بينما تتطور الأحداث تطوراً جديداً كل يوم بحيث تكون علي مفترق الطرق نطرق باب كاتبنا إبراهيم عبد المجيد الذي لا ينفصل بكتابته عن الشارع وعن الحدث فهو في كل رواياته حاضر في الحدث شاهد عليه يكتبه بأبعاده الزمنية والنفسية والجغرافية يصوغه برؤية ذات حِرّاك وجلاء وفي سياق الأحداث الجارية كان معه هذا الحوار : بعد مرور عام علي ثورة 25 يناير ما هو تقييمك لها وكيف تري مستقبلها؟ - الثورة مستمرة وما جري في ميادين مصر كلها ومدنها يوم 25 يناير بعد عام من الثورة يؤكد ذلك لكن لان الثورة جرت ضد نظام استمر استبداده لاكثر من ثلاثين سنة وربما بدرجة او بأخري يمتد لعام 1952 علي الاقل في شكل الحكم السياسي باعتبار انه كانت لثورة يوليو مشروعات اجتماعية واقتصادية عظيمة والمشكلة كانت معها في الاستبداد السياسي اما منذ السبعينات فصار الاستبداد علي كل المستويات ووصل الي ابعاد كبيرة في عهد مبارك حتي انه لم يتصرف ان هذا النظام أبدا باعتبار ان هناك شعبا موجودا علي ارض مصر. لذلك ستأخذ الثورة وقتا طويلا وستخوض معارك كبيرة مع بقايا النظام وحتي مع من افرزتهم الانتخابات البرلمانية من التيارات اليمينية التي تسمي نفسها اسلامية وهي بنت النظام السابق منذ عهد السادات بامتياز والذي أراد بها ضرب التيارات الليبرالية واليسارية. تقييمي هو ما اراه بعيني اكثر مما افكر فيه وما رأيته يوم 25 يناير بمناسبة مرور عام علي الثورة اعظم من كل تفكير فالثورة مستمرة رغم كل المعوقات من الحكم العسكري او من التيارات الرجعية او فلول النظام السابق. كيف تري تأثير الثورة علي الكتابة وهل شَكَلَّت جيلا جديد من الكُتّاب ينتمون إليها بفكر وأيديولوجية جديدين؟ - هذا سؤال مبكر جدا. ومن المؤكد ان هناك كتابات كثيرة ومتنوعة في القصة والشعر والرواية والمسرح والسينما لكن الحديث عن جيل يحتاج الي عدة سنوات. ربما ثلاث او اربع اوحتي خمس حتي تتشكل ملامح الكتابة الجديدة. الذي يغلب علي كل الكتابات من كل الاجيال الآن هو الكتابة عن موضوع الثورة واحداثها وبين ذلك قد تجد ابتكارات قليلة في الشكل الادبي وهو ما سيظهر جليا فيما بعد. هل تعتبر كتاب أيام التحرير بمثابة رواية كتبت ذاتها أم تأريخ لحدث بعيدا عن العمل الروائي؟ - ليس رواية ولا تأريخاً لكنه اشبه بالمذكرات الروحية اذا جاز التعبير انا حاولت ان امسك بروح تلك الايام الخالدة ومكانها. بمعني قدمت مشاعري عما رأيت او شاركت فيه. احساسي الخاص. وهي كمذكرات لا تقف عند كل حادثة وحدها لكنها تمسك روح الاحداث كلها او تحاول وتسعي ان تكون بجمال ما رأيت . في بعض رواياتك مثل لا أحد ينام في الأسكندرية كُتِبَ الحدث بأسلوب تأريخي لكنه استطاع أن يحَمِّلنا هموم وآلام وأحلام الشخصيات الموجودة في العمل فإلي أي مدي طوَّعت أسلوباً يتسم بالزمنية والجمود إلي كائن متصل البقاء ومُتفرِّد الروح؟ - رواية «لا أحد ينام في الاسكندرية» احتاجت مني ست سنوات من الدراسة لذلك الوقت - الحرب العالمية الثانية.. لكني هذه المرة كنت في قلب الاحداث ليلا ونهارا. وهنا كانت الكتابة أسهل لأن الكتاب كما قلت لك ليس رواية ولأني كنت في قلب الحدث . أنت من الكُتَّاب الذين لا تختلف حياتهم عن أعمالهم فشخصيتك دائماً حاضِرة بين السطور يرشد إليها عنصري الموسوعية والأصالة فما هو مدي توحدك مع شخصيات أعمالك أو مدي انفصالك عنها؟ - في كتابة الرواية يحدث ان الشخصيات هي التي تفرض هذا التوحد. الكاتب لا يقرر التوحد. لكن الصدق الفني وجمال وقوة الشخصيات يأخذ الكاتب الي روحها وينقاد لها وهكذا من شخصية الي أخري بحيث ينسي تماما ان هناك عالما آخر حوله يعيشه غير عالم الرواية. هل هناك في القريب عمل روائي يؤرخ لثورة 25 يناير علي غرار رواية لا أحد ينام في الأسكندية التي أرَّخَت فترة معينة من تاريخ مصر؟ - لا اظن في القريب العاجل فالاحداث لا تزال مشتعلة ومالا زلت اشارك فيها بالوجود او بكتابة المقالات. ربما فيما بعد. ثم ان لدي مشروعاَ روائياً قديماً تعطلت عنه كثيرا اتمني ان انتهي منه وهو ايضا عن الاسكندرية. كيف تري وأنت من كبار المبدعين وضع الإبداع في المستقبل مع بروز التيارات الدينية وخاصة السلفية والتي بدأت بالهجوم علي أدب نجيب محفوظ بلسان المتحدث الرسمي لها ولم تنتظر قليلاً أو كثيراً من الوقت؟ وكيف وجدت بيان الأزهر الشريف فيما يخص الإبداع الأدبي والفني؟ - بيان الأزهر بيان محترم لكن التيارات الاخري التي تلعب بالدين في السياسة ستدخل بنا في معارك كثيرة لكننا لن نضعف امامها ولا اظن ان كاتبا او فنانا سيضعف امامها وهذه التيارات عمرها السياسي سيكون قصيرا لأنها الآن في النور ولا حجة لديها ان تنهض بالشعب وهي لن تنهض بالشعب ولن تعرف. هي تريد تحويل مصر الي ولاية سعودية وهذا ضد التاريخ والجغرافيا. هل شَكَّلَت الأحداث الأخيرة توجهاً جديدا لدار النشر بيت الياسمين من حيث نوعية الكتب وتوجهاتها الفكرية؟ وما هي مشاريعك المستقبلية لهذه الدار؟ - لا طبعا لم تؤثر في شيئ ونحن دار نشر جديدة مشاريعنا هي تقديم الادب والفكر الجديد ولقد اصدرنا مؤخرا عددا من الكتب المهمة والجميلة من قصة ورواية لشريف صالح واحمد الباسوسي واحمد نبيل ونبيل سالم وديوان شعر عامية لهويدا عطا ومن غزة اصدرنا رواية وقصصا لكاتب نتعرف عليه في مصر لأول مرة هو طلال ابو شازيش وكذلك اصدرنا باللغة الانجليزية عملا مهماً هو مدونة الناشطة الفلسطينية والطبيبة الكبيرة مني الفرا بعنوان من غزة مع حبي from gaza with love وهو مدونة عالمية الصيت كتب لها كلمة الغلاف المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي وكتبت المقدمة الصحفية البريطانية الكبيرة فيكتوريا بريتين.كما اصدرنا اول رواية عن الثورة التونسية لأسامة حبشي بعنوان مسيح بلا توراة. تم الإعلان عن الست روايات المرشحة لنيل جائزة البوكر وربما وجدنا أن هناك ملمحاً مشتركاً بين هذه الروايات وهو التركيز علي الفساد والحراك الشعبي فما تقييمك لهذا الملمح وللروايات الست؟ - تقييمي هو تقييم لجنة التحكيم. مادامت اختارتها فهي تستحق. ظهر العديد من القصائد والدواوين التي سايرت أحداث الثورة فهل لنا أن نقول عاد زمن الشعر ليتفوق علي الرواية؟ - الشعر عادة أسرع استجابة للأحداث وخاصة الشعر العامي وياريت يعود زمن الشعر. ماذا تقول في وداع الكاتب الكبير إبراهيم أصلان؟ - خسرنا كاتبا عظيما وانسانا نبيلا لكن ما كتبه ابراهيم موجود وخالد وخسارتي الشخصية فيه كبيرة.اصلان كان مثل الروح تمشي بيننا. ماذا علي كُتَّاب مصر أن يفعلوه للارتقاء بالمواطن الأُمي كي لا يكون وعاء يصَب فيه أفكار الآخرين؟ - الأمية مشكلة سياسية تحتاج الي خطة كبيرة وأعتقد ان الجيل الجديد من شباب الثورة سينجحون في القضاء علي هذه الظاهرة التي لم تنجح فيها النظم السابقة