معروف عن ثورة "25يناير" أنها بدأت كثورة إلكترونية، ظلت قائمة بالتوازي مع الثورة القائمة بميدان التحرير وميدان الأربعين بالسويس وكذلك بمنطقة الإبراهيمية بالإسكندرية، لذا دخل الإنترنت ضمن الوثائق والمصادر المؤكدة التي سيعتمد عليها المؤرخ في كتابته لتاريخ الثورة الراهنة، لأن الشباب تغلب علي قطع وسائل الاتصال بالثورة الإلكترونية، كما تم رصد التدفق للميدان من خلال المواقع والشبكات الإلكترونية، وكأنها ترمومتر لحرارة الثورة، أيضا كيف أن شباب التحرير وشباب الفيس بوك كانوا متعاونين من خلال ابلاغهم بأي خطر أو مشكلة والحلول البديلة. سألت الدكتور خالد الغمري أستاذ هندسة لغويات الحاسب الآلي بالألسن بجامعة عين شمس، الذي أطلق علي موقع facebook أنه "آلة الحلم الجمعي" خلال دراسته التحليلية لعدد من المدونات والمواقع التي كانت فاعلة وقت الثورة، لقدرته الهائلة وحجم تأثيره في الشباب، عن طبيعة ونوعية المصادر الإلكترونية التي علي المؤرخ الاعتماد عليها كمصدر توثيقي لتأريخ ثورة "25يناير"، فأوضح قائلا: "هناك تقسيمان كبيران لأدوات التوثيق، المحتوي القائم علي المؤسسة مثل الجريدة الإلكترونية والمواقع الإخبارية، المحتوي الثاني وهو القائم علي الفرد وأعني به التعليقات التي يساهم بها القراء، هذه هي المواقع التقليدية والتي تختلف عن مواقع المدونات والشبكات الاجتماعية المتنوعة. علي مستوي العالم هناك ما يقرب من 735 موقعًا إخباريا، فلو أننا نؤرخ لمرحلة الحشد والدعوة للثورة والتذكير بالشهداء، فهناك ما تم الاصطلاح عليه ب"الإعلام الشعبي" وهو مواقع facebook, twitter, youtube بالإضافة إلي جريدة الدستور الإلكترونية والتي أراها كانت من أهم المواقع الإخبارية أثناء الثورة، كما أنها بدأت الحشد للثورة قبل "25 يناير" بيومين. الأهم من كل ما سبق هو تعليقات القراء علي الأخبار بكل هذه، فتعليقات القراء قد تصل في بعض المراحل إلي الآلاف، مما يشير للمحللين والمتتبعين أنها هذا الحدث كان كبيرا جدا وحالة استثنائية واضحة من قراءة تفاعل القراء مع الحدث، فهي تعد مصدرا ثريا جدا". أشار الغمري في دراسته إلي دور المدونات وقت الثورة كان بمثابة عقلها الثانوي، حيث تناول 89 مدونة من 10 آلاف مدونة، فجاءت مدونة نوارة نجم "جبهة التهييس الشعبية" أكثر المدونات تأثيرا، و الأعلي في الترتيب بين مدونات الثورة علي مستوي العالم. من أهم المواقع الإخبارية علي facebook والتي حققت دويا بين المستخدمين لقدرتها علي المتابعة المستمرة والسريعة لأحداث الثورة علي مستوي مصر خبريا وبالصور والفيديو أيضا، شبكة "رصد" الإخبارية وهي أول شبكة إخبارية تصنف الأخبار ما بين " مؤكد، غير مؤكد" لذا كان من الطبيعي أن تحقق نسبة مشاهدة 2.5 مليار علي مدار ايام الثورة وتحتل الترتيب السابع علي موقع youtube. "رصد" تعني (راقب + صور+ دون) حسب شرح أسامة طلبة عضو مجلس إدارة شبكة رصد الإخبارية، بدأوا مع انتخابات مجلس الشعب الماضية، ورصدوا أحداث ثورة تونس، وهم 12 فردًا يتابعون الواقع الميداني، متبعين آليات عديدة للرصد من خلال المراسلين ولجان الرصد، كذلك الخط الساخن واستقبال صور وفيديو بكل الطرق المتاحة، بالإضافة إلي معاونة عدد من الإعلاميين في ادارة الشبكة وعرض الأخبار. استفسرت من طلبة عن مصير الوثائق التي يملكونها كشبكة وعما إذا كان هناك تعاون بينهم وبين أي من المؤسسات التي تعمل علي توثيق الثورة الآن، قال طلبة: " الفيديوهات والصور تحتمل أكثر من اتجاه، أولا بالنسبة لوقت الثورة فإن بعض الأشياء كحدث لحظي نرفق معه الصورة أو الفيديو الخاص به، بعضها بعد الثورة طورناه لأفلام وثائقية صغيرة متاحة علي youtube مثل مظاهرات مصطفي محمود ، ونجهز حاليا لأعمال أضخم وأكبر سيتاح بعضها مع تدشيننا لموقع "رصد" الإخباري الذي نحن بصدد التجهيز له الآن". أوضح طلبة أنهم حتي الآن يعملون بمفردهم، كما أشار إلي أن مشروع الأفلام الوثائقية سيطبقونه علي باقي الثورات العربية من خلال تعاونهم مع شبكات إخبارية أخري تعمل بنفس طريقتهم مثل "رصد" اليمنية، و"شام" السورية، و"برق" الليبية و"قدس" الفلسطينية.