جامعة بني سويف تحصد المركز الثاني في مسابقة أفضل جامعة صديقة للبيئة    القانون يضع شروط لمنع حوادث المصاعد في العقارات.. تعرف عليها    استجابة ل كارثة طبيعية.. التضامن تدعو أي أسرة تمتلك 7 توائم لمقابلة الوزيرة    روسيا: لا نتفاوض حالياً بشأن أوكرانيا إلا مع الولايات المتحدة    محمود حامد يكتب: لن ينكسر الحلم    مدرب المصري يشيد بلاعبيه بعد الفوز على زيسكو    أرتيتا: أرسنال مستعد لحسم ديربي لندن أمام تشيلسي    علامات خفية للتحرش الجنسي بالأطفال    محمد إمام يطمئن الجمهور بعد حريق لوكيشن الكينج: جميع فريق العمل بخير والإصابات خفيفة    10 آلاف كاش باك.. الأوراق المطلوبة وإجراءات استبدال التوك توك بالسيارة كيوت    بعد إنقاذه 13 طالبة من الغرق.. التضامن تعلن التكفل بأسرة شهيد الشهامة: تعويض ب100 ألف جنيه وتحمل مصروفات الدراسة    مصطفى حسنى بدولة التلاوة: حوار مسموم دار بين إخوة يوسف لإلقائه فى البير    المخرجة إنعام محمد على: منى زكى ممثلة جيدة والحكم عليها من تريللر فيلم الست ظلم    ضمن جولته بالاقصر| وزير الرياضة يتفقد تطوير مركز شباب الاتحاد    محمود بسيونى يكتب: جيل الجمهورية الجديدة    لجنة تابعة للأمم المتحدة تحث إسرائيل على التحقيق في اتهامات تعذيب الفلسطينيين    علي ناصر محمد: مصر كانت الدولة الوحيدة الداعمة لجمهورية اليمن الديمقراطية    محافظ الجيزة : السيطرة على حريق موقع التصوير باستوديو مصر دون خسائر في الأرواح    صور | مصرع وإصابة 3 في حادث مروري بقنا    3 مدن أقل من 10 درجات.. انخفاض كبير في درجات الحرارة غدا السبت    رابط وخطوات التقديم على 1450 فرصة عمل بمشروع الضبعة النووي    رفعت فياض يكشف حقيقة عودة التعليم المفتوح    مدرب نيوكاسل يكشف موقف المصابين قبل المباراة أمام إيفرتون    علي ناصر محمد يكشف تفاصيل أزمة الجيش اليمنى الجنوبى وعفو قحطان الشعبى فى 1968    فايا يونان وعبير نعمة تضيئان مهرجان صدى الأهرامات | صور    المصري يوجه الشكر لبعثة بيراميدز لمساندتها النسور خلال مباراة زيسكو    النحاس يسجل مستوى قياسيا مدفوعا باضطرابات التداول وشح المعروض    خلاف شخصي والحق سيظهر، حلمي عبد الباقي يوضح حقيقة أزمته مع مصطفى كامل    المفتى السابق: الشرع أحاط الطلاق بضوابط دقيقة لحماية الأسرة    يسري جبر يروي القصة الكاملة لبراءة السيدة عائشة من حادثة الإفك    يسري جبر: لو بسط الله الرزق لعباده دون ضوابط لطغوا فى الأرض    جاهزية ثلاثي حراسة الزمالك لمواجهة كايزر تشيفز    تلبية لدعوة الشرع.. مئات آلاف السوريين في الساحات لرفض التقسيم ودعم الوحدة    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    جامعة القاهرة تُكرّم نقيب الإعلاميين تقديرا لدوره البارز فى دعم شباب الجامعات    فحص 20 مليون و168 ألف شخص ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    زيارة مفاجئة لوكيل صحة أسيوط لمستشفى منفلوط المركزي اليوم    بيسكوف يجيب على سؤال حول عواقب فضيحة الفساد في أوكرانيا    السيطرة على حريق باستديو مصر بالمريوطية    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    عمر جابر: مواجهة كايزرتشيفز تختلف عن ستيلينبوش    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    سعر اللحوم في مصر منتصف تعاملات اليوم الجمعة    كامل الوزير يتفق مع شركات بريطانية على إنشاء عدة مصانع جديدة وضخ استثمارات بمصر    تناول الرمان وشرب عصيره.. أيهما أكثر فائدة لصحتك؟    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    اسعار الاسمنت اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025 فى المنيا    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    الزراعة تصدر أكثر من 800 ترخيص تشغيل لأنشطة الإنتاج الحيواني والداجني    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    سريلانكا:ارتفاع عدد الوفيات جراء الانهيارات الأرضية والفيضانات إلى 56    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عبيط في الحب».. زوايا مثيرة للتأمل والسخرية والمرح والبهجة والابتسام
نشر في القاهرة يوم 25 - 10 - 2011


قد يعتقد البعض أن صناعة الافلام الكوميدية الخفيفة ذات البعد الاجتماعي التي لا تنشد سوي البسمة وصنع حالة من البهجة هي مسألة من أبسط ما يكون.. وأن إثارة الضحك الهيستيري أو البكاء المرير أو الخوف الشديد هي الأمور الأصعب. ولكن الحقيقة في رأيي عكس ذلك تماما. فقدرة الفنان علي تحقيق التأثير بهذا القدر من الانضباط والتركيز يتطلب جهدا كبيرا في ضبط المعايير والحفاظ علي الشعرة الفاصلة بين المبالغة والانضباط، فالفن كالفضيلة كما وصفها أرسطو يقع في منطقة وسط بين الإفراط والتفريط. هكذا يمكن الحديث عن فيلم عبيط في الحب طبقا لعنوانه التجاري بالعربية. وهو فيلم ينجح في ملامسة المشاعر وتحريكها بقدر محسوب. وهو يتمكن من أن يلتقط من حياتنا العادية صورا من زوايا جديدة غير مألوفة، فتبدو مثيرة للتأمل والسخرية والمرح والبهجة والابتسام . كال ويفر أو استيف كاريل نموذج للرجل التقليدي المثالي. يعيش حياة منضبطة كالساعة، حياة روتينية هادئة، تبدو علي السطح ناجحة وسعيدة بمشاركة زوجة - جوليان مور - شريكة حياة بمعني الكلمة. ويظلل السعادة صبي وسيم وطفلة جميلة تماما كما يقول كتاب الحياة الزوجية المثالية. ولكن تحت هذا السطح الهادئ الجميل يكمن الفتور والاعتياد وتنطلق الرغبات في التغيير وكسر الروتين الممل من قبل الزوجة التي تجد نفسها فجأة وقد ارتبطت عاطفيا بزميل لها في العمل - ديفيد بيكون - ولا تجد الزوجة مفرا من الاعتراف للزوج وقد قررت الانفصال نهائيا. قد تبدو هذه اللحظات الأليمة هي نقطة البداية الأقرب لفيلم مأساوي مغرق في الحزن والكآبة. ولكن السيناريو يتمكن في مهارة من اصطياد مناطق المفارقة والانتقال بالشخصيات بذكاء ونعومة من منطقة إثارة الشفقة ليقتربوا أكثر من مناطق إثارة الضحك والسخرية. لحظات فارقة في هذه اللحظات الفارقة يؤدي الممثل ستيف جاريل ببراعة حالة الشرود والضياع وانعدام الوزن وافتقاد القدرة علي التركيز، بجدية تامة، فيثير الضحك بلا مبالغة أو افتعال. إنه أداء بارع لحالة الشرود وتلقي الصدمة ومناسب لطبيعة الفيلم الكوميدية دون أي لجوء للتهريج أو الهزل. يحافظ كال علي الحالة وينتقل بأداء الشخصية وحالتها الشعورية بتفهم رائع ومعايشة كاملة وتدرج طبيعي ومنطقي. تثير حالة الزوج وهذيانه شفقة مرتاد نفس الحانة الشاب اللعوب ريان جوسلنج الذي يرشده إلي عالم النساء وإلي الطريق الذي يراه صحيحا لاستعادة ثقته برجولته بل وإجبار زوجته علي الشعور بالندم علي فقدان هذا الرجل الذي يصبح بفضل مرشده زير نساء ولكن الحب ليس له كبير فالمرشد نفسه يقع في غرام حقيقي وربما يشرب من نفس الكأس، ولا يتوقف الفيلم عن تقديم نماذج مختلفة ومتنوعة من الحب عبر أحداثه ليطلعنا علي جوانب كثيرة من هذا العالم المعقد. فالفتاة الصغيرة تحب الزوج المتقدم في العمر والصبي المراهق يحب الفتاة التي تجالس شقيقته وهكذا لا تتوقف الحبكة عن توليد خطوط وعلاقات غرامية مختلفة ومتنوعة وكأن كاتب السيناريو يصنع جدارية من المفارقات والمصادمات العاطفية. مفارقات وتناقضات يعتمد المخرج في فيلمه علي طاقم رائع من الممثلين علي رأسهم ستيف جاريل ورايان جولسينج وجوليان مور في أدوار البطولة، كما ياتي في الأدوار الثانية أيضا مجموعة من الفنانين المتميزين بأسلوبهم الخاص وأدائهم المتمكن ومنهم ايما ستون ومارسا تومي وكيفين بيكون. كما يتمكن المخرج من أن يضع كلا منهم في الدور الأنسب لا يختلف في هذا أصحاب البطولات أو حتي ممثلي الأدوار الصغيرة. ويستوي في الأمر الوجوه الناضجة مع الشابة مع حتي الوجوه الفتية والصبية. ينطلق السيناريو من لحظة في غاية السخونة ليتخلل جلد وأحاسيس بطله، فنخوض معه رحلته الشاقة والمثيرة ولنعايش تجربته التي تقلب حياته رأسا علي عقب في لحظات مختارة بعناية ومواقف مرسومة بمهارة وإبداع. والمسافة الفاصلة في هذا الفيلم أيضا بين الحزن والبهجة هي مسافة محدودة جدا.. فاكتشاف البطل لخيانة زوجته ورغبتها في الانفصال عنه بعد زواج طويل أثمر عن طفلة وصبي في سن المراهقة هي منطقة شائكة جدا تمكن السيناريو من التعامل معها بمنتهي الحرص والدقة وأن يلتقط ما بها من مفارقات وتناقضات. يصعب بالطبع في ظل هذا الإبداع التمثيلي الرائع أن تتوقف أمام ممثل واحد ملفت أو متميز وسط هذه الكوكبة. ولكن كل شيء جائز في الفن والحب . في رأيي أن ماريسا تومي أمكنها أن تسرق الكاميرا في مشاهدها وأن تحقق تأثيرا خاصا. فقد أبدعت في دور المرأة المتعطشة للحب والتي تجده مع رجل ساذج ولكنه سرعان ما يهجرها بحثا عن أخريات بعد أن فتحت له أبواب متعة الحب. وهي ممثلة من طراز فريد قادرة علي أن تذوب في الشخصية وأن تدرك أبعادها من خلال تجسيدها لها وأن تدهشك بأفعالها وردود أفعالها التي تنبع من الطبيعة البشرية بتقلباتها وتعقيدها. لحظات جنونية يلتقط فيلم «عبيط في الحب» تلك اللحظات الجنونية التي يقترب فيها الإنسان من مشاعر الحب كما يصوره أيضا في لحظات ابتعاده عنه. إنه هذا الشهاب المضيء الذي يجذبك نحوه بشدة لتستمتع ببهائه ولكنك لابد من أن تصاب بلهيب توهجه واشتعاله. يقتنص الفيلم تلك اللحظات التي يبدو فيها الإنسان كمن يرقص فوق النار أو حقل ألغام فيبدو مثيرا للسخرية والتأمل والدهشة. ويجعلك تعيش تلك اللحظات الرائعة الساخنة التي سرعان ما تنتقل بك إلي لحظات من الألم العنيف المهلك. لا فرق في هذا بين صبي صغير وفتي في ريعان الشباب أو رجل ناضج أو امرأة في منتصف العمر. قد تشعر في بعض اللحظات أن الفيلم ضل طريقه من السهرات التليفزيونية. يبدو هذا نتيجة لفتور بعض المناطق أو لتعدد الخطوط التي تثقل الحبكة أحيانا أو في الطبيعة المسرحية للمشاهد في دراما تعتمد علي المواقف الطويلة والحوار المكثف. ولكنها تبدو بشكل أكثر خصوصية في هذا الحرص الشديد علي الطبيعة الأسرية للفيلم رغم موضوعه الشائك. فالفيلم رغم جرأة موضوعه فإنه يعالجه بشياكة ومهارة ودون اللجوء إلي الابتذال أو المشاهد المثيرة. فحتي المشاهد أو الحوارات الجريئة في الفيلم تتحقق بدقة ومهارة ودون أدني درجات خدش الحياء. وهي نوعية من الأفلام كادت تندثر في السينما الأمريكية بعد أن أصبحت حتي أفلامها الرومانسية لا تخلو من حوارات بذيئة أو تلميحات جنسية صريحة أو كوميديا غليظة بتوظيف ما يطلق عليه w.c comedy أو كوميديا دورة المياه. إخراج ثنائي أخرج الفيلم الثنائي جلين فيكار وجون ريكوا وهي مسألة نادرة وإن كانت تحدث أحيانا في السينما. ولكنها تحدث غالبا في أفلام ذات طبيعة معقدة أو لظروف إنتاجية خاصة ولكني لا أفهم كيف يمكن لفيلم كهذا بهذا القدر من الأسلوبية يقوم به مخرجان. لكن ربما يكون هذا الانضباط الدقيق في رسم المواقف وتحديد الأداء للممثلين هو الذي تطلب جهدا مضاعفا من جانب الإخراج. يتميز حوار الفيلم بخفة دم عالية وهو يكاد يكون العنصر الأساسي في الإضحاك فالسيناريو يعتمد علي المشاهد الطويلة ذات الطابع المسرحي ربما باستثناء هذه المنطقة الديناميكية التي يبدأ فيها البطل في تغيير مظهره واختيار ملابسه الجديدة والتحول إلي رجل جذاب بتوجيهات صديقه ومرشده الشاب، أو تلك التي يتنقل فيها البطل من عشق امرأة إلي أخري ببراعة في الربط والمونتاج وتواصل اللقطات وفي إيقاع مرح ومفعم بالحركة وفي توظيف بارع لعناصر الصورة والصوت وحركة الممثل وأدائه. استطاع الديكور أن يلعب دورا محوريا في إضفاء صورة الجنة علي البيت وأن يحقق حيوية للحركة وأن يتيح المجال للصورة وهو ما بدا بشكل واضح في حديقة المنزل المميزة ولعبت الإضاءة دورا ممتازا في التأثير وفرض الحالة المناسبة لكل علاقة وموقف علي حده. كما تميز الماكياج بالبراعة وبالقدرة علي التعبير عن التحولات التي طرأت علي الشخصية بلمسات بسيطة ودون مبالغة. تيمة خالدة سوف تظل تيمة الحب من أجمل وأعمق التيمات وأقدرها علي أن تمنح الدراما دائما الجديد والمفاجئ والمدهش. وسوف تظل هذه العاطفة الراقية الغامضة الجميلة من أغلي نعم الله علي البشر وأكثرها غموضا وإثارة للتأمل. لن يتمكن إنسان علي وجه الأرض مهما توافرت الأسباب الموضوعية من أن يفهم علي وجه التحديد لماذا أحب هذه الإنسانة علي وجه التحديد في ذلك الوقت وبهذا القدر دونا عن سائر البشر. بالتأكيد يمتلئ العالم بالعديد من التعساء الذين لم يتجاوز حبهم مرحلة الحلم والأمل ولم يسعدوا بتبادل هذه المشاعر الجميلة مع من أحبوا. وسوف يظل الحب لغزا وسرا لمن عرفوه تماما وبنفس القدر تقريبا لمن لم يعرفوه قط. وسوف يظل الإبداع الفني هو أحد وسائل البشر في تأمل هذا السر الكوني الكبير ومحاولة سبر أغواره وكشف بعض جوانبه التي هي جزء من سر الإنسان والكون نفسه. ولهذا سوف يظل دائما من الممكن أن تتحقق المتعة والسعادة مع أفلام مثل «عبيط في الحب» تحمل تيمات متكررة ولكنها تتعامل مع قضايا الحب بمعالجات مبتكرة وبمحاولات دءوبة لفهم أعقد مخلوقات الله «الإنسان» ولكشف أجمل وأصعب المشاعر: «الحب».

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.