أصبحنا مُنذ فترة أمام منظومة إعلامية كبيرة مُتعددة المصادر، من الصعب تجاهُل أطرافها أو قصرها في وسائل الإعلام التقليدية من صُحف، وإعلام رسمي فقط، مُتجاهلين بذلك وسائل "الإعلام البديل" أو ما يطلق عليها "الإعلام الجديد New Media مُتمثلة في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي والتي من أهمها كما نعلم ال Facebook ، وال Twitter وقنوات الYoutube التي انتشرت مؤخرا،ً مما يجعلنا في موقف لا نستطيع معهُ تجاهُل تلك الوسائل وأهميتها أو مُحاولة الفصل بينها وبين وسائل "الإعلام التقليدي"، ففي الوقت الحالي ومع تصاعُد الأحداث أصبح الاثنان ىُكملان بعضهما. إن "الإعلام البديل" أصبح مُنافساً شرساً لما لهُ من وسائل نقل ومُشاركة أولاً بأول للأخبار والأحداث والفيديوهات الحية عن طريق الShare والTweet وبشكل مُتجدد يصعُب حصرهُ في الثانية الواحدة، مما يجعل الإعلام المصري الرسمي في موقف لا يحسد عليه، لأنهُ مع ذلك اختلف الأمر تماماً عن سابق العهد، حيثُ أصبح الإعلام البديل بمثابة المُراقب للإعلام المصري بشكل عام، وهذا ما يلفت إليه البعض لأنهُ من المُفترض أن يكون العكس وأن يحسم الإعلام المصري سواء الخاص أو الحكومي ما يأتي من تضارُب في الأنباء والأخبار نظراً لما يحملهُ العالم الافتراضي من ما يمكن أن نُطلق عليه "الإرهاق المعلوماتي" أو "غزو المعلومات" في بعض الأحيان، وبالتالي فإن شيئاً طبيعياً أن يكون هُناك شائعات في ظل كثرة المعلومات والبيانات هذه، والمُتوفرة بصورة مُستمرة ومُنتظمة والتي تكون أحياناً من خلال مصادر غير مُتعارف عليها وغير موثوق فيها. من هذا المُنطلق أشار "د.حسن مكاوي" (عميد كُلية الإعلام - جامعة القاهرة) إلي أن وسائل"الإعلام البديل" طرحت أفكاراً جديدة ساهمت إلي حد كبير في قيام الثورة المصرية، ويتعامل معها قطاع كبير من الشباب لأنها تتمتع بقدرِ كبير من الحُرية، فهي ليس عليها رقيب أو أي نوع من التشريعات لتحكُمها، ولكن أكد أنها لن تُنهي بذلك وسائل الاتصال الجماهيرية (وسائل الإعلام التقليدي من صُحف وتليفزيون). أما عن رأي "د.مكاوي" في دور "الإعلام البديل" خلال الأحداث الأخيرة من نقل صور وفيديوهات يشكك البعض فيها وخاصة في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي نعيشهُ، وإمكانيات عالية قادرة علي الفبركة، فأشار إلي أن الصُحف والقنوات المُهمة والمشهورة في الغالب لا تلجأ إلا لوسائل موثوق بها، لكي تتجنب الوقوع في هذا الفخ الذي لا يستطيع التعرُف عليه في الغالب إلا المُحترفين في هذا المجال. وبسؤال "د.مكاوي" عن سبب اعتماد بعض القنوات أو الصُحف علي تلك الفيديوهات أو الصور قبل التأكُد من صحتها في بعض الأحيان، فقال: "إن الرغبة أحياناً في المُنافسة تجعل الكثير من الصُحف والقنوات تلجأ إلي تلك المصادر غير المعلومة كمُحاولة للوصول بأي طريقة إلي المزيد من المعلومات، كوسيلة للحصول علي السبق الصحفي" ثم استطرد قائلاً : "إن حجب المعلومات الحقيقية هو الذي يؤدي إلي ذلك". وفي نهاية حديث "د.مكاوي" أوصي بأهمية وجود جهاز إعلامي قوي ومُدرب للتعامُل مع وسائل الإعلام المُختلفة بمهنية حتي يكون لديه القُدرة علي المُبادرة بتصحيح الشائعات والمعلومات والبيانات المغلوطة وبشكل فوري وبالأخص في حالة تأزم الأحداث وتصاعُدها. وأضاف "د.عصام الدين فرج" (أستاذ الإعلام بالجامعات المصرية) أن الإنترنت أصبح أمرا واقعا وبالتالي شيء طبيعي أن تظهر وسائل إعلام جديدة من خلالهُ -الإعلام الإلكتروني/أو البديل-، وبالتالي فهو لا يعتقد أن هذا النوع سىُطيح ب "الإعلام التقليدي" لأن "الإعلام الإلكتروني" يحتاج إلي جمهور ىُجيد القراءة والكتابة، ومُجتمعنا كما نعلم ترتفع فيه نسبة الأُمية الأبجدية، والأُمية التكنولوجية، ولذلك لا يمكن أن نقول كأمر قاطع أن هذا "الإعلام الجديد" سيؤدي إلي انهيار أو اختفاء "الإعلام التقليدي". وبسؤال "د.عصام" عن مُشكلة تداوُل الأخبار والصور والفيديوهات ونقلها من "الإعلام الإلكتروني" إلي "التقليدي، قال :"الصدق قبل السبق" ثم استطرد شارحاً أن الصُحف ووسائل الإعلام التقليدية بشكل عام يجب أن تتحري الدقة وتتأكد من البيانات والمعلومات التي تنشُرها قبل أن تتورط في نشر أخبار وصور مُفبركة دون التأكُد منها، لأن السبق الصحفي يعتبر أكذوبة وخاصة في ظل الأحداث المُتسارعة التي نعيشها. في نفس السياق جاء رأي "د.شعبان شمس" (عميد كُلية الإعلام وفنون الاتصال- جامعة 6 أكتوبر) بأن وسائل "الإعلام البديل" لن تقضي علي "الإعلام التقليدي"، ولكنها مُجرد وسائل أقوي في آلياتها، تُتيح زيادة في نسبة المُشاركة والتفاعُل نظرا لأنها أكثر حُرية، وأضاف أن كُل فرد يستخدم تلك الوسائل يعتبر رئيس تحرير نفسهُ فهي ليس عليها أي رقيب، وهُنا قال "د.شعبان" : "أن هُناك فرقا بين مواقع الأفراد ومواقع المؤسسات، فالأولي تابعة لأشخاص بتوجُهاتهم وآرائهم الخاصة مما يجعلنا أمام العديد من المعلومات التي لا نستطيع التعرُف علي حقيقتها، لكن بالنسبة لمواقع المؤسسات فهي أفضل لأن بها مسئولاً يمكننا التوجهُ إليه للتأكُد من المعلومات ومُحاسبته إذا لزم الأمر". وختم "د.شعبان" حديثهُ مؤكداً علي أن خطورة وسائل "الإعلام البديل" انتشرت مثل النار في الهشيم، وبالتالي فإننا لن نستطيع السيطرة علي انتشار البيانات والمعلومات المغلوطة عن طريقها، إلا عن طريق صناعة موازيات قوية ومؤثرة. أما "أ.عادل عبد الصادق" (باحث مُتخصص في مجال الإعلام الجديد- مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية) فذكر أن "الإعلام الجديد" بالفعل شهد تطوُراً كبيراً في الفترة الأخيرة وخاصة بعد ثورة (25 يناير) وبالأخص في عملية القيام بدور الرقيب علي السُلطة التنفيذية، حيثُ نجح هذا النوع من الإعلام الإلكتروني في إيجاد إعلاميين جُدد وخاصة من المُدونين فهُم أكثر فئة لعبت دوراً فعالاً قبل وبعد الأحداث التي نعيشها، فعن طريق "الإعلام الجديد" تجاوزت الصُحف سقف الحُريات الذي كان مفروضاً عليها في عهد النظام السابق فعلي سبيل المثال كانت جريدة "الدستور" مُخصصة صفحة للمُدونات وما يدور بها، وأيضاً جريدة "المصري اليوم" التي كانت تختار بعض التعليقات من تلك المُدونات لتُعيد نشرها علي عُهدة أصحابها، وكانت بذلك هي وسيلة التعبير عن الرأي دون حرج أو تجاوُز القيود المفروضة. ثم أكمل حديثهُ بأن ظهور مواقع التواصُل الاجتماعي ودورها وعلي رأسها الFacebook بعد ثورة (25 يناير) كان بمثابة مؤسسات إعلامية حُرة دون أي نوع من الرقابة، بل أصبحت هي التي تلعب دور الرقيب علي السُلطات التنفيذية وأدائها وخاصة في المراحل التي مررنا بها خلال المرحلة الانتقالية، بمعني أن وسائل "الإعلام الجديد" تلك أصبحت أداة للرقابة الشعبية استطاعت كقوة جديدة ظهرت علي الساحة وأثبتت نفسها في الحشد لإسقاط الحكومات السابقة، ولكنهُ قال: "أعتقد أن دور الFacebook وما شابه من وسائل سوف يقل أهميتهُ تدريجياً مع انتهاء العملية الانتخابية وبناء مؤسسات برلمانية قوية من المُفترض أن تؤدي هي دور الرقيب". كما أشار"أ.عادل" إلي أن ضعف الإعلام الحكومي والأداء الهزيل لتغطية بعض الأحداث هو ما جعل الناس تلجأ إلي العالم الافتراضي ومُتابعة الأحداث من خلال شبكات التواصُل الاجتماعي. أما عند سؤاله عن العلاقة بين "الإعلام البديل" و"التقليدي" الذي أصبح يعتمد كثيراً علي صوره والفيديوهات المُتناقلة من خلال وسائله، فعلق بأن هُناك علاقة تفاعُل مُشترك بينهُما وعلاقة تأثير وتأثُر، وهذا ما زاد المسألة تعقيداً لأن إعادة النقل لهذه للمواد التي تنتشر علي شبكات التواصُل الاجتماعي في الصُحف والفضائيات دون التأكد منها يساهم في بعض المواقف في نشر الفوضي والبلبلة، لأنهُم يتناسون إمكانية وجود نسبة كبيرة في فبركة الصور والفيديوهات فهُم ينقلوها أحياناً قبل التأكُد من صحتها، ولذلك يوصي "أ.عادل" بضرورة توخي الحذر من قِبَل الفضائيات والصُحف للمواد التي يتعاملون معها في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي يحيط بنا وإمكانيات الشباب التي أصبحت هائلة في هذا المجال. في النهاية نُلاحظ أن خُلاصة الآراء تكمُن في مضمونها في وجوب التأكد التام من أن الإعلام الذي يقدم عن طريق شاشات التليفزيون أو الصُحف الورقية مهما كان أداؤهُما هو الأقرب لطبقات الشعب المُختلفة ولذلك يجب الاهتمام به، ليكون أكثر حيادية وموضوعية ووضوح، وخاصة فيما نمُر به الآن من شائعات وتضارُب أخبار وبيانات تُثير البلبلة والفوضي، بالإضافة إلي أن الاعتماد علي وسائل "الإعلام الجديد أو البديل" بشكل كُلي أو دون التأكُد من صحة ما ينقل منها لن يكون مُجديا علي الإطلاق لأنهُ مُجرد واقع افتراضي يمكن التلاعُب به سواء من الداخل أو الخارج.