تستمر في الصومال الحرب الدائرة بين القوات الحكومية وبين حركة شباب المجاهدين من أجل طرد عناصر الحركة من الأماكن التي تسيطر عليها. وكانت آخر المعارك حول السيطرة علي منطقة أفغوي غرب مقديشو التي تعد معقل الحركة، وتوعد القائد العسكري عبد الكريم يوسف دهيجوبدان بمواصلة الزحف للسيطرة علي ممر أفغوي الذي يعد معبراً معبرا رئيسياً إلي شمال وغرب وجنوب الصومال، و يمتد علي نحو 30 كيلومترا و يقيم علي مشارفه مئات آلاف النازحين. وقال وزير الدفاع الصومالي، حسين عرب عيسي، "الأهداف هي ضمان أن نصل بين كل أقاليم الصومال. هذه العملية تسير وفقاً للهدف المحدد". نكسة جديدة لشباب المجاهدين وتمكنت القوات الصومالية بدعم من قوات الاتحاد الأفريقي (أميصوم) بالفعل من السيطرةعلي ممر أفغوي يوم الجمعة الماضية فيما اعتبر نكسة لحركة شباب المجاهدين التي تتعرض منذ أغسطس من العام الماضي لحرب موسعة من القوات الحكومية بمساعدة قوات من الجيش الكيني و الجيش الإثيوبي خسرت من خلالها الأماكن التي كانت تسيطر عليها في جنوب ووسط الصومال، و معاقلهم في بيليدوين وبيداوة. وعقب خسارة أفغوي، قال الشيخ عبدالعزيز أبو مصعب المتحدث باسم حركة الشباب "سنواصل الحرب وسنكسب المعركة دون أدني شك. إن المقاتلين المجاهدين قاموا بانسحاب تكتيكي من بعض المواقع لكن ذلك لا يعني هزيمة". وكانت حركة الشباب قد عاودت عملياتها في العاصمة مقديشو منذ مارس الماضي عندما أطلق متمردون قذائف مورتر باتجاه القصر الرئاسي مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص في المنطقة المحيطة بالقصر، كما فجر مهاجم انتحاري نفسه خارج بوابة قصر الرئاسة مما أدي إلي مقتل عشرة أشخاص. وسعي المتشددون لفرض سيطرتهم علي مدن وبلدات خارج العاصمة، و لمقاتلة القوات حفظ السلام الإفريقية. وكانت حركة الشباب قد تعرضت لضغوط منذ انسحابها من العاصمة في أغسطس الماضي وخسرت بلدات في جنوب ووسط الصومال لصالح القوات الإثيوبية والكينية باستثناء مرفأ كيسمايو. وكانت ضواحي العاصمة مقديشو قد شهدت عملية عسكرية واسعة النطاق عرفت باسم عملية "تحرير شبيلي" لقوات الجيش الصومالي وقوات الأميصوم من أجل السيطرة علي ضواحي المدينة والطريق المؤدي لأفغوي. و قام جنود اللواء الثاني في الجيش الصومالي مدعومين بمشاة ووحدات مدرعة تابعة للأميصوم بهجوم من عدة محاور بدأ من محور دينيلي حيث توغلت القوات في الأحراش الواقعة غرب طريق أفغوي، تبعه هجوم علي منطقة كحذا في الجانب الآخر من طريق أفغوي ليتعرض الشارع الرئيسي لهجوم متزامن من جهتين. وقال الناطق باسم حركة شباب المجاهدين، عبد العزيز أبو مسعد، ان مقاتلي الحركة تمكنوا من صد الهجوم بشراسة مما تسبب في خسائر كبيرة للقوات الحكومية. ولاتزال حركة الشباب تسيطر علي أجزاء واسعة في وسط وجنوب البلاد وتوعدت بحرب طويلة الأجل ضد قوات الاتحاد الإفريقي التي تعتبرها قوات غازية. غير أن قوات الاتحاد الأفريقي تمكنت من السيطرة علي جزء من قرية تري ديشو علي بعد 13 كيلومترا من العاصمة، وقال الكابتن ندايراجيجي كومي المتحدث باسم القوة "نريد السيطرة علي إيلاشا وإذا لم نتعطل بسبب المقاومة سنسيطر علي أفغوي. صادرنا مدفعين مضادين للطائرات وضعا علي سيارتين ودمرنا واحداً". وصرح وافولا وامونيني أحد قادة قوة أميصوم "قريبا، بمجرد استقرار الوضع الأمني، نأمل في أن نري الأشخاص قادرين علي العودة إلي ديارهم في مقديشو، وستتاح لهم الخدمات الإنسانية التي يقدمها المجتمع الدولي". أزمة إنسانية ويضم ممر أفغوي أكبر تجمع للنازحين في العالم الذين تسببت الحروب الدائرة بين القوات الحكومية و بين حركة الشباب التي فرت إلي منطقة أفغوي منذ عام 2007 إلي نزوحهم من ديارهم. ويقدر عدد النازحين بنحو 400 ألف نازح، و يعانون من أزمة إنسانية بسبب الجفاف و انعدام الأمن في المنطقة. وقال منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في الصومال، مارك بودن، إن علي جميع الأطراف السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلي النازحين. ويمثل الانفلات الأمني أكبر تهديد للنازحين بالصومال حيث من المتوقع أن يؤدي الصراع بين القوات الصومالية و حركة شباب المجاهدين إلي لجوء الحركة لاستخدام استراتيجية حرب العصابات. كما حث تنظيم القاعدة علي لسان زعيمه أيمن الظواهري حركة الشباب المجاهدين الصومالية علي شن حرب عصابات ضد القوات الإقليمية في الصومال. وقال الظواهري في شريط بث علي شبكة الإنترنت "يا أسود الصومال، لقد اجتمع أحلاف الصليبيين علي المؤمنين في الصومال، فماذا أنتم فاعلون؟ هل تتخلون عن الفريضة العينية وتركنون إلي الذين ظلموا وتتخذونهم أولياء فيحل عليكم ما توعدكم به ربكم ؟". وكان الظواهري قد أعلن في فبراير الماضي انضمام حركة الشباب إلي تنظيمه. اتفاق أديس أبابا في الوقت نفسه، اتفق زعماء القوي السياسية في الصومال علي الالتزام بإنهاء العملية الانتقالية في الصومال في العشرين من أغسطس المقبل بانتخاب رئيس للبرلمان الصومالي الفيدرالي، وذلك في ختام مشاورات استمرت ثلاثة أيام في أديس أبابا برعاية الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي. ووقع كل من الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد، ورئيس البرلمان الانتقالي شيخ شريف حسن شيخ آدم، ورئيس الوزراء عبد الولي محمد علي، ورئيس إقليم بونت لاند الصومالي الانفصالي عبد الرحمن محمد محمد، ورئيس إقليم جلمدوج محمد أحمد عالم، وممثل جماعة أهل السنة والجماعة الموالية للحكومة الصومالية خلف عبد القادر معلم نور، والممثل الخاص للأمم المتحدة لشئون الصومال السفير أوجستين ماهيجا علي اتفاق في نهاية الاجتماع بالالتزام بإنهاء العملية الانتقالية بحلول أغسطس المقبل. وتضمن البيان الختامي عدة بنود أهمها: أن تعمل للجنة علي حل الخلافات داخل رجال العشائر، واستكمال اختيار أعضاء مؤتمر التصديق علي الدستور الجديد والبرلمان الجديد للدولة في الأول من يونيو، و الحصول علي آخر اسماء اعضاء مؤتمر التصديق علي الدستور الجديد في 20 يونية من القادم وتقديمهم للجنة الفنية، وحضور أعضاء مؤتمر التصديق علي الدستور الجديد في 30 من يونية القادم الي العاصمة مقديشو. واتفق الحاضرون علي تشكيل لجنة دستورية لمراجعة مسودة مشروع الدستور الفيدرالي من أجل التصديق عليه في العاشر من يوليو المقبل استعداداً لإنهاء المرحلة الانتقالية و انتخاب رئيس جديد للبلاد في الرابع من أغسطس المقبل. كما اتفق الحاضرون علي تشكيل لجنة لحل الخلافات تتكون من 25 عضواً من سلاطين القبائل. كما سيتم تشكيل لجنة فنية تتألف من 27 عضواً للعمل مع لجنة حل الحلافات في تنسيق أعمالها. كما سيتم إعداد قائمة لأعضاء البرلمان الصومالي الجديد لتعرض علي اللجنة في الخامس عشر من يوليو المقبل. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن بلاده ستقدم مليوني دولار خلال العام الجاري لصندوق الاتحاد الأفريقين أجل دعم السلام في الصومال، و أكد أن موسكو ترحب بجهود الاتحاد الأفريقي في تأسيس قوات حفظ سلام. وأضاف لافروف أن "الدول الأفريقية تحل الآن مسائل صعبة متعلقة بإصلاحات داخلية، الأمر الذي لا يمكنه إلا أن يثير قلقاً إزاء توتر الوضع في عدة دول أفريقية في إشارة منه إلي الأوضاع قي كل من ليبيا وتونس ومصر وساحل العاج ومالي. علي الرغم من البوادر المبشرة لسيادة القوات الحكومية من ناحية، و لنجاح مفاوضات أديس أبابا من ناحية أخري فإن الصومال يشهد تأزماً سياسياً واضحاً لا يتمثل فقط في تدهور الوضع الأمني، و لا في الانقسام السياسي والقبلي و إنما في صعوبة تعزيز سلطة مركزية في الصومال تكون قادرة علي توحيد البلاد. وأشار الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال، أوغسطين ماهيجا، إلي أن المرحلة المقبلة ستكون بالغة الصعوبة، وأضاف "حان وقت العمل فبقي لدينا سبعة وثمانون يوماً حتي العشرين من أغسطس، والعمل يجب أن يبدأ وقد بدأ بالفعل، هناك نداء لتوفير الموارد والدعم من المجتمع الدولي، ونحن ممتنون جداً للتجاوب الكبير من المجتمع الدولي حيث بدأت الموارد بالوصول، وسوف نكمل مهمتنا حيث سيتم انتخاب الرئيس في العشرين من أغسطس من قبل برلمان جديد".