاميين المتخصصين في المجال الرياضي وهم: حسن المستكاوي، الكاتب والناقد الرياضي المصري، وعز الدين ميهوبي، وزير الاتصال الجزائري السابق، واللواء محمد خلفان الرميثي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وأدار الحوار مصطفى الأغا، رئيس القسم الرياضي في قناة "إم بي سي". في بداية الجلسة، أشار الأغا إلى خطورة التعصب الرياضي، مؤكدا أن التعصب لا يكون فقط داخل الملاعب بل أيضا خارجها وربما يتسع نطاقه على مستوى أوسع وعلى نطاق اجتماعي كبير على مستوى الدول. واستشهد بالمذابح التي شهدتها بعض الملاعب العربية مؤخرا والتي راح ضحيتها العديد من المشجعين، الأمر الذي اسهم في تهديد الأمن القومي في تلك الدول. ووجه الأغا الشكر للقائمين على منتدى الإعلام العربي لإتاحة الفرصة لعقد هذه الجلسة الرياضية المخصصة لموضوع "التعصب"، مشيرا إلى أنه شن مؤخرا حملة لنبذ التعصب في برنامجه "صدى الملاعب" غير أن حملته لم تحقق نجاحا وكانت بمثابة "صرخة في واد". ثم عرض الأغا فيديو يوضح خطورة التعصب الرياضي، حيث تضمن مشاهد دامية من مباريات مختلفة في بعض الملاعب العربية بما في ذلك مذبحة مباراة الأهلي المصري والنادي المصري البورسعيدي والتي أطلق عليها إعلاميا "مذبحة بورسعيد". وأوضح الأغا أن الفيديو كان شعاره "لا للتعصب الرياضي بكل أشكاله ومبرراته، نعم للتنافس الشريف، نعم للتشجيع الراقي في كل المنافسات الرياضية". ووجه الأغا سؤالا لخلفان الرميثي حول مدى خطورة التعصب الرياضي في دولة الإمارات، وأوضح الرميثي قائلا إن ظاهرة التعصب موجودة ولكن ليس بالقدر الذي تشهده بعض الملاعب الرياضية العربية. وأوضح أن "التعصب الرياضي في الإمارات لم يصل إلى مرحلة الظاهرة بعد، غير أن التعصب موجود منذ السبعينيات، ولكنه لا يمثل مصدر قلق". وأشار الرميثي إلى أن الإمارات بادرت بسن قانون "أمن الملاعب" والذي سوف يطبق على جميع الاتحادات الرياضية في الدولة. من ناحيته، تحدث عز الدين الميهوبي عن أزمة مباراة مصر والجزائر الشهيرة في تصفيات كأس العالم، مشيرا إلى أنه رغم ما حدث من تعصب بغيض خلال تلك الأزمة فإن صوت العقل والحكمة هو الذي ساد في النهاية حتى أن الجماهير المصرية قامت بتشجيع فريق الجزائر في مونديال جنوب إفريقيا ومونديال البرازيل. وقال الميهوبي إن التعصب الرياضي مرده الشحن الإعلامي السلبي والانتماء السلبي والشعور بالقدرة على التفوق على الآخر لدرجة إلغائه الأمر الذي يخلق هستيريا وتطرف بغيض. وأشار إلى بعض مظاهر التعصب في العالم، مستشهدا بما حدث للاعب الكولومبي سكوبار في إحدى مباريات كأس العالم السابقة عندما قتله أحد المشجعين بإطلاق النار عليه ردا على هدف عكسي سجله سكوبار في مرماه. كما أشار الميهوبي إلى ما حدث عام 1988 في الأرجنتين، عندما قام مشجعون بإنشاء كنيسة باسم اللاعب مارادونا ، كما أشار أيضا إلى قيام فريق "بوكا جونيور" الأرجنتيني بإنشاء مقبرة خاصة له ولأنصاره فقط. وتطرق الميهوبي للحديث عن ملابسات أزمة مباراة مصر والجزائر، مشيرا إلى أن الإعلام المنفلت لعب دورا أساسيا في تأجيج مشاعر التعصب بين جمهور البلدين، مؤكدا أنه كانت هناك تراكمات ورواسب سابقة لعبت دورا في إشعال نار الفتنة بين جماهير البلدين. وأضاف الميهوبي أن الأزمة حدثت عندما كان وزيرا في بلاده، مذكرا أنه في هذا الوقت دعا إلى نبذ التعصب والتهدئة بين الجماهير، وأعاد إلى الأذهان في ذلك الوقت أن النشيد الوطني الجزائري كان من تلحين الموسيقار المصري الراحل محمد فوزي. دور الشيطان وقال حسن المستكاوي إن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دور "الشياطين"، حيث تمارس دورا خبيثا في تكريس مشاعر التعصب، وهو ماحدث خلال أزمة مباراة مصر والجزائر. وأضاف المستكاوي أن التعصب أنواع، فهناك الانتماء الحميد الذي ينبذ العنف، فيما هناك الانتماء البغيض الذي يفضي إلى التعصب والعنف والجرائم، مشيرا إلى أن دراسة حول أسباب التعصب، جرت بين جماهير فريقي تورينو ونابولي في إيطاليا، توصلت إلى أن المتفرج يكون مقيدا خارج الملعب بقوانين صارمة لا يمكن تجاوزها، وبالتالي يكون الملعب هو المكان الوحيد الذي يتجرأ فيه المتفرج على تفريغ مشاعره المكبوتة، في الوقت الذي كشفت فيه الدراسة أيضا أن المتفرج ينظر إلى الحكم في الملعب على أنه يمثل السلطة السيادية التي يجب معارضتها. وتطرق المستكاوي للحديث حول أزمة مباراة الأهلي المصري والمصري البورسعيدي، مشيرا إلى أن ماحدث كان نتيجة احتقان بين جماهير الناديين على مدى خمس سنوات، متسائلا: كيف سمحت السلطات المصرية بنمو هذا الاحتقان لدرجة أن جماهير الأهلي قامت بتحطيم منشآت محطة قطار بورسعيد يوم المباراة ، وكان الرد عنيفا من جانب جماهير المصري. وأشار المستكاوي إلى أن هذا الاحتقان تغذيه وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن المعلق الرياضي يرى نفسه بطلا قوميا كلما انحاز لفريقه أو فريق بلده. وقال إن "الإعلام يجب أن يتخلي عن النعرة الوطنية مثلما هو الحال في أوروبا، ويجب ألا يكون الإعلامي مشجعا بل معلقا وناقدا فقط. وعن دور الإعلاميين قال الرميثي إن "الولاء مطلوب والانتماء مهم وهي مشاعر جميلة ومحببة لكن لا يجب أن يتحول الولاء إلى عنف وتعصب وبغض وعنصرية. وأشار إلى أن الإعلام يضطلع بدور رئيسي ومهم في نبذ التعصب، مؤكدا أن هناك وسائل إعلام تنتمي إلى أندية معينة وتعتبر بوقا لها، كما توجد برامج حوارية تليفزيونية تتحيز لأندية دون أخرى. ودعا الرميثي الإعلام إلى عدم التركيز على السلبيات والحديث عن الإيجابيات. وأكد أن الإعلام يمتلك الأداة الرئيسية لتوصيل الرسائل الإيجابية والتركيز عليها، مشيرا إلى السبيل الوحيد لمحاربة التعصب هم الإعلام الإيجابي، "فلسنا في حاجة لإعلام يؤجج الخلافات والتعصب". وعن آليات نبذ التعصب، قال الميهوبي إن هناك حاجة لسن تشريعات لتنظيم العمل الإعلامي بشكل عام، مشيرا إلى "الحرية الإعلامية مهمة ولكن سقف الحرية هو المهنية، وسقف المهنية هو الأخلاق". وأوضح الميهوبي أن "التشريع الإعلامي واجب وضروري وعلى كل دولة أن تحدد الضوابط الإعلامية لنبذ التعصب"، مشيرا إلى أنه في بريطانيا قامت السلطات عام 1985 بوضع ضوابط لمنع دخول المشاغبين الملاعب الرياضية وبالتالي نجحوا هناك في محاربة التعصب. وأكد الميهوبي على أهمية دور مسؤولي الأندية في توجيه المشجعين والجمهور نحو نبذ التعصب والتشجيع بروح رياضية. كما أشار الميهوبي إلى أهمية الخطاب السياسي لقادة الدول للتنبيه بأن الرياضة هي الأخلاق. وتطرق الرميثي لظاهرة "الألتراس"، مشيرا إلى أنها في البداية ظهرت في أمريكاالجنوبية، وكان هدفها تشجيع الشباب على مؤازرة ناديهم، غير أن هذه المجموعات تحولت إلى مجموعات عنف، ووصلت هذه الظاهرة بسلبياتها إلى بعض الدول العربية. وطالب الرميثي بالعودة إلى مجموعات المشجعين التقليدين ، مؤكدا أن "الألتراس" تحولوا إلى مجموعات ضغط سياسية في بعض الدول العربية. وطالب الرميثي بحماية منظومة التحكيم التي تحتاج إلى الدعم والتشجيع وليس الترهيب.