قبل أيام أفتي أحد شيوخ الشيعة المدعو كاظم الحائري، وهو "عراقي" يعيش في مدينة قم الإيرانية. الرسالة تقرأ من عنوانها، كما يقال. لقد حرم الشيخ الحائري علي العراقيين التصويت للعلمانيين. وهو طبعا لا يعرف معني العلمانية، ولا من هم العلمانيين. كل الذي يفهمه، ويريده، ان يظل الاسلاميون في بغداد يحكمون بالحديد، والنار، والفساد، والرشوة، والطائفية، والمحسوبية، والعشائرية، وسرقة اموال الشعب، والسجون السرية، والتعذيب، واغتيال المعارضين، وتصفية الخصوم، واسكات المنتقدين باسم الاسلام، ونشر التجهيل والظلامية باسم الطقوس الدينية. شخص يعيش في ايران، ويتحكم في شئون العراقيين، الذين تعبوا بعد عشر سنوات من حكم الاسلاميين، ونفاقهم، ونهبهم المال العام. كما تعب الايرانيون. لقد اعاد اسياد الحائري ايران، وشعوبها الي القرون الوسطي، كما اعاد تلاميذهم، وعملاءهم في بغداد، العراق الي ما قبل العصر الصناعي. بالضبط كما أراد اسيادهم في واشنطن. العلمانية، التي حرمها الحائري، ولا يعرف عنها شيئا لاتعني سوي عدم تدخل السلطة الدينية في الحياة السياسية. الاسلام علماني بفقهه فهو بعكس المسيحية مثلا، لا يؤمن بالكهنوتية. اي ان الصلة مباشرة بين العبد وربه، دون الحاجة لوسيط. فاذا كان الغرب المسيحي الكهنوتي تخلي عن سلطة الكنيسة، وفصل الدين عن الدولة. اي لاسلطة للكنيسة علي السلطة السياسية، بل السلطة للشعب عبر نوابه. وإذا كان أسياد الحائري في طهران اقروا مبدا الانتخاب، وليس البيعة، ولا الخلافة، وان اقصروه علي الاسلاميين من طائفة واحدة. فقد اقروا مبدئيا بالعلمانية، التي تقول ان الشعب مصدر السلطات، وباسمه يحكم احمدي نجاد، وليس باسم اهل البيت، لذلك قيدوه، ومن يأتي بعده، بمبدأ ولاية الفقيه فأصبحت الانتخابات مجرد شكل فارغ، لأن كل قرارات النواب يجب ان لا تتعارض مع الخامنئي المعصوم عن الخطأ مع انه جاء بتزكية، وترشيح من نصف علماني، ومحسوب الآن علي خصوم الخامنئي، هاشمي رفسنجاني. التخلي عن الكنيسة لا الدين لقد تخلت أوروبا عن سلطة الكنيسة، ولم تتخل عن الدين، ولم تفرض الالحاد علي احد. فالعلمانية تعني ان "الدين لله والوطن للجميع". المبدأ الذي تطورت به اوروبا. الشعار الذي رفعته الثورة العربية ضد الاستعمار العثماني المغلف باسم الخلافة الاسلامية. ورفعته المشروطية ضد استبداد الشاه. تركيا نفسها طبقت العلمانية، وتخلت عن سلطة الخلافة، ومنعت الحريم، واستعباد الناس باسم الدين (الاسلام لم يلغ العبودية كما هو معروف)! واهم من كل ذلك وصل الاسلاميون في تركيا، إلي السلطة بواسطة العلمانية. البابا الكاثوليكي مازالت له منزلة خاصة عند مقلديه، ومازالت دول اوروبية تمنع الاجهاض، مثلا، بتاثير الكنيسة الديني، وليس السياسي. مازالت الكنائس عامرة، والجوامع يزداد انتشارها، ويحارب التمييز ضد اليهود والمسلمين. لم يستلم الملحدون السلطة في اي بلد من بلدان اوربا الغربية. وان كان احدهم ملحدا، فلن يفرض إلحاده علي الاخرين. في الهند رئيس الجمهورية مسلم، بفضل العلمانية، رغم الصراع المسلح بين الهندوس، والمسلمين. زعماء اوروبا كلهم مسيحيون، اذا استثنينا حكام البوسنة، وكوسوفو، وألبانيا، لكنهم لايضطهدون المسلمين في بلدانهم، كما تفعل كل الدول العربية، والاسلامية. لم يمنعوا الصلاة، ولاصيام رمضان، ولم يمنعوا احد من الحج الي مكة، كما تفعل بعض الدول الاسلامية. الكثير من قادة احزاب الاسلام السياسي، المعادين للعلمانية، يحملون جنسيات اوروبية، رغم انهم يدعون علنا، وبنكران جميل فض، الي غزو اوروبا، وفرض الخلافة الإسلامية هناك. بل وصل الامر بأحد المعتوهين، وهو من انصار الحائري بالمناسبة، الي الادعاء بأن المسلمين احق باستراليا من سكانها الاوربيين. المسلمون يهربون من جور حكامهم الاسلاميين الي أوروبا العلمانية. الحائري يلعن يزيد كلما شرب ماء صافيا(بعكس اهله في العراق) لكنه لم يقل كلمة واحدة ضد تعطيش العراقيين من قبل يزيد الايراني خامنئي وتغيير، وسد مجاري كل الانهار، والروافد، التي تصب في العراق حتي يضطر العراقيون الي شراء الخضروات الي ابد الأبدين من ايران. ربما يملك الحائري مزارع خضروات يصدر منتوجاتها الي اهله بالعراق مستغلا عطش أرضهم الذي يسببه قادة طائفته في ايران. المنافقون ككل المنافقين باسم الدين يقع الحائري، في تناقض مع نفسه، ودينه، وطائفته، وشعبه وضميره(ان بقي له شيء منه)! فلنسأل: السموم، التي ترسلها ايران الي شط العرب الا تحتاج لفتوي ضدها؟ ارسال وترويج المخدرات في ايران، والعراق الا تحتاج لفتوي ضدها؟ الفساد ونهب المال العام، والرشاوي من الشركات "الكافرة" الا تحتاج لفتوي ضدها؟ اضطهاد المرأة، واغتصاب الاطفال الا تحتاج لفتوي ضدها؟ كيف يمنع العراقيين من التصويت للعلمانيين وبدعم المالكي، وقائمة المالكي تضم علمانيين؟ المالكي متحالف، باسم المشاركة الوطنية، مع العلمانيين الاكراد، والقائمة العراقية العلمانية. كيف يطالب الحائري بدعم النظام السوري العلماني، ويحرم ذلك علي العراقيين؟ لماذا لا يعترض الحائري علي الحماية الامريكية العلمانية لصديقه المالكي؟ "صيف وشتاء علي سطح واحد"! اذا كان السيد مقتدي الصدر الذي يعتبر الحائري مرجعه الاعلي بعد ان اوصاه ابوه به، يعلن انه سيصبح علمانيا، اذا اصرت ايران علي دعم المالكي، فكيف بنا، نحن الذين لا مرجع لنا غير الشعب، وسلطته المكتسبة عبر صندوق الاقتراع. اليس من متدبر؟! الا يوجد من يقول للرجل انك تخرف؟! القرضاوي حلل الاستعانة بالعلمانيين الاجانب الكفرة، لإخراج صدام المسلم من الكويت ثم اعتبره شهيدا. ارسل الارهابيين لذبح ابناء الشعب العراقي، بحجة الاحتلال الامريكي، وقطر التي يعيش فيها محتلة من الامريكان. وتصل به السفالة، والوقاحة، والنفاق، ان ينكر وجود قاعدة السيلية! يحرم علي العراقيين الاستعانة بالأجنبي، ويحلله لأهل ليبيا، وسوريا. يسكت عن احتلال البحرين، ويطالب بتحرير العراق. انه نفس التخبط، نفس النفاق، نفس الكيل بمكيالين. وعاظ السلاطين هؤلاء من طينة واحدة، من رجس واحد، من مستنقع واحد، ولذا تزكم الانوف بنجاستها القذرة. "حيرنه هوي القذرين" مع الاعتذار لصاحب الاغنية الشهيرة!