بعد صدور الحكم قام دفاع المتهم الاول وهو إيهاب العجمي بتقديم شكوي لدي كل من النائب العام ونقابة الصحفيين، يتهم فيها المتهم الثاني وهو عبده مغربي بالتزوير، علي أساس أن الخبر المنشور الذي تمت نسبته اليه مخالف تماما للنص الذي سلمه له ويحمل توقيعه، وبالتالي لا يجوز ان ينسب إليه نص الخبر الذي نشر. والسؤال: لماذا لم تتم هذه الخطوة مباشرة عقب إحالة القضية للنيابة العامة؟ يعلل دفاع ايهاب العجمي- المحامي البكري المهدي- بأن العجمي اكتفي بشهادة كتبها له عبده مغربي ينفي فيها أي مسئولية له عن الخبر المنشور، ويعلن مسئوليته الكاملة عنه كرئيس تحرير.. السؤال التالي: لماذا لم تأخذ المحكمة بهذه الشهادة كدليل لتبرئة المحرر ايهاب العجمي؟ الاجابة تأتي في حيثيات الحكم الصادر في 6 يناير الماضي، والتي جاء بها أنه عند استجواب المحكمة لعبده مغربي، ذكر أن مسودة الخبر التي تحمل توقيع ايهاب العجمي، وإمضاءه هو بتحويل الخبر "للديسك" للنشر، قد تم تحريرها بعد نشر الخبر ، أي أن الخبر عندما نشر لم يكن له أصل، وأن ايهاب استقي الخبر من أحد الضباط كصديق سابق، وأضاف عبده أنه لم يتأكد من صحة الخبر نظرا لثقته بالعجمي ، ولضيق الوقت وليتمكن من تحقيق السبق الصحفي. كان عبده قد قام سابقا بالطعن بالتزوير علي مسودة الخبر " التي تم كتابتها لاحقا " الا أنه عاد أثناء استجواب المحكمة ليقول إنه قام بالفعل بالتوقيع عليها وكذلك علي نص الشهادة التي تنفي المسئولية عن "العجمي". هذا الارتباك في الاقوال اعتبرته المحكمة في حيثيات حكمها نابعا عن" محاولات من عبده مغربي بالاتفاق مع ايهاب العجمي لاخراجه من دائرة الاتهام، ليتحمل الاول الامر بمفرده، واستدلت في ذلك علي أن مسودة الخبر غير مؤرخة وبالتالي لا يمكن ربطها بالواقعة ، والاهم هو اعتراف مغربي أن الورقتين "مسودة الخبر والشهادة" تمت كتابتهما عقب نشر الخبر والتحقيق بشأنه. الشهرة ويأتي -بجانب الاسباب السابقة- عدم تقديم العجمي أي بلاغ أو شكوي للجهات المختصة بشأن ذلك الخبر المنسوب اليه، يؤكد فيها أنه صدر علي غير رغبة منه، ليجعل المحكمة "تطمئن" الي ان الواقعة محل التجريم قد جاءت بفعل واع عنه، وشاركه فيه رئيس التحرير عبده مغربي بأن ارتضي الخبر ومكنه من نشره وهو يعلم أنه مكذوب، إذ إنه لم يقدم له المحرر أية أوراق رسمية أو عرفية او محاضر أو ما شابه جاء بها ما تم نشره، ولكونه لم يرجع الي الجهات الرسمية التي ذكرت في الخبر للاستعلام منها عن صحته، رغم جسامته وتعلقه بشخصيات عامة في المجتمع وتضمنه طعنا في الاعراض وخدشا للسمعة، وبالتالي لا يكون رئيس التحرير قد قصر فقط في مهمته في الاشراف علي النشر بل أصبح "فاعلا أصليا للجريمة"، وأرجعت المحكمة ذلك التصرف "المقصود" من المتهمين لسعيهم وراء "ضالتهم المنشودة من الشهرة" . وينبغي الاشارة هنا الي أن مسئولية رئيس التحرير عن النشر كما وردت في قانون العقوبات، هي مسئولية شخصية، ويعاقب علي الجرائم المتعلقة بالنشر اذا ثبت ان النشر كان نتيجة اخلاله بواجب الاشراف، لكن في الواقعة التي أمامنا، اعتبرت المحكمة أن رئيس التحرير فاعل أصلي في واقعة النشر. استندت المحكمة أيضا في حكمها علي عبده مغربي بأنها أمهلته أجلا لاحضار الشهود الا انه "تقاعس" وتمسك بطلب استدعاء الضابط الذي ذكره عند استجوابه رغم عدم توصله لإعلانه. الحبس قائم وبجانب الدروس المهنية التي أقرتها المحكمة في حيثيات هذا الحكم، فيما يتعلق بالتزام الدقة والصدق والتحقق قبل النشر واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم انتهاكها تحت ستار حرية الصحافة، فقد حسمت مسألة قانونية مهمة، إذ أكدت في حكمها علي أن عقوبة الحبس في المادة 308 من قانون العقوبات لم يتم اسقاطها، حيث استند دفاع عبده مغربي ونقابة الصحفيين الي أن المشرع قد ألغي عقوبة الحبس في المواد السابقة علي المادة 308، والمتعلقة بالسب والقذف في حق آحاد الناس ، أو في حق موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية، وبالتالي تسقط العقوبة في المادة 308 التي تتعلق باقتران السب والقذف بالطعن في الاعراض، الا أن المحكمة أكدت أن المشرع قد ابقي علي عقوبة الحبس في هذه المادة- التي يحاكم بمقتضاها المتهمان- تأكيدا علي جسامة الجرم الذي تؤثمه المادة، وبالتالي فإن تصريح عبده مغربي عقب الحكم بثقته في إلغاء الحبس في مرحلة الاستئناف- يكون في غير محله. وكانت نقابة الصحفيين قد قدمت في دفاعها عن عبده مغربي ما يفيد بعدم دستورية مواد الاتهام وخلوها من عقوبة الحبس ، و دعت الي وقف نظر الدعوي أمام المحكمة لحين رفع الدعوي بعدم الدستورية والبت فيها أمام المحكمة الدستورية، لكن المحكمة رفضت هذا الطعن بعدم الدستورية. المحكمة رفضت أيضا ما ساقه الدفاع من قبل نقابة الصحفيين بشأن عدم استعمال المدعين بالحق المدني لحق التصحيح المكفول لهم وفقا للقانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، واستندت المحكمة في رفضها الي أن النصوص المنظمة لاستعمال حق التصحيح موجهة لرئيس التحرير او المحرر المسئول عن النشر، وغير ملزمة للمجني عليهم الصادر بشأنهم الخبر، كشرط لقبول الدعوي الجنائية من جانبهم. في جلسة أمس - والتي لم نتمكن من معرفة تفاصيل ما دار بها حيث كانت الصحيفة قد مثلت للطبع- من المفترض أنه تم استجواب ايهاب العجمي بناء علي طلب دفاعه، والذي آثر عدم استجوابه في المحاكمة الابتدائية ،نظرا ليقينه أن ذلك لن يضيف شيئا لصالح موكله في قضية أثارت غضب الرأي العام، لارتباطها بفنانين لهم مكانتهم الفنية لدي جمهورعريض، من جهة، ومن جهة اخري لأنها تأتي في وقت طفح فيه الكيل من حالة "انفلات مهني" ملحوظ في الوسط الصحفي، وعسي أن يكون في حيثيات هذا الحكم ما يشكل رادعا لهذا "الانفلات".. وبسؤال دفاع المحرر إيهاب العجمي بشأن توقعه لحكم الاستئناف، أوضح أن ذلك يعتمد علي تقدير المحكمة للفاعل الأصلي في «الجريمة»، و«الفاعل الأصلي» لن يفلت من عقوبة الحبس.