من خلال حواري مع الفنان د.مصطفي الرزاز عن تسمية معرضه الأخير «كناسة الدكان» قال: وأنا طالب بالكلية كان أستاذي «سعد الخادم» رائد دراسات الفنون الشعبية بمصر قد طلب مني الذهاب معه إلي دار الكتب حتي يطلع علي بعض المخطوطات المحجوبة عن الاطلاع، ذلك لأن والدي كان يعمل بقسم المخطوطات بدار الكتب، وهناك فوجئت بكم هائل من المخطوطات المدونة بخط اليد، وبالقلم الحبر، وبها رسومات رائعة بعضها ملونة، ومدهبة فكانت لا تمثل لي أي قيمة تستحق مجهود الذهاب إليها، وعندما شرح لي مدرسي أهميتها أحببتها وبدأت أذهب إليها يوميا بعد الجامعة لأشاهدها وأطلع عليها، وبدأت أحاول رسم هذه المخطوطات وفي ذلك الزمن لم توجد الطباعة، وليس لدي كاميرا وكان الشاعر «أحمد رامي» يعمل مع والدي بنفس القسم وقال لي لماذا تأتي لمشاهدة هذه المخطوطات التي لم يأت إليها غير كبار السن والباحثين، وروي لي قصة عن رجل «وراق» وهو الرجل الذي كان لديه مطبعة لطبع المخطوطات ويأخذ الكتب القديمة ويأتي بالجديدة، فكانت تسقط من المخطوطات بعض الأوراق فيقوم بجمعها ويجلس لقراءتها ليجد بها عالماً مختلفاً من علم وفن وسحر وشعر وخزعبلات فوجد نفسه في عالم متفاوت في المستوي والأنواع لكن أثبت هذا الرجل مدي ذكائه من خلال كتاب يجمع هذه الوريقات أطلق عليها اسم «كناسة الدكان» وعند قراءة هذا الكتاب تحصل علي معلومات قيمة جدا وشاملة وأصبح لها تاريخ مهم لأنها تجمع معلومات مختصرة مفيدة، حيث إنه إذا فقد أياً من المخطوطات سواء حرقت، أو اختفت ستجدها بهذا الكتاب مثل «المقديس» له جملة توجد بهذا الكتاب ملخصها أنه قام بعمل قاموس عن طبقات المصوريين والرسامين في عصره وهذا عمل تاريخي لم نكن نعلمه وذلك عام 1962م، وفي عام 1968 و1969م قام الأديب «يحيي حقي» بعمل كتاب جمع فيه كتاباته حتي ذلك الحين ووضع به موضوعات مختلفة أطلق عليها «كناسة الدكان»، ومن ذلك جاءت لي هذه الفكرة التي شاغلتني عدة سنين فجمعت في هذا المعرض بعرض لوحاتي الموجودة لدي من عدة سنين فتجد به «الموسيقي»، «العصافير»، «الشطرنج»، «الحصان» وموضوعات مختلفة أطلقت عليها «كناسة الدكان». وعن رأيه في الثورة وتوقعاته لمستقبل مصر قال: أنا مع الثورة قلبا وقالبا وتمنيت الموت بها ولم أتوقعها ولكن كنت متأكداً أن شيئاً ما سيحدث بقوة، وتوقعت عدة سيناريوهات لها ولم أتوقع هذا السيناريو الذي حدث بالفعل ولا الوقت ولا من هؤلاء الشباب، وأنا مؤمن بقدرة الشعب المصري وأنه متحمل لكن لديه نقطة إذا لمستها انفجرت ولا تستطيع أي قوة الوقوف أمامها، والثورة انتقلت من مرحلة المحاولة إلي مرحلة الحتمية، وقد عاصرت حرب الاستنزاف وشاهدة قنابل الألف رطل التي استخدمها الإسرائيليون بقذفها علي مناطقنا وكانت تقوم بعمل حفرة مرعبة بالأرض. عن رأيه الفنان في المعارض السابقة عن الثورة قال: عندما يعبر الفنان عن حدث أنٍ، لم يستطيع تقديم الواقع، فعندما قام الفنانون برسم حرب 1956م والعدوان الثلاثي كل هذه اللوحات انتهت ولم يبق لها ذكري اطلاقا ولا توجد بأي متحف لأن الترجمة اللحظية للحدث لا تعبر عنه بشكل صحيح مثل الفوتوغرافية والكاريكاتير والسينما والنحات فهؤلاء يتقمصون الصفة اللحظية، وهناك فنون زمنية، وهذه الأعمال تحتاج إلي سنوات لتأخذ تأملاتها وصفاتها، وحتي تختمر الأفكار لدي الفنان.. ويحضّر الفنان «مصطفي الرزاز» لمعرض عن الثورة ويجهز له بعد سنتين في فبراير 2013م «بقاعة الهناجر» بالجزيرة. وعند نجاح هذه الثورة سيتغير هذا البلد وسيظهر الفن الحقيقي بصرف النظر عن المصالح الشخصية، العلم سيصبح له طموح وستنهض مصر من جديد بجميع الفنون خاصة من التردي وتدهور الانجازات التي أسسها «ثروت عكاشة» وعندما جاء «فاروق حسني» ومعه مجموعة مثل «جابر عصفور» هدفهم استيقاظ الأشياء التي بركت نهائيا مثل مشروع التفرغ وأنا رئيس لجنة الفنون التشكيلية وشاهدت ملف منحة التفرغ للإبداع الفني، اكتشفت أنه يعطي لثمانين شخصاً من الأقارب الحميميين للعاملين بالإدارة وصفاتهم ربة منزل وبعضهم حاصل علي دبلومات فنية، فقمت بعمل كشف بالأسماء ووظيفتهم وخرجوا هؤلاء جميعا من التفرغ، وحدث تغير كبير وأصبحت هناك اهتمامات بالفنانين الشباب، وذلك في منتصف الثمانينات وأول التسعينات، وتم تنظيم صالون الشباب ورشحنا بعضهم لبينالي «فينسيا» وحصلوا علي الجائزة الكبري وأصبحت لديهم القدرة علي الاتصال الدولي وإقامة معارض دولية ومن أهم وأفضل الأجيال الفنية. وسألته أخيرا هل تري أن حكم الإخوان سيؤثر علي الفن؟! لا أعتقد ذلك فقد تم انتخابهم من قبل الشعب، ولا يقدر أحد علي مسك يدي ومنعها من الرسم وإذا كانوا قد حصلوا علي هذه المقاعد فنحن نبارك لهم لكن كل إنسان له حريته الشخصية.