"تضامن النواب" توافق على موازنة "القومي للمرأة" بقيمة 663 مليون جنيه    تعليم البحيرة: رفع درجة الاستعداد لاستقبال امتحانات الفصل الدراسي الثاني - صور    رفع 150 طنًا من المخلفات في حملات نظافة مكبرة بالجيزة    تعرف على سعر الذهب المعلن بموقع البورصة المصرية الخميس 8 مايو 2025    منصة "إكس" تحجب حساب عمدة إسطنبول المسجون في تركيا    لا نعلم مصير 3 منهم.. إسرائيل تكشف مستجدات وضع الأسرى في غزة    سفير أوكرانيا: انتهاء الحرب العالمية لحظة فاصلة في التاريخ الإنساني    كيف يؤثر نهائي دوري أبطال أوروبا على صراع الكرة الذهبية؟    وزير الرياضة ومحافظ بني سويف يتفقدان مركز التنمية الشبابية شرق النيل -صور    قيده بالحبل وهدده بالكلاب.. السجن 10 سنوات لميكانيكي هتك عرض شاب بالإسكندرية    "أولياء أمور مصر" يطالب بتفعيل مبادرة "معلم في الخير" لدعم طلاب الشهادات    ضوابط امتحانات المصريين بالخارج للفصل الدراسي الثاني 2025    بعد 18 يوم من وفاته.. تشييع جثمان صبحي عطري غدًا ب دبي    طارق الشناوي: "بوسي شلبي كانت دوما بجوار محمود عبدالعزيز باعتبارها زوجته.. وهذه شهادة حق"    بيتر ميمي يروج ل"المشروع X" ويعلق: "مختلف جدًا"    «اللي في قلبهم على لسانهم».. 5 أبراج لا تعرف المجاملة    في 11 ثانية.. فقط من يتمتع برؤية حادة يعثر على القلم المخفي    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    طب عين شمس: 5 خطوات لضمان نظافة الأيدى بعد غسليها    هل التوتر يسبب أمراض رئوية مزمنة؟    شيكابالا يواصل الغياب عن الزمالك أمام سيراميكا مع أيمن الرمادى    رئيس الوزراء يتفقد مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بالغربية    البورصة: تراجع رصيد شهادات الإيداع لمدينة مصر للإسكان إلى 541 مليون شهادة    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    بغرض السرقة.. الإعدام شنقًا للمتهمين بقتل شاب في قنا    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    زوجة الأب المتوحشة تنهى حياة طفلة زوجها بالشرقية    دمياط تحيي ذكرى انتصارها التاريخي بوضع الزهور على نصب الجندي المجهول    عضو مجلس المحامين بجنوب الجيزة يثبت الإضراب أمام محكمة أكتوبر (صور)    تصاعد دخان أسود من الفاتيكان في اليوم الثاني لمجمع الكرادلة المغلق |فيديو    الهلال السعودي يرصد 160 مليون يورو لضم ثنائي ليفربول    عضو بالنواب: مصر تتحرك بثبات ومسؤولية لرفع المعاناة عن الفلسطينيين    محافظ الفيوم يتابع أنشطة فرع الثقافة في أبريل    ياسمينا العبد ضيف برنامج الراديو بيضحك مع فاطمة مصطفى على 9090 الليلة    رئيس جامعة العريش يكرم الطلاب المشاركين في الكشافة البحرية    مطار مرسى مطروح الدولي يستقبل أولى رحلات الشارتر من التشيك    كرة يد - الاتحاد يكرم باستور علي هامش مواجهة مصر الودية ضد البرازيل    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    أطعمة فائقة التصنيع مرتبطة بزيادة الإصابة بباركنسون    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يلتقى محافظ طوكيو لبحث التعاون فى مجالات بناء القدرات الرقمية ودعم ريادة الأعمال    الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة يشهد توقيع اتفاقية للتعاون التقني بين مجموعة السويدي ومركز (سيرسي) الإسباني لأبحاث موارد الطاقة    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    تكثيف جهود البحث عن فتاة متغيبة منذ يومين في القليوبية    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    الأهلي ضد الاتحاد السكندري.. الموعد والقناة الناقلة لقمة السلة    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    جامعة عين شمس تضع 10 إجراءات لضمان سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بنجاح    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بهيش داخل أرض فضاء بالصف.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    شي وبوتين يعقدان محادثات في موسكو بشأن خط أنابيب الغاز والحرب في أوكرانيا    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحزيب الأديان بعد تديين الاستفتاء
نشر في القاهرة يوم 05 - 04 - 2011


أسعدني إصدار المجلس الأعلي للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة مرسوماً بقانون بتعديل قانون الأحزاب السياسية تضمن المرسوم تعديلات في عدد من المواد التي تتناول شروط التأسيس والاستمرار والتقاضي وتضمنت إنشاء الأحزاب بمجرد الإخطار وعدم تعارض مبادئ الحزب وأهدافه وبرامجه وسياساته وأساليبه في ممارسة نشاطه مع المبادئ الأساسية للدستور ومقتضيات الأمن القومي والحفاظ علي الوحدة الديمقراطية وحظر إنشاء أحزاب علي أسس دينية أو طبقية أو طائفية وعدم انطوائه علي تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية أو يكون له علاقة بحزب أو تنظيم سياسي بالخارج كما تضمنت التعديلات تكوين لجنة للأحزاب من القضاة وعدم جواز قبول أي تبرعات أو ميزات أو منفعة من أجنبي أو جهة أجنبية أو دولية وإلغاء الدعم الحكومي للأحزاب. ولا أفهم في المقابل ما طالب به مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية والدستورية بضرورة التفرقة بين الحزب ذي المرجعية الدينية، وبين إنشاء الحزب علي أساس ديني، مشيراً إلي أنه لا مانع أن يكون للحزب مرجعية دينية، واصفاً المرجعية بالفكر، ولكن يجب أن يكون الحزب مفتوحاً أمام الجميع وغير مقتصر علي فئة معينة. علامات استفهام إن مصطلح " أحزاب سياسية بمرجعية دينية " يطرح علامات استفهام لعل في مقدمتها : لماذا إقحام الأديان وتعاليمها في صياغة مبادئ وأطر عمل تشكيل سياسي؟.. ألا تمثل تلك الأحزاب علي أساس تلك القناعة عند الممارسة لوناً من نفي وإقصاء الآخرعلي أساس الهوية الدينية، ألا تهدم فكرة دعوة أي حزب سياسي علي أساس ديني أن الحزب ككيان سياسي يفترض دفاعه عن هدف فكري واجتماعي وأيديولوجي يسعي لحشد قوي مختلفة للانضمام إليه؟.. لماذا نهبط بتعاليم سماوية من علياء قدرها إلي ساحة النزال السياسي التي تُمارس فيها أحياناً أحط ألوان صراعات نجوم الكذب والمراوغة والخداع لتحقيق مكاسب للوجود السياسي للحزب؟ وأسأل من يتاجرون بالأديان، هل من الوطنية استغلال لحظات الانتصار الوطنية لبث مفاهيم تُكرس الفرقة والانقسام عبر إنشاء أحزاب تتحدث للمواطن من منابر المساجد أو الكنائس؟.. ماذا عن تأثير هذه الأحزاب علي شكل الدولة المدنية التي من أجلها كانت ثورة يناير؟ ..ماذا عن الاختلاف المرتقب بين تشكيلات الإخوان والجماعة الإسلامية وأصحاب الفكر السلفي .. حتي في هذا الإطار هناك خلل في توحد الفكر، فماذا هم فاعلون؟ .. ماذا عن حالة الاحتشاد المسيحي وعقد النية علي تشكيل أحزاب مسيحية، أليس من المتوقع إذكاء حالة من التصادم غير المجدية فكرياً وساسياً بين الأحزاب علي أساس الهوية الدينية؟ إنني لا اتفق مع فكرة أن الموافقة علي إنشاء أحزاب بمرجعية دينية ستخرج إلي النور فكر جماعات تنفرد بتوجيه الملايين من أجيالنا الطالعة باعتبار أن الحل في مواجهة تراجع التنمية وإعمال الفكر الموضوعي والعلمي، وتخلف التعليم، وغيرها من المشاكل هو إعمال دين ما، وفي المقابل يسارع من ينتمون إلي الديانة الأخري فيشيرون إلي حلول معتقدات ديانتهم، ويقول أصحاب تلك الفكرة إن كشف هؤلاء ييسر من مهمة أصحاب الفكر السياسي والاجتماعي الحر عبر كشفهم لأهمية فصل الدين عن السياسة، وأن إنشاء حالة من الحوار في النور مهم في تلك المرحلة.. إنني أختلف مع معطيات تلك الفكرة، وما تصل إليه من نتائج مرجوة، لسبب بسيط أن أصحاب الحديث باسم الدين هم المسيطرون دائماً علي المشهد العام دائماً في مجتمع متدين (حتي لوكان في أغلب الأحوال تدين الحفاظ علي أداء الطقوس فقط، دون السعي للإيمان الحقيقي بتعاليم العقيدة ورسالتها الروحية، وعليه لم تتغير سلوكيات الناس بما يتناسب مع شيوع مظاهر التدين). إن حالة التداخل الديني في الشأن السياسي قد برزت بشكل قوي وغير مقبول في فترة التحضير للمشاركة في عملية الاستفتاء علي التعديلات الدستورية.. منابرمساجد ومطبوعات ولافتات لدعوة المصلي لخيار دخول الجنة عبر اختيار (نعم) للتعديلات، ومنابركنائس وزخم من المؤتمرات والإعلام الديني لدعوة المصلي لاختيار(لا) حتي يكون للمسيحي وجود!!.. إلي حد قول أحد المتشددين للناس علي أبواب اللجان " انتبهوا.. اختيار (لا) تصويت لساويرس ومايكل منير " .. وقول آخر " إنت مؤمن .. إنت مسلم قل (نعم)! لقد قدم أشاوس المنابرالذين يدعون الحديث السياسي بتوكيل مسيحي أو مسلم بخطابات مختلفة السياق والتوجه والهدف ما يجعلنا نتخوف من إنشاء أحزاب دينية .. فإسلام أيهم نتبع، ومسيحية من التي نقف في صفها؟ أحزاب أوروبا المسيحية قد يقلل البعض من خطورة اعتماد أحزاب دينية، وأنها موجودة في العديد من الدول، لقد سمحت انجلترا بقيام حزب إسلامي، كما سمحت روسيا بقيام حزب إسلامي أيضا، وغيرها كثير من بلدان العالم، وحتي في عالمنا العربي سنجد تجربة الأردن واليمن حيث سمح للإخوان هناك بتكوين أحزاب علي أساس ديني، ولم يحدث لديهم تداعيات مؤثرة علي أحوال البلاد والعباد، ولكنني أعتقد أن هناك خطورة من اعتماد أحزاب دينية مسيحية أو مسلمة مع انتشار حالة من التدين الشكلي، فضلاً عن أن إنشاء هذه النوعية من الأحزاب ستخلف حالة من تكريس لون من ألوان التمييز لحساب الهوية الدينية قد تدفع إلي إنشاء أحزاب تمييزية لحساب الجنس أو القبلية أو اللون، وهو أمر خطير .. إنني اعتقد أن الأهم في حالة استدعاء الأديان، هو إبراز الجانب الاجتماعي والإنساني والروحي والقيمي، فأ حزاب اوروبا وإن أطلق عليها بالمسيحية فهي اجتماعية البنية، تاريخية المسمي نظرا لدور الكنيسه التاريخي، لذلك يتم تركيب مسمياتها من المسيحية التاريخية والديمقراطية ...ونأمل في النهاية ألا نشهد سباقاً لإنشاء أحزاب لأصحاب الأديان، أو التسارع نحو تديين أحزاب موجودة. إن المشهد الجماهيري الرائع، وحالة الاحتشاد البديعة للتصويت علي التعديلات الدستورية كانت أبلغ رد علي كل من قال إن المصريين لا يستحقون الديمقراطية، لأنهم غير مؤهلين لاستحقاقاتها الوطنية، فخذلهم شعبنا أمام صناديق الأصوات بعد أن تأكدوا أنها ستحمل لأول مرة أصواتهم بحق، وصدق من قال إن المصري في أول اختبار بعد ثورة ينايرقد وضع أول ورقة في صندوق الديمقراطية ..و يكفينا تحرك الجماهير التي كانوا يطلقون عليها " العدة الساكتة " تشبهاً بمواقد الجاز التي تشتعل في صمت. فور الخروج من الميدان التحريري مؤقتا، وحتي الذهاب إلي صناديق للاستفتاء حول التعديلات الدستورية المقترحة، كانت أزمة أطفيح بظلالها الكئيبة في عكس الاتجاه الينايري العظيم، وكان الذهاب إلي ساحة ماسبيرو، وكان تعدد منصات الزعامة السياسية لحساب جماعات طائفية.. منصات إسلامية، وأخري مسيحية، ويغيب الينايرون لحساب لجان للحكماء والأمناء وأولياء الأمور! ويبدو الأمر، وكأن هؤلاء الأولياء علي الثورة قد قرروا علي منصاتهم الحنجورية استلام الراية من ثوار الميدان، علي أن يكتفي الشباب بفعل المبادرة الثورية وكسر حاجز الخوف عبر دفع ضريبة الدم، وتقديم المئات من ضحايا الصدامات الوحشية في ساحة الثورة علي مذابح الوطنية والفداء، وما عليهم الآن سوي الفرجة أويكونوا في صحبتهم كتلاميذ، والانصراف بعد تنظيف الميدان! أولياء الثورة بعد نجاح ثورة 25 يناير في الإطاحة برأس النظام الرئيس السابق مبارك بدأ نشاط أولياء الثورة من رموز طوائف إسلامية وأخري مسيحية للقفز علي الإنجاز وتسيد المشهد الوطني استغلالاً انتهازياً لإنجاز الشباب الينايري العظيم الذي صنع وصاغ من ممارسة الطقوس والشعائر الدينية في الميدان دلالة علي عبقرية شعب يستطيع أن يحضر تعاليم الأديان وقيمها في أصعب مراحل الجهاد طلباً للمدد الروحي الداعم لإنشاء حالة التوحد الوطني والانتصار علي سلبيات تراث تراكمي من الخلافات الطائفية الرذيلة التي باركتها نظم القهر والقمع لحساب المجد الوهمي لرموزهم باعتبارهم وحدهم من يصنعون الاستقرار والأمان. وكان تسيد مشاهد الحضور الإعلامي من جانب أولياء الثورة، وبسرعة كان الحديث عن تديين العمل السياسي ، ولما لا وقد اختطفوا إنجاز الثورة لحسابهم ( خرج أحد كوادرهم القيادية إلي كاميرات التليفزيون يؤكد أن الشاب وائل غنيم أحد أهم رموز شباب الثورة الذي فاز بجائزة جون كينيدي السنوية للشجاعة، لدوره في إلهام حركات مكنت جيلاً جديداً من النشطاء والمواطنين في جميع أنحاء العالم من اقتناص الحرية، والتي حصل عليها باسم شعب مصر.. قرر علي الهواء أن غنيم إخواني عضو قديم في الجماعة).. ومن جديد يذهب البعض إلي إحياء فكرة إنشاء أحزاب وصفوها بأنها" أحزاب سياسية بمرجعية دينية" استثماراً لحالة انفتاح سياسي تتسيد المشهد العام.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.