نحن كمصريين دائماً ما نبحث وننتظر شيئاً يعيد إلينا إحساسنا بالمجد، نتشبث بكل ما يشعرنا بالفخر، وكأنها المبرر لأخطاء كثيرة نرتكبها في حق بعضنا البعض، أو ترتكبها الحكومة في حقنا. ويقول أحمد المسلماني في مقدمة كتاب العالم أحمد زويل «إننا شعب يملك ذاكرة فولاذية آحادية أي أنها تتذكر الأحداث الجميلة وتسقط من ذاكرتها الأحداث المؤسفة أو التي تعصف بنا كشعب». فوسط جو يخيم عليه الحزن بسبب السيول التي أطاحت بمدينتي العريش وأسوان، استطاع الشعب المصري أن يحتفل بمنتخبه الوطني في استاد القاهرة، علي أن يخصص دخل الحفل لضحايا السيول، إلا أنه وأثناء كتابة هذه السطور لم نعلم كم وصل المبلغ الذي جناه الاحتفال، ولا الطريقة التي ستصل بها المساعدات إلي مستحقيها.. في حين وصل عدد الحضور إلي 60 ألف مشجع ومستمع.. إذن فنحن شعوب تتغاضي عن الكوارث ولا تذكر سوي الانتصارات. واقعتان حدثتا في الأسبوع الماضي الأولي حصول اللبنانية هيفاء وهبي علي لقب الأكثرجاذبية بين نساء العالم، ولأول مرة تصبح الأفضل في شيء علي الإطلاق فقد حصلت «جينيفر لوبيز» علي نفس اللقب في العام الماضي، وحصلت «كاثرين زينا جونز» عليه في الثمانينات. شكراً لهيفاء فإنها بالفعل جميلة ولا يميزها الجمال سوي هذا الجمال، في حين نسوا كارثة صوتها النشاز فلن تذكر في التاريخ إلا أنها جميلة الجميلات، إلا أنها لا دخل لها بالغناء فقد نسينا صوتها الركيك ولا نتذكر سوي جمالها الفائق واتفاق غير معلن بين مستمعيها أنها قد تمر أو «تعدي» باللغة الدارجة لسحرها وفتنتها. الواقعة الثانية هي غناء عمرو دياب في الاحتفال الشعبي بالمنتخب المصري وخيط يربطه بهيفاء وهو ضعف الصوت. لم يكن صوته فقط هو الشيء الذي شاب هذا الاحتفال ولكن لأنه كذلك لا يملك أغاني تتناسب والحدث اللهم إلا أغنية واحدة كتبها د. مدحت العدل في حب مصر، غناها بلا موسيقي مصاحبة، وإنما غني بضعة أغنيات من أغانيه المتشابهة، مثل قمرين ووياه وغيرهما، إلا أن المستمع إليه يدرك ا لتشابه الفظيع في الألحان، قضي عمرو دياب ثلث ساعة علي المسرح المخصص، وجري لمدة عشر دقائق وربما لذلك أطلق عليه لقب الهضبة، إلا أنه هو الآخر مثل هيفاء «يعدي» للياقته فالأولي «هيفاء» لجمالها والثاني للياقته ولا دخل للغناء في كلتا الحالتين. فقد أدرك المصريون في كل منهما شيئاً يجعله مقبولاً إلا أن الأسباب لا تمت للغناء بصلة. صدق أحمد المسلماني حينما قال إننا شعوب لا تتذكر سوي الأشياء الجميلة ونغض البصر عن القبيح الذي تمثل في صوت هيفاء وعمرو دياب.