تجددت منذ الجمعة الماضية الاشتباكات بين متشددين صوماليين من حركة شباب المجاهدين تربطهم صلات بتنظيم القاعدة وقوات تابعة للاتحاد الإفريقي وللحكومة الصومالية في ضواحي العاصمة مقديشو. وهاجم مسلحون من حركة الشباب عناصر من القوات الحكومية أثناء تقدمهم في اتجاه شمال غرب العاصمة الصومالية. وسيطرت القوات الحكومية والإفريقية علي قسم كبير من دينيل، الحي الاستراتيجي الذي يفتح الطريق نحو أغوي أحد آخر معاقل حركة الشباب في محيط مقديشو. حركة الشباب تجدد نشاطها قال محمد عثمان حنف، أحد قادة القوات الصومالية الموالية للحكومة، إن المعارك اندلعت حين هاجم مسلحون من الشباب القوات الحكومية في دينيل، وأكد أن الإسلاميين هزموا في محيط العاصمة وسيطرت القوات الحكومية وقوة أميصوم، التي تعد حوالي عشرة آلاف جندي أوغندي وبوروندي ويدعمها الجيش الصومالي، علي العاصمة باستثناء مهبط الطائرات في منطقة داينايل حيث لاتزال حركة الشباب تقاتل. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل عشرين من مقاتلي حركة الشباب وجندي بوروندي. كما غادر آلاف المدنيين في الأسابيع الأخيرة دينيل والطريق التي تربط بين هذا الحي وأفغوي، خوفاً من اشتباكات جديدة. وعاودت حركة الشباب عملياتها في العاصمة مقديشو منذ أسبوعين عندما أطلق متمردون قذائف مورتر باتجاه القصر الرئاسي مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص في المنطقة المحيطة بالقصر، كما فجر مهاجم انتحاري نفسه خارج بوابة قصر الرئاسة مما أدي إلي مقتل عشرة أشخاص. يسعي المتشددون لفرض سيطرتهم علي مدن وبلدات خارج العاصمة. وقال متحدث باسم العمليات العسكرية في حركة الشباب إن المتمردين طردوا جنود قوة حفظ السلام الإفريقية والقوات الحكومية بعيداً عن مهبط الطائرات وسيطروا علي عربة مزودة بمدفع مضاد للطائرات. وكانت حركة الشباب قد تعرضت لضغوط منذ انسحابها من العاصمة في أغسطس الماضي وخسرت بلدات في جنوب ووسط الصومال لصالح القوات الإثيوبية والكينية باستثناء مرفأ كيسمايو. وكانت القوات الإثيوبية قد دخلت إلي الصومال في نوفمبرالماضي، واستعادت السيطرة علي مدينتين مهمتين جنوب الصومال وهما بيداوة معقل الشباب في فبراير وحدور في 22 مارس مما اضطر الشباب في أغسطس إلي إخلاء مواقعهم في مقديشو. السيطرة علي بيداوا كان عبدالفتاح عيسي محافظ إقليم باي، قد أعلن أن القوات الحكومية استعادت مدينة بيداوا عاصمة الإقليم، وقال "بدأنا خطتنا لاستعادة إقليم باي منذ ثلاث سنوات، وتمكنا أخيراً من طرد مقاتلي حركة الشباب المجاهدين من بيداوا، ونحن بصدد استعادة جميع مدن المنطقة من سيطرة هذه الحركة لتنظيم القاعدة". وأشار عبد الفتاح عيسي إلي أن مدينة بيداوا تشهد العديد من اللقاءات بين المسئولين الحكوميين وزعماء العشائر تحت إشراف رئيس البرلمان الصومالي الشريف حسن شيخ آدم الذي ينحدر من بيداوا والذي يشرف علي المفاوضات مع زعماء العشائر لوضع ترتيبات لتشكيل الإدارات المحلية. وأكد قائد القوات الإثيوبية في بيداوا الكولونيل يوهانس، إن تهديد مقاتلي حركة الشباب لايزال قائماً، وأضاف "نحن هنا بموجب اتفاق عسكري بين الحكومين الإثيوبية والصومالية، وعلاقتنا بالسكان جيدة، ولمسنا ترحيبا منهم، ومقاتلو حركة الشباب لم يكونوا مقبولين هنا، لكنهم لايزالون يشكلون تهديداً لبيداوا". يذكر أن مدينة بيداوا الاستراتيجية كانت تعد معقلاً لحركة الشباب منذ نحو أربع سنوات، إلي أن استعادتها قوات الحكومة الصومالية نهاية فبراير الماضي. وتتمركز القوات الإثيوبية حالياً في كل المواقع الحيوية في مدينة بيداوا، حيث يقوم أفرادها بدوريات مكثفة داخل المدينة، فيما تسيطر حركة الشباب علي المدن التابعة لبيداوا في جنوب غرب الصومال. العزم علي تطبيق الشريعة كما سيطرت القوات الاثيوبية علي مدينة البور التي تعتبر أهم قاعدة لحركة الشباب الاسلامية الصومالية في وسط الصومال علي بعد نحو 300 كلم شمال شرق مقديشو، بدعم من الميليشيا الموالية للحكومة وذي توجه صوفي، وهي أهل السنة والجماعة. وعلي الرغم من الضغوط التي تتعرض لها حركة شباب المجاهدين، إلا أن المتحدث باسم الحركة، محمود علي راجي، أعلن أن القتال لن يتوقف، وأضاف إن "الغزاة المسيحيين لن يقضوا علي عزيمة المجاهدين لتطبيق الشريعة في الصومال. سنواصل القتال وسيهزم العدو إن شاء الله". ودعا الصوماليين لتوحيد صفوفهم ضد العدو. وأعلنت الحركة عن خطة عسكرية قالت إنها ستكون طويلة الأمد لمقاتلة القوات التي تصفها بأنها غازية. وانسحب مقاتلو الحركة في اتجاه مدينة طوسمريب عاصمة ولاية جلجدود بالإضافة إلي مدينتي عيل لاهيلي، وعيل غرس اللتين تقعان بالقرب من مدينة عيل بور. وترجع الأهمية الاستراتيجية لمدينة عيل بور إلي كونها أحد أهم المعاقل الرئيسية لأنصار الناطق الرسمي باسم حركة الشباب المجاهدين الشيخ محمود علي راغي، كما تعد همزة وصل بين عديد من المدن والقري الاستراتيجية داخل ولاية جلجدود. وتتصدي لحركة الشباب في جلجدود قوات إثيوبية تابعة لقوات قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميسوم). استراتيجية حرب العصابات كما فقدت حركة الشباب سيطرتها علي مدينة حدر عاصمة ولاية بكول في جنوب غرب الصومال لتصبح بذلك ثالث بلدة رئيسية تسيطر عليها القوات الإثيوبية، وانسحب مقاتلو الحركة إلي خارج المدينة قبل وصول القوات إليها فيما قالت الحركة إن انسحابها من المدينة تكتيك عسكري وإن القتال مع الإثيوبيين مستمر علي طريقة حرب العصابات. وحذرت في بيان نشر علي موقع تابع لها علي الإنترنت الإثيوبيين تفجيرات وهجمات لا تتوقف مثلما حدث في بلدوين وبيدوا الخاضعتين حاليا لسيطرة إثيوبيا. ووافق مجلس الأمن الدولي علي زيادة عدد أفراد قوة أميسوم من 12 ألفا إلي أكثر من 17 ألف فرد، وقالت قوة الاتحاد الأفريقي إنها فور قدوم هذه القوة سوف توسع عمليتها إلي كافة جنوب ووسط الصومال. في الوقت نفسه، استمر تدفق عناصر حركة الشباب المجاهدين الصومالية إلي الشواطئ اليمنية لدعم الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة التي تخوض مواجهات عنيفة منذ فترة طويلة مع وحدات الجيش اليمني. وأوضحت مصادر يمنية أن المئات من عناصر تنظيم القاعدة في الصومال وصلوا إلي محافظة أبين علي ظهر قوارب صغيرة خلال اليومين الماضيين والتحق معظمهم بعناصر القاعدة التي تسيطر علي أجزاء كبيرة من تلك المحافظة فيما تسلل بعض منهم إلي محافظات مجاورة من بينها محافظة عدن. وقدرت المصادر إجمالي عناصر القاعدة التي وصلت من الأراضي الصومالية إلي اليمن عن طريق البحر منذ بداية مارس الجاري بأكثر من خمسمائة عنصر. عنف المعارضة الإسلامية علي الرغم من وصول الإسلاميين للحكم في الصومال، وانتخاب الرئيس الشيخ شريف شيخ أحمد رئيساً للبلاد في يناير عام 2009، إلا أن الخلاف بين الفصائل الإسلامية لايزال قائماً. وتتجدد منذ عام 2009 موجات من العنف في هذا البلد الذي يشهد منذ عام 1991 عدم استقرار سياسي تسبب في حرب أهلية عقب الإطاحة بالرئيس محمد سياد بري. وأدت موجة العنف التي تقوم بها الفصائل الإسلامية في العامين الأخيرين إلي مقتل نحو 18 ألف مدني وتشريد أكثر من مليون نازح. وتدور بين الحين والآخر المعارك الدامية بين القوات الحكومية والإفريقية من جهة والحزب الإسلامي وحركة شباب المجاهدين من جهة أخري. وتعود جذور حركة الشباب إلي تنظيم أم كان اسمه "الاتحاد الإسلامي"، وهو التنظيم الإسلامي الوحيد الذي كان له جناح عسكري مقاتل بعد انهيار الحكم المركزي في الصومال واندلاع الحرب الأهلية في عام 1991 بعد سقوط نظام الرئيس الصومالي محمد سياد بري. وتحول اسم التنظيم إلي"جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة" بعد اندماجه مع تنظيمات إسلامية أخري عام 1996. وفي عام 2006، انفصل الشباب المجاهدين عن جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة بعد أن قررت إلقاء السلاح والدخول في العمل الدعوي وتفكيك المعسكرات وقامت بتسريح مقاتليها. وبعد إنشاء المحاكم الإسلامية كان تنظيم الشباب طرفاً رئيسياً فيها إلي أن اختلف مع المحاكم الإسلامية بعد إنشاء "التحالف من أجل تحرير الصومال" في العاصمة الإريترية أسمرة، بقيادة الشيخ شريف شيخ أحمد في سبتمبر عام 2007، ودخوله في مفاوضات مع الإثيوبيين والحكومة الانتقالية في مقديشو. وبدأت الانشقاقات تدب في صفوف التحالف بعد بدء مفاوضات مع الحكومة الانتقالية الصومالية بوساطة من الأممالمتحدة في جيبوتي في مايو 2008، وأعلن حسن طاهر أويس، العضو في التحالف ورئيس شوري المحاكم، رفضه لنتائج المفاوضات بحجة أنها لا تحقق مطالب التحالف، وانقسم التحالف إلي جناحين: جناح جيبوتي بقيادة شريف، وجناح أسمرة بقيادة حسن طاهر أويس غير أن حركة الشباب المجاهدين عارضت التحالف منذ بدايته، واعتبرته تنازل عن الجهاد وميل نحو العلمانية. وتصف حركة الشباب المجاهدين الحكومة الحالية أنها "مرتدة" وأن تطبيقها للشريعة الإسلامية هو مجرد خدعة تتستر من خلالها علي العمالة للولايات المتحدة. وتعتمد عمليات الحركة العسكرية علي تفجير العبوات الناسفة والسيارات المفخخة التي تستهدف المقار الحكومية ومقار الجيش الإثيوبي، وتستغل شبكة الإنترنت لنشر بياناتها السلفية الجهادية والتي تتسم بالتكفير والتخوين واتهامات العمالة، وأعلنت الحركة أن أحد أهدافها هو تحرير شرق إفريقيا من الهيمنة الإثيوبية من أجل تأسيس دولة إسلامية. كما قامت بتطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها. أما الحزب الإسلامي فهو يتواجد مع حركة الشباب في معظم الأراضي التي تسيطر عليها والذي يقدم نفسه كطرف سلفي معتدل يسعي للمصالحة بشروطه الخاصة وبوساطة وفد علماء المسلمين، (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والحملة العالمية لمناهضة العدوان) وهيئة العلماء في الصومال. وتوعد زعيم الحزب الإسلامي الشيخ حسن طاهر أويس بالقتال ضد أي قوات أجنبية ستتدخل في الصومال.