المراهقة البريطانية كاري موليجان قفز اسمها فجأة كنجمة شابة لتصبح واحدة من الخمس الكبار المرشحات لجائزة أوسكار أحسن ممثلة عن دور التلميذة المراهقة في فيلم «تعليم» ودفعها الترشيح إلي أن تصرح «الفوز يعني كل شيء بالنسبة لي.. الأمر كله جنون». وهو جنون فعلا أن تصل إلي الوقوف في صف ممثلات مخضرمات مثل ميريل ستريب وهيلين ميرين وكلتيهما فائزة بالأوسكار من قبل.. كان من الممكن أن تكون كاري موليجان مفاجأة الأوسكار، خاصة وقد ذهبت إلي الحفل الختامي لجوائز الأوسكار هي فائزة بجائزة بفتا (الأوسكار الإنجليزي) عن نفس الدور قبلها بأيام، وتسلمت جائزتها من ممثل هوليوودي شهير هو ميكي رورك. والسؤال الآن: من هي كاري موليجان؟! كمراهقة، فقد فصلت من ثلاث مدارس للدراما في العاصمة الإنجليزية، قبل أن ينتهي بها المطاف إلي مركز يدرب الفتيات كمطربات لأغاني «البوب» ولا عجب أن تصعد إلي منصة الفوز بجائزة «البفتا» مبهورة الأنفاس وهي لا تصدق أن دور «جيني «التلميذة المراهقة» في فيلم «تعليم» الذي يصور كيف تتعرض للإغواء في جو الستينات والمأخوذ عن مذكرات لابن باربر، ولفت الانتباه في مهرجان «صندانس» لسينما الشباب في العام الماضي. ولامرة في المليون أول رد فعل للنجمة الجديدة كاري موليجان (24 سنة) هو قولها: «لم أتخيل، ولمليون سنة قادمة أن هذا يمكن أن يحدث.. أن يعني كل شيء لي.. إنه يعني جنوب مطبق».. إن فوزها المفاجئ بجائزة «البفتا» كأحسن ممثلة، يعني أن تذهب إلي هوليوود لتقتحم كل الحواجز وتنافس ممثلتين مخضرمتين مثل ميريل ستريب وهيلين ميرين علي جائزة أوسكار أحسن ممثلة في ليلة الأوسكار الشهيرة، لقد دعم هذا من مكانتها في عاصمة السينما الأمريكية إذ أعطاها المخرج الكبير أوليفر ستون دور البطولة أمام النجم مايكل دوجلاس في الجزء الثاني من فيلم «وول ستريت» الذي اختار له عنوان «المال لا ينام». ومع هذا فهي لا تترك هذا النجاح يدير رأسها إذ تقول «إنني أشعر بأنني لم أتغير.. إن فيلم «تعليم» Aneducalier قد قادني للعمل في عدة أفلام قادمة لكن تبقي الحياة جميلة كما أعتدتها دائمًا. وتستمر تعقيبًا علي نجاحها كبطلة قائلة: إنني لم أحظ بدور بطولة من قبل، ولهذا عندما حدث وأصبحت بطلة، كان هذا أكبر مني، ومنذ تلك اللحظة، والأمر يكبر أكثر وأكثر لكي يتيح لي فرصًا لأدوار مدهشة، لكنني لا أستيقظ في الصباح لكي أسأل نفسي ما الذي أرتديه وأنا أذهب إلي حفل الأوسكار.. بل أفكر.. إنني لا أستطيع أن أتذكر عبارات الحوار التي سأؤديها اليوم أمام الكاميرا.. لقد كبرت وأنا ألاحظ ممثلات كبيرات تركن تأثيرهن علي مثل أوماثومبسون التي شاركتها العمل في فيلم «تعليم». مولد نجمة موهوبة إن النجمة الجديدة كاري موليجان لا تنحدر من أسرة فنانين، فوالدها احترف العمل في الفنادق، وظلت حتي الثامنة من عمرها تعيش متنقلة بين فندق وآخر، ولم تكن قط مثل بطلة فيلم «تعليم» جيني التلميذة المشاكسة، وكانت دائمًا منضبطة في سلوكياتها، وعندما بدأت تتجه للدراسة الجامعية، كانت في نفس الوقت تجرب الحظ للالتحاق بمدارس الدراما دون أن تخبر أحدًا من الأسرة، وكانت تخفق في كل مرة وتضع نفسها في حرج، وكانت تلك أكبر «مشاكسة» أتتها. ولم تحصل علي تدريب درامي، ولهذا تصورت أن الاتجاه إلي العمل المسرحي هو الحل، لكن هذا أفادها وقادها إلي «ضربة الحظ».. بدأت بدور صغير في فيلم جوني درب، «عدو الشعب» وعندما سألوها إذا كان من الممكن أن تصبغ شعرها، شعرت بأن شعرها تحول إلي أعواد من القش ولهذا فضلت قصه. أما كيف اعترضت طريق المخرج الكبير أوليفرستون وتصبح بطلة فيلمه الجديد، فهي تقول: «كان ذاك متعة كبيرة.. أنه أكبر حدث يعترض حياتي.. وأوليفر ستون عبقري وأنا مشوقة لرؤية تجربتي معه. لقد كان علي أن اعتاد لهجة التطور الأمريكية لكي أودي الدور، وقد اقتبست اللهجة من كثيرين من معارفي الأمريكيين. إن كاري موليجان، في صعودها المثير إلي القمة، كانت اللحظة الفاصلة في رحلة الصعود هي العمل مع النجمة البريطانية كايرا نايتلي لكي تؤدي دور كيتي بليت في العمل التلفزيوني «رغبة وكبرياء» المأخوذ عن قصة الكاتبة الإنجليزية الشهيرة جين أسبورن، وتبعتها بعدة أدوار تليفزيونية مميزة قبل أن تحصل علي دور البطولة في فيلم «تعليم» أمام زميلها الممثل روزموند بايك.. أما حياتها العاطفية فهي مستقرة إذ اعتادت أن تقضي أمسياتها مع هاتك شيا لوبوفي، وقد تقابلا خلال العمل مع أوليفر ستون في فيلمه «وول ستريت.. المال لا ينام». لعنة الأوسكار يبدو أن الحصول علي الأوسكار له- سلبياته دائمًا.. فبعد أيام قليلة من حصول ساندرا بولوك علي جائزة أحسن ممثلة عن بطولة فيلم «الجانب الآخر» تعرضت ساندر لأقسي فضيحة في حياتها إذ ضبط زوجها جيبي جيمس تاجر السيارات الذي تزوجها عام 2005 وهو يخونها مع واحدة من راقصات الاستربيز «العري» وكان معني هذا أن تبدأ علي الفور في اتخاذ اجراءات الطلاق وهي لحسن الحظ لم تنجب منه أطفالا.. وقد كان هناك نذير لهذه اللعنة عندما اختيرت ساندرا بولوك للفوز بجائزة راتزي «التوتة الذهبية» كأسوأ ممثلة في العام عن دورها في الفيلم الكوميدي «البحث عن ستيف» وذلك في الأسبوع الذي فازت فيه بأوسكار أحسن ممثلة عن فيلم «الجانب الآخر» وبطولته نسائية مطلقة وحقق نجاحا تجاريا ضخما في عروضه الأولي إلي حد أنه أدر 200 مليون دولار في أسبوعه الثالث. اسمها الحقيقي ساندرا آنيت بولوك من مواليد فيرجينيا عام 1964 وأمها هيلجا ميير مطربة الأوبرا الألمانية وأبوها جون بولوك مدرس الصوتيات في الباما.. وكان جدها واحدا من علماء الصواريخ في نورمبرج وهناك أمضت ساندرا سنوات طفولتها وشاركت بالغناء مع كورال الأطفال بالأوبرا، وكانت تسافر مع أمها في حفلاتها في دول أوروبا ودرست فنون الباليه، وشاركت أمها في عدد كبير من الحفلات. سافرت ساندرا إلي أمريكا وهي في الثانية عشرة ودرست في المدرسة الثانوية بواشنطن قبل أن تلتحق بجامعة كاليفورنيا وبعدها تلقت دروسا في التمثيل في مدينة نيويورك واكتشفها المخرج آلان ليفي وقدمها في دور في فيلم تليفزيوني عام 1989 واستقرت في لوس أنجلوس وظهرت في عدد من الأفلام أشهرها فيلم الخيال العلمي «الرجل المدمر» أمام سيلفستر ستالوني وأخذت طريقها إلي البطولة في فيلم «سبيد» بجزءيه وارتفع أجرها إلي 17 مليون دولار وتوالت أشهر أفلامها «عندما تنتهي الحفلة» 1992م و«في الحب والحرب» 1996 و«أمير من مصر» 1998 و«كراش» 2004 الذي اعتبره النقاد أفضل أفلامها و«بيت البحيرة» 2006 الذي حقق إيرادات وصلت 314 مليون دولار. وتجيء فرحة فوزها بالأوسكار 82 كأحسن ممثلة لكنها لم تنجو من لعنة الأوسكار وحسد الفوز به. السياسة تصفع الجائزة قد يكون مقبولا في المهرجانات السينمائية العالمية أن تكون هناك حسابات سياسية بين دولة وأخري تحكم الجوائز الكبري في هذه المهرجانات.. أما أن تمتد هذه الحسابات لتفرض سيطرتها علي أكبر الجوائز السينمائية في العالم وهي «الأوسكار» فتلك «صفعة» وسقطة أخلاقية بكل المعايير... إن فيلم كاترين بيجلو «خزانة الألم» الفائز هذا العام بأوسكار أحسن فيلم.. فيلم دعائي فج عن جنود أمريكا المحاربين في العراق.. وربما هذا ما دعا المخرجة وهي تصعد المنصة لتتسلم الأوسكار لأن تهدي الفوز في استفزاز إلي جنود أمريكا المحاربين في أفغانستان والعراق.. فالفيلم يحكي عن صفوة من هؤلاء الجنود الذين تخصصوا في إبطال مفعول القنابل.. الكم المهول الذي ألقته الطائرات الأمريكية من القنابل في العراق، ولم تنفجر.. وصورتهم أبطالا وهم ينزعون عن هذه القنابل فتائل الانفجار.. أو يبطلون فخاخ المتفجرات التي يزرعها المقاومون للجيش الأمريكي وهو ينثر الخراب في المدن العراقية.. إن «خزانة الألم» فقير الميزانية لا يرقي بالطبع إلي عظمة الأفلام التي نافسها في الأوسكار مثل «أفاتار» أو «عاليا في السماء» أو غيرهما.. وفي الحقيقة كان فيلم جيمس كاميرون «أفاتار» هو الذي يجب أن يفوز بفضل تقنيته السينمائية المتميزة وسيطرته فكريا وفنيا علي جماهير السينما في العالم. ولتحقيقه لأعلي إيرادات في شباك التذاكر حقق مليارين وسبعمائة مليون دولار.. لكن حدث ولا حرج.. إنها السياسة.. وإذا كانت كاثرين بيجلو التي تزوجت كاميرون عام 1989 واستمر زواجهما أكثر من عامين قبل أن ينفصلا بالطلاق، قد كسرت ولأول مرة في تاريخ الأوسكار الحاجز كأول امرأة تفوز بجائزة أحسن إخراج، لكنها ليست أفضل ممن رشحن قبلها مثل الألمانية لينا فيرتموللر بفيلم «الجميلات السبع» 1976 وجين كامبيون بفيلم «البيانو» 1993 وصوفيا كوبولا ابنة فرانسيس فورد كبولا - بفيلم «مفقود في الترجمة» 2003. وأعود إلي فيلم «خزانة الألم» الذي يروي قصة من جانب واحد المفروض أن تجري حوادثه علي أرض العراق وهذا لم يحدث فقد صورت مخرجته الأحداث كلها في بقعة من صحراء الأردن ولم يظهر أي من شعب العراق في لقطاتها إلا عبورا ومجازا واعتمدت علي طاقم من الممثلين المجهولين لتحركهم متجاهلة تماما أن تعرض ولو علي سبيل التواجد المدنيين من شعب العراق وهم الضحايا الحقيقيين للحرب الأمريكية.. إن أكثر ما قدمت كاترين بيجلو من أفلام قبل «خزانة الألم» كان مظلما ومخيفا مثل أفلام مصاصي الدماء ومغامرات أفلام الغرب الأمريكي وإن أجادت الإثارة والحركة كما فعلت في فيلمها «صانعة الأرامل» عن غواصة روسية تتعرض لخطأ مدمر وهي تطلق أحد صواريخها. لكن الحقيقة تبقي في القول الصادق «ابحث عن السياسة» حتي وراء فوز فيلم مثل «خزانة الألم» بخمس جوائز أ وسكار لا يستحقها وقد حدث هذا مرة عندما فاز فيلم «صمت الحملان» بست جوائز أوسكار لا يستحقها فهو فيلم جريمة ويحكي عن آكل للحوم البشر.. أما استبعاد فيلم «أفاتار» لجيمس كاميرون فقد كان سببه الحقيقي أنه يفضح السياسة الأمريكية ونزعة الحروب التي تفرضها علي الشعوب الصغيرة حتي ولو كانت في فضاء خارجي مثل كوكب «باندورا».