الإخوان عام 2011 هم نفسهم إخوان عام 1952 الذين تآمروا علي نسف النظام السياسي القائم آنئذ بديمقراطيته وتعدديته الحزبية ومؤسساته القضائية الراسخة وأخيرا بنظامه الدستوري حيث كان الملك يمارس الحكم من خلال وزرائه المنتخبين.بقي الإخوان يبكون علي ما أنزلوه بأنفسهم أولا وثانيا وثالثا وبنا رابعا، بعد مشاركتهم الجوهرية في انقلاب 1952 بمشاركة جمال عبد الناصر الذي (تنكر ومعه ثمانية من أعضاء مجلس قيادة الثورة لبيعتهم مع الإمام الشهيد والصاغ محمود لبيب وعبد الرحمن السندي بعد نجاح الحركة في الوقت الذي تأخر فيه موعد قيامها في يوليو 1952 يوما في انتظار موافقة المرشد حسن الهضيبي الذي ذهب نفر من الإخوان إلي الإسكندرية للحصول علي موافقته.. كل هذه الوقائع وغيرها أسدل عليها ستار من التعتيم حتي لا يظهر موقع الإخوان من هذه الحركة وحتي يتيسر لقادتها التحرر من كل قيد حتي ولو كان هذا القيد عهدا مع الله يقوم علي حكم مصر حكما إسلاميا رشيدا بعيدا عن سلطان الغرب والشرق علي حد سواء) ص 13 من كتاب صلاح شادي (صفحات من التاريخ).الإنجاز الوحيد الذي حققته جماعة (الإخوان المسلمين) من خلال هذا الانقلاب هو تغيير شكل الحكم من (ملكي) إلي (جمهوري) ديكتاتوري تسلطي ظل يتدهور من قمع إلي قمع ومن قهر إلي قهر أسوأ وأشد وصولا إلي (جمهورية مباحث أمن الدولة) التي يسيطر عليها حبيب العادلي ورجاله الأشاوس.يزعم الإخوان أنهم خير من فهم الإسلام (فهما صحيحا شاملا كاملا) وأنهم هم الأهدي سبيلا وأن ما فعلوه في منتصف القرن الماضي هو خطأ في التقدير والحساب غير قابل للتكرار، خاصة بعد أن أصبح عبقري الحاسب الآلي نائبا لمرشد الجماعة إلي آخر هذه الادعاءات الفارغة التي لا تستند إلي دليل ولا برهان.جسد هلامي وأذرع صلبةيزعم البعض أن الأخ نائب المرشد هو (مفكر استراتيجي) ولو كان هذا الادعاء صحيحا لأدرك هذا (الاستراتيجي) طبيعة الخطأ القاتل الذي ارتكبته الجماعة آنئذ وما زالت تصر عليه والمتمثل في أن جسد الجماعة الهلامي الرخو كان أعجز من أن يسيطر علي الذراع العسكري الأكثر صلابة والأثقل وزنا وأن الحلف علي كل الكتب السماوية وليس القرآن وحده لا يضمن قدرة الجسد الرخو علي الإمساك بالذراع الثقيل الصلب وأن انهيار القاعدة الهلامية هو نتيجة حتمية لهذه المغامرة المستحيلة التي حاول من خلالها إمامهم الشهيد أن يلصق ما لا يلتصق ويقرب ما لا يتقارب أو أن يبني هرما علي قاعدة من الرمال المتحركة.عادت الجماعة الوحيدة وبعد أكثر من ستين عاما من هذه الكارثة لتمارس نفس الخطيئة وإن كانت بشكل مختلف مما يقطع بأن الجماعة لا تفهم لأنها تصر علي ألا تفهم مهما قيل لنا عن تلك العقول الاستراتيجية التكتيكية البزرميطية.وإذا كانت خطيئة إخوان (يوليو 1952) تمثلت في تحميل الذراع العسكري الصلب علي جسد الجماعة الهلامي فخطيئة إخوان 2011 تتمثل في تحميل الذراع (العلمائي المتخشب) علي نفس جسد الجماعة الذي أصبح أكثر شيخوخة ورخاوة من ذي قبل.بينما يزعم واضعو برنامج حزب الإخوان أن (دولتهم الإسلامية دولة مدنية، لأن الوظائف فيها أساس توليها الكفاءة والخبرة يقوم بها مواطنون منتخبون، تحقيقاً للإرادة الشعبية، والشعب مصدر السلطات)، نراهم يصرون علي منح الذراع العلمائي المتخشب سلطة النقض والإبرام في دولتهم القاتمة إن كان في مجال التشريع وصولا إلي مجال الفكر. وبعيدا عن رأينا في المؤسسة الدينية وأدائها المخجل والفاشل في ثورة 25 يناير حيث أفتي شيخ الأزهر أن (الثوار في النار) كما أفتي فضيلة المفتي بنفس المضمون فإن إصرار (الجماعة الوحيدة التي فهمت الإسلام .....) علي التبرع بهذا الدور لهذه المؤسسة التي عجزت عن إثبات وجودها الأخلاقي عبر اتخاذ موقف الحد الأدني يؤكد علي أن إشادة الجماعة المستمرة بنفسها هو نوع من الدجل المفضوح الذي آن له أن يتوقف. ملف الشريعة الجماعة تريد أن تسلمنا وتسلم (ملف الشريعة) الذي تدعي أنها الأمينة عليه لهيئات الخشب المسندة الذين قام فقههم علي تكفير كل من يتمرد علي النظم التسلطية لتفوز هي بالسلطة الزمنية وتمارس نفس ما كان يمارسه النظام المباركي المخلوع. فالقوانين سيصدرها مجلس النواب الذي سيضم أعضاء الجماعة، أما الطعن عليها فسيكون (أمام المحكمة الدستورية بمخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية المتفق عليها من جمهور الفقهاء المعاصرين المعتد بآرائهم) . فالشيخ الجليل الذي كان يفتي بحرمة الزواج المؤقت (لأسباب سياسية 100%) في حين كان هو يمارس التعدد سرا سيكون من ضمن (العلماء المعاصرين المعتد بآرائهم). والشيخ الآخر (الأجل) الذي كان يفتي ببطلان عقد القران من دون ولي هو نفسه الذي تزوج من تلك السيدة الجزائرية من دون رضا وليها وأبيها!!. المهم أن يحكم الإخوان وأن يدعوا حماية الفضيلة والأخلاق عبر إصدار فتاوي (إباحة الكحول الموجود في شراب الطاقة) وتحريم الزواج المؤقت علي الشباب وإباحته لأنفسهم وهاهي وثائق أمن الدولة ليكس تفضح هذه الازدواجية الأخلاقية المقيتة. ليتهم اكتفوا بإلقاء كرة الأحكام الفقهية التشريعية في ملعب مؤسسات الخشب المسندة، فهاهي حكومة الإخوان القاتمة تنوي بسط نفوذها علي ساحة الفكر والثقافة والرأي زاعمة أنه (لا تجوز الفرقة في الشئون الجوهرية الأساسية للأمة الإسلامية والخلاف في الفروع لا يضر ولا يوجب بغضًا ولا خصومة)، من دون أن نعرف من يملك حق التمييز بين الجوهري والفرعي وهل هو ذلك الاستراتيجي التكتيكي أم ذلك الوسطي المباحثي لا لميزة فيه سوي طريقة حياكة لحيته ووضعها في منتصف وجهه وبين أوداجه المتوردة!!. لماذا لا يعترف الإخوان المسلمون أنهم مجرد حزب سياسي أسسه إمامهم حسن البنا التلميذ النجيب لمحمد رشيد رضا رجل المخابرات البريطانية وأن علاقتهم بالإسلام لا تتعدي تلك اللحية الوسطية التي يرسمها بعضهم علي وجوههم.