15 جامعة مصرية في تصنيف QS العالمي لعام 2024    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    «الأزهر» يطلق صفحة مستقلة ب «فيسبوك» لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللاديني    لليوم ال22 على التوالي.. «التموين» تواصل صرف مقررات مايو    برلماني: قانون منح التزام المرافق العامة يساهم في تطوير المنظومة الصحية    وزير الإسكان يُصدر قرارا بإزالة مخالفات بناء في الساحل الشمالي    يغادر خلاله 6 آلاف حاج.. استعدادات مكثفة بميناء نويبع لبدء موسم الحج البري    توريد 209 آلاف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    الإسكان تنفي ما تردد عن تأسيسها شركة لتأجير الوحدات السكنية الشاغرة    أسعار التكييفات فى السوق المصرى.. 1.5حصان يبدأ من 16ألف جنيه    إنفوجراف| دول أعلنت الاعتراف بفلسطين    حكومة مالطا: نستعد للاعتراف رسميا بدولة فلسطين مثل إيرلندا والنرويج وإسبانيا    إقامة صلاة الجنازة على رئيسي وعبداللهيان في طهران    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    الدوري الأوروبي| نهائي ساخن بين أتالانتا وليفركوزن الطامحين للقب الأول    جوميز: عبد الله السعيد مثل بيرلو ويمكنه اللعب في أكثر من مركز    إبراهيم عبدالله: كاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم نهائي الكونفدرالية    رئيس إنبى: عقد زياد كمال مع الزمالك به 6 أو 7 بنود امتيازات مادية    أهداها لكلوب.. جوارديولا المدرب الأفضل في البريميرليج    مهاب ياسر: لا يهمنا اسم منافسنا في السوبر الإفريقي.. وسنلعب من أجل الفوز فقط    مدير تعليم العاصمة يتابع ختام امتحانات الشهادة الإعدادية    خلال 24 ساعة.. تحرير 480 مخالفات لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    المشدد 7 سنوات لعاطل في التنقيب عن الآثار بعين شمس    شاب ينهي حياته شنقا بعد عامين من قطع شرايين يده بعين شمس    غرق 3 أطفال في النيل خلال محاولتهم الهروب من حرارة الطقس بكفر الشيخ    «اعرف حظك».. توقعات الفلك والأبراج اليوم | الأربعاء 22 مايو 2024    ورش عمل فنية للأطفال ب«القومي للحضارة» احتفالًا باليوم العالمي للمتاحف    جامعة القاهرة تحصد المركزين المتميز والأول في مسابقة «جسر اللغة الصينية»    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    لمدة يومين.. انطلاق قافلة طبية إلى منطقة أبوغليلة بمطروح    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22 مايو 2024 وأخبار السوق العالمي    لأول مرة .. انعقاد مجلس الحديث بمسجد الفتح بالزقازيق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    لقاءات على هامش القمة    طلاب جامعة الإسكندرية في أول ماراثون رياضي صيفي    «الصحة»: ورشة عمل حول تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية بشرم الشيخ .. صور    الترسانة يستضيف حرس الحدود في افتتاح مواجهات الدورة الرباعية المؤهلة إلى الدوري الممتاز    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    فصائل فلسطينية: استهدفنا ناقلة جند إسرائيلية جنوب شرق مدينة رفح    على البساط الوردى «فرانكلين» و«دوجلاس» فى كان!    طلاب الشهادة الإعدادية في الإسكندرية يؤدون امتحان الهندسة والحاسب الآلي    51 مباراة دون هزيمة.. ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ في موسم استثنائي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    شاهد.. حمادة هلال ل إسلام سعد: «بطلت البدل وبقيت حلاق»    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد شيمي ساحر الألوان
نشر في القاهرة يوم 19 - 07 - 2011


متشبث بكاميرته منتظراً لحظة الاقتناص، انه الصياد والمقاتل الماهر الدؤوب الذي لا يهدأ عن اقتناص اللحظة واللقطة السينمائية، يظل يجمعها ويجمعها حتي يكون مشهده السينمائي، وقبل أن يقتنص اللقطة تجده يفكر ويخطط تكوين منظره أو مشهده، لذا تظل لوحاته السينمائية مطبوعة في عقليتنا العربية والمصرية السينمائية، يبحث عن الخلفيات وتأثيراتها، والمقدمات ومدي ضرورتها وأركانها، والضوء ودرجة تأثيره كي تصلنا الصورة في أجمل تكوين وأصدق تأثير، انظر مثلا لفيلمي الحب فوق هضبة الهرم وسواق الاتوبيس- وما فعلاه في التاريخ السينمائي المصري - وآه لو كانت الآلات السينمائية المستخدمة في ذلك الوقت حديثة نسبياً - لظهرت عبقرية هذا الفنان. الغارق في الألوان سعيد شيمي البسيط والمبتسم دائماً مهما كانت الظروف، والذي كتب تاريخا جديدا للصورة السينمائية المصرية والعربية، هذا البسيط الذي لا يكف عن الشرح والفهم وتبديل الكاميرات وأماكنها وتغيير عدساتها، والباحث عن التوقيت المناسب للقطة، والزمن كعنصر مهم ومناسب ومدي تأثيره درامياً، سعيد شيمي والذي تشعر أن رأسه ألبوم صور وأرشيف أماكن طبيعية وسينمائية، وقلبه بئر ألوان يمزج فيه الأحمر بالأزرق بالأخضر بالأبيض ، وعينيه قاذفة رصاصات وقنابل سينمائية، لذا لا يجد سعيد شيمي صعوبة في البحث عن الاماكن التي تصلح للتصوير، وهو يعشق التصوير الخارجي، لما به من تأثيرات في التصوير، والتصوير الخارجي لمن لا يعرف انه اختبار دائم لأي مصور، ولأنه يمتلك موهبة عظيمة فهو لايخشي التصوير الخارجي. هذا هو سعيد شيمي الذي لا يقف أمامه شيء، الغارق في الالوان والفنون التشكيلية والصورة المرئية وولع السينما بها منذ بداية الخلق وبداية تكوين أول خطوط لانسان الكهف مروراً بكل العصور حتي الآن، يشرح لك ماذا فعلت الالوان للفن السابع وما قدمته له وكيف انتقلت لعقلية المصورين والمخرجين ومنسقي المناظر. ولأنه صعيدي من أهل الكرم فهو لم يكتف بما يمتلكه من موهبة وعلم، بل هو المصور الوحيد في تاريخ السينما العربية والمصرية المصمم علي أن يصل فكره وعلمه وموهبته للناس والمتخصصين، لذا فأنه ترك الكاميرا عشقه الأول والأخير، وذهب إلي الورقة والقلم يفرغ ما يعشقه وما يفهمه فأصدر كتبه القيمة ( التصوير السينمائي تحت الماء، وتاريخ التصوير السينمائي في مصر، الحيل السينمائية للأطفال، والسينما وحيلها الساحرة، وأفلامي مع عاطف الطيب، والخدع والمؤثرات الخاصة في الفيلم المصري، كلاكيت أول مرة ) وغيرها من الكتب التي تفخر بها المكتبة العربية. صديق العباقرة سعيد شيمي صديق العظام والعباقرة: أحمد زكي وعاطف الطيب ومحمد خان وأشرف فهمي وعلي عبد الخالق ومحمد حسيب وانعام محمد علي، والذي اعتقد ان له دورا كبيرا في ان يكونوا عظماء، لانه لولا صورته وحركة كاميراته لما قدم هؤلاء العظماء هذه الافلام والتي تعتبر من أهم الافلام في تاريخ السينما المصرية والعربية. يغوص بنا سعيد شيمي في عالم جديد علي العقل والفكر العربي، اللوحة والكادر والمشهد وتأثيرات اللون، وثقافة الصورة، اننا أمة تعتمد علي ثقافة السمع أي الأذن، ولم نصل بعد لثقافة الكلمة المكتوبة ولا لثقافة الصورة، مع اننا نعيش في عالم الصورة ويكفي ان ( تأثير ثورة يناير ) اعتمد علي الصورة، وهذا ما فعله هذا الفارس المثابر، انه يبني داخل العقلية العربية ( هرما ) ضخما وجديدا للوحة والصورة والمشهد السينمائي، هرما ممتلئا بالاحجار الضوئية ومتشعب الالوان وقاعدته وأضلاعه مشرقة ومظلمة، هنا يسحبك سعيد شيمي ليفسر لك لماذا الظلمة ولِمَ الاشراق، فلا شيء يحدث عبثاً في المشهد السينمائي، ولا هي كاميرا تتحرك وخلفها مصور وخلاص، انه لا يهدأ عن التفسير والشرح والحديث عن الضوء وطبيعة الألوان والرؤية والمنظور التاريخي للألوان وقوته سواء طبيعياً او رمزياً، والرسائل التي تحملها الالوان، رسائل للعين والقلب والعقل، يشرح لك تناسق وتنافر الألوان، غارق سعيد شيمي بين الالوان الباردة والساخنة والمتقدمة والمتأخرة والضيقة والمتسعة والزاهية والشاحبة، يشرح لك ان هذا اللون في تلك اللحظة لون حياة، بينما هذا اللون في لحظة اخري لون موت، يرجعنا للخلف كي نفهم دلالات الالوان عبر العصور الفرعونية والاغريقية واليونانية والمسيحية والاسلامية وما فعلته الحملة الفرنسية بالعقلية المصرية وكيف خاف علماء الازهر من الصور بالاحجام الطبيعية، والوان البهجة وسمات الالوان والاستنارة اللونية ومدي تأثير الألوان في طبيعة وسرد الفيلم الدرامي، وما تفعله الالوان في الحالة المزاجية للمشاهد أو المتلقي. الرعب والغرابة سعيد شيمي قوس قزح، ينشر ألوانه وأفكاره علينا، تلك التي لم نستطع ان نجمعها ونحللها ونتذوقها ونفهمها، انه يشرح لنا كيف ان اللون والرسم مهمان ولهما تأثير في كل حياتنا وكيف تم توظيفهما لخدمة العقيدة والمعتقدات الأسطورية والدينية، ومتي يمثل اللون العدالة او القسوة او الخيانة او الحب، ومدلول اللون ودرجاته كعلاج نفسي في اللوحات والمشاهد؟ وانها دليل علي حالة من الحزن أو اليأس أو الاضطراب النفسي او الغضب أو الهياج أو الاحساس بالثورة ومحاولة التخلص منها، او الفخامة او كيف ينبئ اللون بالمجهول القادم أو اضفاء جو من الرعب والغرابة. ولان سعيد شيمي يعشق السينما فهو حزين علي ما آلت إليه السينما المصرية، لذا ذهب للأوراق، واشعر انه خائف علي ما تحتويه جمجمته وعقليته الخلابة، وما تمتلئ به روحه من فكر وسحر للصورة وتشكيلاتها، ويا ليت كل جيلنا من مخرجين ومصورين ومنسقي مناظر ان يطلعوا علي كتبه وان يشاهدوا أفلامه سواء روائية طويلة او تسجيلية أو قصيرة، ان سعيد شيمي مصمم علي ان يفتت ما في الذهن من ثوابت ومعتقدات، ليجعلك جالسا في مقعدك لا تستقبل الصورة السينمائية وألوانها ودرجاتها هكذا، بل يجعلك تفكر لماذا الأزرق الآن، ولما الأخضر في تلك اللحظة، وكيف يرتدي هذا الممثل ذلك الثوب المخالف في تلك اللقطة، إنه الفهم والعشق والوضوح لفنه وحرصه علي موهبته. ألوان وأفكار وها نحن نحاول ان نفهم الآن، ما يقوم به هذا العبقري سعيد شيمي في حياتنا التي تمتلئ بالالوان التي لا تؤثر في عقليتنا، فقدمنا له جائزة الدولة التشجيعية، (ولأن المجلس الأعلي للثقافة والقائمين عليه من كبيرهم لصغيرهم ) لم يفهم حتي الان معني الصورة وتأثير الالوان، أو أن يجرب الدخول في رحلة ممتعة لعالم سعيد شيمي وألوانه وأفكاره، لذا لم يفهم موهبة هذا الرجل وان جائزة الدولة التشجيعية صغيرة عليه بمائة عام علي الأقل، وقد كنت اعتقد ان الذي اخذها ابنه، إلا انني فهمت انها لسعيد شيمي نفسه، فباركت له في اول مرة احدثه فيها، وافخر به كأستاذ لي ولكل جيلي وأفخر انني قد قرأت واستوعبت بعض ما في عقله ومشاهده وكتبه، ألف مبروك يا عم سعيد يا شيخ مصوري الوطن العربي الكبير الذي لم يشكل ويجمع صورته المؤثرة بعد في تاريخ العالم الحديث.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.