لا يمكن لأحد أن يتصور ونحن في الألفية الثالثة أن يوجد مكان لا تصل إليه الصحف وأن أغلب سكانه إن لم يكن كلهم علاقتهم بالجرائد والمجلات مثل علاقة مصر بالقنبلة الذرية! فقرية «غرق» بمحافظة الفيوم لا يوجد بها بائعو جرائد وعلي من يريدها أن يقطع مسافة طويلة بالمواصلات. « خلف محمود» يقول إن قريته منقطعة عن العالم فحتي الصحف من الصعب الوصول إليها وهو ما يجعلنا وكأننا نعيش في غربة، فكيف يمكن لمكان في مصر ونحن في 2011 أن يكون محروما من الجرائد؟! كذلك فإن قري «السبيل - بهرمس - الحسانين - ذات الكوم - الجلاتمة» التابعة لمحافظة 6 أكتوبر من القري المحرومة أيضا من الصحف علي الرغم من أنها قريبة من القاهرة وليست في الصعيد مثلا. أما في محافظة حلوان فهناك منطقة «عرب غنيم» وهي منطقة عشوائية لا يأتي إليها موزعو الجرائد، فيقول «عم جاهين» أحد سكان هذه المنطقة إن الجرائد لا تصل إليهم نهائيا فمنذ عشر سنوات كان يأتي رجل علي «عجلة» يوزع جرائد مرة واحدة في الشهر أما الآن فلا يأتي أحد علي الاطلاق، ومن يريد الحصول علي الجرائد يجب عليه أن يعبر السكة الحديد ويذهب إلي حلوان مستخدما أي وسيلة مواصلات، وكان رأي «أم معاذ» وهي ربة منزل أن الجرائد حتي لو توافرت فلن يكون في استطاعتها شرائها فثمن الجورنال جنيه وإذا اشترته يوميا فتكون بذلك قد صرفت ثلاثين جنيها شهريا، أما أحمد عبدالفتاح «طالب جامعي» يقول إنه يلجأ إلي متابعة الإنترنت لمعرفة الأخبار والصحف الالكترونية لأن أقرب بائع جرائد يبعد عن بيته مسافة كبيرة تستلزم وسيلة مواصلات!. وفي هذا السياق يقول ثروت شلبي رئيس قسم التوزيع بجريدة الأهالي إن التوزيع في المدن القريبة متاح، أما البعيدة منها فهناك قصور في شبكات التوزيع، لذلك يجب أن تكون هناك متابعة دقيقة للموزعين من قبل أصحاب الجرائد والمؤسسات الصحفية سواء القديمة أو الخاصة، فضلا عن أن هذه المناطق نائية ومعزولة بما يصعب عملية التوزيع بها خاصة أنها عشوائيات أو مدن جديدة وبعيدة. وفي نفس السياق أكد شلبي أن الصحف القومية هي المسئولة عن التوزيع الخارجي أي خارج مصر، أما في الداخل فهذه الصحف الكبري تقوم بالتوزيع عن طريق وسائل مواصلاتها من سيارات وقطارات أو طيران، أما الصحف الحزبية أو الخاصة تقوم بعمل توكيل وهو ما يعني أنهم يتناوبون في توزيع كل صحيفة في يوم معين من الأسبوع كما يحدث في جنوبسيناء، حيث إن المحافظات البعيدة تواجه مشكلة في التنقل والتوزيع. ومن ناحية أخري أرجع شلبي هذا القصور إلي عدم وجود رقابة علي المناطق البعيدة فضلا عن القصور في دراسة التوزيع الجغرافي للأماكن الجديدة مثل التجمع الخامس، ومدينة 6 أكتوبر، حيث إنها لم توضع علي خريطة التوزيع، واقترح لتفادي هذه المشكلة أنه يجب مراجعة خريطة مراكز بيع وتوزيع الصحف ونقاطها الفرعية والتابعة، ودعم اسطول توزيع الصحف أو وسائل النقل المتعددة وتشجيع موزعي الصحف لعقد لقاءات دورية معهم، ومنحهم مكافآت لتحفيزهم لحسن عرض المنتجات الصحفية مثلما تفعل جريدة «المصري اليوم» هذا بالإضافة إلي دراسة امكانية توزيع الجريدة يدويا عن طريق ملاكها وأصحابها. ويقول «مصطفي أحمد محمود» أحد الموزعين القدامي للأهرام إن مهنة التوزيع متعبة مرهقة للغاية، حيث كان يقوم بتوزيع الجرائد بعد تحميلها لبلاد كثيرة من أول القاهرة حتي المنصورة حيث يكون هناك متعهد خاص هو المسئول عن استلام الجرائد وتوزيعها علي بائعي التجزئة، لكن للأسف هناك قري بعيدة لا نستطيع الوصول إليها.