غدًا.. انعقاد ورشة العمل الثانية للجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي بالأعلى للإعلام    الصحفيين: فتح باب الترشح لعضوية المكتب التنفيذي لشعبة محرري الفن الأربعاء    موعد إعلان نتيجة تقليل الاغتراب 2025 لطلاب المرحلتين الأولى والثانية    تنسيق الجامعات 2025.. اليوم إغلاق باب التسجيل لطلاب مدارس النيل والمتفوقين    وكيل الأزهر: دعم كامل لجهود مصر في وقف العدوان على غزة ورفض مخططات التهجير    سارة فرح تودع الغناء بالدموع: «ما عاد فيي.. بدي أعيش بسلام»    دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون يتسلم جزءًا من رفات الشهيدين أغابوس والأنبا صرابامون    «الإحصاء»: 444.39 مليون دولار صادرات مصر خلال أبريل 2025    انخفاض بورصة موسكو على خطى الأسواق الأوروبية    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    محافظ أسيوط: إزالة 39 حالة تعد على أراضي زراعية    الحكومة: طرح خصومات من 5% ل18% لسلع غذائية تنتجها وتستوردها وزارة التموين    محافظ المنوفية يترأس مجلس إدارة المنطقة الصناعية بقويسنا ويؤكد دعمه الدائم لقطاع الاستثمار    الرئيس الروسي يطلع نظيره الجنوب إفريقي على نتائج قمة ألاسكا    إسرائيل تلغي تأشيرات إقامة ممثلي أستراليا لدى السلطة الفلسطينية    «إدوارد» يدرس العقود القديمة للاعبين.. ونظام مالي جديد في الزمالك    مصطفى محمد ينال اعجاب مسئولي «باريس»    سبورت: بافار معروض على برشلونة.. وسقف الرواتب عائقا    إيهاب: سعيد وفخور بنجاح تنظيم البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة    صندوق مكافحة الإدمان يطلق مرحلة جديدة من حملة "المخدرات مش هتضيعك لوحدك"    إصابة شخص أثناء نزوله من القطار بمحطة بلانة بأسوان    مواعيد انطلاق القطارات من بنها إلى الإسكندرية الاثنين 18 أغسطس    مصرع شخصين فى انهيار منزل بسوهاج    8 ورش فنية في الدورة 32 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    الليلة.. هشام عباس يحيي ليلة طربية على مسرح القلعة    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    يتضمن 20 أغنية.. هيفاء وهبي تستعد لطرح ألبومها الجديد    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    وكيل صحة القليوبية يتفقد مستشفى الحميات ببنها ويتابع توافر الأدوية    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    تحذير رسمي.. عبوات «مجهولة» من «Mounjaro 30» للتخسيس تهدد صحة المستهلكين (تفاصيل)    إندبندنت: احتجاجات تل أبيب الأكبر والأعنف للمطالبة بوقف الحرب على غزة.. صور    أكرم القصاص: مصر قدمت 70% من المساعدات لغزة وقادرة على تقديم المزيد    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    الرئيس السيسى يستقبل رئيس وزراء قطر ويؤكد على الإرادة المشتركة للارتقاء بالعلاقات    استقالة رئيس صندوق مصر السيادي السابق من عضوية شركة نايل سات    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    "ما السبب؟".. رد حاسم من لجنة الحكام على طلب الأهلي بإيقاف معروف    الفنانة مي عز الدين تخطف الأنظار فى أحدث ظهور من إجازتها الصيفية    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    "كان بيطفي النار".. إصابة شاب في حريق شقة سكنية بسوهاج (صور)    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم الاثنين    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    أيمن الرمادي ينتقد دونجا ويطالب بإبعاده عن التشكيل الأساسي للزمالك    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    مؤتمر صحفي مشترك بين وزير الخارجية ورئيس وزراء فلسطين أمام معبر رفح    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    التعليم تحسم الجدل : الالتحاق بالبكالوريا اختياريا ولا يجوز التحويل منها أو إليها    قوة إسرائيلية تفجر منزلًا في ميس الجبل جنوب لبنان    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زكريا الحجاوي السندباد عاشق المداحين يشبه"يوسف الشريف"
نشر في القاهرة يوم 30 - 08 - 2011


زكريا الحجاوي، بشجرة جميز باسقة التي يستظل بها الناس من هجير الصيف. ويشبه بحكيم الصين العظيم "كونفوشيوس"الذي علم بأدب وإخلاص وإنكار للذات، تماما ك "الحجاوي"الذي ذاق الجحود حتي الثمالة من تلاميذ صنعهم .. وهو المثقف العصامي الذي أفني عمره وبدّدّ جهده ورزقه المتواضع حتي يظل سندباد مصر يجوب فيافيها باحثاً عن موال أو عن شطرة من موال أو أسطورة منسية، أو صوت شجي أو مرجعية في الأدب والفن الشعبي، رغم ذلك لازمه سوء الحظ والتجاهل، فلم يجد التكريم الذي يستحقه بعد، لا في حياته ولا بعد موته.، وغيره حصد كل التكريم، ممن لم يطاولوا نصف قامته من المبدعين والمثقفين والباحثين. كانت خطته التي تقدم بها إلي وزارة الثقافة تشي بثراء تجاربه وأفكاره ورؤاه في بعث وإحياء الفنون الشعبية، وكانت خطته التي تتيج لمختلف المحافظات التواصل الثقافي والوجداني مع الفنون الشعبية، عبر تكوين فرق للغناء والرقص الشعبي خاصة بالوجهين البحري والقبلي والبدء في تشكيل نواة للفرق التي تقدم فنون الشارع والحارة والقرية ومن بينها :المداحين، شاعر الربابة، معني الموال، الأرجوز، المنشد الديني وطقوس الذكر...وإلخ. عاهد"زكريا الحجاوي" "يحيي حقي" حين كان مسئولاً عن مصلحة الفنون أوائل ثورة يوليو 52، مواصلة المشوار الذي بدأه علي درب البحث الميداني الدءوب في الفنون الشعبية، كان يسميها زكريا "مسودة الحضارة" وإذ كان يري إنها ضاعت وسط زحام المدينة الحديثة، وناءت تحت وطأة فنون الغرائز المريضة الوافدة مع موجات الاستعمار علي مصر. طاف زكريا الحجاوي أيام "يحيي حقي"ربوع مصر من أقصاها إلي أقصاها راهباً متبتلاً وباحثاً منقباً بما يشبه المسح الثقافي الجغرافي لمصر حتي يتيسر له جمع مفردات الفنون الشعبية. كان زكريا الحجاوي مثقفاً موسوعياً وعالماً بجماليات اللغة العربية الفصحي والعامية، وتميز في بواكير دراسته الميدانية للآداب والفنون الشعبية التي بدأ نشرها علي صفحات جريدة المصري أوائل الأربعينات ثم واصل ذات الدرب في مجلتي: السوادي والرسالة الحديثة منذ عام 1954. ياليل ياعين كانت أول اعماله المسرحية آوبريت "ياليل ..ياعين"، حيث قدم لأول مرة أصواتاً عفية وعفوية تشربت من الينبوع المصري الحقيقي، كان الحجاوي شجاعاً مقداماً حين تبني هذا الاتجاه الفني الجديد عبر تقديم "فنانين شعبيين" علي مسرح الأوبرا بملابسهم الشعبية وآلاتهم الموسيقية البسيطة وهو ما نطلق عليه بالتعبير الشعبي "بعبلهم" أو علي حد وصف أحد النقاد علي نهج وأسلوب الحجاوي الذي يكره التزويق والمكياج سواء في المسرح أو الحياة، ووصف ماكان ينتاب "الحجاوي"حالة من الوجد والجنون حينما كان يطارد عازفاً موهوباً علي الربابة أو الأرغول أو مطرباً أو مطربة شعبية ذات صوت عفي جميل.فيظل يحاول معهم عبر الترغيب والاقتناع حتي يوافقوا علي الحضور إلي القاهرة والعمل في فرقته أو الفرق الشعبية للدولة، وكان يبذل ما في وسعه لراحتهم وتسكينهم في درجات وظيفية وكانوا ينظرون له باعتباره أباهم الروحي، ويدينون له بالحب والفضل. منابع روحية ولد زكريا الحجاوي قبيل اندلاع ثورة 1919 بخمس سنوات، في منطقة شعبية متماسكة ذات تقاليد راسخة قرب بحيرة المنزلة، وهذا التنوع في المنابع الروحية والجمالية، انعكس علي اختيارات الحجاوي المهنية والهوايات التي مارسها علي مدي عمره، كان قاصاً وكاتباً وصحفياً ورساماً موسيقياً وملحناً وشاعراً وباحثاً ومؤرخاً، وفوق كل هذا محدثاً بارعاً وظريفاً وصعلوكاً نبيلاً من طراز خاص.يعشق الصحبة الحلوة والحوار المثمر الخلاق وإطلاق العنان للخيال الخصب والسهر والمؤانسة الممتعة ليلاً حتي الصباح. كان زعيماً طلابياً في أوساط الحركة الوطنية أيام حكومة إسماعيل صدقي، حين كان موظفا بدّد عهدته من البطاطين وزعها علي المعدومين، كانت له المقدرة علي كسب ثقة العديد كالغجر والنّور خلال جولاته الميدانية بحثا عن الفنون الشعبية، من خلال هذه الثقة جمع أغانيهم وأهازيجهم وسجل رقصاتهم، وكان يطمح أن يتوب النّور علي يديه وكان يوّد أن يؤسس لهم جمعية ثقافية اجتماعية لجمع شتاتهم في مصر ولكن العمر لم يمهله وضيق ذات اليد حال دون بلوغه مآربه فضلا عن الغباء والعناد البيروقراطي والجهل باعتبارهم ضمن سقط المتاع الثقافي . و ُيعرف عن زكريا أنه علي علم واقتدار علي القطع بيقين حول أنساب القبائل والعشائر والبيوتات المصرية العريقة وعلي معرفة بخصوصية كل منها وعاداتها وتقاليدها وشعرائها وحكائيها إلي حد معرفته ما تضمره من عداوات متبادلة مستأصلة منذ زمن بعيد، وهذه الخبرات والمعارف الموسوعية كانت ذاته في تقصي مفردات الفنون الشعبية في المنابع والجذور. ألاعيب القصر وأسس "زكريا الحجاوي" جمعية"الأطواق"التي عنّيت بوضع البرامج والدراسات التي تعالج مشكلات مصر الداخلية وتحرض علي فضح ألاعيب القصر وتقاوم الاحتلال .كانت الجمعية بمثابة جبهة سياسية عريضة للإنقاذ الوطني.وكانت الجمعية ملتقي جميع التيارات السياسية منهم زعماء في حزب الوفد وأحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة، والشيخ حسن البنا مرشد الإخوان المسلمين. كان للحجاوي المقدرة علي اقناع الطبقات الشعبية بما تود السلطة/الحكومة إيصاله لهم من ثقافة مثل الاشتراكية أوالعدالة أو تنظيم النسل. علاقة "زكريا الحجاوي"مع أنور السادات علاقة شائكة، بدأت بصداقة حمىّمة، حيث ساعده الحجاوي في الهروب والاختباء في منزل الأسرة في المطرية، وحين أرادت ثورة يوليو أن يكون لها منبرها الخاص، كُلّف السادات بهذا العمل وكان "الحجاوي" ساعده الأيمن حيث اختار اسم المنبر الجديد واستقطب له عددا من أمهر الصحفيين من أهم صحيفة في ذلك الزمان "المصري"الذي عمل فيها الحجاوي سكرتيرا لتحريرها. قبل صدور العدد الأول من جريدة الجمهورية، تلقي الحجاوي أول صدمة ثقافية كبري في حياته، حيث فصّل ومُنًع من دخول الجريدة، وقضي الحجاوي سنوات طويلة يكتب للإذاعة والمسرح ويطوف البلاد بحثاً عن الفنون الشعبية. تخلي السادات عن صديقه القديم، عندما أصبح رئيسا للجمهورية، وتعرض الحجاوي لظروف بالغة الصعوبة منها : فصله من وزارة الثقافة والثقافة الجماهيرية وانهار المنزل الذي تقع فيه شقته في الجيزة.لم يجد مخرجا لظروفه العسيرة إلا مغادرة وطنه إلي دولة قطر، وقضي ثلاث سنوات ومات غريباً بعد أن أتعبته التجارب والمحن.بعد موته تذكر السادات صديقه القديم وناله قليلاً من تكريم: احتفالية عنه حضرها السادات، وإطلاق اسمه علي المسرح النوعي الذي أسسه وأطلق عليه الحجاوي "السامر"، ولكن سرعان ما رجع المسرح إلي اسمه القديم ونالت الأيام منه و أصبح خرابة وأرضه تتهددها السرقة. حكاية اليهود كان لزكريا الحجاوي فضل الريادة علي صعيد الإدراك المعرفي بالظاهرة اليهودية عبر كتابه الموسوعي"حكاية اليهود"الصادر عام 1968 ونجح الكاتب في الإحاطة بالشخصية اليهودية، عبر عرض وتحليل ما يؤمن به اليهود من الأساطير وتجنب مزاليق التطرف والعنصرية. من بواكير أعماله الإبداعية: مسرحية "بيجماليون"الصادرة عام 1940، كانت بمثابة ولادته الأدبية، وسبق بها بيجماليون توفيق الحكيم، وصدرت مجموعته القصصية الأولي "نهر البنفسج". كما أن للحجاوي بحثاً بعنوان "اللغة الديمقراطية" لا يكتبه إلا عالم لغوي علي دراية عالية من الثراء اللغوي كما يقول يوسف الشريف رحمه الله هو بحث عن نشأة اللغة العامية بوجه عام وكيف سادت وكيف أن التخريب يبدأ في الأصل من طبقة الحكام، كونها أول من تختلط بالأجنبي، وأول من يجاريه في تخريب اللغة كما ينطقها الأجنبي ليفهم منهم ويفهموا عنه، ثم يصبح التقليد قاعدة فيسود إنحراف اللغة ويتعوج اللسان بحكم تعدد الأجناس والقبائل المختلطة بالمجتمع المستقر. إن الجهود الثقافية المضنية التي بذلها "الحجاوي" في حياته رغم معدومية الامكانيات وافتقاد التمويل المطلوب، إلا إنه تمكن بأعجوبة من جمع وغربلة وإعادة تقديم الفنون الشعبية للجماهير، إذا كانت من حيث الكم والآليات والأساليب جديرة بأن تنهض بها مؤسسة ثقافية كبري بميزانية ضخمة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.