في تصرفٍ غير مبررٍ قد يؤدي إلى تفاقمِ حدة الأزمة السياسية في الصومال، قرَّرت الحكومة الصومالية المؤقتة في بيداوا مقاطعة محادثات السلام مع اتحاد المحاكم الشرعية الإسلامية التي كان من المقرر إجراؤها في السودان في الأيام القليلة المقبلة، مبررةً بيداوا موقفها هذا بكون ما زعمت أنه عدم احترام اتحاد المحاكم الاتفاق السابق الذي تمَّ التوصل إليه في جولةِ محادثاتٍ سابقةٍ في العاصمةِ السودانية الخرطوم قبل نحو أسبوعين. ونقلت إخبارية (الجزيرة) الفضائية عن الرئيس الصومالي المؤقت عبد الله يوسف أحمد قوله إنَّه "لا يرى جدوى" في الالتقاء مجددًا بالمحاكم الإسلامية "إذا كانوا لا يحترمون تعهداتهم"، وأضاف أنَّ "الوقتَ غير مناسبٍ للقائهم"، و"سيتم البحث عن حلولٍ أفضل"، وزعم أحمد أيضًا أنَّ اتحاد المحاكم خرق الاتفاق السابق الذي تمَّ التوقيع عليه في الخرطوم يوم 22 من يونيو الماضي، وخاصةً النقاط الأساسية المتعلقة بالاعتراف المتبادل ووقف أعمال العنف. من جهته علَّق اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال أنَّه لا يتفهم التأخير في إجراء المحادثات، وقال عبد الرحيم عيسى- وهو حليف لرئيس الاتحاد الشيخ شريف أحمد-: إنَّ وفد الاتحاد كان مُستعدًا لإجراء محادثات، وكان يزمع التوجه إلى السودان؛ حيث كان مُقررًا إجراء المحادثات بوساطة من جامعة الدول العربية بشأن اقتسام السلطة وتهدئة الموقف في البلاد، وقد أعربت الجامعة من جانبها عن أملها في أنْ تعود المحادثات قريبًا إلى مسارها، وأقرَّتْ بأنَّ هذا النوع من المفاوضات يقترن عادةً بمصاعب. ومن النقاط الرئيسة التي تُمثِّل مشكلةً بين الجانبين- بيداوا و"المحاكم"- نَشْرُ قوات حفظ سلام دولية في الصومال؛ حيث ترفض المحاكم الإسلامية أيَّ تدخلٍ عسكري خارجي، في حين يُطالب الرئيس الصومالي المؤقت بإرسال قوات تابعة للأمم المتحدة للبلاد. في غضون ذلك قالت مصادر عديدة إنَّ قواتٍ إثيوبيةً عبرت الحدود إلى الصومال أول أمس الخميس لدعم الحكومة ضد المحاكم الإسلامية، ما يزيد المخاوف من صراعٍ أوسع نطاقًا في هذا البلد العربي المسلم المشتعل بالصراعات. على جانبٍ آخر وافق مجلس الأمن الدولي أخيرًا على رفع الحظر المفروض على إرسال الأسلحة إلى الصومال، ما يتيح المجال أمام نشر قوات لحفظ السلام في البلاد، ودعم الجهود الأمنية للحكومة المؤقتة، واعتمد مجلس الأمن بالإجماع مشروع قرار أعدَّتُه بريطانيا يُجيز طلبًا قدمه الاتحاد الأفريقي في وقتٍ سابقٍ لرفع الحظر على السلاح إلى الصومال، والذي تم فرضه في العام 1992م، "بغية فتح الطريق أمام إرسال بعثة دعم للسلام وتسهيل عودة قوات الأمن الوطنية في الصومال". وأعلنت رئاسة مجلس الأمن للشهر الحالي ممثلة في السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جان مارك دولاسابلييه، أنَّ المجلس وافق على إرسال بعثة دعم للسلام "إذا كانت ستساهم في السلام والاستقرار في الصومال" على أساس دراسة مفصلة يقوم بها الاتحاد الأفريقي حول هذه المسألة.