فنانة تونسية المولد ولكنها أصبحت مصرية الحضور بأعمالها الكثيرة التي دخلت الي قلوب المصريين. أحبتهم وأحبوها وعاشت في قلوبهم لأنها عرفت كيف تدخل اليها بموهبتها المتألقة التي فرضتها علي الجميع. تتقمص الشخصية بكل ما فيها. فنانة شابة في العمر ولكنها كبيرة جدا بل هرمة في الموهبة. هي الفنانة هند صبري بطلة الفيلم الأكثر من رائع "أسماء" الذي عاشته بكل تفاصيله الحزينة، بل استطاعت بموهبتها الأصيلة ان تجعل الجمهور ايضا يعيش هذه التفاصيل وينتظر اللقطة تلو اللقطة في الفيلم بفضول غير مفهوم، فضول يجعل المشاهد ينتظر النهاية ليعرف ماذا حدث وماذا سيحدث. كل هذا لا يفعله فنان عادي بل يفعله فنان حقيقي يعرف كيف يأخذ الجمهور معه الي عالمه وهذا ما فعلته الفنانة المتألقة هند صبري في تجربتها الأخيرة الرائعة "أسماء". ونحن في هذا الحوار نحدثها عن تجربتها في الفيلم والتي تصفها بأنها من أصعب ما واجهت طول حياتها الفنية، وعن غضبها بسبب عدم حصولها علي جائزة من مهرجان أبو ظبي السينمائي. وكذلك نحدثها عن رأيها في صعود التيارات الدينية وفوزها بالأغلبية في تونس. قصة حقيقية حدثينا عن تجربتك في فيلم "أسماء" وكذلك عن قصة الفيلم الذي نال إعجاب الجمهور ؟ - في البداية أحب أن أقول إن تجربتي في فيلم "أسماء" كانت مختلفة تماما عن كل تجاربي السينمائية السابقة بلا اي استثناء، فشخصيتي في الفيلم كانت مختلفة بكل المقاييس عن كل ما قدمت سابقا. اما فيما يخص قصة فيلم "أسماء" فهي قصة مستوحاة من قصة حقيقية لامرأة فلاحة تبلغ من العمر 45 عاما تعمل كبائعة للسجاد اليدوي الذي تصنعه بيدها وتتزوج من أحد شباب قريتها، وبعد الزواج تستمر ايضا في عملها كبائعة للسجاد وفي احد الأيام تتشاجر مع أحد التجار الكبار في السوق فيعتدي عليها بالضرب، ويقرر زوجها الذي يجسد شخصيته الفنان هاني عادل الانتقام منه وأخذ حقها فيقتله أمام الجميع ويدخل هو السجن ويصاب بالإيدز هناك، وعند خروجه يقرر الانفصال عنها حتي لا تصاب بالإيدز عن طريق العدوي ولكنها تصر علي البقاء معه وتوهمه أنها ايضا مصابة بنفس المرض حتي تحقق له حلمه الوحيد بالإنجاب منها ولكن الزوج يموت قبل ان تضع هي مولودتها حبيبة، فتضطر اسماء لمغادرة قريتها حسب رغبة شقيق زوجها وتكبر أسماء وتكبر ابنتها حبيبة، وتخفي عنها سرها الكبير الذي لا يعرفه سوي والدها الي أن تقتنع بالظهور في التليفزيون لتحكي عن مأساتها وأزمتها بطردها من المستشفي عندما علم الأطباء بإصابتها بالإيدز أثناء اجراء عملية الزائدة الدودية لها ،وتفاجأ أسماء اثناء ظهورها بمكالمة من ابنتها فتقرر أن تكشف الحقيقة وتعلن للجميع أنها إذا ماتت فموتها لم يكن بسبب مرضها اللعين الأيدز ولكن بسبب نظرة المجتمع لها حملات توعية ألم تشعري ببعض الخوف أو القلق من المغامرة بتقديم فيلم عن مرض الإيدز؟ -علي الاطلاق أنا لم اشعر بالخوف او القلق لأنني أعرف ابعاد المرض وقرأت عنه كثيرا جدا وكذلك شاركت كثيرا في حملات التوعية التي نظمتها الأممالمتحدة وأعرف جيدا كيف ساهم الاعلام وجهلنا ايضا في جعل هذا المرض وصمة عار، فأنا لم ينتبني الخوف او القلق الذي يصيب الكثير من الناس لأنني اعرف تفاصيل نقل هذا المرض والمعاناة التي يعيشها المصابون به. ما أصعب مراحل التحضير الشخصية في الفيلم؟ -أصعب المراحل في الفيلم كانت قبل البدء في تصوير الفيلم بشكل فعلي لأنني دخلت في جلسات حوار مكثفة مع المخرج عمرو سلامة حول سيناريو الفيلم والحوار فيه والشكل الدرامي، اما مرحلة التصوير فكانت أسهل بكثير من كل ذلك. أنف صناعية كيف وصلت فعليا لشكل أسماء الحقيقية؟ -الفضل يرجع في هذا الي الماكيرة البريطانية الشهيرة "جوالن" فكل يوم كنت أخوض معها تجربة تحول كاملة تستمر لأكثر من اربع ساعات فأنا كنت اضع انفا صناعية أكبر من انفي حتي أقترب من الشخصية الحقيقية بقدر الإمكان واعتقد ان كل ذلك قد ساهم في تقمصي للشخصية إلي أي مدي يمثل الفيلم قصة أسماء الحقيقية؟ -ما يمكنني أن اقوله أن قصة اسماء في الفيلم مزيج من عدة قصص استمعنا لها ولكن كان أبرزها واشدها قصة أسماء التي لم نقابلها ولو لمرة واحدة ولكن حكي لنا الكثير عنها وعن قصتها وقصة حبها لزوجها وكنت اتمني ان اشاهد صاحبة هذه القصة العظيمة . لماذا تم الاعلان عن سبب المرض في الفيلم بالرغم من أن هذا يتعارض مع العمل كرسالة؟ -هذا صحيح ونحن لن ننكره ولكن هذا كان من اقتراح واختيار عمرو سلامة مخرج الفيلم ونحن وافقنا عليه لأن وجهة نظره من ذلك كانت في أن الفيلم سيوجه لجمهور عريض جدا فأراد ان يمشي مع الموضوع خطوة خطوة لأن قصة الفيلم حقيقية، فأراد المخرج ان يقدم ملخصا للقصة لأنه كان سيكون هناك بالطبع تساؤل من الجمهور حول سبب إصابة هذه السيدة بمثل هذا المرض إذا لم يظهره المخرج في الفيلم توصيل الرسالة كيف استقبلت ردود الفعل عن الفيلم ؟ -كنت سعيدة جدا بل كنت في قمة سعادتي لدرجة انني بكيت عندما تم عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان ابو ظبي السينمائي، فرد الفعل من الجمهور كان تتويجا لجهود من ساهموا في العمل جميعا فانا كنت طوال وقت العرض أراقب وجوه المشاهدين واراقب مدي تأثرهم بالفيلم، ولكنني سعدت لأننا نجحنا في توصيل الرسالة فالعمل كان صعبا جدا في موضوعه وكذلك تنفيذه، لدرجة أنني شعرت ان هذا الدور من أصعب ما واجهت في حياتي . هل غضبت لعدم حصولك علي جائزة من مهرجان أبو ظبي السينمائي؟ -لا أنكر انني غضبت بعض الشيء لأنني تعبت جدا في تجسيد هذا الدور وهذه الشخصية في الفيلم فالجائزة بمثابة مكافأة وشكرا، ولكن الأمر في النهاية أرزاق، ومهرجان ابو ظبي مهرجان ليس كل المهرجانات، وحصول كل من المخرج عمرو سلامة والفنان ماجد الكدواني علي جائزة جعلني اشعر بأنني أنا التي حصلت عليها بعيدا عن الفن نتطرق بعض الشيء الي السياسة فما رأيك بفوز حزب النهضة الاسلامي في بلدك تونس؟ -بصرف النظر عن أي شيء أنا سعيدة جدا بالانتخابات وبالمسار الديمقراطي الذي سلكته، حيث كان هناك رقابة دولية علي الانتخابات وجميع التونسيين اشادوا بها وبصرف النظر عمن حصل علي الأغلبية الأهم ان كل شيء سيكون مرتبطا بالديمقراطية، واعتقد أن هذا مسار تونس لأن بها حزبا اسلاميا "مودرن" فهو يعلن مرارا أنه لن يحكم البلاد وحده كما أنه حزب غير متطرف. الإسلام السياسي من وجهة نظرك لماذا يخيف الحكم الاسلامي الشعوب العربية؟ -التيار الاسلامي موجود وبكثرة ونحن لا ننكر وجوده مطلقا، كما أنه احيانا كثيرة يستخدم الدين لتوجيه رسائله السياسية رغم انني لا اؤيد ذلك لأن رسائل الدين اسمي من ذلك بكثير، وهذه العلاقة هي بين العبد وربه وشديدة الخصوصية كما ان نتائج الاسلام السياسي ليست هي الأفضل دائما . نفهم من كلامك أنك مع فكرة فصل الدين عن الدولة بالمعني البسيط للعلمانية؟ -نعم أنا مع فكرة ضرورة فصل الدين عن السياسة وعدم الخلط بينهما فأنا مع الدولة المدنية التي تكفل لمواطنيها حرية الرأي والمعتقدات والملبس وكذلك حق المساواة مهما كان اختلافهم هند صبري مع أو ضد فكرة الأحزاب الدينية ؟ - لست ضد فكرة الأحزاب الدينية علي الاطلاق لأن هناك احزابا دينية لا تستند في برامجها الي المرجعية الدينية وهذا ما اعلنه حزب النهضة الاسلامي التونسي حيث اكد ان برنامجه سياسي وليس دينيا كما انه أعلن انه سيسير علي النهج التركي واعتقد انه قرار جيد وصائب وتركيا خير مثال علي ذلك. نعود للفن مرة اخري، هل ستعودين للتجربة الدرامية هذا العام؟ -نعم لقد وقعت عقدا منذ وقت قريب جدا مع المنتج طارق الجنايني الذي سبق وتعاملت معه في مسلسل "عايزة اتجوز"، حتي الآن لم نستقر علي السيناريو ولكن الشيء المؤكد أنه لن يكون مسلسلا كوميديا . هل ستتركين ابنتك علياء اثناء ذلك الوقت؟ -حتي الآن لا أعرف ماذا سأفعل بالضبط ولكن إن تعارض عملي مع تربيتي لعلياء سأتركه "بس يارب هذا الشيء ما يحصلش" وأنجح في أن انظم وقتي بينها وبين عملي.