من شمال مصر لجنوبها تقف الكنائس قلوبا مشرعة نحو السماء تشهد علي حق الإنسان في عبادة ربه حسبما اختار، وتشهد علي تاريخ طويل للأقباط وإيمانهم وروحانيتهم وطقوسهم التي دافعوا عن وجودها علي مدار 21 قرنا من عمر الزمان تركت بصماتها علي جدران مازالت باقية، بل ويمكن من خلال دلالة الأرقام أن نقدم وصفا مختلفا لمصر التي وصفها الكثيرون من خلال نيلها ومعابدها ورموزها.. والآن نقدم وصفا لمصر من كنائسها . في عام 2006 أصدرت الكنيسة القبطية كتاب بيانات الآباء الكهنة بالكرازة المرقسية.. واستطاعت الدكتورة عايدة بشارة المتخصصة في علم الجغرافيا أن تقدم دراسة رائعة من خلال هذا الكتاب.. وبمهارة حولت بيانات الكهنة إلي دراسة لمعرفة عدد هذه الكنائس ولتقدم بالأرقام المتاحة وصف مصر بالكنائس في عمل صغير جيد ورائع.. يبدأ بمدخل حول اتساع انتشار الكنائس منذ بدء انتشار المسيحية جاء فيه: إنه رغما عن أن القديس مرقس البشير يعتبر مؤسس المسيحية في مصر إلا أن هناك أدلة تشير إلي أن المسيحية دخلت مصر قبل مجيء مارمرقس، لكن دون شك أن هذا الانتشار كان علي نطاق ضيق ... تضيف قائلة: انه ليس من المعروف علي وجه الدقة كيفية انتشار المسيحية في مصر في القرون الأولي، ولكن هناك عاملين مهمين يدلان علي سرعة انتشار المسيحية وهما مساهمة مصر - وخاصة الإسكندرية - في تطوير الفكر الديني المسيحي العالمي عن طريق علماء وفلاسفة دين مرموقين أمثال أكليمندس الإسكندري وأوريجانوس، أو عن طريق كثرة الشهداء المسيحيين، وأكبر دليل علي هذا الانتشار ما كتبه العالم تيودور هول أنه في عام 313 م كان هناك حوالي 72 أسقفا في مصر والأقاليم المجاورة وأضيف إليهم 28 أسقفا بعد عام 325 ميلادية. كنائس مصر بحسب دليل بيانات الآباء الكهنة بالكرازة المرقسية، وهو الصادر عن المجمع المقدس عام 2006 توجد في مصر 1304 كنائس موزعة علي ثلاثة أقاليم هي القاهرةوالإسكندريةوالوادي الجديد بجانب 48 إيبارشية منها 15 في الوجه البحري و 30 في الوجه القبلي و 3 في سيناء والبحر الأحمر، ويلاحظ أن جملة هذا العدد من الكنائس يشمل كنيستين تابعتين لإيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية وهاتان الكنيستان موجودتان داخل ليبيا إحداهما في بنغازي والأخري في طرابلس . تقدم الدكتورة عايدة قراءة لتواجد الكنائس فتقول إنه بضم كنائس حلوان والجيزة وشبرا الخيمة إلي القاهرة يصبح عدد كنائسها 214 كنيسة أي 16% من كنائس مصر موجود بالقاهرة الكبري، في حين يحتوي الوجه القبلي علي 704 كنائس أي 54% من كنائس مصر، وفي الوجه البحري 326 كنيسة أي نحو 25% من كنائس مصر، وتأتي الإسكندرية ب 45 كنيسة أي 4% من كنائس مصر، أما كنائس سيناء والبحر الأحمر والوادي الجديد فعددها 14 كنيسة أي 1% من كنائس مصر. أما فيما يختص بتوزيع الكنائس علي سائر الإيبارشيات تقول الدكتورة عايدة : إن هناك تفاوتا كبيرا في هذا التوزيع، ما بين 80 كنيسة في إيبارشية الجيزة، إلي كنيسة واحدة في إيبارشية جنوبسيناء، و 3 كنائس في الوادي الجديد، وهناك أربع إيبارشيات تضم 50 كنيسة أو أكثر وهي الجيزة . (80) كنيسة والبحيرة والتحرير ومطروح (65) كنيسة والمنيا وأبوقرقاص (59) كنيسة والمنوفية (50) كنيسة . الأثرية تقول الدكتورة عايدة إن المقصود من الكنائس الأثرية هي تلك التي تم إنشاؤها اعتبارا من القرن الرابع الميلادي وحتي نهاية القرن ال 19 وقد بلغت جملة هذه الكنائس الأثرية بحسب دليل الكنائس والأديرة في مصر 150 كنيسة من جملة الكنائس 1304 أي حوالي 12% من الكنائس، هذا ويوجد عدد كبير من الكنائس الأثرية تابعة للأديرة العامرة ولكنها خارجة عن نطاق الدراسة الحالية . أعلي نسبة من الكنائس الأثرية توجد في إيبارشية أبنوب والفتح وتوابعها 42% وأقل نسب توجد في إيبارشيتي ببا والفشن وبني مزار والبهنسا ب 4% لكل منهما . هناك إقليمان وهما الإسكندريةوالوادي الجديد، وكذلك أربع إيبارشيات في الوجه البحري هي الشرقية والعاشر من رمضان والإسماعيلية وبورسعيد والسويس لا توجد بها كنائس أثرية، فبخصوص الإسماعيلية وبورسعيد والسويس نجد أنها حديثة الإنشاء فقد تم إنشاؤها عند إنشاء قناة السويس في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، وكذلك توجد ثلاث إيبارشيات في الوجه القبلي لا توجد بها كنائس أثرية هي جرجا وقنا وأسوان . تعالج الدكتورة عايدة بشيء من التفصيل موضوع الكنائس الأثرية فتقول إن هناك أربع إيبارشيات نسبة الكنائس الأثرية بها تبلغ أكثر من ثلث جملة كنائسها وهي علي التوالي : أبنوب والفتح 42% أسيوط 41% أخميم وساقلتة 35% والمنوفية 35%، وتري الدكتورة عايدة أن أعلي نسبة من الكنائس الأثرية في محافظتي أسيوطوسوهاج حيث كان بهما نسبة عالية من سكانهما من المسيحيين، وربما أيضا ظلت نسبة السكان المسيحيين عالية نسبيا في هاتين المحافظتين . ليس فقط بسبب النمو الطبيعي للسكان ولكن أيضا عن طريق هجرة نسبة من السكان المسيحيين من مناطق الاضطهاد في القاهرة والوجه البحري إلي الوجه القبلي وخاصة إلي محافظات المنياوأسيوطوسوهاج وبصفة خاصة في أثناء حكم المماليك لمصر، كما أن محافظتي أسيوطوسوهاج تتمتعان أيضا بوجود عدد من الأديرة الأثرية العامرة حاليا والتي تضم عددا من الكنائس الأثرية، ففي أسيوط هناك الدير المحرق ودير درنكة ودير مارمينا المعلق أما سوهاج فيوجد بها دير العذراء بالحواويش ودير الملاك غبريال بأخميم ودير الأنبا شنودة بسوهاج . أما بالنسبة للمنوفية ووجود عدد من الكنائس الأثرية بها هو كونها تقع في وسط الدلتا ولذلك كانت بعيدة نسبيا عن غارات البدو والبربر من الحدود الشرقيةوالغربية للوجه البحري، وربما ينطبق نفس هذا التفسير علي إيبارشية طنطا وبها 21% من كنائسها من الكنائس الأثرية وكذلك المنصورة 21% من كنائسها من الكنائس الأثرية. الإسكندرية حول غياب الكنائس الأثرية عن الإسكندرية ترجع الدراسة أسباب ذلك إلي أنه عند غزو الفرس لمصر عام 620 م تم تخريب الكثير من الكنائس والأديرة بمصر منها 600 دير في منطقة غرب الإسكندرية . كما أنه تم تخريب معظم كنائس الإسكندرية أيام دخول العرب . أسماء الكنائس عندما يتم بناء كنيسة يقترح الكاهن وشعب المنطقة ويعرض الاسم علي الأسقف للموافقة عليه، ورصدت الدراسة 101 قديس وقديسة وشهيد وشهيدة بجانب أربعة من رؤساء الملائكة أطلقت أسماؤهم علي كنائسها القبطية الأرثوذكسية في مصر . تأتي العذراء مريم في المرتبة الأولي من حيث عدد الكنائس التي تحمل اسمها فمن جملة 1304 كنائس أطلق اسم العذراء مريم علي 403 منها أو ما يمثل حوالي 31% من جملة الكنائس، يلي القديسةمريم الشهيد مارجرجس الروماني الذي تتسمي 371 كنيسة علي اسمه بنسبة 28% من جملة الكنائس، ويحتل المرتبة الثالثة رئيس الملائكة ميخائيل ب 127 كنيسة تمثل حوالي 10% من جملة الكنائس، ويأتي الشهيد مارمينا العجايبي في المرتبة الرابعة وعلي اسمه 65 كنيسة، وفي المرتبة الخامسة كاروز الديار المصرية القديس مرقس الإنجيلي وهناك 51 كنيسة تحمل اسمه، وفي المرتبة السادسة يأتي الشهيد مرقوريوس أبي سيفين وتحمل اسمه 44 كنيسة . هناك أربعة قديسين بنيت علي أسمائهم ما بين 20 إلي 39 كنيسة في مقدمتهم الشهيدة دميانة وقد بنيت علي اسمها 37 كنيسة، ثم الأنبا شنودة رئيس المتوحدين والأمير تادرس الشطبي وقد بنيت علي اسميهما 29 كنيسة، ثم الأنبا أنطونيوس أب الرهبان الذي تحمل اسمه 25 كنيسة، يأتي بعد ذلك القديس الأنبا بيشوي ب 16 كنيسة، ويوحنا الحبيب 13 كنيسة، والأنبا أبرام 12 كنيسة، ونفس العدد للكنائس التي تحمل اسم الأنبا بولا أول السواح، وتحمل اسم الملاك غبريال 11 كنيسة، وبولس الرسول تحمل اسمه 10 كنائس، وهو نفس العدد الذي تحمله الكنائس المسماة باسم البابا أثناسيوس الرسولي، وهناك 47 قديسا أو شهيدا بنيت علي أسمائهم كنيسة واحدة.