ربما لا يعلم الكثيرون أن شارع المعز بالقاهرة التاريخية كان يسمي بين القصرين لمرور موكب المحمل به وخاصة أن منطقة الخرنفش التي كان تصنع بها كسوة الكعبة قريبة جدا منه شارع المعز لدين الله هو قلب القاهرة الفاطمية ورصد لتاريخها بما يحتويه من كنوز أثرية ترصد الحياة في ذلك العصر الذي يعود الي القرن العاشر الميلادي، هذا الشارع يحتوي 11 قرنا مضت بمساجده ومدارسه واسبلته ووكالاته وحتي المستشفيات والمحلات التجارية.. هو تجسيد لتاريخ نعتز به بحلوه ومره . إن المتجول بهذا الشارع يتنفس عبق القاهرة القديمة بروائح البخور والعطور التي تنبعث من المنطقة التجارية تعيدك إلي أجواء القاهرة الفاطمية، وخلال شهر رمضان الكريم تتحول هذه المنطقة إلي مزار عالمي يحرص الجميع علي ارتياده وتتحول المنطقة بما يشبه الكرنفالات العالمية. لذا حرصت الدولة علي الحفاظ علي الطابع المعماري والاثري لهذه المنطقة ومرت المنطقة بعدة مراحل للتطوير والحفاظ عليها، كان آخرها منذ سنوات قليلة فيما يسمي بمشروع القاهرة التاريخية التابع لوزارة الثقافة والتي قامت بمجهود رائع (رغم بعض التحفظات) لخفض منسوب المياه الجوفية واعمال الترميم التي طالت ما يقرب من ثلاثين أثرا وكان الهدف ان يتحول المكان إلي ما يشبه المتحف المفتوح وأن تتحول الشوارع بهذه المنطقة إلي شوارع مشاة فقط. وفور الانتهاء من تطوير البنية التحتية (المرافق كلها ) بدأ تطوير الشارع من بوابة الفتوح وحتي تقاطع شارع الأزهر بطول 1400 متراً وذلك في 1/3/2009 بتكلفة قدرها ثلاثة وعشرون مليون جنيه مصري تمت كالآتي : تطوير جميع واجهات المنازل والمحلات المطلة علي جانبي الشارع . رصف أرضية الشارع بتبليطه بالجرانيت الأسود الأسواني المحلي (سبعة آلاف وخمسمائة متر مربع) عمل الأرصفة بترابيع الجرانيت (أربعة آلاف وتسعمائة متر مربع) عمل البردورة من الجرانيت (ألفين وتسعمائة متر طولي). تم إنارة الشارع بالفوانيس والكوابيل المصنعة خصيصاً علي الطراز القديم الكلاسيكي الذي يتماشي مع عصر الآثار الموجودة به كما تم وضع فوانيس مدفونة بالأرصفة وموجهة إنارتها علي حوائط الآثار وذلك لإظهار جمالياتها وتم التحكم في حركة دخول السيارات بعمل بوابات الكترونية وضعت علي جميع المنافذ المؤدية للشارع وتغلق من السابعة صباحاً حتي الواحدة بعد منتصف الليل مساءً بتكلفة ثلاثة ونصف مليون جنيه وذلك لإعطاء الفرص للمشاة والسائحين للحركة بيسر والتمتع بمشاهدة الآثار الموجودة بالشارع. ووصلت التكلفة الإجمالية للمشروع ما يقرب من 35 مليون جنيه وتم الافتتاح يوم الأحد 14 فبراير 2010 وللأسف بعد الثورة وبعد الانفلات الأمني تم نزع البوابات التي تتحكم في دخول السيارات الي المنطقة وتحولت شوارع المشاة إلي شوارع يرتادها كل أصناف وسائل النقل من ملاكي ونقل وتوك توك ودراجات بخارية وباعة جائلين وسرقت الكشافات المدفونة التي كانت تنير المنطقة بإضاءة الليزر غير المضرة للآثار وفي إحدي جولات جمعية المحافظة علي التراث المصري لهذه المنطقة هالنا ما حدث بالمنطقة من تعديات وانتهاكات فقمنا فورا بتوجيه استغاثة الي كل المسئولين هذا نصها: استغاثة لقد قامت وزارة الدولة للآثار بمجهود خرافي في الحفاظ علي قلب القاهرة التاريخية المتمثل في آثار شارع المعز بمنطقة الحسين وتم صرف مبالغ طائلة حتي تعود تلك المنطقة لرونقها وتم عمل صرف صحي وخفض منسوب المياه الجوفية ومشروع إضاءة بطريقة فنية جذبت كثيرا من السائحين والمصريين لزيارة هذه المنطقة والاستمتاع بها وتم منع السيارات من الدخول الي هذه المنطقة إلا في ساعات متأخرة من 1 صباحا حتي 7 صباحا لخدمة المنطقة التجارية . لكن وبالرغم من احتفالاتنا بشهر رمضان الكريم وازدياد أعداد الزيارة لهذه المنطقه تم استباحة هذه المنطقة ويتم دخولها بالعربات والدراجات البخارية ليلا ونهارا . لذا نحن نحذر من كارثة مقبلة حيث إن شوارع هذه المنطقة مرصوفة بطريقة للمشاه فقط ولا تصلح لمرور هذا الكم من العربات مما يعرض المنطقة كلها لكارثة نتيجة ضغط العربات علي كل المرافق (مياه - كهرباء - غاز - صحي) بخلاف التأثير السيئ للتلوث من عوادم العربات علي الآثار. ومن منطلق حرص جمعية المحافظه علي التراث المصري نهيب بكل من يعتز بآثاره التدخل السريع لوقف هذه الكارثة والمهزلة التي تحدث في هذه المنطقة . توقيع رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية المحافظة علي التراث المصري كان ذلك بتارخ 30 / 7 / 2012 وتم إرسالها الي وسائل الاعلام المختلفة وفي تحرك سريع قام سيادة الدكتور الوزير محمد إبراهيم وزير الدولة للآثار برفع الموضوع لسيادة الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية وفي اتصال تليفوني مع سيادة الوزير صرح بأن الموضوع نال اهتمام كل القيادات وسوف يتخذ قرارا قريبا جدا لعلاج ذلك، وفي صباح يوم الثلاثاء 10 / 8 / 2012 قابل وفد من الجمعية ضم كل من المهندس ماجد الراهب رئيس مجلس الإدارة والمهندسة نعمة عبد الجواد والدكتورة سحر إبراهيم أعضاء المجلس الاستاذ محمد عبد الرحيم رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية للتشاور حول هذا الموضوع وفي تلك المقابلة صرح رئيس القطاع بأنه تمت مناقشة استغاثة الجمعية مع السيد الدكتور محمد إبراهيم وزير الدولة للآثار بالأمس وتم اعتماد مبلغ مليون جنيه لعمل عوارض بجميع شوارع المنطقة المخصصة للمشاة لمنع السيارات من المرور وتم توجيه الشكر للجمعية وأعضائها علي حرصهم الشديد علي تراثنا وتحركاتهم السريعة. لذا كان لزاما علينا أن نتوجه بالشكر لكل من السيد الدكتور الوزير والسيد رئيس قطاع الآثار الاسلامية والقبطية علي استجابتهما السريعة لنداء الجمعية وهذا يزيدنا إصرارا علي تفعيل دور الجمعيات الأهلية في المجتمع والدولة وأهمية العمل الأهلي والمشاركة مع اجهزة الدولة .